،
كراهية الشهرة
يقول ابن خلدون في مقدمته المشهورة : " قلما صادفت الشهرة والصيت موضعها في أحدٍ من طبقات الناس في أحد مجالاتهم على وجه العموم ، وكثير ممن اشتهر بالشر وهو بخلافه وكثير ممن تجاوزت عنه الشهرة وهو أحق بها ، وقد تصادف موضعها وتكون طبقا على صاحبها .. وإن أثر الناس في إشهار شخص ما يدخل الذهول والتعصب والوهم والتشيع للمشهور ، بل يدخله التصنع والتقرب لأصحاب الشهرة بالثناء والمدح وتحسين الأحوال وإشاعة الذكر بذلك ، والنفوس مولعةٌ بحب الثناء .. والناس متطاولون إلى الدنيا وأسبابها فتختل الشهرة عن أسبابها الحقيقة فتكون غير مطابقة للمشتهر بها " .. انتهى معنى كلامه.
..
كثيرا منا للاسف الشديد يبحث عن الشهرة ، يريد أن يكون متميز بين اصدقائه وأهله ومجتمعه ، يريد ان يشار إليه بالبنان في كل مكان ، يسعى لأن يصبح من المشاهير ويسعد بذلك .
قد تكون غريزة بداخلنا حب الظهور وحب الشهرة ، ونحن بين خيرين أما ان نغذيها ونسعد بذلك ونكون من الباحثين عن الشهرة الزائفة ونجعل اعمالنا دائما تحت منظار المجتمع وأما ان نروض هذه النفس وننهاها
لسنا ضد التميز والتألق ولكن لايكن هم أحدنا ان يمدح في كل مكان .
لنرى صور مشرقة للعظماء لعلها تكون نبراس لنا في حياتنا .
..
عن حبيب بن أبي ثابت قال : خرج ابن مسعود ذات يوم فاتبعه ناس ، فقال لهم : ألكم حاجة ؟ قالوا : لا ، ولكن أردنا أن نمشي معك . قال : ارجعوا فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع .
وعن الحارث بن سويد قال : قال عبدالله : لو تعلمون ما أعلم من نفسي لحثيتم علي راسي التراب .
وعن بسطام بن مسلم قال : كان محمد بن سيرين إذا مشى معه رجل قام وقال : ألك حاجة ؟ فإن كان له حاجة قضاها . فإن عد يمشي معه قام فقال له : ألك حاجة ؟
وعن الحسين بن الحسن المرزي قال : قال عبدالله بن المبارك : كن محباً للخمول ( معناها الخفاء ) كراهية الشهرة ولاتظهر من نفسك أنك تُحب الخمول فترفع نفسك ، فإن دعواك الزهد من نفسك هو خروجك من الزهد ، لأنك تجر إلى نفسك الثناء والمدحة .
وعن أحمد بن يونس اليربوعي : حدثنا معاوية بن حفص ، عن داود ابن مهاجر ، عن ابن محيريز . سمع فضالة بن عُبيد ، وقلت له : أوصني قال : خصال ينفعك الله بهن ، إن استطعت أن تعرف ولا تُعرف فافعل ، وإن استطعت أن تسمع ولاتكلم فافعل ، وان استطعت أن تجلس ولا يُجلس إليك فافعل .
وعن رجل قال : رأيت أثر الغم في وجه أبي عبدالله ( ويعني الإمام أحمد ) وقد أثنى عليه شخص . وقيل له : جزاك الله عن الاسلام خيراً . قال : بل جزى الله الإسلام عني خيراً . من أنا وما أنا ؟!
وقال الحسن : وكنت مع ابن المبارك يوماً فأتينا على سقاية والناس يشربون منها ، فدنا ليشرب ولم يعرفه الناس فزحموه ودفعوه فلما خرج قال لي : ماالعيش الا هكذا . يعني حيث لم نُعرف ولم نُوقر .
قال : وبينا هو بالكوفة يقرأ عليه كتاب المناسك . انتهى إلى حديث وفيه : قال عبدالله : وبه نأخذ . فقال : من كتب هذا من قولي ؟ قلت : الكاتب الذي كتبه . فلم يزل يحكه بيده حتى دًرس . ثم قال : ومن أنا حتى يكتب قولي .
صور مشرقة ساطعة فهل تكون لنا نبراس ..~
..
][ رسالتي لكم ][
لنحاسب أنفسنا ونعيد حساباتنا هل نحن ممن يبتغي الشهرة ويبحث عنها وعندما نرى داعي النفس لذلك علينا ان نتذكر عظمة الله عز وجل ونتذكر اننا نبغي رضاه فرضاه سبحانه هو امنية وغاية لنا أما رضا المخلوقين فهو لذة زائلة .
..
][ وقفة تدبر ][
قيل لعيسى بن وردان : ماغاية شهوتك في الدنيا ؟ فبكي ، ثم قال : أشتهي ان ينفرج لي عن صدري ، فأنظر إلى قلبي ماذا صنع القرآن فيه وما نكأ ؟
فتأمل – يامؤمن – كيف كان السلف يعتنون بالتفتيش عن أثر القرآن في قلوبهم ؟
..
][ اخترت لكم ][
قال مالك لتلميذه الشافعي – أول مالقيه - : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية .
..
][ دعاء ][
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا لحبك .
،