سلسلة وقفات مع كلمات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا صاحب الحوض المورود وعلى آله وصحبه
أما بعد فأحببت أن أقف عند كلمات نيرات لإمام من أئمة الهدى وعالم من علماء الإسلام ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية وقفات أجد لنا فيها مخالفات فعسى الله تعالى أن ينفعنا وقارئها بها في دنيانا وأخرانا.
الوقفة الأولى
يقول شيخ الإسلام في كتابه منهاج السنة النبوية (5/ 161)
(( فالذي يعاقب الناس عقوبة شرعية إنما هو نائب عنه وخليفة له (عليه الصلاة والسلام ) فعليه أن يفعل كما يفعل على الوجه الذي فعل ولهذا قال تعالى( كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) (سورة آل عمران). قال أبو هريرة ((كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في الأقياد والسلاسل تدخلونهم الجنة )) أخبر أن هذه الأمة خير الأمم لبني آدم فإنهم يعاقبونهم بالقتل والأسر ومقصودهم بذلك الإحسان إليهم وسوقهم إلى كرامة الله ورضوانه وإلى دخول الجنة وهكذا الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم إن لم يقصد فيه بيان الحق وهدى الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم لم يكن عمله صالحا وإذا غلظ في ذم بدعة و معصية كان قصده بيان ما فيها من الفساد ليحذرها العباد كما في نصوص الوعيد وغيرها وقد يهجر الرجل عقوبة وتعزيزا والمقصود بذلك ردعه وردع أمثاله للرحمة والإحسان لا للتشفى والإنتقام )) لما كان العمل لا يقبل عند الله تعالى حتى يكون صوابا خالصا لله وعلى السنة وهذا يدندن به اغلب طلبة العلم ان لم نقل كلهم فضلا عن العلماء ويشهد لهذا الكلام -والذي ينسب للفضيل بن عياض رحمه الله تعالى- ادلة الكتاب والسنة ، وليس العمل المقصود هنا ماكان من جنس الأعمال والأقوال التعبدية فقط ، بل المقالة والتاليف في بيان الحق قد يكون أحيانا من أعظم العبادات ، لكن يغيب عن طالب العلم قضية مهمة في خضم الصراعات والردود والإختلافات بين المسلمين علمائها ومفكريها ودعاتها هذه القضية أن النقاش والرد والدعوة والإرشاد وبيان خطأ المخالف ضلاله أو بدعته أو كفرا وقع فيه يجب أن يكتنفه ويلفه شعور الرحمة وتمني الخير لمخالفه وان يدعو الله تعالى له بالخير لا متشفيا وفرحا مسرورا بخطأ مخالفه فيبغي عليه ويظلمه في بيان الحق الذي يريده له ، وانت أخي القاريء لا يخفاك اليوم السباب والشتام في الردود بين طلبة علم وعلماء وهو أمر تفشى وما عصم منه إلا من رحم الله وقليل ماهم . وقد يؤجر لغضبه في كتابته وبيانه إن كان لله وهذا واجب المسلم أن يغضب إذا انتهكت محارم الله ، لكن لا تنسى نيتك في ردك وبيانك الحق ماذا تبغي به وماذا تريد فاحذر حتى لا يكون ردك وبالا عليك أخي المسلم
فأنت هنا ترى أن شيخ الإسلام ذكر أبعد فرقه عن الصراط المستقيم وهم الرافضة وعلى ماعلمه منهم من ضلال وكفريات ومخالفات جعلهم مثالا فذكر أن الراد على هؤلاء يجب عليه وهو يستحضر ماهم عليه من ضلال مبين فلا يشط به بعيدا فيتشفى في بيان الحق وينتقم بل عليها ان يصاحب كلماته الرحمة والاحسان حتى يكون عمله صالحا ويؤجر عليه ويكون من المدافعين عن دين الله على هدي المرسلين لا على هدي المبتدعين فقال (وهكذا الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم إن لم يقصد فيه بيان الحق وهدى الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم لم يكن عمله صالحا)
ومن منا اليوم يهجر أخاه في الدين على أساس الرحمة حتى يرجع عن باطله ويرعوي عن غيه فالنفوس اليوم بحاجة لعلم شرعي صحيح وتزكية تنتقل بهم إلى مصاف الذين قال الله فيه ( ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )
وأخيرا هذا كان هذا ميزان الرد على من خالفك في ضلال مبين وهم من الفرق الثلاث والسبعين فكيف مع من كان من اهل العلم وكيف مع من كان من اهل السنة والدين
غربة في هذا المنهج رحم الله شيخ الإسلام ونسأله تعالى أن يرحم حالنا ويأخذ بأيدينا لما يحب ويرضى