إن تعجب فعجب لزمرة من أمة الإسلام غايتهم الدينار والدرهم ، فلهما يغضبون ولهما يرضون ، وبهما يفرحون ولأجلهما يسخطون ، قد صاروا عبيداً لهما ، وهم مع ذلك يرون عرى الإسلام تنحل ، وأعداء الملة قد استطالوا علينا ، وأهل الباطل والضلال يعيثون في أرض الإسلام فسادا ، فلا يحرك ذلك لهم ساكنا وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد ، المهم في هذه الدنيا أن تسلم جيوبهم وتنتفخ بطونهم.
ويحضرني في هذا المعنى قول الإمام ابن عقيل الحنبلي :
من عجيب ما نقدت من أحوال الناس
كثرة ما ناحوا على خراب الديار
وموت الأقارب والأسلاف
والتحسر على الأرزاق بذم الزمان وأهله
وذكر نكد العيش فيه
وقد رأوا من انهدام الإسلام
وشعث الأديان
وموت السنن
وظهور البدع
وارتكاب المعاصي
وتقص في الفارغ الذي لا يجدي
والقبيح الذي يوبق ويؤذي
فلا أجد منهم من ناح على دينه
ولا بكى على فارط عمره
ولا تأسى على فائت دهره
وما أرى لذلك سببا إلا قلة مبالاتهم بالأديان
وعظم الدنيا في عيونهم
ضد ما كان عليه السلف الصالح
يرضون بالبلاغ
وينوحون على الدين.
الآداب الشرعية لابن مفلح