تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

  1. #1

    افتراضي يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟


    قال الإمام مسلم في صحيحه رقم (2540) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو: " أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ، أَتَى عَلَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ .

    فَقَالُوا : وَاللهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا .

    قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
    أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟

    فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: « يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ» فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟ قَالُوا: لَا ؛ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخِي " .

    قال النووي رحمه الله تعالى قوله : " أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها ... " .
    ضبطوه بوجهين : أحدهما بالقصر وفتح الخاء ، والثاني بالمد وكسرها ، وكلاهما صحيح ، وهذا الإتيان لأبي سفيان كان وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية .
    وفي هذا فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء وفيه مراعاة قلوب الضعفاء وأهل الدين وإكرامهم وملاطفتهم .

    قوله : "
    يا إخوتاه أغضبتكم ؟ قالوا : لا ، يغفر الله لك يا أخي " أما قولهم : ( يا أخي ) فضبطوه بضم الهمزة على التصغير ، وهو تصغير تحبيب . وترقيق وملاطفة .
    وفي بعض النسخ بفتحها . قال القاضي : قد روي عن أبي بكر أنه نهى عن مثل هذه الصيغة ، وقال : قل : عافاك الله ، رحمك الله ، لا تزد . أي لا تقل قبل الدعاء لا ، فتصير صورته صورة نفي الدعاء . قال بعضهم : قل : لا ، ويغفر لك الله .

    قال الشيخ حسين العوايشة حفظه الله تعالى : " لقد عظم الله من شأن عباده المؤمنين المتقين إنه ليرضى سبحانه لرضاهم ويغضب لغضبهم ذلك لأنهم يمشون على نور من الله _ تعالى _ وهؤلاء ربما ارتدوا الملابس الزهيدة إن غابوا لم يسأل عنهم وإن حضروا لم يؤبه لحضورهم .

    تأمل _ رحمك الله _ كيف كان يوجِّه رسول الله الأمة من خلال خليفة المسلمين الراشد الأول فيقول له : " يا أبا بكر ! لعلك أغضبتهم " لقد كان _ عليه الصلاة والسلام _ حريصاً ألا يغضب أصحابه _ رضي الله عنهم _ وإنَّ غضبهم ليغضبه ويحزنه ويؤلمه .

    وهكذا ينبغي لكل مسلم أن يخشى غضب إخوانه ويسعى لكسب رضاهم وودهم في ظلِّ مرضاة الله _ عز وجل _ .


    إنه لا سبيل لمرضاة الله _تعالى _ بتجاهل المؤمنين الطائعين .

    إن ادّعاء حب الله _ تعالى _ والحرص على رضاه دعاوى لا تصدق إلا بتِّباع الكتاب والسنة وحبِّ الطائعين المؤمنين .

    فاحذر إذن أن تغضب إخوانك المتقين فيمسك غضب الله _ تعالى _ .

    زِن قولك وفعلك وسلوكك معهم وحذارِ حذارِ من الزيغ والضلال ( 1).


    اسأل الله أن يرزقنا حباً والفةً فيما بيننا كما كانت بين الصحابة رضي الله عنهم أي مشاعر يحملون بل أي قلوب يملكون ؟!

    __________________

    (1 ) " المظهرية الجوفاء " ( ص 48 _ 49 ) .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  2. #2

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    الحمدلله وبعد:

    حقيقة كلام مؤثر, غير ان في واقع الحياة الصديق الصدوق والاخ الذي هو كنفس الانسان المراعي لاخوته المناصر لهم المحسن الظن شبه معدوم!!

    وفي الاخير الناس في هذا الزمن حساسين زيادة عن اللزوم ومافي جلد ابداً.
    والميزان هو ان تحب لله وتبغض في لله.

    وشكراً لكم.

    إني اصاحب حلمي وهو بي كرم
    ولا اصاحب حلمي وهو بي جبن


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    الدولة
    SPAIN
    المشاركات
    6

    Lightbulb رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله أخي على هذه المشاركة القيمة والتي تظهر لنا بجلاء حب النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته ، وعدم رضاه عن إغضابهم ، لأن في إغضابهم إغضاب للرب سبحانه وتعالى ، وفي هذا الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد على من يبغض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل ويزعم أنه يتقرب إلى الله تعالى ببغضهم وكرهمم ولعنهم على المنابر وفي المجاميع .
    ولئن كان ورد في صحيح البخاري برقم 3388 : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لَا فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.
    إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الأدب الرفيع ، كيف لا وهو معلم البشرية ، فيتواضع لهؤلاء النفر من الصحابة ، وفي هذا الحديث لطيفة خفية وهي أن النبي غضب لصاحبه أبي بكر لما كان عمر بن الخطاب رضي الله عن الجميع هو المتسبب ، وسأل أبا بكر رضي الله عنه هل أغضب هؤلاء النفر الثلاثة من مهاجري الصحابة مواساة لهم ، وحقا إنه لتصرف نبيل جميل ، يعجز عن إتيانه من يلي أمور المسلمين أو يرعى شؤونهم .
    وقد ورد في كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمؤلفه أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى : 855هـ) عند إيراد هذا الحديث للشرح ما نصه ؟
    وفي هذا الحديث فوائد الدلالة على فضل أبي بكر على جميع الصحابة وليس ينبغي للفاضل أن يغاضب من هو أفضل منه وجواز مدح الرجل في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان ، والاغترار وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ( الأعراف 201 ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ في الفضل الغاية فليس بمعصوم وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله ألا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم . إنتهى . والله الموفق للصواب وهو الهادي إلى أقوم الطرق وأرشد السبل .

  4. #4

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدبوزي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وليس ينبغي للفاضل أن يغاضب من هو أفضل منه وجواز مدح الرجل في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان ، والاغترار وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ( الأعراف 201 ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ في الفضل الغاية فليس بمعصوم وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله ألا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم . إنتهى . والله الموفق للصواب وهو الهادي إلى أقوم الطرق وأرشد السبل .

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    حقاً كلام كليم راق لي
    خصوصا في ما يخص حين قلت
    وليس ينبغي للفاضل أن يغاضب من هو أفضل منه
    شكراً لكم.

    إني اصاحب حلمي وهو بي كرم
    ولا اصاحب حلمي وهو بي جبن


  5. #5

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المَاسَّةُ قُرطبة مشاهدة المشاركة
    الحمدلله وبعد:

    حقيقة كلام مؤثر, غير ان في واقع الحياة الصديق الصدوق والاخ الذي هو كنفس الانسان المراعي لاخوته المناصر لهم المحسن الظن شبه معدوم!!

    وفي الاخير الناس في هذا الزمن حساسين زيادة عن اللزوم ومافي جلد ابداً.
    والميزان هو ان تحب لله وتبغض في لله.

    وشكراً لكم.

    جزاكم الله خيراً .
    شكرا للمتابعة .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  6. #6

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدبوزي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله أخي على هذه المشاركة القيمة والتي تظهر لنا بجلاء حب النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته ، وعدم رضاه عن إغضابهم ، لأن في إغضابهم إغضاب للرب سبحانه وتعالى ، وفي هذا الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد على من يبغض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل ويزعم أنه يتقرب إلى الله تعالى ببغضهم وكرهمم ولعنهم على المنابر وفي المجاميع .
    ولئن كان ورد في صحيح البخاري برقم 3388 : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لَا فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.
    إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الأدب الرفيع ، كيف لا وهو معلم البشرية ، فيتواضع لهؤلاء النفر من الصحابة ، وفي هذا الحديث لطيفة خفية وهي أن النبي غضب لصاحبه أبي بكر لما كان عمر بن الخطاب رضي الله عن الجميع هو المتسبب ، وسأل أبا بكر رضي الله عنه هل أغضب هؤلاء النفر الثلاثة من مهاجري الصحابة مواساة لهم ، وحقا إنه لتصرف نبيل جميل ، يعجز عن إتيانه من يلي أمور المسلمين أو يرعى شؤونهم .
    وقد ورد في كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمؤلفه أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى : 855هـ) عند إيراد هذا الحديث للشرح ما نصه ؟
    وفي هذا الحديث فوائد الدلالة على فضل أبي بكر على جميع الصحابة وليس ينبغي للفاضل أن يغاضب من هو أفضل منه وجواز مدح الرجل في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان ، والاغترار وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ( الأعراف 201 ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ في الفضل الغاية فليس بمعصوم وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله ألا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم . إنتهى . والله الموفق للصواب وهو الهادي إلى أقوم الطرق وأرشد السبل .
    وعليكم السلام رحمة الله وبركاته ومغفرته .
    جزاك الله خيراً على التعليق والمرور الكريم .
    أثريت الموضوع بوركتم أخي الحبيب .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  7. #7

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    قيل لا ينبغي للعاقل أن يستخف بثلاثة أقوام : السلطان والعلماء والإخوان:

    فإن من استخف بالسلطان أفسد عليه عيشه .

    ومن استخف بالعلماء أفسد عليه دينه .

    ومن استخف بالإخوان أفسد عليه مروءته .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  8. #8

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    الصحبة والأخوة ومعاشرة الخلق ونحو ذلك:
    قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : في " مختصر منهاج القاصدين " (ص 124) .
    اعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق، والتفرق ثمرة سوء الخلق، لأن حسن الخلق يوجب التحابب والتوافق، وسوء الخلق يثمر التباغض والتدابر، ولا يخفى ما فى حسن الخلق من الفضل، والأحاديث دالة على ذلك .
    فقد روى من حديث أبى الدرداء رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : "
    ما من شىء أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن " رواه الترمذى وصححه .
    وفى حديث آخر : "
    إن أحبكم إلى وأقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلىَّ وأبعدكم منى مجلساً يوم القيامة مساويكم أخلاقاً " .
    وسئل النبى صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنه ؟
    فقال : "
    تقوى اللَّه وحسن الخلق " .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  9. #9

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    بورك في الطرح الرائع القيم ولابد في هذا المقام ان نقول ان رأس سنام الخلق والتخلق الحسن هو الانصاف والعدل فهي أسمى الاحاسيس بالإمانة والوفاء.

    شكرالله لكم طرحكم الراقي ومتابعين معاكم بإذن الله.
    إني اصاحب حلمي وهو بي كرم
    ولا اصاحب حلمي وهو بي جبن


  10. #10

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المَاسَّةُ قُرطبة مشاهدة المشاركة
    بورك في الطرح الرائع القيم ولابد في هذا المقام ان نقول ان رأس سنام الخلق والتخلق الحسن هو الانصاف والعدل فهي أسمى الاحاسيس بالإمانة والوفاء.

    شكرالله لكم طرحكم الراقي ومتابعين معاكم بإذن الله.
    بوركتم أختي وجزاكِ الله خيراً .
    قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى : ( فصل )
    في بيان ما على الإنسان لأخيه من الحقوق :
    *
    الحق الأول : قضاء الحاجات والقيام بها، وذلك درجات : أدناها : القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، لكن مع البشاشة والاستبشار .
    وأوسطها : القيام بالحوائج من غير سؤال .
    وأعلاها : تقديم حوائجه على حوائج النفس .
    وقد كان بعض السلف
    يتفقد عيال أخيه بعد موته أربعين سنة فيقضى حوائجهم .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  11. #11

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    * الحق الثانى :

    على اللسان بالسكوت تارة، وبالنطق أخرى .

    أما السكوت، فهو أن يسكت عن ذكر عيوبه فى حضوره وغيبته، وعن الرد عليه ومماراته ومناقشته وعن السؤال عما يكره ظهوره من أحواله .

    ولا يسأله إذا لقيه : إلى أين ؟ فربما لا يريد إعلامه بذلك، وأن يكتم سره ولو بعد القطيعة، ولا يقدح فى أحبابه وأهله، ولا يبلغه قدح غيره فيه .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  12. #12

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    *الحق الثالث :
    وينبغى أن يسكت عن كل ما يكرهه إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهى عن منكر ولم يجد رخصة فى السكوت فإن مواجهته بذلك إحسان إليه فى المعنى .
    واعلم : أنك إن طلبت منزهاً عن كل عيب لم تجد، ومن غلبت محاسنه على مساويه فهو الغاية .

    وقال ابن المبارك : المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات .


    وقال الفضيل : الفتوة : الصفح عن زلات الإخوان .

    وينبغى أن تترك إساءة الظن بأخيك، وأن تحمل فعله على الحسن مهما أمكن، وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم : " وإياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " .

    واعلم : أن سوء الظن يدعو إلى التجسس المنهى عنه، وأن ستر العيوب والتغافل عنها سيمة أهل الدين .

    واعلم : أنه لا يكمل إيمان المرء حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأقل درجات الأخوة أن يعامل أخاه بما يحب أن يعامله به، ولا شك أنك تنتظر من أخيك أن يستر عورتك، وأن يسكت عن مساويك، فلو ظهر لك منه ضد ذلك اشتد عليك فكيف تنتظر منه مالا تعزم عليه له ؟

    ومتى التمست من الأنصاف مالا تسمح به دخلت فى قول الله تعالى : { الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون* وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } [ سورة المطففين : 2-3 ] .

    منشأ التقصير فى ستر العورة والمغري بكشفها الحقدوالحسد .


    واعلم : أن من أشد الأسباب لإثارة الحقد والحسد بين الإخوان المماراة، ولا يبعث عليها إلا إظهار التميز بزيادة الفضل والعقل واحتقار المردود عليه، ومن مارى اخاه، فقد نسبه إلى الجهل والحمق، أو إلى الغفلة والسهو عن فهم الشىء على ما هو عليه . وكل ذلك استحقار، وهو يوغر الصدر ويوجب المعادة، وهو ضد الأخوة .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  13. #13

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    الحق الرابع :
    على اللسان بالنطق، فإن الأخوة كما تقتضى السكوت عن المكروه، تقتضى النطق بالمحبوب بل هو أخص بالأخوة لأن من قنع بالسكوت صحب أهل القبور وإنما يراد الإخوان ليستفاد منهم لا ليتخلص منهم، لأن السكوت معناه كف الأذى، فعليه أن يتودد إليه بلسانه، ويتفقده فى أحواله، ويسأل عما عرض له، ويظهر شغل قلبه بسببه، ويبدى السرور بما يسر به .
    وفى الصحيح من رواية الترمذى : " إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه " .
    ومن ذلك أن يدعوه بأحب أسمائه إليه، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ثلاث يصفين لك ود أخيك : تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له فى المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليك .

    ومن ذلك أن يثنى عليه بما يعرفه من محاسن أحواله عند من يؤثر الثناء عنده، وكذلك الثناء على أولاده وأهله وأفعاله، حتى فى خلقه وعقله وهيئته وخطه وتصنيفه وجميع ما يفرح به من غير إفراط ولا كذب .

    وكذلك أن تشكره على صنيعه فى حقك، وأن تذب عنه فى غيبته إذا قصد بسوء، فحق الأخوة التشمير فى الحماية والنصرة .

    وفى الحديث الصحيح : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، ومتى أهمل الذب عن عرضه يكون قد أسلمه، ولك فى ذلك معياران :

    أحدهما : أن تقدر أن الذى قيل فيه، قد قيل فيك وهو حاضر، فتقول ما تحب أن يقوله .

    الثانى : أن تقدر أنه حاضر وراء جدار يتسمع عليك، فما تحرك فى قلبك من نصرته فى حضوره ينبغى أن يتحرك فى غيبته .

    ومن لم يكن مخلصاً فى إخائه فهو منافق .

    ومن ذلك التعليم والنصيحة، فليس حاجة أخيك إلى العلم بأقل من حاجته إلى المال، وإذا كنت غنياً بالعلم فواسه وأرشده .

    وينبغى أن يكون نصحك إياه سراً، والفرق بين التوضيح والنصيحة الإعلان والإسرار، كما أن الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الأعضاء، فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى فيه إصلاح أخيك بالإعضاء، فأنت مدار، وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن .

    ومن ذلك : العفو عن الزلات، فإن كانت زلته فى دينه فتلطف فى نصحه مهما أمكن، ولا تترك زجره ووعظه، فإن أبى فالمصارحة .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  14. #14

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    الحق الخامس :
    الدعاء للأخ فى حياته وبعد موته بكل ما تدعو به لنفسك .
    وفى أفراد مسلم من حديث أبى الدرداء، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال : "
    دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين، ولك بمثل " .
    وكان أبو الدرداء رضى الله عنه يدعو لخلق كثير من إخوانه يسميهم بأسمائهم .
    وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يدعو فى السحر لستة نفر .
    وأما الدعاء بعد الموت، فقال عمرو بن حريث : إذا دعا العبد لأخيه الميت، أتى بها ملك قبره، فقال : يا صاحب القبر الغريب، هذه هدية من أخ عليك شفيق .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  15. #15

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    * الحق السادس :
    الوفاء والإخلاص، ومعنى الوفاء : الثبات على الحب إلى الموت، وبعد موت الأخ مع أولاده وأصدقائه، وقد أكرم النبى صلى الله عليه وآله وسلم عجوزاً وقال : " إنها كانت تغشانا فى أيام خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان " .
    ومن الوفاء أن لا يتغير على أخيه فى التواضع وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه .

    واعلم : أن ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الدين، فقد كان الشافعى رحمه الله آخى محمد بن عبد الحكم، وكان يقربه ويقبل عليه، فلما احتضر قيل له : إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله ؟ فاستشرف له محمد بن عبد الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه فقال : إلى أبى يعقوب البويطى، فانكسر لها محمد، ومع أن محمدا كان قد حمل مذهبه، لكن البويطى كان أقرب إلى الزهد والورع، فنصح الشافعى رحمه الله المسلمين وترك المداهنة، فانقلب ابن الحكم عن مذهبه، وصار من أصحاب مالك .

    ومن الوفاء أن لا يسمع بلاغات الناس على صديقه، ولا يصادق عدو صديقه .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  16. #16

    افتراضي رد: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ ؟

    * الحق السابع :

    التخفيف وترك التكليف وذلك أن لا يكلف أخاه ما يشق عليه بل يروح سره عن مهماته وحاجاته، ولا يستمد من جاهه ولا ماله، ولا يكلفه التفقد لأحواله والقيام بحقوقه والتواضع له، ويكون قصده بمحبته الله وحده، والتبرك بدعائه، والاستئناس بلقائه، والاستعانة على دينه، والتقرب إلى الله تعالى بالقيام بحقوقه، وتمام التخفيف طى بساط الاحتشام حتى لا يستحى منه فيما لا يستحى فيه من نفسه .

    قال جعفر بن محمد : أثقل إخوانى على من يتكلف لى وأتحفظ منه، وأخفهم على قلبى من أكون معه كما أكون وحدى .

    وقال بعض الحكماء : من سقطت كلفته دامت ألفته، ومن تمام هذا الأمر أن ترى الفضل من أكون معهم منزلة الخادم .



    مختصر منهاج القاصدين (ص 128 _ ص132 ) ط دار الفيحاء .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •