قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى : " فرفقاء المتخلف البطالون اكثر من ان يحصوا فله اسوة بهم ولن ينفعه هذا التاسي يوم الحسرة شيئا كما قال تعالى :{ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } (الزخرف : 39 ) .
فقطع الله سبحانه انتفاعهم بتاسي بعضهم ببعض في العذاب فان مصائب الدنيا اذا عمت صارت مسلاة وتأسي بعض المصابين ببعض كما قالت الخنساء :
ولولا كثرة الباكين حولي ... على اخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل اخي ولكن ... اسلي النفس عنه بالتاسي .
فهذا الروح الحاصل من التاسي معدوم بين المشتركين في العذاب يوم القيامة " ( 1) .
وقال في الداء والدواء ( ص147) : " ولما كان المصاب إذا شاركه غيره في مصيبة حصل بالتأسي نوع تخفيف وتسلية أخبر الله سبحانه أن هذا غير موجود وغير حاصل في حق المشتركين في العذاب وأن القرين لا يجد راحة ولا أدنى فرح بعذاب قرينه معه وإن كانت المصائب في الدنيا إذا عمت صارت مسلاة كما قالت الخنساء فى أخيها صخر :
ولولا كثرة الباكين حولى ... على إخوانهم لقتلت نفسى
وما يبكون مثل أخى ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
ألا يا صخر لا أنساك حتى ... أفارق عيشتي وورود رمسي
فمنع الله سبحانه هذا القدر من الراحة على أهل النار فقال :{ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } ".
-----------------------
( 1) الرسالة التبوكية (ص 191) .