من "كتاب الأجوبة" تأليف أبي القاسم بن محمد مرزوق بن عظوم المرادي، الجزء الثامن، تحقيق وتقديم محمد الحبيب الهيلة، وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، ص245-246.
***
قال ابن ناجي: وتعقب ابن محرز الاحتجاج بأن حكم الحاكم جهلا أو قصدا للباطل يوجب نقضه وإن وافق قول قائل؛ لأن حكمه كذلك باطل إجماعا، والحكم إذا وقع باطلا إجماعا فلا يضر إجماعا، ولم يتعقبه ابن ناحي بحال، فاعرفه. وأما الذي للخمي فأشار إليه ابن فرحون في الورقة 29 من تبصرته، ونصه: قال اللخمي: أرى أن تكشف أحكام الجاهل، فيرد من أحكامه ما كان مختلفا فيه؛ لأن ذلك حدس وتخمين، والقضاء بمثل ذلك باطل. ونحوه لابن محرز، ثم نقل عن ابن عبد السلام تفصيلا. وأما الذي لصاحب التذكير فهو ما ذيل على كلام ابن محرز من النقول العاضدة، ومن الدلائل على أن العمل بالراجح واجب إجماعا في الورقة 79 منه. وأما الذي لغيرهم فأشرت به إلى ما وقع للشيخ البرزلي في الورقة 21 من أقضيته، ونصه: لا خلاف أنه لا يجوز الحكم بالحزر والتخمين. قال شيخنا الإمام يعني ابن عرفة: وكثيرا ما رأيت بعض القضاة يحكم في النازلة، وهو لا يستند في حكمه لنقل يذكره بحال لما استقرئ عن حاله، إذا روجع في بعض أحكامه لم يذكر مستندا ولا رواية ولا قولا لبعض أهل المذهب. البرزلي: قال ابن الحاجب: وذلك فسق وجور، يريد إن صادف الحق فالمشهور فسخه، وإن لم يصادف الحق فالإجماع على فسخه وإغرامه ما أتلفه بحكمه، انتهى من البرزلي. قلت: قد علمت من هذه النقول تمييز الحكم الذي يرفع الخلاف لصحته، والحكم الذي لا يرفع الخلاف لخلله ووجوب نقضه. وبقي شرط آخر في حكم الحاكم الرافع للخلاف، وهو أن يكون الحاكم الذي حكم عرف ذلك الخلاف وقصد مخالفته لوجه يقتضي ذلك، قال في الورقة 41 من التبصرة: إن حكم الحاكم يرفع الخلاف إذا علم ذلك الخلاف وقصد مخالفته، فكلما كان مختلفا فيه وعرفه القاضي وحكم به مع علمه بالخلاف ارتفع أثر ذلك الخلاف بالنسبة إلى تلك الواقعة.