تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

  1. #1

    افتراضي الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه.
    وبعد فهذه كلمات يسيرات لعل غالب أخواني قد قرأها من قبل أحببت أن أنزلها لعلها تحدث شوقاً في قلوبنا للتوحيد الذي لا أقول نسيناه لكن لعل الكثير منا أنشغل بفتنة العصر فضعف انشغاله بالتوحيد قراءةً ودعوةً وتعليماً قرأتها في مراجعتي لكتاب فتح المجيد ولا يخفى على معاشر السلفيين ما لهذا الكتاب من أهمية ومكانة في قلوب أهل هذه الدعوة المباركة.


    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "أخرج البخاري في صحيحه بسنده " عن قتادة قال : حدثنا أنس بن مالك" أن النبي صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه على الرحل ـ قال : يا معاذ ، قال : لبيك يا رسول الله وسعديك قال: يا معاذ قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: يا معاذ قال : لبيك يا رسول الله وسعديك - ثلاثا - ق
    ال :ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله تعالى على النار قال:يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكلوا ، فأخبر بها معاذ عند موته تأثما" .
    وساق بسند آخر : " حدثنا معتمر قال : سمعت أبي ، قال : سمعت أنسا قال : ذكر لي أن النبي  قال لمعاذ بن جبل:"
    من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة قال: ألا أبشر الناس ؟ قال :لا إني أخاف أن يتكلوا".
    قلت : فتبين بهذا السياق معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأنها تتضمن ترك الشرك لمن قالها بصدق ويقين وإخلاص .
    قال شيخ الإسلام وغيره : في هذا الحديث ونحوه أنها فيمن قالها ومات عليها ، كما جاءت مقيدة بقوله :"خا
    لصا من قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين".
    فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله تعالى جملة ، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا ، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه
    :" يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة وما يزن خردلة ، وما يزن ذرة "
    وتواترت بأن كثيرا ممن يقول لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها ، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم ، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله ، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال : لا إله إلا الله ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ولكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدا أو عادة ، ولم تخالط حلاوة الإيمان بشاشة قلبه وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء ، كما في الحديث "
    سمعت الناس يقولون شيئا فقلته".
    وغالب أعمال هؤلاء إنما هي تقليد واقتداء بأمثالهم ، وهم من أقرب الناس من قوله تعالى : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } ( الزخرف ـ 23 ) .
    وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث ، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرا على ذنب أصلا فإن كان كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء ، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ، ولا كراهة لما أمر الله . وهذا هو الذي يحرم على النار وإن كانت له ذنوب قبل ذلك فإن هذا الإيمان وهذا الإخلاص وهذه التوبة وهذه المحبة وهذا اليقين ، لا تترك له ذنبا إلا محي عنه كما يمحو الليل النهار.
    فإذا قالها على وجه الكمال المانع من الشرك الأكبر والأصغر فهذا غير مصر على ذنب أصلا ، فيغفر له ويحرم على النار وإن قالها على وجه خلص به من الشرك الأكبر دون الأصغر ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك ، فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات فيرجح بها ميزان الحسنات كما في حديث البطاقة فيحرم على النار.
    ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه ، وهذا بخلاف من رجحت سيئاته بحسناته ومات مصرا على ذلك ، فإنه يستوجب النار وإن قال لا إله إلا الله وخلص بها من الشرك الأكبر لكنه لم يمت على ذلك ، بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة توحيده ، فإنه في حال قولها كان مخلصا لكنه أتى بذنوب أوهنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضعفته وقويت نار الذنوب حتى أحرقت ذلك بخلاف المخلص المستيقن فإن حسناته لا تكون إلا راجحة على سيئاته ولا يكون مصرا على سيئات ، فإن مات على ذلك دخل الجنة.
    وإنما يخاف على المخلص أن يأتي بسيئة راجحة فيضعف إيمانه فلا يقولها بإخلاص ويقين مانع من جميع السيئات ويخشى عليه من الشرك الأكبر والأصغر ، فإن سلم من الأكبر بقي معه من الأصغر ، فيضيف إلى ذلك سيئات تنضم إلى هذا الشرك فيرجح جانب السيئات فإن السيئات تضعف الإيمان واليقين فيضعف
    قول:" لا إله إلا الله " فيمتنع الإخلاص بالقلب ، فيصير المتكلم بها كالهاذي أو النائم ، أو من يحسن صوته بآية من القرآن من غير ذوق طعم وحلاوة ، فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصدق واليقين بل يأتون بعدها بسيئات تنقض ذلك بل يقولونها من غير يقين وصدق ويموتون على ذلك ، ولهم سيئات كثيرة تمنعهم من دخول الجنة.
    فإذا كثرت الذنوب ثقل على اللسان قولها وقسا القلب عن قولها ، وكره العمل الصالح وثقل عليه سماع القرآن واستبشر بذكر غير الله ، واطمأن إلى الباطل ، واستحلى الرفث ، ومخالطة أهل الغفلة ، وكره مخالطة أهل الحق فمثل هذا إذا قالها قال بلسانه ما ليس في قلبه ، وبفيه ما لا يصدقه عمله.
    قال الحسن:" ليس
    الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال . فمن قال خيرا وعمل خيرا قبل منه ومن قال خيرا وعمل شرا لم يقبل منه ".
    وقال بكر بن عبد الله المزني : "
    ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه".
    فمن قال : لا إله إلا الله ولم يقم بموجبها بل اكتسب مع ذلك ذنوبا ، وكان صادقا في قولها موقنا بها ، لكن له ذنوب أضعفت صدقه ويقينه ،وانضاف إلى ذلك الشرك الأصغر العملي فرجحت هذه السيئات على هذه الحسنة ومات مصرا على الذنوب بخلاف من يقولها بيقين وصدق فإنه إما أن لا يكون مصرا على سيئة أصلا ويكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته والذين يدخلون النار ممن يقولها: إما أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التام المنافيين للسيئات أو لرجحانها أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم ، ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم ، ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدق ويقين تام لأن الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم ، فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السيئات فترجح سيئاتهم على حسناتهم . انتهى ملخصا.

    (ينظر فتح المجيد ص76_79) .

  2. #2

    افتراضي رد: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    قال الحافظ ابن رجب:"وقالت طائفة من العلماء المراد من هذه الأحاديث أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع وهذا قول الحسن ووهب ابن منبه وهو الأظهر"
    (كلمة الإخلاص وتحقيق معناها ص223) ضمن الجامع المنتخب من رسائل ابن رجب.
    وقال رحمه الله تعالى:" من جاء مع التوحيد بقراب الأرض خطايا لقيه الله بقرابها مغفرة"
    ثم قال:"فإن كمل توحيد العبد وإخلاصه لله تعالى فيه وقام بشروطه بقلبه ولسانه وجوارحه أو بقلبه ولسانه عند الموت أعقب ذلك مغفرة ما قد سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية .
    فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله : محبة وتعظيما ، وإجلالا ومهابة وخشية وتوكلا وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ، وإن كانت مثل زبد البحر
    .
    ( المصدر السابق )

  3. #3

    افتراضي رد: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    وقال العلامة ابن القيم:-رحمه الله تعالى- في معنى الحديث : ويعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك .
    فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بالله شيئا ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده .
    فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض فالنجاسة عارضة والدافع لها قوي فلا تثبت معه، ولكن نجاسة الزنا واللواط أغلظ من غيرهما من النجاسات، من جهة أنها تفسد القلب، وتضعف توحيده جدا، ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركاً فكلما كان الشرك فى العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر، وكلما كان أعظم إخلاصا كان منها أبعد، كما قال تعالى عنيوسف الصديق عليه السلام.{كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخْلَصِينَ}[يوسف: 24]".
    (إغاثة اللهفان ج1/ص132) ط دار ابن الجوزي تخريج العلامة الألباني وتحقيق شيخنا علي الحلبي.

    قال ابن رجب رحمه الله تعالى:" ((قول لا إله إلا الله)) تقتضي أن لا يحب سواه فان الآلة هو الذي يطاع فلا يعصي محبة وخوفا ورجاء ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه فمن أحب شيئا مما يكرهه الله أو كره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول لا إله إلا الله وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما يحبه الله وما أحبه مما يكرهه الله قال الله تعالى (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)"
    قال الليث عن مجاهد في قوله (لا يشركون بي شيئا) قال لا يحبون غيري.
    ( كلمة الإخلاص ص231)
    وقال أيضا:" إخواني إذا فهمتم هذا المعنى فهمتم معنى قوله صلى الله عليه و سلم:" من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه حرمه الله على النار" فأما من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقله صدقه في قولها فان هذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها.
    من صدق في قول: لا إله إلا الله لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم أحدا إلا إيّاه ولم يخش أحداً إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه ومع هذا فلا تظنوا أن المحب مطالب بالعصمة وإنما هو مطالب كلما زل أن يتلافى تلك الوصمة .
    قال زيد بن أسلم:" إن الله ليحب العبد حتى يبلغ من حبه له أن يقول اذهب فاعمل ما شئت فقد غفرت لك" وقال الشعبي:" إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب"
    وتفسير هذا الكلام أن الله عز و جل له عناية بمن يحبه فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة ييسر له التوبة وينبهه على قبح الزلة فيفزع إلى الإعتذار ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.
    وفي بعض الآثار يقول الله تعالى أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أويسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب"
    (كلمة الإخلاص ص239)
    ثم قال رحمه الله تعالى: في خاتمة رسالته البديعة " إخواني اجتهدوا اليوم في تحقيق فانه لا يوصل إلى الله سواه واحرصوا على القيام بحقوقه التوحيد فانه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه.
    ما نطق الناطقون إذ نطقوا ... أحسن من لا إله إلا هو
    تبارك الله ذو الجلال ومن ... أشهد أن لا إله إلا هو
    من لذنوبي ومن يمحصها ... غيرك يا من لا إله إلا هو
    جنان خلد لمن يوحده ... أشهد أن لا إله إلا هو
    نيرانه لا تحرق من ... يشهد أن لا إله إلا هو
    أقولها مخلصا بلا بخل ... أشهد أن لا إله إلا هو

  4. #4

    افتراضي رد: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "قوله: " أدخله الله الجنة " إدخال الجنة ينقسم إلى قسمين:
    الأول: إدخال كامل لم يسبق بعذاب لمن أتمّ العمل.

    الثاني: إدخال ناقص مسبوق بعذاب لمن نقص العمل.
    فالمؤمن إذا غلبت سيئاته حسناته إن شاء الله عذّبه بقدر عمله، وإن شاء لم يعذّبه، قال الله تعالى: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
    [النساء: 116].
    القول المفيدعلى كتاب التوحيد(ج1/ص76) ط ابن الجوزي.
    وقال الشيخ العثيمين: قوله: " لا تشرك بي شيئاً" جملة "لا تشرك" في موضع نصب على الحال في التاء، أي: لقيتني في حال لا تشرك بي شيئاً.
    قوله: "شيئاً" نكرة في سياق النفي تفيد العموم؛ أي: لا شركاً أصغر ولا أكبر.
    وهذا قيد عظيم قد يتهاون به الإنسان، ويقول: أنا غير مشرك وهو لا يدري؛ فحب المال مثلاً بحيث يلهي عن طاعة الله من الإشراك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة...." الحديث.
    فسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان هذا همه سماه: عبداً له.
    قوله: "لأتيتك بقرابها مغفرة"، أي: أن حسنة التوحيد عظيمة تكفر الخطايا الكبيرة إذا لقي الله وهو لا يشرك به شيئاً، والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه.

    (القول المفيد ج1/ص84) .

  5. #5

    افتراضي رد: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:" قوله من قال: (لا إله إلا الله) المراد بالقول هنا : القول الذي معه تمام الشروط كقول النبي صلى الله عليه وسلم : « الحج عرفة » يعني إذا أتى ببقية الأركان والواجبات ، فيكون معنى قوله هنا:" من قال : لا إله إلا الله" يعني باجتماع شروطها ، وبالإتيان بلازمها.
    (التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص34) .
    وقال حفظه الله تعالى:" فهذا الحديث فيه دلالة على أن أهل الفضل ، والرفعة في الدين ، والإخلاص والتوحيد ، قد ينبهون على شيء من مسائل بالتوحيد ؛ فهذا موسى - عليه السلام - وهو أحد أولي العزم من الرسل ، وهو كليم الله -جل وعلا - أراد شيئا يختص به غير ما عند الناس ، وأعظم ما يختص به أولياء الله ، وأنبياؤه ورسله ، وأولو العزم منهم هو كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) فأراد شيئا أخص من ذلك ، فأعلم أنه لا أخص من كلمته التوحيد ، فهي أفضل شيء ، وهي التي دُلّ عليها أولو العزم من الرسل ومن دونهم من الناس .
    (التمهيد لشرح كتاب التوحيد35) .

  6. #6

    افتراضي رد: الذنوب والمعاصي تؤثر على التوحيد والإخلاص بل تضعفهما!

    قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:
    التوحيد ألطف شيء وأنزهه أنظفه وأصفاه ، فأدنى شيء يخدشه ويدنسه ويؤثر فيه ، فهو كأبيض ثوب يكون يؤثر فيه أدنى أثر ، وكالمرآة الصافية جدا أدنى شيء يؤثر فيها .
    ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية . فإن بادر صاحبه وقلع ذلك الأثر بضده ، وإلا استحكم وصار طبعا يتعسر عليه قلعه .
    وهذه الآثار و الطبوع التي تحصل فيه : منها ما يكون سريع الحصول سريع الزوال ، ومنها ما يكون سريع الحصول بطيء الزوال ، ومنها ما يكون بطيء الحصول سريع الزوال ، ومنها ما يكون بطيء الحصول بطيء الزوال .
    ولكن من الناس من يكون توحيده كبيرا عظيما ، ينغمر فيه كثير من تلك الآثار ، ويستحيل فيه بمنزلة الماء الكثير الذي يخالطه أدنى نجاسة أو وسخ فيغتر به صاحب التوحيد الذي هو دونه ، فيخلط توحيده الضعيف بما خلط به صاحب التوحيد العظيم الكثير توحيده ، فيظهر من تأثيره فيه ما لم يظهر في التوحيد الكثير
    .
    وأيضا فإن المحل الصافي جدا يظهر لصاحبه مما يدنسه ما لا يظهر في المحل الذي لم يبلغ في الصفاء مبلغه فيتدراكه بالإزالة دون هذا فإنه لا يشعر به .
    وأيضا فإن قوة الإيمان والتوحيد إذا كانت قوية جدا أحالت المواد الرديئة وقهرتها بخلاف القوة الضعيفة .
    وأيضا فإن صاحب المحاسن الكثيرة والغامرة للسيئات ليسامح بما لا يسامح به من أتى مثل تلك السيئات وليست له مثل تلك المحاسن ، كما قيل :
    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد * * * جاءت محاسنه بألف شفيع

    (ينظر فوائد الفوائد ص38_39 بترتيب شيخنا علي الحلبي حفظه الله تعالى) .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •