تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: زكاة الفطر من كتاب "معجم فقه التمهيد"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    821

    افتراضي زكاة الفطر من كتاب "معجم فقه التمهيد"

    بسم الله الرحمن الرحيم

    زكاة الفطر من كتاب "معجم فقه التمهيد" للأستاذ علي بن عبد القادر

    زكاة الفطر
    1 - أحكامها
    اخْتَلَفُوا في زكاة الفطر هَلْ هِيَ فَرْضٌ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ فِعْلُ خَيْرٍ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ فَرْضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ قَائِلُونَ هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ فِعْلُ خَيْرٍ وَقَدْ كَانَتْ وَاجِبَةً ثُمَّ نُسِخَتْ روي هذا القول عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ.

    قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعًا - لَا اخْتِلَافَ بَيْنِهِمْ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهَا فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْمُرُنَا بِهَا قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الزَّكَاةِ لَمْ يَأْمُرْنَا بِهَا وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْهَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ قال وقال جل أهل الْعِلْمِ هِيَ فَرْضٌ لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِي ِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ.

    قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُو نَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ فَرْضٌ وَاجِبٌ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مَذَاهِبِهِمْ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ فِيهَا أَيْضًا عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا فَرْضٌ وَاجِبٌ وَالْآخِرُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.

    وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ لَهُ عَبْدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قَالَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ، قَالَ مَالِكٌ وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعِيشَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا، وَالشَّهْرِ ونحوه، عليه زكاة الفطر، (قال مالك) وَإِنَّمَا هِيَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَذَكَرَ أَبُو التَّمَّامِ قَالَ مَالِكٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَقِيرِ الَّذِي يَفْضُلُ عَنْ قُوَّتِهِ صَاعٌ كَوُجُوبِهَا عَلَى الْغَنِيِّ قَالَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ..
    قَالَ أَبُو عُمَرَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَيَحِلُّ عِنْدَهُمْ أَخْذُهَا لِمَنْ لَيْسَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، فَلَا تَلْزَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدَهُمْ إِلَّا عَلَى من ملك مائتي درهم فصاعدا.
    وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ مَلَكَ قُوتَهُ وَقُوتَ مَنْ يُمَوِّنُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَدَّاهَا عَنْهُ وَعَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَعْدَ قُوتِ الْيَوْمَ إِلَّا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضٍ أَدَّى عَنْ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتُ يَوْمٍ دُونَ فَضْلٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ.
    قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا أَصَابَ فَضْلًا عَنْ غَدَائِهِ وَعَشَائِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ وَيُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ يُمَوِّنُ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَطْفَالِ وَالْكِبَارِ من العبيد والأحرار قال وهي واجبة عَلَى الرَّجُلِ فِي كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِنْ عِيَالِهِ وَعَبِيدِهِ.

    وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَعْرَابَ وَأَهْلَ الْبَادِيَةِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ كَأَهْلِ الْحَضَرِ سَوَاءٌ إِلَّا اللَّيْثَ بْنَ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْعَمُودِ أَصْحَابِ الْمَظَالِّ وَالْخُصُوصِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ.

    2 - من تجب عليه زكاة الفطر
    وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَا مَرْهُونًا وَلَا مَغْصُوبًا وَلَا آبِقًا أَوْ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ إِلَّا دَاوُدَ وَفِرْقَةً شَذَّتْ فَرَأَتْ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا بِيَدِهِ دُونَ مَوْلَاهُ.
    وَاخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِي ُّ إِلَى أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ لَيْسَ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ.

    3 – زكاة الفطر عن الزوجة
    وَاخْتَلَفُوا فِي زَوْجَةِ الرَّجُلِ هَلْ تُزَكِّي عَنْ نَفْسِهَا أَوْ يُزَكِّي عَنْهَا زَوْجُهَا؟
    فقال مالك والشافعي والليث وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهَا كَمَا يُخْرِجُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.
    وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ خَادِمِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تُطْعِمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهَا وَعَنْ خَادِمِهَا قَالُوا وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وعبيده لا غير.

    4 - زكاة الفطر عن الصغير المليء*(1)
    وَأَمَّا الْحُرُّ الصَّغِيرُ الْمَلِيءُ فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَبَا حنيفة وأبا يوسف والليث بْنَ سَعِيدٍ قَالُوا يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنَّ تَطَوَّعَ عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَحَسَنٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُؤَدِّي عَنْهُ الْأَبُ مَنْ مَالَ نَفْسِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنْ أَدَّاهَا مَنْ مَالِ الصَّغِيرُ ضَمِنَ قَالَ وَلَا يَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ صَدَقَةٌ يَتِيمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ يَتِيمٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُؤَدِّي الْوَصِيُّ عَنِ الْيَتِيمِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ الزَّكَاةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي أَمْوَالِهِمْ لَا يُؤَدِّيهَا أَحَدٌ عَنْهُمْ وَالْعَبِيدُ عِنْدَهُمَا مَالِكُونَ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهِمْ وَاجِبَةٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.

    - الوقت الذي بإدراكه تجب زكاة الفطر
    وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي بِإِدْرَاكِهِ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مُدْرِكِهِ. فَذَكَرَ أَبُو التَّمَّامِ قَالَ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَالِكٍ بِإِدْرَاكِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ قَالَ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ تَجِبُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُجِبْ حَتَّى يُدْرِكَ جُزْءًا مِنْ آخِرِ نَهَارِ رَمَضَانَ وَجُزْءاً مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ.
    قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا نُصُوصُ أَقْوَالِهِمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَذَكَرُوا عَنْهُ مسائل إن لم تكن على الاستحباب فَهِيَ تُنَاقِضُ عَلَى أَصْلِهِ هَذَا مِنْهَا أَنَّهُمْ رَوَوْا عَنْهُ فِي الْمَوْلُودِ يُولَدُ ضُحَى يَوْمِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْهُ أَبُوهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ رَوَاهُ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَوْلُودٌ أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا رَأَيْتُ أَنْ يُخْرِجَ عَنِ الْمَوْلُودِ وَالْعَبْدِ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَالَ وَهُوَ فِي الْوَلَدِ أَبْيَنُ قَالَ وَمَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ مَرَّةً يُزَكِّي عَنْهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ قَالَ بَلِ الْبَائِعُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا ولد المولود بعد صلاة الفطر فَعَلَى أَبِيهِ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَالَ وَأُحِبُّ ذلك للنصراني يسلم ذلك الوقت ولا أراه وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمْ إِنَّهَا تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ فَكُلُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَمَّنْ كَانَ عِنْدَهُ وَكَانَ حَيًّا فِي شَيْءٍ مِنَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَغَابَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِبَغْدَادَ إِنَّمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ بِمَصْرَ وَمِثْلُ قَوْلِهِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِقَوْلِهِ الْمِصْرِيِّ سَوَاءً وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الْمَوْلُودِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنْ تُصَلَّى صَلَاةُ الْعِيدِ فمن ولد له أو كسب مَمْلُوكًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ.

    - مقدار زكاة الفطر
    أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ لَا يجزئ مِنْ أَحَدِهِمَا إِلَّا صَاعٌ كَامِلٌ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبُرِّ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَ ا لَا يجزئ مِنَ الْبُرِّ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَ ا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةِ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ.

    - أجناس الطعام التي تجزيء في زكاة الفطر
    وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّهُ يُؤَدِّي مَا كَانَ جُلُّ عَيْشِ أَهْلِ بَلَدِهِ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالذُّرَةَ وَالدَّخَنَ وَالْأُرْزَ وَالزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَالْأَقِطَ قَالَ وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِصْرَ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَّا الْقَمْحَ لِأَنَّ ذَلِكَ جُلُّ عَيْشِهِمْ إِلَّا أَنْ يَعْلُوَ سِعْرُهُمْ فَيَكُونُ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرَ فَيُعْطَوْنَهُ قَالَ وَيُعْطَى صَاعًا مِنْ كُلِّ شَيءٍ وَلَا يُعْطَى مَكَانُ ذَلِكَ عَرْضًا مِنَ الْعُرُوضِ قَالَ أَشْهَبُ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الَّذِي يُؤَدِّي الشَّعِيرَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فَقَالَ لَا يُؤَدِّي الشَّعِيرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَأْكُلُهُ قِيلَ فَيُنَقِّيَهُ قَالَ لَا بَلْ يُؤَدِّيهِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يَأْكُلُهُ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ مُدَّانِ فَقَالَ الْقَوْلُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرْتُ لَهُ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُدَّيْنِ مِنَ الْحِنْطَةِ فَأَنْكَرَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيُّ قُوتٍ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى رَجُلٍ أَدَّى مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِنْ كَانَ حِنْطَةً أَوْ ذُرَةً أَوْ سُلْتًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُؤَدِّي إِلَّا الْحَبَّ لَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سُوَيْقًا وَلَا قِيمَةً قَالَ فَإِنْ أَدَّى أَهْلُ الْبَادِيَةِ الْأَقِطَ لَمْ يَبِنْ لِي أَنَّ عَلَيْهِمْ إِعَادَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤَدِّي نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سُوَيْقٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الزَّبِيبُ بِمَنْزِلَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَخْرُجُ بِالْقِيمَةِ قِيمَةُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُؤَدِّي كُلُّ إِنْسَانٍ مُدَّيْنِ (مِنْ قَمْحٍ) بِمَدِّ أَهْلِ بَلَدِهِ وَقَالَ اللَّيْثُ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ بِمُدِّ هِشَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ مِنَ التَّمْرِ (وَالشَّعِيرِ وَالْأَقِطِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الَّذِي يُخْرِجُ فِي زكاة الفطر) صاع مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ أَقِطٍ إِنْ كَانَ بَدَوِيًّا وَلَا يُعْطَى قِيمَةَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَهُوَ يَجِدُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ سَكَتَ أَبُو ثَوْرٍ عَنْ ذِكْرِ الْبُرِّ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ إِخْرَاجَ التَّمْرِ

    * 1 - الْمَلاَءَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ الْفِعْل مَلُؤَ - بِضَمِّ اللاَّمِ - قَال الْفَيُّومِيُّ: مَلُؤَ - بِالضَّمِّ - مَلاَءَةً، وَهُوَ أَمْلأَُ الْقَوْمِ أَيْ: أَقْدَرُهُمْ وَأَغْنَاهُمْ، وَرَجُلٌ مَلِيءٌ - مَهْمُوزٌ - عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ: غَنِيٌّ مُقْتَدِرٌ (1) .
    وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: رَجُلٌ مَلِيءٌ: كَثِيرُ الْمَال بَيِّنُ الْمَلاَءِ، وَالْجَمْعُ مِلاَءٌ، وَقَدْ مَلُؤَ الرَّجُل يَمْلُؤُ مَلاَءَةً فَهُوَ مَلِيءٌ: صَارَ مَلِيئًا، أَيْ ثِقَةً، فَهُوَ غَنِيٌّ مَلِيءٌ: بَيِّنُ الْمِلاَءِ وَالْمَلاَءَةِ.
    وَقَدْ أُولِعَ فِيهِ النَّاسُ بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (2) .
    __________
    (1) المصباح المنير.
    (2) لسان العرب، ومختار الصحاح.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    المشاركات
    821

    افتراضي رد: زكاة الفطر من كتاب "معجم فقه التمهيد"


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •