خاطرة لإبن الجوزي ـ رحمه الله ـ بعنوان : ( المغفل يجر على نفسه المحن )
شرحها الشيخ الحويني ـ وفقه الله ـ ، وسمّاها : ( نعمة الفراسة )
رمضان عام 1432 هـ ـ 2011 م
إذا تكامل العقل قوي الذكاء و الفطنة ، والذكي يتخلص إذا وقع في آفة كما قال الحسن : [ إذا كان اللص ظريفا لم يقطع فأما المغفل فيجني على نفسه المحن ] ، هؤلاء أخوة يوسف عليه السلام أبعدوه عن أبيه ليتقدموا عنده و ما علموا أن حزنه عليه يشغله عنهم و تهمته إياهم تبغضهم إليه ، ثم رموه في الجب فقالوا : { يلتقطه بعض السيارة } و ليس بطفل إنما هو صبي كبير ، و ما علموا أنه إذا التقط يحدث بحاله فيبلغ الخبر إلى أبيه و هذا تغفيل ، ثم إنهم قالوا : أكله الذئب و جاؤوا بقميصه صحيحا و لو خرَّقوه لإحتُمل الأمر ، ثم لما مضوا إليه يمتارون قال : { ائتوني بأخ لكم } فلو فطنوا علموا أن ملك مصر لا غرض له في أخيهم ، ثم حبسه بحجة ثم قال : هذا الصواع يخبرني أنه كان كذا و كذا هذا كله و ما يفطنون ، فلما أحس بهذه الأشياء يعقوب عليه السلام قال : { اذهبوا فتحسسوا من يوسف } و كان يوسف عليه السلام قد نهي بالوحي أن يعلم أباه بوجوده ، و لهذا لما إلتقيا قال له : هلا كتبت إلي ؟ فقال : إن جبريل عليه السلام منعني ، فلما نهى أن يعرفه خبره لينفذ البلاء كان ما فعل بأخيه تنبيها فصار كأنه يعرض بخطبة المعتدة ، و على فهم يوسف و الله بكى يعقوب لا على مجرد صورته .