ما لي و للدُّنيا وليسـتْ ببُغْيـــَتي ... وَ لاَ مُنْتَهى قَصْدي ولسـتُ أَنا لها ولســتُ بميّالِ إِليـــها ولا إِلى ... رئاســاتِها فتناً وقبْــحاً لحالها هي الــدارُ دارُ الهمِّ والغمِّ والعَـنا ... ســريعٌ تقضِّيها قريـبٌ زوالُها مياسيرُها عُسْرٌ وحــزنٌ سـرورُها ... وأَرباحُها خــسرٌ ونقصٌ كمالُها إِذا أَضحكتْ أَبكتْ وإِن رامَ وصلَها ... غبـيٌّ فيا سُرْعَ انقطاعِ وصـالِها فأَســأَلُ ربي أَنْ يحـــولَ بحوله ... وقُــوَّتِهِ بيني وبين اغتـــيالِها فيا طالبَ الدنـــيا الدنيئةِ جاهداً ... أَلا اطلــبْ سواها إِنها لا وفا لها فَكَــمْ قَدْ رأَينا من حريصٍ ومشفقٍ ... عليـــها فلمْ يَظْفَرْ بِها أَن ينالَها لَقَدْ جـــاء في آيِ الحديدِ ويُونسٍ ... وفي الكهفِ إِيضاحٌ بضربِ مثالِها وَفي آلِ عمــرانَ وسورةِ فــاطرٍ ... وفي غــافرٍ قد جاء تِبْيانُ حالِها وَفي ســورةِ الأَحقافِ أَعظمُ واعظٍ ... وكمْ من حديثٍ موجبٍ لاعتزالِها لَقَــدْ نظروا قـــومٌ بعينِ بصيرةٍ ... إِليها فلمْ تَغْرُرْهُمُ باختِيـــالها أُولئــك أَهلُ اللهِ حقّاً وحـــزبُه ... لهــم جنةُ الفردوسِ إِرثاً ويا لها ومــالَ إِليها آخرونَ لِجَهْلِهِــمْ ... فلمَّا اطمـــأَنُّوا أَرشَقَتْهُمْ نِبالُها أولئك قومٌ آثـروها فأَعقــــبوا ... بها الخِزْيَ في الأُخرى وذاقوا وَبالَها ومــالَ إِلَيْها آخَــرونَ لِجَهْلِهِمْ ... فلـمّا اطْــمَأَنُّو أَرْشَقَتْهُمْ نِبالُها فَقُـــلْ للذينَ اسْتَعْذَبوها رُوَيْدَكُم ... سَيَنْقَلـــِبُ السُّمُّ النقيعُ زلالَها لِيَلْهـــوا ويغـترُّوا بها ما بدا لهُمْ ... مــتى تبلُغِ الحلقومَ تُصْرَمْ حبالُها ويــوم توفَّى كلُّ نفــسٍ بكَسْبِها ... تَوَدُّ فداءً لــو بَنيــها ومالها وتـأْخذُ إمـا باليمـــينِ كتابَها ... إِذا أَحسـنتْ أَو ضدَّ ذا بشِمالِها ويبــدو لَدَيْها ما أْسَرَّتْ وأَعلنتْ ... وما قدَّمَـــتْ من قولِها وفعالِها بأَيـــدي الكرامِ الكاتبينَ مسطرٌ ... فلــم يُغْنِ عنها عُذْرُها وجدالُها هنـــالك تدري ربحَها وخسارَها ... وإِذ ذاك تَلْـقى ما إليــه مآلُها فـإن تكُ مـن أَهل السعادةِ والتُّقى ... فإِنَّ لها الحســنى بِحُسنِ فِعالِها تفـوزُ بجنَّاتِ النـــعيمِ وحورِها ... وتُحْبَرُ في روضـــاتِها وظلالِها وتـرزقُ ممَّا تَشْتَهي من نعــيمِها ... وتشـربُ من تَسْنـيمها وَزُلاَلِها وَإِنَّ لهــم يومَ المــزيدِ لموعداً ... زيادة زُلْفـى غــيرُهُم لاَ ينالُها وجــوهٌ إِلى وجـهِ الإِلهِ نواظرُ ... لقـد طالَ ما بالدمعِ كانَ ابتلاؤها تجــلى لها الربُّ الرحيمُ مسلِّماً ... فيزدادُ من ذاك التَّجلـــِّي جمالُها بمقْعَدِ صدقٍ حبَّذا الجــارُ ربُّهم ... ودارِ خلــودٍ لم يخافــوا زوالَها فـواكِهُها ممَّا تَلَذُّ عــــيونهُم ... وتَطَّرِدُ الأَنهــارُ بــين خلالِها على سـُرُرٍ مـوضونةٍ ثم فرشهم ... كمــا قال فيــه ربُّنا واصفاً لها بـطائِنُها إِسْتَبْرَقٌ كيــف ظَنُّكُم ... ظواهِرُها لا مُنْتَـهى لجــمالِها وإِن تكـنِ الأُخرى فويلٌ وحسرةٌ ... ونارُ جـحيمٍ ما أَشدَّ نَكــالَها لهــم تحتَهُم منـها مهادٌ وفوقَهم ... غواشٍ ومِنْ يحـمومٍ ساء ظلالُها طعامـُهُمُ الغسلينُ فيها وإِن سُقُوا ... حميـماً بـهِ الأَمعاءُ كان انْحِلالُها أَمانِيُّهم فيهـــا الهلاكُ وما لَهم ... خروجٌ ولا مـوتٌ كما لا فنا لها مَحَلَّيْنِ قــل للنفسِ ليس سواهما ... لِتَكْسَبْ أَو فَلْتَسْكُتْ مـا بدا لها فــطوبى لنفسٍ جَوَّزَتْ وتَخَفَّفَتْ ... فَتَنْجو كفــافاً لا عليها ولا لها