بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
الشرع الحنيف وما يتضمنه من أحكام وبيانات وفقهه السليم والصحيح يشمل الرحمة والعدل والسعه في كافة الأحكام ولجميع أمور الحياة مما يحقق الخير للبشرية جميعاً, وأنه لمن المستغرب أن مجموعة وهي ليست بالقليلة ممن ينتسبون للشرع والفقه والقانون عندما يريدون أن يبحثوا عن تحليل وفهم فقهي وأحكام معينه (انظمه) يتجهونَ إلى القوانين والفقه (الغربي ) الوضعي بل ويتحملونَ عناء تعلم اللغه ليبحثوا حتى في المنابع التي يرون أنها أصول لهذه القوانين الغربيه (الوضعي) كالقانون الروماني وغيره , وهذا والله كمن يترك الدّرُ والجوهر النقي الصافي الخالص والنفيس إلى ما لايصل (إلى معشاره أو اقل ) بل لايذكر بجانبه لامفهوماً وفقهاً ولاتطبيقاً , ولا يقال ــ انه لا يتم النظر والاستفادة من الفقه الأخر وأحكامه إذا كانت مبنية على أصول ومسالك صحيحة وسليمة فإن هذا مجهود فطري والفطرة ومافيها من خيرات من إيجاد الله وتقديره فهذا قد يعتبر (إرث بشري يستفيد منه الجميع . ....إذا كان ممايتفق مع الفقه الصحيح (الفقه الاسلامي) ويتسع له فهو المعيار .
بحث
المغني
في الضَرر /المقابل المادي (التعويض/ الضمان)
=====
الباب الاول
الضرر
الضرر : هو الحاصل والناتج من السؤ , ويوزن (يُقدّر) .
الضرر لايتصور في التالي :
اولاً: تطبيق احكام الشرع الحنيف والنظام , بل هوفائدة وخير , قوله تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... ) صدق الله العظيم وقوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) صدق الله العظيم .
ثانياً : ممارسة الشخص لحقوقه المشروعة وما أوجب عليه (شرعاً ونظاماً ).
الباب الثاني
مسألة مهمة : الضرر هنا يقصد به الضرر الحاصل والواقع عن غير عمد ٍ وعن غير قصد له (فلم يكن الشخص في الحقيقة مُريداً لهذا الضرر وهذه النتيجه كُلاًَ أو جُزءً).
ويتصور في الأتي :
الفهم غير الصحيح للواقعة أو الحدث وتطبيق أحكام الشرع الحنيف والنظام عليها (أي ان الشخص او الاشخاص بريء من كل أو جزء) .
التنفيذ أو التطبيق غير الصحيح لاحكام الشرع الحنيف والنظام وأدى ذلك إلى ضرر.
النتيجه : فهنا إذا أدت هذه الحالات إلى ضرر فالضرر يرفع ولا يأثم صاحبه .
الباب الثالث
الإضرار
الإضرار : هو بَغية وإرادة إيقاع الضَرَر وإلحاقه . فهنا نية ٌلإلحاق الضرر وإيقاعه .
وهنا يقصد به اذا ما كان هذا العمل (الإضرار) دون ما يسمى الفعل الجنائي وغيره . أي أن نية إلحاق الضرر و إيقاعه لم تصل إلى تشكيل مايسمى فعلاً جنائياً بركنيه المادي والاعتباري (المعنوي) ووقوع أثره. فهنا إذا ما كان يشكل فعل جنائي ووقع أثره الجنائي لايكون ذلك الفعل (إضرار) بل فعل أخر لايسمى إضرار . وهذا له أبوابه الخاصة والمستقلة عن الضرر والإضرار .
يتصور الإضرار والذي يأثم صاحبه ويستدعي رفع الضرر في الأتي :
القيام بمجموعة من الأعمال تؤدي بالشخص محل الضرر الى ارتكاب مخالفة (كتكليفه بما لايطيق فعلاً أو تخصصاً أو حالاً (كأن يأتي التكليف فجأة ) فيقع في مخالفة تستوجب , ويتضرر بتطبيق أحكام النظام عليه .
تطبيق أحكام الشرع والنظام عليه وهو ليس محلا لتطبيقها جزء او كلاً ,عالماً صاحب (فعل الإضرار) وقاصداً لإلحاق الضرر به .
مخالفة الشخص أو الأشخاص لحقوقهم المشروعة وتجاوزها بل ولما يتوجب عليهم شرعاً ونظاماً لإلحاق الضرر وإيقاعه ... ومثال ذلك (شخص أو أشخاص يمشون في حديقة شخص أخر وهو ليس لهم ذلك لامُلكاً ولا إذناً . بغية وإرادة أو من اجل الإضرار بصاحب الحديقة ومنعه من إلا استمتاع بها.... ). فهنا يأثمون لهذه المخالفة وكذلك لنية الإضرار ويرفع الضرر .

وهنا مسائل مهمة كالتالي :

اولاً: مسألة مهمه بين الضرر الغير متعمد والإضرار :
حيث لو خالف وتجاوز شخص الحقوق المشروعة له وما اوجب عليه عن عمدٍ وقصد وحدث ضرر لكنه غير قاصد لهذا الضرر , ولايُريد وقوعه , بل لم يتوقعه , فهنا يأثم لهذه المخالفة ويرفع الضرر .
ومثال ذلك (لو شخص خالف قانون السرعه وفجأة ظهر له شخص ولم يتمكن من تداركه ) فهنا عليه إثم المخالفة (وهي السرعه ) ويرفع الضرر.
وينطوي تحت هذه المسئله الاهمال والتقصير على اساس انه لا يتصور فيه تعمد الضرر فيأثم لهذا التقصير ويرفع الضرر .
كذلك ينطوي تحت هذه المسئلة لو مارس شخص صنعة وهو بها يجهل تماماً ولكنه غير قاصد للضرر ولامتعمدً للاضرار وحدث ضرر , فهنا ياثم لهذه المخالفه ويرفع الضرر .
ثانياً: مسألة مهمة أخرى :
وهي الإهمال والتقصير وهوضد (الاجتهاد) فهو دون الجهد المعتاد ولا يتصور في الإهمال والتقصير تعمد وقصد الضرر(أي الإضرار), فإذا ما حدث ضرر هنا بالإهمال والتقصير فهو حتما ليس ضرر متعمد ولا يوجد( فعل الإضرار) فقد يأثم على هذا التقصير خصوصاً إذا كان فاحشاً ويرفع الضرر .
= وقد يأتي من يقول أن هذا إهمال وتقصير متعمد به الضرر فهو إضرار,ــ فإذا ما كان الأمر تعمد الإهمال والتقصير لإلحاق الضرر, فليس هنا إهمال وتقصير ولايسمى هذا اهمال وتقيصير (فالاهمال والتقصير مهما كان في العادة لايؤدي الى ضرر او ضرر فاحش وللاهمال والتقصير أسبابه أو مسبباته ), وانما هذا وهنا (يكون تجاوز الشخص لحقوقه المشروعة ولما اوجب عليه شرعا ونظاما , فيكون القيام بفعلٍ سلبي (ترك/امتناع )او فعل ايجابي عن أداء الواجب و تجاوز له بقصد وعمدية إحداث ضرر متعمد فهنا نكون بصدد إضرار, ناتج عن تجاوز لحقوقه المشروعة ولما اوجب عليه وبالتالي يأثم لهذه المخالفة ويأثم لنية الإضرار ويرفع الضرر.
الباب الرابع
رفع الضرر/المقابل المادي (التعويض /الضمان )
الأصل دائما هو رفع الضرر بمعنى إزالته
ولايكون هناك مقابل مادي (التعويض /الضمان ) إلا إذا لم يكن رفع الضرر يؤدي إلى عودة الأمور الى ماكانت عليه والغالب أن رفع الضرر دائما يؤدي الى زواله ( مثال ذلك قرار يلغى او شخص يتم إزاحته وكفاية شره عن الناس ).
فإذا لم يكن رفع الضرر كافي أو لايمكن رفعه فهنا يكون المقابل المادي والذي يقصد به جبر الضرر في حدود المقبول شرعا وفطره .
الموضع هذا ليس بالسهل ابداً ولذلك يتخبط في فقهه وتطبيقاته كثير من الفقهاء مع أن فقهاء وعلماء المسلمين في هذا الموضوع قد تم مناقشته وإعطائه أحكامه التفصيلية ولله الحمد.
خاتمة
هذا بحث تحليلي فقهي مادي بحت , أي قابل للنقاش ولايعبر عن اقول الفقهاء واحكام الشريعة والنظام , ولذلك يجب اسقاط احكام الفقه والنظام عليه , حتى يتم تنقيحه ويؤتي ثمرته العلمية المفيده .
ومثال ذلك :
اشتمل البحث عل انه اذا تجاوز شخص لحقوقه المشروعة ولما اوجب عليه واحدث ذلك ضررً غير مقصود ولا متعمد , فانه يأثم لهذه المخالفة ويرفع الضرر , بينما في الفقه إذا اخطأ شخص واحدث ضرر غير مقصود لزمته الكفارة شرعاَ(والسجن شهرين ــ نظاماَ ) والديه . وقس على ذلك فالشرع احكم وأدق فيما يصلح العباد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته