تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    270

    افتراضي محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر لكن في الأخير عزمت وتوكلت على الله فلن نعدم عظة وفائدة من بوح سطره الدمع قبل القلم.
    إنها قصة واقعية حدثت بالفعل ،قصة ليست بالغريبة ولا بالعجيبة إنما هي من قصص الواقع المعيش،لعلنا نستخلص منها العبر.
    تقول صاحبة القصة :


    "استيقظت ذلك اليوم بصدر منقبض ودمع يهمي ولا يكاد ينقطع ،واشتد الأمر مساء فذهبت أبحث في القرآن عن منيتي ،قلت أرقي نفسي ففي القرآن شفاء للنفوس العليلة ،لكنني وجدت مني ثقلا ففضلت الاستماع إلى الرقية الشرعية بصوت أحد المشايخ .وماإن وضعت السماعة على أذني حتى كثر التثاؤب وغططت في نوم عميق افتقدته من مدة.
    استيقظت فجرا فصليت وأتيت بأذكار الصباح ثم هيأت الفطور لأطفالي وتوجهت صوب الدوام .
    وفقني الله إلى دعاء الخروج و دعاء الركوب ؛ وطول طريقي كان لساني يلهج بعبارات التهليل ،حتى إذا ما قاربت مكان عملي ولم يبق عليه سوى بضع أمتار ،إذ بسيارة أجرة لم تحترم الأسبقية تدهس سيارتي التي لا تبلغ من العمر سوى عشرين يوما .ومن أثر الاصطدام تصعد السيارة فوق الرصيف لتصطدم في الأخير بشجرة فتحيلها إلى حطام .
    كل من شهد الحادثة جزم بأن السائق قد مات أو أنه –في أحسن الأحوال-في حالة خطيرة ،لكن شاء الله ألا تمس مني شعرة :خرجت -بفضل ومن وجود ربي الكريم - سالمة غانمة بإذن الله..سالمة ،فقد كان المصاب في المال فقط أما أنا فلله الحمد لم أصب ولو بجرح ..غانمة بالأجر الذي أحتسبه عند ربي وبالثبات الذي حباني به مولاي سبحانه فلم أجزع ولم أتسخط ولم أقل إلا ما يرضي الله ولم تنبس شفتاي إلا بالحمد والشكر والاسترجاع.
    كانت الجموع فزعة من هول ما رأت ؛وتوافدت زميلاتي .كانت منهن المولولة ومنهن الصارخة ومنهن الباكية لكن الله حباني قوة يقين فكنت من تواسيهن وتطمئنهن وتأمرهن ألا يجزعن.
    يسر الله الأمر كله ،فعلى غير العادة ،قدمت سيارة الشرطة وسيارة الإسعاف وسيارة الخدمات في دقائق معدودة.وسخر الله لي من عبيده من تولى الإشراف على كل الإجراءات فكنت أتقلب بين نعمة الابتلاء ونعمة اللطف في القضاء.
    كان من المفترض أن أنقل في سيارة الإسعاف لكنني أبيت لما أعلم من حفظ الله لي من جهة ؛ولما خفت على نفسي من تكشف في المستشفيات الحكومية من جهة أخرى فقررت عدم الذهاب معهم .
    وكان من المفترض أن أتابع السائق قضائيا ليكون مصيره السجن؛لأنه خرق القانون بالسرعة المفرطة وعدم احترام الأسبقية وفوق هذا وذاك فقد كان يسوق من غير رخصة سياقة وقد تحايل على الشرطة بتغيير السائق ،لكنني تظاهرت بعدم ملاحظة ذلك فقد خمنت أن تكون له زوجة وأطفال يعولهم ينتظرون عودته ؛أو أما قد ينفطر قلبها من حبسه ؛وتذكرت السجون وما تحويه من بلايا قد يدخل إليها بسبب مخالفة قانون السير فيخرج منها مجرما بين الإجرام ؛فأبيت إلا السماح ودعوت الله له أن تكون آخر مرة يخالف فيها القانون ويعتدي على الناس.
    كان من حولي منشغلين بتقييم ثمن السيارة؛ فقد كان يظهر عليها أنها مازالت جديدة وبجرد فداحة الخسائر.. وكنت حينها منشغلة بأمر واحد :تفقد قلبي ..أينه من كل ما حدث ..لم أطمئن حتى علمت أنه مستسلم لأمر الله ،راض بقضائه فرح بالاصطفاء لهذا البلاء مستبشربتوفيق وعون الله على الثبات.


    كم مرة تعرضت من قبل إلى الابتلاءات :من فقدان وهجر الخلان والتعرض من الأحبة للخذلان ..من أمراض و عمليات جراحية منها الاستئصالية ..لكن هذه المرة كان للبلاء طعم آخر. ربما لأن العمليات الجراحية يسبقها تهيء وسابق استعداد نفسي،في حين أن الحادثة لا يمكن التنبؤ بوقوعها وبالتالي الاستعداد لها .أو ربما أن للنضج وتقدم السن دورا في استيعاب الأمور ومعرفة التعامل معها بعد توفيق الله ..أو ربما لما كان لي من سابق علم بتيسير شراء هذه السيارة بالخصوص ،فإذا بي أفقدها بسرعة كما امتلكتها بسرعة..
    قالوا : عين ،فقلت : ما أصابني لم يكن ليخطئني ولوأن الأمة اجتمعوا على أن يضروني بشيء لم يضروني إلا بشيء قد كتبه الله علي .(1)
    قالوا : المؤمن مصاب وإذا أحب الله عبدا ابتلاه ،فقلت : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}
    قالوا : فقدتها بنفس السرعة التي امتلكتها بها ،فقلت : اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ،لله ما أعطى وله ما أخذ.الحمد لله أنني فقدتها و لم أفقد قلبي وديني.
    قالوا : تابعيه قضائيا ليسجن ؛قومي عليه المحامين واستعيني بالأطباء للحصول على شواهد تكسبين من ورائها تعويضا ماديا لما حل بك،فقلت :أبالبهتان والافتراء وشهادة الزور وإشهادها؟ سيجعل الله لي من أمري مخرجا وسيرزقني من حيث لا أحتسب وسيعوضني حلالا طيبا هنيئا مريئا.
    كم كانت فرحتي عارمة وأنا أرى التفاف الأهل والأصدقاء؛ وأتلقى عبارات المحبة والمواساة والتعاطف وتقديم يد المساعدة من كل من حولي.وتذكرت حينها حكمة الشارع من الحث على تنفيس كرب المكروبين (2)والذهاب في حاجة المحتاجين..ولكم حزنت على أولئك الذين جمعني بهم يوما آصرة دم أو عكف على قرآن أو علم نتعلمه ؛فضنوا بمحض سؤال أو مواساة وأبوا إلا التشفي والشماتة.
    واجهت نفسي بحقائق لربما تناسيتها في زحمة الحياة وسرعة تظافر الأحداث من حولي ..لم تصف الدنيا يوما لأحد ولم تعاهد أحدا على عدم التقلب فكيف أريدها أن تصفو لي؟
    رأيت في تلك اللحظات زيفها وبهوتها وتذكرت أن كل شيء إلى زوال وأفول ،وعلمت أنني قد مُنحت فرصة أخرى أحاسب فيها نفسي وأعاهد فيها ربي-إن صدقت- على التوبة والأوبة.
    تذكرت ديونا كانت علي فقررت إرجاعها في أول فرصة ؛وكذلك كان .
    وتذكرت تسويفا قد أغرقني في بحر الأماني ؛وذنوبا قد كبلتني ومظالم أرهقتني فسألت الله أن يجعل مصابي تكفيرا لها وأن يثبت قلبي على دينه وألا يؤاخذني بتقصيري وأن يرحم ضعفي وألا يجعل مصيبتي في ديني .





    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ
    (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا غلام ! إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك ، جفت الأقلام ورفعت الصحف."
    الراوي: عبدالله بن عباس و أبو سعيد الخدري و عبدالله بن جعفر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7957
    خلاصة حكم المحدث: صحيح


    (2)" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة . ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (الحديث)"
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2699
    خلاصة حكم المحدث: صحيح

  2. #2

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    لا تعليق، عجز اللسان قبل القلم ما شاء الله لا قوة إلا بالله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    كم مرة تعرضت من قبل إلى الابتلاءات :من فقدان وهجر الخلان والتعرض من الأحبة للخذلان ..من أمراض و عمليات جراحية منها الاستئصالية ..لكن هذه المرة كان للبلاء طعم آخر. ربما لأن العمليات الجراحية يسبقها تهيء وسابق استعداد نفسي،في حين أن الحادثة لا يمكن التنبؤ بوقوعها وبالتالي الاستعداد لها .أو ربما أن للنضج وتقدم السن دورا في استيعاب الأمور ومعرفة التعامل معها بعد توفيق الله ..
    صدقت أمة الستير تلك من أسباب اختلاف وقع البلاء سبحان الملك

    حمدا لله على سلامة صاحبتنا نسأل الله أن يثبتها و إيانا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إمين

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    270

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعد المراكشي مشاهدة المشاركة
    لا تعليق، عجز اللسان قبل القلم ما شاء الله لا قوة إلا بالله
    شكر الله لكم مروركم وردكم.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    270

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم هانئ مشاهدة المشاركة
    صدقت أمة الستير تلك من أسباب اختلاف وقع البلاء سبحان الملك

    حمدا لله على سلامة صاحبتنا نسأل الله أن يثبتها و إيانا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إمين
    جزاك الله خير الجزاء على مرورك وطيب دعائك.

  6. #6
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    وكان من المفترض أن أتابع السائق قضائيا ليكون مصيره السجن؛لأنه خرق القانون بالسرعة المفرطة وعدم احترام الأسبقية وفوق هذا وذاك فقد كان يسوق من غير رخصة سياقة وقد تحايل على الشرطة بتغيير السائق ،لكنني تظاهرت بعدم ملاحظة ذلك فقد خمنت أن تكون له زوجة وأطفال يعولهم ينتظرون عودته ؛أو أما قد ينفطر قلبها من حبسه ؛وتذكرت السجون وما تحويه من بلايا قد يدخل إليها بسبب مخالفة قانون السير فيخرج منها مجرما بين الإجرام ؛فأبيت إلا السماح ودعوت الله له أن تكون آخر مرة يخالف فيها القانون ويعتدي على الناس.
    لفتة كريمة وليست الأولى مما نستفيد منك بارك الله فيك

    حمدا لله على سلامتك ونسأل الله عز وجل أن يفرج كربك ويأجرك في مصيبتك ويخلف لك خيرا منها

    ولا تحزني لما لقيت ممن جفاك فإنهم مساكين محرومين
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    270

    افتراضي رد: محنة أم منحة؟؟؟(قصة حقيقية)

    اللهم آمين .
    صدقت أخية فالمحروم من جاءه الأجر بين يديه لكنه تولى عنه وأدبر.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •