الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه بعض الأحكام المختصرة المتعلقة بالمصحف، أٌذكّرُ بها إخواني وأخواتي الكرام، لحاجة الناس إليها عموما، وفي شهر رمضان خصوصا، والذي يقبل فيه عباد الله على قراءة القران من المصحف.

أسأل الله جل في علاه أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وصالح الأعمال.

أجمع العلماء على استحباب كتابة المصحف، وتحسين كتابته، وتبيينها، وايضاحها، وإيضاح الخط.

ويستحب نقط المصحف، وشكله؛ لانه صيانة له من اللحن والتحريف.

ويباح تطييب المصحف؛ قياسا على تطييب الكعبة والمساجد.

وكذلك يباح تقبيله؛ لفعل عكرمة بن أبي جهل، كما عند الامام احمد في مسنده.

ويحرم مس المصحف لغير طاهر من الحدث بنوعيه، الأكبر والأصغر.
والدليل على ذلك حديث عبدالله بن ابي بكر بن حزم، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "ان لا يمس القران إلا طاهر"
قال ابن عبدالبر: كتاب عمرو بن حزم هذا قد تلقاه العلماء بالقبول والعمل، وهو عندهم أشهر وأظهر من الاسناد المتصل.
وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بان المصحف لا يسمه إلا طاهر.الاستذكار ٨/١٠

ويجوز مس المصحف بدون طهارة اذا خاف عليه من حرق، أو غرق، أو وقوعه في نجاسة، أو وقوعه بيد كافر.

وأما الصبي فان كان غير مميز لم يجز لوليه تمكينه من المصحف، لئلا ينتهكه.

وأماالصبي المكلف ففي مسه للمصحف بلا طهارة خلاف، قيل يجوز لأجل دفع المشقة عنه، وقيل يجب عليه الطهارة، وهو الراجح.

ويحرم مس المصحف بشيء متنجس، قياسا على مسه مع الحدث؛ مثل مسه بيد متنجسة، أو وضعه فوق مكان نجس، او تغطيته بنجس، ونحو ذلك.

ويحرم السفر به لدار الحرب؛ وذلك خشية ان يمتهنوه.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافروا بالقران، فاني أخاف ان يناله العدو" اخرجه مسلم (١٨٦٩)

ويحرم مس الكافر للمصحف، سواء كان ممن يعلم في البيت، كالسائق أو الخادمة، أو غيرها من الكفرة.

وأجمع العلماء على وجوب صيانة المصحف واحترامه وتعظيمه، بوضعه في مكان لائق به، سواء في البيت او غيره.

واذا تلف يدفن او يحرق، أو يسلم للجهات المسؤولة عن المصاحف التالفة، ولا يرميه في الحاويات المخصصة لجمع الاوراق.

ومن ألقاه في القمامة عامدا كفر.

ويحرم الاستهانة به وإهماله، مثل كتابته بنجاسة، أو توسده إلا أن يخاف سرقته، أو توسد كتب علم فيها شيء من القران، أو الوزن به، أو الإتكاء، أو الدوس، أو الجلوس عليه.

ويكره مد القدم اليه، أو استدباره، أو تخطيه، أو رميه على الارض.

هذه بعض الأحكام ذكرتها مختصرة، تنبيها وتذكيرا، ومن أراد الإطالة والزيادة فهذه بعض المراجع التي نقلت منها، المجموع للنووي 2/79ـ86، التبيان في آداب حملة القران للنووي من ص 58، وشرح منتهى الإيرادات 1/150ـ153، ومعونة أولى النهى 1/340ـ347؛ وبالله التوفيق، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد.

قاله وكتبه راجي عفو ربه
فؤاد بن عبد الله الحاتم
1/9/1433ه ت
الرياضِ