المشهد الثاني
في مجلس الأمير …
يدخل رجل فيسلم على الأمير قائلا : السلام عليك أيها الأمير ، فيرد الأمير عليه السلام .
يدخل الأعرابي فيسلم على الجميع ثم يجلس .
يلتفـت إليه أحد الحضور فيقول : ولِمَ لَمْ تسلِّم على الأمير بتحية الأمارة .
فيقول الأعرابي :
ولست مسلِّما مادمت حيا على معـنٍ بتسليم الأمير
معـن : إن سلمت رددنا السلام ، وإن لم تسلم لم نعاتبك .
الأعرابي :
أتذكر إذ لحافك جـلد شاة وإذ نعـلاك من جلد البعير
معن : أذكر ذلك ولا أنساه .
الأعرابي :
وفي يمناك عكاز قوي تهـش بها الكلا بَ عن الهرير
معن : نعم أذكر ذلك ، وبودي لو عـادت تلك الأيام بكل ما أملك ، فهي أيام الصبا والشباب .
الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير
معن : سبحانه ، ما أعـظم شأنــه .
الأعرابي :
سأرحل عن بلاد أنت فيها وإن جار الزمان على الفقير
معن : إن بقيت فعلى الرحب والسعـة ، وإن رحلت فـصـحـبـتـك السلامة .
الأعرابي :
فجد لي يا ابن ناقصة بشيء فإني قد عزمت على المسير
معن : أعطوه مائة دينار .
الأعرابي :
قليل ما أتيت به وإني لأطمع منك بالمال الكثير
معن : أعطوه مائة دينار أخـرى.
الأعرابي :
سألت الله أن يبقيك ذ خرا فما لك في البرية من نظير
معن : أعطيناه على هجائنا مائتي دينار ، فأعطوه مِـثليها على مدحـِـه لنـا ، ولكن اصدُقني القول
يا أعرابي ، هل راهنت أحدا على أن تغـضـبني .
الأعرابي : نعم راهنت إسكافيا في السوق فجعل لي عشرة من الإبل على أن أغـضـبـك .
معن : ثكلتك أمك يا أعرابي ، والله ما غضبـت مذ سمعـت قول الله عز وجـل :
{ والكــاظمين الغــيظ والعــافين عن الناس والله يحــــب المحـســنين }.
وقولــه تعالى : { خــذ العـفـو و أمر بالعرف وأعرض عن الجــاهـلـين }
أمـا تعلم أن الرهان على مالٍ لا يجوز يا أعــرابـي .
الأعرابي : أيها الأمير أنا رجل أعرابي جاهل لا علم لي بمثل ذلك .
معن : أيها الوزير خذ الأعرابي فأعطه عشرة من الإبل فإنه كان يؤمِّـلُها من الرهان ، وأحضر الإسكافي لينال عقابه جزاء اجترائه على ماحرم الله.
الأعرابي جزاك الله خيرا وأكثر أمثالك في الناس فاسمع مني هذين البيتين :
لعمرك ما الرزية فقد شاة ولا فرسٌ يموت ولا بعِـيرُ
ولكن الرزية فقد حـــرٍّ يموت بموته خلـق كـثيــر