يتبع ماسبق
أدلة الرأي الثالث(4)
وهم القائلون بأن العين الموقوفة تنتقل إلى ملك الموقوف عليه إن كان الموقوف عليه معينا.
وأصحاب هذا القول كما سبق قالوا : إن خبر «حبّس الأصل وسبل الثمرة» المراد به أن يكون محبوساً لا يباع ولا يوهب ولا يورث. وينتقل الملك عندهم في الوقف إلى الله تعالى إن كان الوقف على مسجد ونحوه ، وينتقل الملك في العين الموقوفة إلى الموقوف عليه إن كان آدمياً معيناً.
ويستدلون لذلك بقولهم
بأن الوقف سبب يزيل التصرف في الرقبة فمَلَكه المنتقل إليه كالهبة(1) .
كما قالوا لو أننا قلنا بأن الموقوف عليه لا يملك إلا المنفعة المجردة فقط دون ملكيته للعين الموقوفة لما كان لازما لأنه يشبه العارية حينئذ(2) .
وقد نوقش هذا الرأي
بأنه لا يصح القياس هنا ؛ لأن بين الوقف والهبة والعارية فروقا معلومة.
الرأي الراجح في المسألة
وبعد النظر والتأمل في أدلة الأقوال في هذه المسألة ، فالذي يظهر ــ والله تعالى أعلم ــ هو رجحان القول الأول وهو أن الوقف ينتقل إلى ملك الله تعالى لقوة أدلته ، والعمدة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمر : " ..إن شئت حبّست أصلها , غير أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث "(3)، ولأن الموقوف عليه لا يملك التصرف فيها ولا تورث عنه كسائر ماله فدل على أنها ليست ملكاً له ، كما أن مقتضى الوقف أنه لا يورث عن الواقف ما وقفه ؛ لأنه لازم .
والموقوف عليه يملك منفعته لا أصله ؛ لما سبق ذكره .
هذا ما تيسر الوقوف عليه في المسألة ، والحمد لله رب العالمين
-----------------------
(1) انظر في ذلك المغني 6/211 ، كشاف القناع 4/255 ، الكافي 2/250
(2) المغني 6/211
(3) أخرجه البخاري في صحيحه 10/153 برقم 2772 ، ومسلم في صحيحه 5/73 برقم 4311