حُكْمُ الشَّرِيْعَةِ الإسْلَامِيَّةِ فِيْمَا يُسَمَّى بِـ ( المُسَلْسَلَاتِ الإسْلَامِيَّةِ ) !!
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ ، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمدٍ الأمينِ ، وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعينَ ، وبعد :
فإنَّ مِن ( البَلايا ) و ( الرَّزايا ) التي دخلت على أُمةِ الإسلامِ هي ما يُسمَّى ـ اليوم ـ بـ ( المُسَلْسَلَاتِ الإسْلَامِيَّةِ ) ! ، وسأتناول الموضوع ـ بإختصارٍ ـ من جوانب أساسية ـ فقط ـ ؛ فأقول :
إنَّ غايةَ ـ ومقصدَ ـ المنتجينَ لها ( الظاهرة ) هي : ( إيصالُ سيرةِ الفضلاءِ الأوائلِ للناسِ وكأنهم يَعيشونَ معهم ، ويَعرفونَ كلَّ شيءٍ عنهم بطريقةٍ متطورةٍ وحديثةٍ ) ! ، أما عن غايتهم ( الباطنةُ ) ؛ فاللهُ أعلمُ بها ، ولكـن ؛ ها هنا أمرٌ هامٌ ؛ وهو : أن الغاياتَ والمقاصدَ إذا كانت نبيلة وصحيحة ؛ فلا بُدَّ ـ حينها ـ أن تكونَ ( الوسائل ) ـ لهذهِ الغاياتِ والمقاصدِ ـ ( صحيحة ) ـ كذلك ـ ! ، والقاعدة الأصولية ـ المعروفة ـ تقول : ( الوَسَائِلُ لَهَا أَحْكَامُ المَقَاصِدِ ) ، فلا بُدَّ للوصولِ إلى سيرةِ الأفاضلِ الأوائــلِ من طرقٍ ووسائلٍ شرعيةٍ ! ، فهل ـ يا تُـــرى ! ـ مِنْ وسائِلها ( الصحيحةِ ) هي ما يُسمَّى ـ اليوم ـ بـ ( المُسَلْسَلَاتِ الإسْلَامِيَّةِ ) ؟! ، لِنَمُرَّ ـ مُروراً سريعاً ـ إلى ( بعضِ ) ما فيها ، ونَرى هل هي مِن الوسائلِ الشرعيةِ أم لا ؟! . 1 ـ في ( بعضها ) يوجد ( الكفرُ الصريحُ ) ! ـ مِن سبٍّ للإسلامِ والدينِ ! ، وسبٍّ للنـبي ـ صلى اللهُ علــيهِ وآلهِ وسلم ـ ! ، وسبٍّ للصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ! ـ ، وفيها ( السجودُ للأصنامِ والقسمِ بها ) ! ، إلى غير ذلك مِن القبائحِ والآثامِ ، وكلُّ هذا بحُجَّةِ : ( أنَّ الممثلَ معذورٌ ! ؛ لأنهُ يُمثلُ دَورَ الكافرِ ) ! . 2 ـ فيها دَسٌ وتشويهٌ للحقائقِ الإسلاميةِ والتأريخيةِ ! ، وإدراج ما ليسَ بصحيحٍ ـ أحياناً ـ ! ، من تخوينِ الأُمناءِ ! ، وتأمينِ الخونةِ ! ، ووضعِ الأحاديثِ المكذوبةِ والضعيفةِ ! ، وتمثيلِ ( الفَسَقَة والفَجَرَة لأدوارِ الأخيارِ والبَرَرَة ) ! . 3 ـ وجودُ ( الممثلاتِ = النساءِ ) ـ في هذه المسلسلاتِ ـ ! ، وهُنَّ ( مُتبرجاتٍ ) ! ، و ( مائلاتٍ ومميلاتٍ ) ! ، وهُنَّ يُمثلنَّ دورَ المرأةِ المسلمةِ ودورَ غير المسلمةِ ، والنظرُ للنساءِ الأجنبياتِ محرَّمٌ ـ شرعاً ـ ، ناهيكَ عن ( حُرمةِ ) الإختلاطِ بين النساءِ والرجالِ ، وكلامُ الحبِّ والغزلِ والغرامِ بينهما ـ أحياناً ـ ، وكلُّ هذا بحُجَّةِ : ( التمثيلِ .. لا الحقيقةِ ) ! . 4 ـ وجودُ ( الموسيقى ) ـ في هذه المسلسلاتِ ـ ! ، وسماعُ الموسيقى والمعازفِ محرَّمٌ ـ شرعاً ـ ، ولا يأتينا آتٍ ـ يريدُ تسـويغَ الأمرِ وتســويقهُ ـ ويقـولُ : ( هي موسيـقى إســلاميةٍ ) !! ؛ إذْ ( كُـــلُّ ) الموسيقى حــرامٌ ، ولا يـوجد شيئٌ إسـمُهُ : ( موسيقى إسلامية ) !! . أما غايةُ المشاهدينَ لها ـ والمتابعينَ ـ إنْ أحسَنَّا الظنَّ بأغلبهم ـ ؛ فهي : لمعرفةِ سيرةِ الأفاضلِ الأوائلِ ، وتأريخهم وماضيهم ، محاولينَ أخذَ الدروسِ ـ منها ـ والعبر ! ، فنقولُ لهم : ( كيفَ تأخذونَ دُروساً وعِبَرَاً ـ من ماضٍ مُشرفٍ ـ عن طريقِ وسيلةٍ قد بانتْ عُيوبُها ) ؟! ، فهي وسيلةٌ ( غيرُ شرعيةٍ ) ! ؛ لما حَوَتهُ من مفاسدٍ ومخالفاتٍ ومغالطاتٍ ـ سَبَقَ ذِكْرُهَا ـ ! ، وأنَّ مَنْ أرادَ أن يَعرفَ ماضِيَهُ المشرِّفَ ، ويعتزَّ بهِ ، ويحاولَ الإقتداءَ بذلكَ الجيلِ الفاضلِ ؛ فما عليه سِوى أنْ يَصْبِرَ نَفْسَهُ في العُكوفِ على قراءةِ كُتبِ السِيَرِ ( الصَّحيحةِ ! ) ، ومحاولاً أخذَ الدُّررَ والعِبرَ من ذلك الماضي النبيل ، أما في المسلسلاتِ ـ التي تُسمَّى إسلامية ! ـ ؛ فلا يقومَ القاعدُ مِنْ أمامِها إلا وقد حَمَّلَ نفسهُ أوزاراً هو في غنىً عنها ! . وللأسفِ ـ الشديدِ ـ ؛ أصبحَ الواحدُ مِنَّا إذا سَمِعَ بقربِ قُدومِ شَهرِ ( رمضانَ المباركِ ) ؛ فإنه يتبادر إلى ذِهنهِ أشياء كثيرة من الملهياتِ ومِنْ ضِمنها ( المسلسلاتِ ) المسمَّاةِ ـ زُوراً وبُهتاناً ـ بـ ( الإسلاميةِ ) ! ، التي غَزتْ ديارَ المسلمينَ ودُروهم بفضلِ دُعاةِ الضلالِ الذينَ يَعملونَ ليلَ نهارٍ ـ بِلا كَللٍ ولا مَللٍ ! ـ لمحاولةِ صَرفِ أنظارِ المسلمينَ ـ وقلوبهم ـ عن أبرزِ ما يجبُ عليهِم فِعلهُ في هذا الشهرِ ـ ( وفي غَيرِهِ ) ـ ؛ وهو : ( التفرغُ للعبادةِ ) ! . ولا بُدَّ مِنْ التنبيهِ ـ خِتاماً ـ على أمرٍ هامٍ ، وهو : أنَّ الأمرَ المحرَّم ـ أو الذي فيهِ شُبهَة ـ ؛ فإنَّ ( البعضَ ) يحاولُ تغييرَ إسمهِ ، أو إلصاقُ إسمٍ شرعيٍ معهُ ؛ ليُعْطِيَهُ صِفةَ ( الشَّرعيةِ ) ، أو القَبول لَدى الناسِ ، ولغَرضِ الرَّواجِ والإستهلاكِ ! ، ومِنْ ذلكَ ؛ إلصاقُ كلمةِ ( إسلاميٍّ ) أو ( إسلاميةٍ ) على أشياءٍ معلومةٍ حُرمَتُها ـ أو فيها شكٌ وريبٌ ـ ! ، فأصبــحَ لدينا ـ اليَومَ ـ ( مُسلسلٌ إسلاميٌ ) ! ، و ( غِناءٌ إسلاميٌ ) ! ، و ( رَقصٌ إسلاميٌ ) ! ، و ( مُوسيقى إسلامية ) ! ، و ( زناً إسلاميٌ ) ! ـ عندَ بعضِ الطوائفِ المنتسبةِ للإسلامِ ـ ! ، أو ما يُسمَّى ـ عندَ البعضِ ـ بـ ( الحُريةِ الشَّخصيةِ ) ! ، و ( بِيرةٌ إسلاميةٌ ) ! ، أو ما يُسمَّى ـ عندَ البعضِ ـ بـ ( المشروباتِ الروحيةِ ) ! ، وهذا هو عينُ ما أخبرَ به النبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ ـ حينَ قـالَ : ( لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِيْ الخَمْرَ يُسَمُّوْنَهَا بِغَيْرِ إِسْمِهَا ) ! ، وهو ما حَصَلَ ـ اليوم !! ـ ، ومِنْ ذلكَ ـ أيضاً ـ تَغَيَّرَ إسمُ ( الرِّبا ) ؛ فأصبحَ إسمهُ ـ الجديدَ ! ـ ( الفوائدَ ) ! ، وتَغَيَّرَ إسمُ ( الغُشِّ ) في الإمتحاناتِ ـ عندَ بعضِ الطلابِ ـ فأصبحَ يُسـمَّى بـ ( النَّقلِ = المُساعَدَةِ ) !! ـ واللهُ المستعانُ ، ولا حَولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ـ .. إذنْ ؛ ليسَ كُلُّ أمرٍ أُلصقَ بهِ ( إسلاميٌ ) أو ( إسلاميةٌ ) يُعتبرُ ( جَائزاً ) ـ شَرعاً ـ ؛ إذْ يجبُ أنْ نَنظرَ لحقائقِ الأمورِ ، فإنْ وجَدنا خَيراً ؛ فَخيرٌ ، وإنْ وجَدنا غيرَ ذلكَ ؛ فَلا تَنْفَعُ ( الإلصَاقَاتُ ) مَهْمَا سَمَتْ وعَلَتْ ! ، ولِنُحاولَ أن نُرْجِعَ الأمورَ لِشِرْبِهَا الأولَ ، ونُسمِّيَ الأشياءَ بأسماءِهَا الحقيقيةِ = ( الشَّرعيةِ ) ، ويجبُ على المسلمِ أنْ يَعرفَ حَقيقةَ ما يُرادُ لهُ وبهِ ، وأنْ لا يَصرفَ وَقتهُ ( الثَّمين ) في سَفَاسِفِ الأمورِ ويَتركَ مَعاليهَا ، وكفى ضَحِكَاً على النُّفوسِ ، فَـ ( الحَقُّ أَبْلَجٌ ، والبَاطِلُ لَـجْلَجٌ ) ، و ( الأبْلَجُ ) أي : ( المُضِيءُ المُسْتَقِيْمُ ) ، و ( اللَّجْلَجُ ) أي : ( المُخْتَلِطُ الذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيْمٍ ) ، قالَ رسولُ الله ـ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ ـ في جُزءٍ مِنْ حَديثٍ ـ : ( إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِـهَاتٌ ـ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ ـ ، فَمَنْ إِتَّقَى الشُّبُهَاتِ ؛ فَقَدْ إِسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِيْ الشُّبُهَاتِ ؛ وَقَعَ فِيْ الحَـــرَامِ ! ، ... ) ، و ( بَيِّنٌ ) أي : ( وَاضِحٌ ) ، وصلى اللهُ وسلمَ وبَاركَ عَلى نَبينا مُحمدٍ ، وعَلى آلهِ وأصحَابِهِ أجمعينَ .