قال واعظ بغداد الإمام : ( أبو الفرج ؛ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي ) ــــ رحمه الله تعالى ــــ في كتابه الماتع : ( صيد الخاطر ) ،
خاطرة بعنوان : (( فصل : حلاوة الكفاح في سبيل الحق ))
بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى ؛ لا تبع عزها بذل المعاصي ، وصابر عطش الهوى في هجير المشتهى وإن أمض وأرمض !! ، فإذا بلغت النهاية من الصبر ؛ فاحتكم وقل ، فهو مقام : ( من لو أقسم على الله لأبره ). تالله لولا صبر عمر ما انبسطت يده بضرب الأرض بالدرة ، ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه ، وقد سمعت من آثار عزمته : ( لئن أشهدني الله مشهداً ؛ ليرين الله ما أصنع ) ، فأقبل يوم أحد يقاتل حتى قتل ، فلم يعرف إلا ببنانه !! ، فلولا هذا العزم ما كان انبساط وجهه يوم حلف : ( والله لا تكسر سن الربيع ). بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهى ؛ فإنها : ( شجرة تثمر عز الدنيا، وشرف الآخرة ) ، ومتى إشتد عطشــــك إلى ما تهوى ؛ فابسط أنامل الرجاء إلى من عنده الري الكامل ، وقل : ( قد عيل صبر الطبع في سنيه العجاف ، فعجل لي العام والذي فيه أغاث وأعصر ) . بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة ، ثم عرضت له فتنة في الوقت الأخير ، كيف نطح مركبه الجرف ؛ فغرق وقت الصعود !! ، أف والله للدنيا ، لا بل للجنة ؛ إن أوجب نيلها إعراض الحبيب. إنما نسب العامي باسمه واسم أبيه !!، فأما ذوو الأقدار فالألقاب قبل الأنساب !!، قل لي : من أنت ؟! ، وما عملك ؟ !، وإلى أي مقام ارتفع قدرك ؟! ، يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي. بالله عليك أتدري من الرجل ؟!، الرجل والله : ( من إذا خلا بما يحب من المحرم ، وقدر عليه ، وتقلقل عطشاً إليه ، نظر إلى نظر الحق إليه ؛ فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه ، فذهب العطش ) !!. كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي !، أو ما لا تصدق الشهوة فيه ! ، أو ما لا تقدر عليه !.. كذا والله عادتك ! ، إذا تصدقت ؛ أعطيت كسرة لا تصلح لك !، أو في جماعة يمدحونك !. هيهات والله لا نلت ولايتنا ؛ حتى ( تكون معاملتك لنا خالصة ، تبذل أطايبك ، وتترك مشتهياتك ، وتصبر على مكروهاتك ، علماً منك تدخر ثوابك لدينا ، إن كنت معاملاً بأنك أجير وما غربت الشمس ، فإن كنت محباً رأيت ذلك قليلاً في جنب رضى حبيبك عنك )... وما كلامنا مع الثالث.. !!. ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ ملاحظة : هذه الخاطرة شرحها ــــ شرحا ماتعا وجميلا ـــــ الشيخ : ( أبو إسحاق الحويني ) ، في خمس حلقات على قناة : ( الناس الفضائية )، وأسماها : ( ترك الهوى ؛ عز الدنيا ، وشرف الآخرة )