الخلق والمعاد

3
بقلم \فالح الحجية

اما النشاة الثانية وهي نشاة او بعث البشر مرة اخرى لغرض الحساب والجزاء فلم تكن هناك معلومات لدى العقل البشري عن معرفة الحياة الثانية وادراكها ونشاتها وكيفية وجودها بل مرجع معرفتها يعود الى ما اخبرنا به الله تعالى في كتبه وعلى أ لسنة رسله الكرام فقد جاء في المصحف الشريف ( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم اول مرة فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى ان يكون قريبا * يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم الا قليلا ) سورة الاسراء الايتان \ 51- 52 وقال تعالى ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحةبالحق ذلك يوم الخروج* انا نحن نحيي ونميت والينا المصير * يوم تشقق الارض عنهم سراعا *ذلك حشر علينا يسير ) سورة ق الايات \41- 44
وقال تعالى ايضا ( ونفخ في الصور فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون* قالوا من بعثنا من مرقدا 0 هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون * ان كانت الا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون ) سورة يس الايات \ 51-53
وقال تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من السموات ومن في الارض الا ما شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ) سورة الزمر الاية \68
وقال تعالى ( يوم يدع الداع الى شيء نكر * خشعا ابصارهم يخرجون من الاجداث كانهم جراد منتشر * مهطعين الى الداع يقول الكافر هذا يوم عسر ) سورة القمر الايات \6-8
وقال تعالى ( يوم يخرجون من الاجداث سراعا كانهم الى نصب يوفضون * خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ) سورة المعارج الايات \43-44
فبعد مضي اربعين -كما اخبرالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم - في الحديث المروي عن ابي هريرة رضي الله عنه ( ما بين النفختين اربعون قالوا يا ابا هريرة اربعون يوما قال ابيت قالوا اربعون شهرا قال ابيت قالوا اربعون سنة قال ابيت ثم ينزل من السماء ماءا فينبتون كما ينبت البقل) وقال صلى الله عليه وسلم ايضا( وليس من الانسان شيء الا يبلى الا عظما واحدا هوعجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة ) وروي ان هذه المدة مفسرة بسنة ولا نعلم ان هذه الاربعين هي اربعين يوما من الايام التي نعدها نحن بني البشر والمتكونة من دوران الارض حول نفسها ام انها اربعون شهرا ام اربعون سنة ام انها من الايام التي قال الله تعالى عنها ( وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون ) فيكون ما بين النفختين \اربعون الف سنة من سني البشر التي نعدها الان اذا كانت اربعين يوما من التي عند الله تعالى اما اذا كانت المدة اربعين شهرا فتكون المدة \ 30×40000= 1200000 سنة اما اذا كانت مدتها سنة كاملة فتكون مدتها \ 365 يوما × 40000=14600000 سنة من الايام التي نعدها نحن البشر والله تعالى اعلم
وبعد هذه المدة تمطرالسماء مطرا كثيرا فتزول الابخرة والدخان وتشرق الارض بنور ربها فتنبت الاجسام البشرية تحت الارض كما ينبت نبات البقل - كما اخبر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم - وهوكل نبات ينبت على الارض طبيعيا من جراء تفاعل الماء النازل من السماءعلى الارض وفي الانسان مع بذرة الحياة التي هي تلك العظيمة الصغير ة التي لا تبلى وبقيت موجودة في تراب الدنيا من يوم خلق الانسان الاول ادم عليه السلام الى يوم البعث وهي( عجب الذنب ) فكيفما كان موت الانسان موتا طبيعيا او اكلته الوحوش او ابتلعته البحار فاكلته الاسماك والحيتان او احترق في النار فذاب جسده وتفحم اواي حالة اخرى فان جسده كله ينتهي ويفنى بالموت الا هذه البذرة
( عجب الذنب ) فانها ستبقى لتعيد خلق الانسان من جديد فيبعث من جديد في يوم البعث او يوم النشور فاذا تم الخلق واكتمل نموها تحت الارض واصبحت الاجسام هياكل تامة التكوين لاتنقصها الا الروح لتدب الحياة فيها وتتحرك وتقوم ارسل الله تعالى الى تلك الارواح التي قبضت من هذه الاجساد يوم موتها في نهاية الحياة الدنيا لكل فرد عند نفخة اسرافيل في بوقه نفخته الثانية باذن ربه تعالى ( ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ) سورة الزمر الاية \ 68 فتعود الحياة الاخرة من جديد لبني البشر فاذا هم يبعثون من قبورهم ا و مراقدهم احياء حفاة عراة عزلا قال تعالى ( كما بدا نا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ) سورة الانبياء الاية \104
و يقوم الناس ليوم الحشر وهو يوم عسير على الكافرين غير يسير يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لاحد ) وقرصة النقي هي قرصة الخبز الابيض غير المغشوش أي الابيض الخالي من النخالة او ما نسميه اليوم بالطحين الصفر
وقال صلى الله عليه وسلم ايضا ( يحشرالناس يوم القيامة حفاة عراة عزلا قالت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قلت يارسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم الى بعض قال صلى الله عليه وسلم ياعائشة الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض ) فياله من يوم عظيم مهول
وهذا هو يوم الفصل او موقف الفصل او يوم الجزاء قال تعالى( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين ) سورة الانبياء الاية \ 47
وفي هذا اليوم يتم ما قاله تعالى ( فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المقلحون* ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون * تلقح وجوههم النار وهم فيها كالحون *) سورة المؤمنين الايات \ 102- 104
ومن عجيب صنع الله تعالى ان الصوت هذا المخلوق العجيب لايبلى ولا ينتهي الى العدم بل تحتفظ به السماء في طبقاتها العليا وهذا ما اكده علماء الاصوات حديثا ولما كان الصوت يحدث نتيجة فعل اوعمل ما لذا تكون اعمال الانسان واقواله محفوظة في جو السماء منذ خلق البشرية والى نهايتها في يوم القيامة ولا يوجد صوت يشبه صوت اخر كما في البنان اي لمسات الاصابع لاتوجد لمسة تشبه لمسة اخرى او مسحتها لذا فالاصوات كلها محفوظة في طبقات الجو العليا وقد عمد العلماء حديثا على امكانية استعادة الاصوات لبعض الاشياء فنجحوا ولو توصل العلماء اخيرا الى امكانية استرجاع الاصوات لحدثت في العالم معجزة كبيرة الا وهي اعادة اصوات الانبياء ومن هنا نستطيع تثبيت اقوالهم فنتخلص - نحن المسلمون - من كل قول نسب الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو لم يقله اوافتري عليه به وكم تمنيت في نفسي منذ ان اطلعت على هذا الخبر في الثمانينات من القرن الماضي ولحد الان ان يحدث هذا وانا على قيد الحياة لارى واسمع ذلك الصوت العظيم الذي يتمنى كل مؤمن سماعه ولتزول هذه الغشاوة التي اكتنفت الاحاديث النبوية الشريفة فاضطرالعلماء الى تقسيمها بين ضعيف وحسن وصحيح ومتواتر – ففي يوم القيامة يسمع كل انسان عمله بصوته وكذلك يرى عمله –مستنسخا – صورة وصوت قال تعالى ( انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) سورة الجاثية الاية \ 29حقيقة لمراء فيها فلم يستطع الانسان يوم القيامة من اخفاء عمله اوفعله لانه مستنسخ وثابت يراه بام عينيه ومهما اراد ان يتخفى في عمل سري يظهره واضحا كما يشاهد اليوم فيلما حيا على شاشة التلفاز ثم قدر فعله وعمله يكون جزاءه قال تعالى ( يومئذ يصدر الناس ليروا اعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره* ) سورة الزلزلة الايات \ 6-8 فيكفي الانسان ان يكون حكما على نفسه بعد رؤيته اعماله وافعاله حية وتوثيقا لهذ ا المشهد فان اعضاء جسمه تكون شاهدا عليه في كل مايعمل

اذن في هذا اليوم يقسم الخلق قسمين قسم يؤخذ الى الجنة وقسم يسحب الى النار وقسم اخر ذكرهم الله تعالى هم قوم قلت حسناتهم عن حسنات اهل الجنة فلايدخلوها وزادت حسناتهم عن حسنات اهل النار فلا يدخلون جهنم قهم بين بين اسماهم الله تعالى
في كتابه العزيز ( اهل الاعراف )
اما اصحاب الجنة فينقسمون الى مجموعتين كل حسب عمله وما اكتسب من حسنات في الحياة الدنيا \ لاحظ كتابي اصحاب الجنة في القران الكريم
المجموعة الاولى \ السابقون السابقون وهم المقربون من الله تعالى ( والسابقون السابقون * اولئك المقربون * في جنات النعيم * ثلة من الاولين * وقليل من الاخرين * على سرر موضونة* متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان مخلدون * باكواب واباريق وكاس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون* وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون* وحور عين* كامثال اللؤلؤ الكنون * جزاء بما كانوا يعملون * لايسمعون فيها لغوا ولاتاثيما * الا قيلا سلاما سلاما * ) سورة الواقعة الايات \ 10-26
المجموعة الثانية هم الذين يدخلون الجنة ايضا الا ان حسناتهم اقل من المجموعة الاولى وهم اصحاب اليمين ( واصحاب اليمين * ما اصحاب اليمين * في سدر مخضود* وطلح منضود * وظل ممدود * وما ء
مسكوب* وفاكهةكثيرة * لامقطوعةولا ممنوعة * وفرش مرفوعة * انا انشأناهن انشاءا*فجعلناهن ابكارا* عربا اترابا * لاصحاب اليمين* ثلة من الاولين وثلة من الاخرين ) سورة الواقعة الايات \27-40
اما اصحاب النار فقد وصفهم الله تعالى فهم( في سموم وحميم * وظل من يحموم * لابارد ولا كريم* انهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الجنث العظيم * وكانوا يقولون ا اذا متنا وكنا ترابا وعظاما ا انا لمبعوثون * او اباؤنا الاولون* قل ان الاولين والاخرين * لمجموعون الى ميقات يوم معلوم * ثم انكم ايها الضالون المكذبون * لاكلون من شجر من زقوم* فمالؤون منها البطون * فشاربون من الحميم * فشاربون شرب الهيم * هذا نزلهم يوم الدين *) سورة الواقعة الايات \42-56فهم في ظلمات خامدون وفي العذاب مشتركون واني والله بطبيعة نفسي لاكره الظلام والافول واليوم الغائم والمغبر والعاصف واحب الضياء والنور وتنشرح نفسي عند الفجر والشروق

اللهم اجعلنا من اصحاب الجنة من الذين ثقلت موازينهم وسيقوا الى الجنة زمرا ( حتى اذا جاؤها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام علبيكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالوا الحمد لله الذي صدقننا وعده نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم اجرالعاملين ) سورة الزمر الايتان \ 37 و47

فالح نصيف الحجية
الكيلاني