«صلاة الأوابين» هي ما اشتهرت عند جمهور الفقهاء بصلاة الضحى، ولقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسميتها بكلا الاسمين .. قال العيني: الضحى بالضم والكسر، فوق الضحوة، وهي ارتفاع أول النهار، والضحاء بالفتح والمد، هي إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده، وقال القارى في المرقاة: قيل صلاة وقت الضحى، والظاهر أن إضافة الصلاة إلى الضحى يعنى (في) كصلاة النهار وصلاة الليل.
فضلها
- عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: بصيام ثلاثة أيام في كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام [رواه البخاري ومسلم] ورواه ابن خزيمة ولفظه قال: أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
- عن أبى ذر -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقه، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [رواه مسلم]
- وروى الإمام أحمد من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقه» قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبي الله؟ قال: «النخامة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك» (1).
- وعن نعيم بن همار -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يقول الله عز وجل: يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول نهارك أكفك آخره» (2).
قال الشوكانى: واستدل به على مشروعيه صلاة الضحى لكنه لا يتم إلا على تسليم أنه أريد بالأربع المذكورة صلاة الضحى، وقد قيل يحتمل أن يراد بها فرض الصبح وركعتا الفجر لأنها هي التي في أول النهار حقيقة، ويكون معناه كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله» قال العراقى: هذا ينبني على أن النهار هل هو من طلوع الفجر أو طلوع الشمس، والمشهور الذي يدل عليه كلام جمهور أهل اللغة وعلماء الشريعة أنه من طلوع الفجر، قال: وعلى تقدير أن يكون النهار من طلوع الفجر فلا مانع من أن يراد بهذه الأربع الركعات بعد طلوع ذلك الوقت ما خرج عن كونه أول النهار، وهذا هو الظاهر من الحديث وعمل الناس، فيكون المراد بهذه الأربع ركعات صلاة الضحى. (3)
- وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعه؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعه»(4)
قال الحافظ في الفتح: المراد بقوله السبحة أي النافلة، وأصلها من التسبيح، وخصت النافلة بذلك لأن التسبيح الذي في الفريضة نافلة، فقيل لصلاة النافلة سبحه لأنها كالتسبيح في الفريضة.
- عن أبى أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاه على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين» (5).
- وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب» قال: «وهي صلاة الأوابين» قال الألباني رحمه الله: وفي الحديث رد على الذين يسمون الست ركعات التي يصلونها بعد فرض المغرب بصلاة الأوابين، فإن هذه التسمية لا أصل لها وصلاتها بالذات غير ثابتة.
حكم صلاة الضحى
اختلف العلماء في حكم صلاة الضحى على عدة أقوال:
فقول الجمهور أنها عبادة مستحبة فمن شاء ثوابها فليؤدها وإلا فلا تثريب عليه في تركها، واستدل أصحاب هذا القول بجملة الأحاديث الصحيحة التي ذكرناها آنفا في الحديث عن فضل صلاة الضحى، ورغم أنه أصح الأقوال، فلا مانع من ذكر رأى مخالفيهم، وكيف رد جمهور العلماء عليهم مما يكشف لنا كيف تجتهد العقول وتعمل الأدلة لإدراك الصواب.
قال بعض العلماء أنها لا تشرع إلا لسبب، واحتجوا بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يفعلها إلا لسبب، فاتفق وقوعه وقت الضحى واستدلوا بعدة أحاديث منها:
ما رواه البخاري عن عبد الله بن أبى ليلى يقول: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلى الضحى غير أم هانىء، فإنها قالت إن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود.
قال المحتجون بهذا الحديث: وصلاته -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح ثمان ركعات ضحى إنما كانت من أجل الفتح، وأن سنة الفتح أن تصلى عنده ثمان ركعات، وكان الأمراء يسمونها صلاة الفتح، وذكر الطبري في تاريخه عن الشعبي قال: لما فتح خالد بن الوليد الحيرة صلى صلاة الفتح ثمان ركعات لم يسلم فيهن ثم انصرف. قالوا: وقول أم هانىء (وذلك ضحى) في بعض روايات الحديث تريد أن فعله لهذه الصلاة كان ضحى لا أن الضحى اسم تلك الصلاة.
ما رواه البخاري عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن شهد بدراً من الأنصار أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلى لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتى مسجدهم فأصلى بهم، ووددت يا رسول الله أن تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى. قال: فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سأفعل إن شاء الله» قال عتبان: فغدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال: «أين تحب أن أصلى من بيتك؟» قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت. فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكبر فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم.. الحديث.
قالوا: وصلاته في بيت عتبان كانت لسبب، فاختصر الحديث بعض الرواة عن عتبان، فقال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيتي سبحة الضحى، فقاموا وراءه فصلوا.
حديث عائشة -رضي الله عنها- عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة، هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلى الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه. [رواه مسلم]
قالوا فهذا من أبين الأمور أن صلاته لها إنما كانت لسبب.
لكن ما ذكره أصحاب هذا القول من أدلة لا تقوى على دفع الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضلها مطلقة غير مقيدة بسبب، والتي احتج بها جمهور العلماء، أما عن حديث عائشة -رضي الله عنها- فروى البخاري في صحيحه عن عروة عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبح سبحة الضحى وإني لأسبحها. وعند مسلم عنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلى الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله.
قال الشوكاني: وقد جمع هذه الروايات بأن قولها كان يصلى الضحى أربعاً لا يدل على المداومة بل على مجرد الوقوع على ما صرح به أهل التحقيق من أن ذلك مدلول (كان) كما تقدم وإن خالف في ذلك بعض أهل الأصول، ولا يستلزم هذا الإثبات أنها رأته يصلى بجواز أن تكون روت ذلك عن طريق غيرها وقولها (إلا أن يجيء من مغيبه) يفيد يقيد ذلك المطلق بوقت المجيء من السفر، وقولها: (ما رأيته يصلى سبحة الضحى) نقلاً للرؤية، ولا يستلزم أن لا يثبت لها ذلك بالرواية أو نقلا لما عدا الفعل المقيد بوقت القدوم من السفر.
وغاية الأمر أنها أخبرت عما بلغ إليه علمها، وغيرها من أكابر الصحابة أخبر بما يدل على المداومة وتأكد المشروعية، ومن علم حجة على من لم يعلم، لاسيما وذلك الوقت الذي تفعل فيه ليس من الأوقات التي تعتاد فيها الخلوة بالنساء (6).
وقال بعض العلماء أنها لا تستحب أصلاً، وذهبت هذه الطائفة إلى أحاديث الترك ورجحتها من جهة صحة إسنادها وعمل الصحابة بموجبها ومن هذه الأحاديث:
عن مورق قال: قلت لابن عمر -رضي الله عنه-ما أتصلى الضحى؟ قال: لا. قلت فعمر؟ قال: لا. قلت: فأبو بكر؟ قال: لا. قلت: فالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لا إخالة. [البخاري]
وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الضحى إلا يوما واحد [إسناده صحيح]
وعن عبد الرحمن بن أبى بكرة قال: رأى أبو بكرة ناساً يصلون الضحى، قال: إنكم لتصلون صلاة ما صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عامة أصحابه.
لكن الحافظ في الفتح قال مفندا هذا الاستدلال: وفي الجملة ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحــى لأن نفيـه محمول على عدم رويته لا على عدم الوقوع في نفس الأمر أو الذي نفاه سنة مخصوصة كما سيأتي نحوه في الكلام على حديث عائشة، قال عياض وغيرة: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد وصلاتها جماعة لا أنها مخالفة للسنة، ويؤيده ما رواه ابن أبى شيبه عن ابن مسعود أنه رأى قوماً يصلونها فأنكر عليهم، وقال: إن كان ولابد ففي بيوتكم.
وفي رأى آخر أنه يستحب فعلها تارة وتركها أخرى، وحجة هؤلاء هذه الطائفة من الآثار:
عن أبى سعيد -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلى الضحى حتى نقول لا يدعها ويدعها حتى نقول لا يصليها. [الترمذي] إلا أن هذا الحديث ضعيف لا يقوى على قيام الحجة به (7)
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس يصليها يوماً ويدعها عشرة أيام .. يعنى صلاة الضحى.
وعن ابن عمر أنه كان لا يصلى الضحى، فإذا أتى مسجد قباء صلى، وكان يأتيه كل سبت.
وعن منصور: كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوبة، ويصلون ويدعون .. يعنى صلاة الضحى.
وعن سعيد بن جبير قال: إني لأدع صلاة الضحى وأنا أشتهيها مخافة أن أراها حتماً علي.
وقال مسروق: كنا نقرأ في المسجد فنبقى بعد قيام ابن مسعود ثم نقوم فنصلى الضحى فبلغ ابن مسعود ذلك فقال: لم تحملون عباد الله ما لم يحملهم الله؟! إن كنتم لابد فاعلين ففي بيوتكم.
وكان أبو مجلز يصلى الضحى في منزله.
قال أصحاب هذا القول: وهذا أولى لئلا يتوهم متوهم وجوبها والمحافظة عليها أو كونها سنة راتبة، ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها-: (لو نشر لي أبواي ما تركتها). فإنها كانت تصليها في البيت حيث لا يرها الناس.
لكن كل هذه الآثار التي استدل بها هؤلاء لا تتعارض مع قول الجمهور في أنها سنة مستحبة من شاء ثوابها فليؤدها وإلا فلا تثريب عليه في تركها، والجمع بين هذه الآثار والأحاديث الصحيحة التي وردت في فضلها غير مستبعد، بل أولى ويؤكد قول الجمهور في أنها سنة.
أما آخر الأقوال فتقول أنها بدعة روى ذلك عن ابن عمر وإليه ذهب الهادي والقاسم وأبو طالب:
روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد عن ابن عمر قال: إنها محدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا. ومن وجه آخر عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله ابن عمر جالس إلى حجرة عائشة وإذا ناس يصلون الضحى فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة.
وروى ابن أبى شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى؟ فقال: بدعة، ونعمت البدعة.
وروى عبد الرازق في المصنف عن سالم عن أبيه عبد الله ابن عمر قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها (يعنى صلاة الضحى) وما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها (إسناده صحيح).
ولا مانع من أن نكرر رد الحافظ ابن حجر على أصحاب هذا القول حيث يقول في الفتح: وفي الجملة ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى لأن نفيه محمول على عدم رؤيته لا على الوقوع في نفس الأمر أو الذي نفاه سنة مخصوصة كما سيأتي نحوه في الكلام عن حديث عائشة. قال عياض وغيره: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد وصلاتها جماعة لا أنها مخالفة للسنة، ويؤيده ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم وقال: إن كان ولابد ففي بيوتكم.
بعد هذا العرض الموجز لأقوال العلماء يظهر لنا جلياً صحة ما ذهب إليه الجمهور وقوة دليلهم في ذلك. قال الشوكاني رحمه الله: ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة بإثباتها قد بلغت مبلغاً لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب، وقد جمع الحاكم الأحاديث في إثباتها في جزء منفرد عن نحو عشرين نفسا من الصحابة، وكذلك السيوطي صنف جزأ في الأحاديث الواردة في إثباتها، وروى فيه عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يصلونها منهم أبو سعيد الخدري، وقد روى ذلك عنه سعيد بن منصور وأحمد بن حنبل، وعائشة وقد روى ذلك عنها سعيد بن منصور وابن أبى شيبه، وأبو ذر وقد روى ذلك عنه ابن أبى شيبه، وعبد الله بن غالب وقد روى ذلك عنه أبو نعيم. وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه سئل هل كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلونها؟ فقال: نعم كان منهم من يصلى ركعتين، ومنهم من يصلى أربعا، ومنهم من يمد إلى نصف النهار. وأخرج سعيد بن منصور أيضاً في سننه عن ابن عباس أنه قال: طلبت صلاة الضحى في القرآن فوجدتها هاهنا {يسبحن بالعشي
والإشراق} وأخرج ابن أبى شيبة في المصنف والبيهقي في الإيمان من وجه آخر عن ابن عباس أنه قال: إن صلاة الضحى لفي القرآن، وما يغوص عليها إلا غواص، في قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عون العقيلي في قوله تعالى {إنه كان للأوابين غفوراً} قال: الذين يصلون صلاة الضحى.
وقتهــا

يبتدئ وقتها بارتفاع الشمس قدر رمح، وينتهي حين الزوال، ولكن المستحب أن تؤخر إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحر لما ثبت في الحديث عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهل قباء وهم يصلون الضحى فقال: (صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى) (8).
وعن عاصم بن ضمرة قال: سألنا علياً عن تطوع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهار؟ فقال: كان إذا صلى الفجر أمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا يعنى من المشرق مقدارها من صلاة العصر من هاهنا قبل المغرب قام فصلى ركعتين ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا يعنى من قبل المشرق مدارها من صلاة الظهر من هاهنا يعنى من قبل المغرب قام فصلى أربعا وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس وركعتين بعدها وأربعا قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين [رواة الخمسة إلا أبا داود].
وفيه دليل على استحباب أربع ركعات إذا زالت الشمس. قال العراقي: وهي غير الأربع التي هي سنة الظهر قبلها، وسماها بعض العلماء بالضحوة الكبرى، والأولى التي هي ركعتين عند ارتفاع الشمس قدر رمح بالضحوة الصغرى.
عدد ركعاتها

أقل ركعاتها اثنتان، وأكثر ما ثبت من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثماني ركعات، وأكثر مـا ثبــت من قوله اثنتا عشرة ركعة.
فعن أبى الدرداء -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعا كتب من العابدين، ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيا كتبه الله من القانتين، ومن صلى ثنتي عشرة ركعة بني الله له بيتا في الجنة، وما من يوم ولا ليلة إلا لله مَنُّ يمن به على عباده صدقه، وما منَّ الله على أحد من عباده أفضل من أن يلهمه ذكره) (9).
وذهب قوم منهم أبو جعفر الطبري وبه جزم الحليمي والروياني من الشافعية إلى أنه لا حدّ لأكثرها، وقال العراقي في شرح الترمذي: لم أرو عن أحد من الصحابة و التابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة وكذا قال السيوطي.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه سئل هل كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلونها؟ فقال نعم .. كان منهم من يصلى ركعتين، ومنهم من يصلى أربعا، ومنهم من يمد إلى نصف النهار.
وعن إبراهيم النخعي أن رجلاً سأل الأسود بن يزيد كم أصلى الضحى؟ قال: كما شئت.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلى الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله. [أحمد ومسلم].

الهوامش والمصادر:
1- صحيح الترغيب، المنذري، الألباني: 664
2- رواه أبو داود، صحيح الترغيب:671.
3- نيل الأوطار، الشوكاني جـ3-4 ص 62.
4- أحمد، صحيح الترغيب:666
5- أبو داود، حديث حسن، الترغيب:673
6- نيل الأوطار - ص 63، جـ3-4.
7- ضعيف المشكاة 1320 وضعيف الترمذي للألباني:72
8- رواه أحمد ومسلم (الأوابين) جمع أواب وهو الراجع إلى الله تعالى من آب إذا رجع (ورمضت) أي احترقت من حر الرمضاء وهي شدة الحر ولا يكون ذلك إلا عند ارتفاع الشمس و(الفصال) جمع فصيل وهو ولد الناقة.
9- حديث حسن رواة الطبراني في الكبير (الترغيب برقم 674).

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com