< الأفضل للمرء أن يخبر أهله عن مكان خروجه >
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ .......... الحديث .
متفق عليه ، وبالله التوفيق .
قال الإمام ابن أبي جمرة الأزدي الأندلسي رحمه الله المتوفى سنة 699 هـ في بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها
وما عليها < شرح مختصر صحيح البخاري > :
فيه دليل على أن المرء إذا خرج لتعبده أن يعلم أهله ومن يلوذ به بموضعه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إلى الغار وأهله يعلمون بموضعه وماذا يريد بخروجه والحكمة فى ذلك من وجوه
:
الأول: أنه معرض هو وأهله لما يطرأ من الأمراض وغيرها من الأعراض فإذا كان للأهل علم بموضعه علموا إلى أين يذهبون إليه إذا طرأ شئ من ذلك .
الثانى: أن فى إخبار الأهل بذلك إدخال سرورعليهم وإزالة للوسواس عنهم لأنهم يتوقعون مصيره إلى مواضع مختلفة ممكنة فإعلامه لهم بذلك إزالة لما ذكرناه وإدخال السرور عليهم لكونهم يعلمون أنه منقطع للتعبد ومشغول به وفى إدخال السرور من الأجر والثواب ما قد علم .
الثالث: ما فى ذلك من الدعوة للأهل والأخوان وإن كان لم يطلب ذلك منهم لأن الغالب من النفوس الإنبعاث لما يتكرر عليها من الأمور .
الرابع: أن من عرفه منقطعا للتعبد ومشغولا به فإن أراد صحبته على ما هو بسبيله من غير أن يدخل عليه خللا فى طريقه ومن أراد غير ذلك لم يصحبه فأستراح منه وزال عنه ما يلحقه من التشويش فى مخالطته .