السلام عليكم
كما نعلم و الحمد لله إن الله سبحانه و تعالى خلق العباد و إفعالهم و قدّر ذلك و قضاه بعلمه و حكمته و مشيئته منذ الازل و الادلة على ذلك متظافرة في الكتاب و السنة .
فكل ما يبدُر من الانسان مؤمن او كافر من خير او شر فهو بتقدير الله و بسابق تيسيره و مشيئته. مثلا لو أردا احدٌ ما فعل ما و قد فعله , فهذا الفعل عَلِمَ به اللهُ سبحانه و قدّرَهُ منذ الازل و قضى سبحانه أن يقع بهذه اللحظة و بهذا المكان بمشيئته فيسر لهذا العبد و ألقى المشيئة و القدرة به ليفعل هذا الفعل سواء كان خير أو شر.
ما يقوله البعض و نسأل الله لهم الهداية و التوفيق , إنه لو فعل احدنا فعل منكر (سيئ) فلا ذنب و لا اثم عليه لأن هذا الصنيع خرج من إرادة و مشيئة الله و علمه و تقديره , كما يقال لأحدٍ إمسك الجمر و لا تبالي! فكيف يستقيم ذلك ؟!
فنجيبه بعد توفيق الله و تسديده , إن الانسان لو نوى أن يفعل فعل منكر, و هو متردد من أن يفعله او لا ( تراوده نفسه ) و حصل و إن فعله. فسيقول إن اللهَ قد أرادني أن أفعل ذلك. و الحق إنه ليس له حجة بذلك , لأنه قبل أن يقع بهذا الفعل المنكر لا يعلم إن اللهَ قدّر له ذلك إلا بعد حصوله ! فكيف يحتج بما لا يعلم به ؟! أي إنه علمَ بذلك بعد أن ارتكب المعصية فعندما يلام على فعل المنكر ليس له أن يحتج بأن يقول ما ذنبي أنا ؟؟ فإن الله هو من قدّر و يسر و شاء أن تبدُر مني المعصية, فنسأله كيف علمت بذلك ؟ أي متى ؟ هل قبل أم بعد المعصية ؟ فإن قال قبل المعصية فهذا كفر لأنه علمٌ بالغيب , و إن قال لا , بعد المعصية فنقول له فكان الخيار لك أن لا تفعلها !! فكيف تحتج ببرائتك ؟!
فلذلك مادام الانسان لا يعلم بحاله هل سيعمل المعصية أم لا و إن شاء هو و قدّر لها إلا بعد وقوعها , فلا حجة له بإن لا ذنب له لأنها حصلت بمشيئة الله . فتكون له حجة إذا كان يعلم إنه سيفعلها يقينا من عند الله كإخباره له , و كإن الله سبحانه يقول له إفعل كذا. فإن الانسان مهما شاء و قدّر و يسر لحاله أن يفعل المعصية , فهو له الخيار بإن لا يفعل و لا حجة له بمشيئة الله عليه لأنه لا يعلم بحصول مشيئة الله لذلك الفعل (المعصية) إلا بعد حصوله و ليس قبله.