فضائل يومي عرفة والنحر




الشيخ عبدالله محمد الطوالة


الحمدُ للهِ الذي أنزلَ برحمته آياتِ الكتابِ، وأجرى بعظمته شتاتَ السحابِ، وهزمَ بقوته جموعُ الأحزابِ، ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد:41]..
وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، الكريمُ التواب، العظيم الوهّاب، ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:269]..
وأشهد أن محمدًّا عبدهُ ورسولُه الْمُنيبُ الأواهُ الأوّاب.. صلَّى اللهُ وسلّمَ وبارك عليهِ، وعـلى جميـعِ الآلِ والأهـلِ والأصـحـابِ، وعلى التابعين وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يوم المآبِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا... أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وَأَطِيعُوهُ، واذكروه كما هداكم واشكروهُ، وسبحوه وهلِّلوه وكبروه؛ واعلموا أنكم لا زلتم في أَعْظَمُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، فتَزَوَّدُوا فِيهَا فالله جلَّ وعلا يقول: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:197]..
معاشر المؤمنين الكرام: على كثرة فَضَائِل هَذِهِ الْأَيَّامِ المباركة، وأنَّ العمل الصالحَ فيها أحبُّ إلى الله من العمل في غيرها، إلا أنَّ لبعضها خصائصَ ومميزاتٍ، لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا من سائر العشرِ المباركات، كَيَوْمِ النَّحْرِ ويَوْمِ عَرَفَات.. فيومُ عرفةَ هو يومُ الدعاء والمناجاة، ويومُ النَّحرِ هو يومُ التكبير وذبحِ الأضحيات، ولذا سيكونُ لنا اليومَ - بإذن الله تعالى - وقفةٌ خاصةٌ مع هاذين اليومين العظيمين، لعلنا أن نعرفَ شيئًا من عظيم قَدْرِهما، وكبيرِ فضلِهما، فنشمرَ عن ساعد الجدِ والاجتهاد، ونستفيدّ منهما قدر ما نستطيع، والموفقُ من وفقه الله وهداه...
أمَّا يومِ عرفةَ أيُّها الموفقون: فأعظمُ الأيامِ بركة، فهو يومُ الهباتِ والأعطيات، ويومُ استجابةِ الدعوات، وخيرُ يومٍ طلعت فيه الشمس على الكائنات.. يَوْمٌ عزيزٌ كريم، مِنْ أَيَّامِ اللهِ الغرِّ المعظمات، يَوْمُ المفاخرةِ والمُبَاهَاةِ.. في الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة وَالسَلامَ: «إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا».. إنه يومُ العتقِ والفوزِ والنجاة.. ففي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ»، قال شُرَّاح الحديث: وَالظَّاهِرُ من النَّص أَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ خَاصًّا بِأَهْلِ عَرَفَةَ وحدهم، وَإِنَّمَا هُوَ عَامٌّ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى لهم أَكْثَرَ مما يُرجى لغَيْرِهِمْ لأن الله يُباهي بهم، وكرمُ الله أشملُ وأعظمُ، وعطاؤه أوسعُ وأعم، يَسَعُ أَهْلَ المَوْقف وَغَيْرَهُمْ، فَلَا يَحْرِمَنَّ عَبْدٌ نَفْسَهُ فضلَ اللهِ العظيمِ فِي هذا الْيَوْمِ الْمشهود.
وحيث أنّ مدار الأعمالِ على النية، فإن كلَّ من اشتاقَ للحجِّ ولم يستطع، فهو بإذن اللهِ وفضلهِ شريكٌ للحجاج في أجورهم، في الحديث الصحيح: "من همّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله لهُ حسنةً كاملة"، ومَن سَأَلَ اللَّهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ علَى فِراشِهِ.
وَمن خصائص يوم عرفة: أنه يَوْمُ إِذلالِ الشَّيْطَانِ وَاندِحارِهِ وصغاره، فِي الحَدِيثِ الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ.. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ"، اللهم فزده ذلةٍ وصغارًا، وغيظًا وحقارًا، والعنه لعنًا كُبارًا.
وَمن خصائص يوم عرفةَ: أنه هو اليوم الذي أكملَ اللهُ به الدين، وأتمَّ به النعمة.. صيامهُ يكفرُ ذنوبَ سنتين، ودعاؤه خيرُ الدعاء.. فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ"، وفي التنزيل الحكيم، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ [الفرقان:77].. وفي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاء".. بل إنّ اللهَ جلَّ وعلا من كرمه وعظيمِ فضله على عباده، أمرَ عِبادِهُ أن يَسأَلوه، وأن يَطلُبوا مِنه كلَّ حوائجِهم، ووعدَهم بالإجابة، فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر:60].. وأخبرهم سبحانه وبحمده أنه قريبٌ يسمعُ ندائهم، كريمٌ يجيبُ دعائهم، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186].
وأكدَ عليه الصلاة والسلام أنَّ ثمرةَ الدعاءِ مضمونةٌ بإذن الله، ففي الحديث الصحيح، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ".
ثم اعلموا يا عباد الله أنَّ للدعاء آدبًا ينبغي للمسلم أن يأتيَ بها ليكونَ دُعائهُ أقربَ للاستجابة... فمن آدابِ الدعاءِ أن يكونَ الداعي على طهارةٍ، وأن يستقبلَ القبلةَ، وأن يرفعَ يديهِ حالَ الدعاء.. وأن يتحرى الكسبَ الحلال، وأن يدعو بجوامع الدعاء، ومن آدابِ الدعاءِ: حُسنُ الظنِّ باللهِ تعالى، وحُضورُ القلبِ، والخشوعُ والانكسار، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ".. والحديث حسنه الألباني، ومن الآدابِ: الإلحاحُ في الدعاءِ رغبةً ورهبةً، فقد كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا... ومن آدابِ الدعاءِ، التوسلُ إلى الله جلَّ وعلا بأسمائه الحسنى وصفاتهِ العلا، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف:180].. ومن آدابِ الدعاءِ، أن لا يستعجلَ الإجابة، ولا يستبطئها إذا تأخرت، بل يكرر المسألةَ ويستمرُ عليها، فمن أكثرَ قرعَ البابِ يُوشِكُ أن يُفتحَ له... ومن الآداب، أن يختمَ دُعائهُ بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد قال أمير المؤمنين الفاروق ¢: "الدُّعَاءُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَىْءٌ حَتَّى تُصلى عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم".. فإذا اجتهد المسلمُ والتزمَ بهذه الآدابِ فإنَّ دعاءهُ بإذن الله لا يُردُّ.
وإذا كان الشأن كذلك، فحريٌّ بالمسلم أن يتفرغَ لهذا اليوم العظيم من كلِّ مشاغِله، وأن يُظْهِرَ للهِ فَقْرَهُ وحاجته، وأن ينطرحَ بين يدي ربه، ويتعرضَ لمغفرتهِ ورحماته، وأن يُقَدِّمُ بَيْنَ يدي دُعائهِ تَوْبةً صادقة، وإخلاصًا لله وإخباتًا، وتذللًا وانكسارًا، وثناءً جميلًا على ربه.. ويَتَحَبَّبَ إلى مولاهُ بخالصِ الدعاءِ وصادق المناجاة.. يرفعُ إليه أكفَّ الضراعة، ويبثهُ شكواه، ويُنزِلُ به حوائجهُ وكلُّ ما يتمناه، لدنياه وآخراه، فربنا عظيمٌ كريمٌ جوادٌ مُتفضِّل، خزائنهُ ملئا، ويدهُ بالخير سحَّا، ولا يتعاظمهُ ما أعطى، سبحانهُ وتعالى ينفقُ كيف يشاء.. ويغفرُ الذنوبَ وإن بلغت عنانَ السماء، فليحسن المسلمُ بربه الظنّ والرجاء، فهو عند ظنِّ عبدهِ به، فليظنَّ به ما شاء... وَاغْتَنِمُوا يا عباد الله مَوَاسِمَ الخَيْرَات، وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ الدعاء والمناجاة، وَسَارِعُوا إلى المَغْفِرَةٍ والرحمة والجنات.. ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف:56]..
أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين...
معاشرَ المؤمنينَ الكِرام: من حكمة اللهِ جلّ وعلا أن يختمَ مواسم الطاعاتِ بأفضل ما فيها، فيوم النحر أو يومُ الحجِّ الأكبر، كما جاء في الحديث الصحيح، هو أفضلُ الأيامِ عند اللهِ تعالى، وأفضلُ ما يُعملُ فيه من الأعمال التكبير والنَّحرُ، والتكبير عبادةٌ عظيمةٌ تَكرَّر الأمرُ بها في كتاب الله، فقال جلَّ وعلا: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة:185]، وقالَ تَعالى: ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء:111]، وقال تعالى: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر:3]..
فالتكبيرُ يا عباد الله: ذكرٌ جليل، يُعلِنُ فيهِ المسلمُ عَظمَةَ اللهِ وجلالَهُ، ويُذعِنُ لمَشيئَتِه وكِبرَيائِهِ، فهو الكبيرُ الذي لا أكبرَ مِنهُ، والعَظِيمُ الذي لا أَعظَمَ مِنهُ، والعليُّ الذي لا أعلى منه.. ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد:9]..
يقولُ الإمام ابن حجرٍ رحمه الله: "التكبيرُ ذكرٌ مأثورٌ عند كل أمرٍ مهُول، وعند كل حادثِ سُرور، شُكرًا لله تعالى، وتبرئةً له عزَّ وجل عن كلِّ ما يُنسبُ إليه من نقصٍ أو قصور، تعالى الله عما يقولُ الظالِمون علوًّا كبيرًا"...
التكبيرُ شِعارُ المُسلمين في أذانِهم، وفي صَلواتِهم، وفي أعيادِهم، وفي جهادهم ومَعارِكهم، وفي كُلِّ كبيٍر من أمورهم وشؤونهم.. فاللهُ أكبرُ على ما هَدانَا، واللهُ أكبرُ على ما أولانَا، واللهُ أكبرُ على من ظَلمنَا وعادَنَا..
التكبير: ذكرٌ جميلٌ جَليل، خَفيفٌ على اللسان، ثَقيلٌ في الميزان، يطردُ الشيطانَ، ويزيدُ الإيمانَ، ويرضي الرحمن..
الله أكبر: يرددها المُسلم في يومه وليلته أكثرَ من سَبعِين مرةً، ويَسمعُها من الإمامِ والمُؤذِّنِ أكثرَ مِن مَائةِ مَرَّةٍ..
الله أكبر: يقولها المسلم في كلِّ حركةٍ من صلاته، وإذا ركبَ دابتهُ أو سيارته، الله أكبر: يصطحِبُها المسافرُ في سفره وتنَقُلاتهِ، استِشعارًا لمعيَّةِ اللهِ تعالى وعظمَتِهِ، وتفكُّرًا في روِعةِ الكون وعظيمِ قدرةِ الخالقِ سبحانه وجليلِ حكمته..
اللهُ أكبرُ: مَالِكُ الأملاك، واللهُ أكبر: مُدبِّرُ الأفلاك، والله أكبر: أكبرُ من كلِّ ما ترى عيناك..
فليكثر المسلم من التكبير، فهو من أحبُّ الكلام إلى الله، ومن الأربعِ الباقِياتُ الصالِحاتُ، بتكراره تنشرحُ الصدور، وتأنسُ النفوسُ وتطمئنُّ، ﴿ إلا بذكر الله تطمئنُ القلوب ﴾ [الرعد:28]..
أما الأضحية فمِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَجَلِّهَا، وأحبها إلى الله تعالى، في الحديث الصحيح، قَالَ أنسٌ ¢: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ».. وَينبغي للمضحي أن يختار لأضحيته الأَطْيَبَ وَالأَسْمَنَ؛ لِقَوْلِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ».. وعليه أن يتجنبَ كلَّ ما بها عيبٌ واضح، فإنها لا تجزئ، كالعوراء والعرجاء والهزيلة والمريضة، وكذلك مقطوعة القرن والأذن..
فاتقوا الله أيُّها المؤمنون وطيبوا نفسًا بأضاحيكم، وأكثروا في ختام عشركم من الدعاء والمناجاة، ورطِّبوُا ألْسِنَتَكُمْ بالذِّكرِ والتَّكبير.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الأسراء:111]..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت...