لقد كثر استخدام هاتين الشبكتين فمن مريد أدبا ومن باغٍ خبرا ومن مقتفٍ للأثر.
لذا من الواجب علينا حُسن الاستخدام ونُصح الأنام بما يرجع عليهم بالخير والفصاحة .

إن الخاطرة أو التغريدة يأسِرها سياقٌ معين وأسلوبٌ واحد وصاحبها محكوم بقلة الحروف ونَزرة الجُمل .. فهي ذات نمَط محدد وصياغة فريدة ومن هذا المنطلق يكون الخلل ومجانبة الصواب .

* وما أتلوه عليكم هو وجوب التفنن في هذه المساحة الضيقة واجتلاب الأساليب العربية القُحة واستحضار المفردات المختلفة .

ويظهر هذا جليا في أول كلمة تكتبها ، ويُحكم على صاحبها منها ، فبعض أهل الفضل لا يكاد يخلو أول كلامه من كلمة : بعض ، فيقول بعض الطلاب ، أو : كثير ، فيقول : كثير من الناس .
وهذا غير حسن، ويمكن الاستعاضة عن كلمة بعض : بـ فئام و فئة و ثلة وزُمرة وشرذمة .
وعن كلمة كثير : بجُل ومُعظم وغالب وما شابه .

قد تقول لي : هذا كلام ذهب أهله !!
فأقول : جعلك الله من أهله الذين يعيدون ما ذهب وينفضون عنه ما رَسب ، ولكنك تقدر على الاستغناء أيضا عن المكرور بتغيير صياغة الكلام فتقول : رأيت شبابا منا يفعلون كذا وكذا ، أو : شبابنا اليوم يخطئون بفعل كذا وكذا .
فتأتي بجملة فعلية أو اسمية .

* ومن هذه البابة حرصُ بعض الكاتبين على أدوات الشرط :
كمهما ، إذا ، إن ، مَن ، أو بعض الحروف : كـ مِن ، لم ، أو غيرها من الظروف : كعند وحين وغير ذلك .
فاقبض على نواصي هذه أجمعها واختر أنسبها للسياق وأبعدها عن التغريدات أو الخواطر السابقة، وأكثِر من تطويع الجملة الفعلية والاسمية في بداءة الكلام ولا تجعل لهذه الأدوات حق الصدارة دائما .
هذا لمن أراد أن تكون خاطرته باقية خالدة .

ثانيا : لا تستهلك كلمة بعينها أكثر مما هي مستهلكة ككلمة الناس، فهي كلمة قريبة من كل تغريدة فأبعدها وأبدلنا غيرها .
ثالثا : النظر في تعدي الفعل ولزومه وهذا أمر يخطئ فيه الكبار والصغار _وأنا منهم- .
رابعا : أبعد عن الخاطرة الوجوه التعبيرية من ضحك أو حزن فهذا أرقى لمرتبتها وأنقى لرُتبتها.
خامسا : لا تجعل الخاطرة أشبه بخبر يموت بعد حين ، فكلما كان عمر الكلام طويلا كان ذلك أدعى للقَبول وأقرب للوصول .

وإن الناس اليوم لا تهوى قراءة المقالات الطويلة وهي إلى الخواطرة الصغيرة أقرب، وأما في تويتر فأنت محكوم بـ 140 حرفا يحرم الزيادة على ذلك – حرمة صناعية لا شرعية- .
لذلك يجب على المغرد فيه أن يتقيظ لأمور :

1- لاتلصق كل كلمة بأختها –لضيق الحروف- فتجعلهن كرؤوس الغنم !!
بل باعد بينهما بمسافة ، وإن رأيت طولها فاقسمها قسمين أو أعد تركيب الكلام واحذف الحشو .
2- شكل ما استُعجم من الكلمات بوضع الحركات فهذا أبعد للإبهام .
3- افصل بين الجملتين بفاصلة ، وزيِّن ( أول الكلام بقوس وءاخِرَه بآخَر ) وضع عند الانتهاء نقطة .
4- أعد النظر في ما كتبته مرة وأخرى حتى تسلم من الخطأ النحوي والسقط الحرفي وغيره .

والله أعلم .

داود العتيبي .