إن الإقبال على القرآن والانتفاع به تلاوة وتدبراً وعملاً متحقق لأصحاب القلوب الحية؛ قال تعالى : " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب " [ق/37] .
أي : قلب عظيم حي، ذكي، زكي، فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله تذكر بها، وانتفع فارتفع، وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله واستمعها استماعاً يسترشد به. " تفسير السعدي " (ص807)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " وقوله " لمن كان له قلب " فهذا هو المحل القابل، والمراد به : القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال تعالى " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا " أي : حي القلب " . أ . هـ . " الفوائد " (ص3)قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : " لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله "، فالقلب الطاهر لكمال حياته ونوره وتخلصه من الأدران والخبائث لا يشبع من القرآن، ولا يتغذى إلا بحقائقه، ولا يتداوى إلا بأدويته بخلاف القلب الذي لم يطهره الله تعالى فإنه يتغذى من الأغذية التي تناسبه بحسب ما فيه من النجاسة، فإن القلب النجس كالبدن العليل المريض لا تلائمه الأغذية التي تلائم الصحيح . " إغاثة اللهفان " (1/55) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله بعقله وتدبره بقلبه وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا منظومه ولا منثوره " . أ . هـ . " اقتضاء الصراط " (ص384)
....
ونختم هذه المقالة بعبارات مؤثِّرة دوَّنها ابن القيم رحمه الله .
قال رحمه الله : " فهل خطر ببالك قط أن هذه الآية تتضمن هذه العلوم والمعارف مع كثرة قراءتك لها وسماعك إياها، وهكذا سائر آيات القرآن، فما أشدها من حسرة وأعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم ثم يخرج من الدنيا وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه، فالله المستعان " . أ . ه . " بدائع الفوائد " (1/201)، والحمد لله رب العالمين .
منقول