تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأشياء التي مسها الله تعالى بيده

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2020
    المشاركات
    36

    افتراضي الأشياء التي مسها الله تعالى بيده

    ورد أن الله تعالى لم يمس إلا ثلاثة أشياء بيده؛ خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده.

    وفي أثر آخر عن ابن عمر ذكر تلك الثلاث وزاد عليها العرش.

    ما الصحيح في المسألة؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,941

    افتراضي رد: الأشياء التي مسها الله تعالى بيده

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء عمر مشاهدة المشاركة
    ورد أن الله تعالى لم يمس إلا ثلاثة أشياء بيده؛ خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده.

    وفي أثر آخر عن ابن عمر ذكر تلك الثلاث وزاد عليها العرش.

    ما الصحيح في المسألة؟
    خص الله أشياء معينة بأنه خلقها أو عملها بـ " يده " سبحانه وتعالى دون سائر المخلوقات ،
    وهذه الأمور هي :
    أولاً : خلق آدم .
    دليل ذلك قوله عز وجل : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75 .
    ثانياً : غرس جنة عدن بيده سبحانه .
    دليله ما ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ : غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) رواه مسلم برقم (312) .
    ثالثاً : كتب الألواح لموسى عليه السلام بيده .
    دليله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ ! أَنْتَ أَبُونَا ، خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ .
    فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى ، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً .
    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى .
    وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَابْنِ عَبْدَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا : خَطَّ ، وقَالَ الْآخَرُ : كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ )
    رواه مسلم برقم (2652) .
    رابعاً : القلم
    دليله أثر مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله موقوفا عليه – وهو الأثر الوارد في السؤال - قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) رواه الطبري في "جامع البيان" (20/145) ، والدارمي في "نقضه على المريسي" (ص/261) ، وأبو الشيخ الأصفهاني في "العظمة" (2/579) ، والآجري في "الشريعة" (رقم/750) ، والحاكم في "المستدرك" (2/349) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/126) .
    جميعهم من طرق عن عُبيد المُكْتِب عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما به .
    وهذا إسناد صحيح ، عبيد هو ابن مهران المكتب الكوفي وثقه النسائي وابن معين ، انظر "تهذيب التهذيب" (7/68) .
    لذلك قال الحاكم بعد إخراجه للأثر : " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " انتهى . ووافقه الذهبي .
    وجاء نحوه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن ميسرة ووردان بن خالد وغيرهم من التابعين .
    انظر "الدر المنثور" للسيوطي (3/549) (7/207) ، فقد جمع كثيراً من هذه الآثار المتعلقة بالموضوع نفسه .
    وقد تلقى أهل السنة هذا الأثر بالقبول وأوردوه في مصنفاتهم ، وردوا به على الجهمية في إنكارهم صفة اليد لله سبحانه .
    قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله ، بعد روايته للأثر : " أفلا ترى أيها المريسي كيف ميز ابن عمر وفرق بين آدم وسائر الخلق في خلقه اليد أفأنت أعلم من ابن عمر بتأويل القرآن وقد شهد التنزيل وعاين التأويل وكان بلغات العرب غير جهول " .
    "نقض الدارمي على بشر المريسي" (35) .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ثبوت ما أثبته الدليل من هذه الصفات لم يوجب حاجة الرب إليها ، فإن الله سبحانه قادر أن يخلق ما يخلقه بيديه وقادر أن يخلق ما يخلقه بغير يديه وقد وردت الأثارة من العلم بأنه خلق بعض الأشياء بيديه وخلق بعض الأشياء بغير يديه .... ، ثم نقل رحمه الله – أي : شيخ الإسلام - أثر الدارمي " انتهى .
    "بيان تلبيس الجهمية" (1/513) الاسلام سؤال وجواب
    .************
    وفي أثر آخر عن ابن عمر ذكر تلك الثلاث وزاد عليها العرش.
    قال ابن حجر فى نزهة النظر
    (وَزِيَادَةُ راويهمَا)
    أي:الصَّحِيحِ، والحَسَنِ.
    (مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أوثَقُ)
    رِوَايةً، (مَنْ هُوَ أوثَقُ) ممَّن لمْ يَذْكُرْ تلكَ الزِّيادةَ؛ لأنَّ الزّيادةَ:
    - إمَّا أنْ تكونَ لا تَنَافِيَ بَيْنَها وبَيْنَ روايةِ مَن لمْ يذكُرْها؛
    فهَذِهِ تُقْبَلُ مُطْلَقًا؛ لأنَّها في حُكْمِ الحَدِيثِ المستقِلِّ الذي ينفرِدُ به الثِّقَةُ ولا يَرْوِيه عَن شيخِهِ غيرُه.
    - وإمَّا أنْ تكونَ مُنَافِيَةً بحيثُ يَلْزَمُ من قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوايةِ الأُخرى؛
    فهَذِهِ التي يقعُ التَّرجيحُ بَيْنَها وبَيْنَ مُعارِضِهَا، فَيُقْبَلُ الرَّاجحُ وَيُرَدُّ المَرْجُوحُ.
    وَاشْتُهِرَ عَن جمْعٍ من العُلماءِ القولُ بقَبُولِ الزِّيادةِ مُطْلَقًا من غيرِ تَفْصِيلٍ،
    ولا يَتَأَتَّى ذَلِكَ على طريقِ المُحَدِّثِينَ الذين يشترِطونَ في الصَّحِيحِ أن لا يكونَ شَاذًّا، ثم يُفَسِّرونَ الشُّذوذَ: بمُخالَفَةِ الثِّقةِ مَنْ هُوَ أوثَقُ منه، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ أَغْفَلَ ذَلِكَ منهم مع اعْتِرَافِهِ باشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الشُّذوذِ في حدِّ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وكذا الحَسَنُ، والْمَنْقُولُ عَن أَئِمَّةِ الحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِي نَ، كعبْدِ الرَّحمنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، ويَحْيَى القَطَّانِ، وأحمدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ويَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، والْبُخَارِيِّ، وأَبِي زُرْعَةَ، وأَبِي حَاتِمٍ، والنَّسَائِيِّ، والدَّارَقُطْنِ يِّ وغيرِهِم- اعْتِبَارُ التَّرجِيحِ فيما يتعلَّقُ بالزِّيادَةِ وغيرِها، ولا يُعرَفُ عَن أحدٍ منهم إِطْلاَقُ قَبُولِ الزِّيادةِ.
    وَأَعْجَبُ من ذَلِكَ إطلاقُ كثيرٍ من الشَّافِعيَّةِ القولَ بِقَبُولِ زِيَادَةِ الثِّقَةِ، مع أنَّ نَصَّ الشَّافعيِّ يدلُّ على غيْرِ ذَلِكَ؛ فإنَّه قال في أثناءِ كَلاَمِهِ على ما يُعْتَبَرُ به حالُ الرَّاوي في الضَبْطِ ما نَصُّهُ: (ويكونُ إذا أشْركَ أَحَدًا من الْحُفَّاظِ لم يُخَالِفْهُ، فإنْ خالَفَهُ فَوُجِدَ حَدِيثُهُ أَنْقَصَ كان في ذَلِكَ دليلٌ على صِحَّةِ مَخْرَجِ حَدِيثِهِ، وَمَتَى خَالَفَ ما وَصَفْتُ أَضَرَّ ذَلِكَ بحَدِيثِه) انْتَهَى كَلامُهُ.
    وَمُقْتَضَاهُ أنَّه إذا خَالَفَ فَوَجَدَ حَدِيثَهُ أَزْيَدَ أَضَرَّ ذَلِكَ بحَدِيثِه؛ فدَلَّ على أنَّ زِيَادَةَ العَدْلِ عندَه لا يَلْزَمُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ مِنَ الْحَافِظِ فإنَّه اعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ هَذَا الْمُخَالِفِ أَنْقَصَ من حَدِيثِ مَن خَالَفَهُ من الْحُفَّاظِ، وَجَعَلَ نُقْصَانَ هَذَا الرَّاوي من الحَدِيثِ دليلاً على صِحَّتِه؛ لأنَّه يدلُّ على تَحَرِّيهِ، وَجَعَلَ مَا عَدَا ذَلِكَ مُضِرًّا بحَدِيثِه؛ فَدَخَلَتْ فيه الزِّيَادَةُ، فلوْ كانت عندَه مَقْبُولَةً مُطْلَقًا لم تكنْ مُضِرَّةً بحَدِيثِ صاحِبِهَا، واللهُ أعلمُ.
    (فَإِنْ خُولِفَ)
    -أي: الرَّاوي- (بِأَرْجَحَ) منه لِمَزِيدِ ضَبْطٍ، أو كَثْرَةِ عَدَدٍ، أو غيرِ ذَلِكَ من وُجوهِ التَّرْجِيحَاتِ ؛ (فَالرَّاجِحُ) يُقالُ له: (الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ) وهو المَرْجُوحُ يُقالُ لَهُ: (الشَّاذُّ).
    مِثَالُ ذَلِكَ:ما رواه التِّرْمِذِيُّ، والنَّسَائِيُّ، وابْنُ مَاجَهْ، مِن طريقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَن عمرِو بْنِ دِينَارٍ، عَن عَوْسَجَةَ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: ((أنَّ رجُلاً تُوُفِّيَ في عهدِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يَدَعْ وَارِثًا إِلاَّ مَوْلًى هُوَ أَعْتَقَهُ)). الحَدِيث.
    وَتَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، على وَصْلِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وغيرُه، وخَالَفَهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ؛ فَرَوَاهُ عَن عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَن عَوْسَجَةَ، ولم يذكرِ ابْنَ عَبَّاسٍ.
    قال أَبُو حَاتِمٍ: الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ا.هـ كَلاَمُه.
    فَحَمَّادُ بْنُ زيْدٍ مِنْ أهلِ العَدَالةِ، والضَّبْطِ، ومع ذَلِكَ رَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ روايةَ مَن هُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا منه.
    وعُرِفَ من هَذَا التَّقريرِ أنَّ الشَّاذَّ: ما رَوَاهُ المقبولُ مُخَالِفًا لمَن هو أَوْلَى منه، وهَذَا هو الْمُعْتَمَدُ في تعريفِ الشَّاذِّ بِحَسَبِ الاصْطِلاَحِ.
    (وَ)إنْ وَقَعَت الْمُخَالَفَةُ له (مع الضَّعْفِ فَالرَّاجِحُ) يُقالُ لَهُ: (الْمَعْرُوفُ ومُقَابِلُهُ) يُقالُ لَهُ: (الْمُنْكَرُ)
    مِثَالُهُ: ما رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، من طريقِ حُبَيِّبِ بْنِ حَبِيبٍ، -وهو أخو حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ الْمُقْرِئ،ِ- عَن أَبِي إِسْحَاقَ، عَن الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((مَنْ أَقَامَ الصَّلاَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ البَيْتَ، وَصَامَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الجَنَّةَ)).
    قال أَبُو حَاتِمٍ: هو مُنْكَرٌ؛ لأنَّ غيرَه من الثِّقاتِ رَوَاهُ عَن أَبِي إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا وهو الْمَعْرُوفُ.
    وعُرِفَ بهَذَا أنَّ بَيْنَ الشَّاذِّ، والْمُنْكَرِ عُمُومًا وَخُصُوصًا من وجْهٍ؛ لأنَّ بَيْنَهما اجْتِماعًا في اشْتِرَاطِ الْمُخَالَفَةِ.
    وَافْتِرَاقًا في أنَّ الشَّاذَّ: راويه ثِقَةٌ، أو صَدُوقٌ.
    والمنكر - رواية ضعيف، وَقَدْ غَفَلَ مَن سَوَّى بَيْنَهما،
    *********

    قَسَّمَ الحافظُ الزيادةَ إلى قِسْمَيْنِ:
    1-زيادةٌ ليسَ فيها مُنَافَاةٌ لِمَا رَوَاهُ مَن زِيدَ عَلَيْهِمْ، ومَعْنَى عَدَمِ المُنَافَاةِ: أَنْ لا يَلْزَمَ مِن قَبُولِهَا رَدُّ اللفْظِ الآخَرِ، وَالأَمْثِلَةُ التي ذَكَرْتُهَا في زياداتِ الثِّقَةِ لا يَلْزَمُ مِن قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوَايَاتِ الأُخْرَى، إذًا فَكُلُّ هذهِ الزيادَاتِ مَقْبُولَةٌ، وَحُكِي الاتِّفَاقُ عَلَى ذلكَ.
    2-زيادةٌ فيها مُنَافَاةٌ، وَيَلْزَمُ مِن قَبُولِهَا رَدُّ الرِّوَايَةِ الأُخْرَى؛ فَذَكَرَ أَنَّ العِبْرَةَ في قَبُولِ الزيادةِ وَرَدِّهَا الترجيحُ؛ فإذا تَرَجَّحَت الزيادةُ قُبِلَتْ، ولو أَدَّى ذلكَ إلى رَدِّ الرِّوَايةِ الأُخْرَى، وَإِذَا تَرَجَّحَت الروَايَةُ الأُخْرَى رُدَّت الزيادةُ.
    ***********
    المؤلف يقول: (وزيادة راويهما مقبولة ما لم تقع منافية) يعني: أن الحديث إذا وجدناه يرويه ثقتان أو أكثر، وعند أحدهما زيادة ليست عند الآخر؛ فالأصل أن نقبل هذه الزيادة، إلا إذا وقعت منافية؛ لأنها إذا وقعت منافية يكون هناك اختلاف، وهذا إن شاء الله يظهر بعد قليل.زيادة الثقة ليس معناها:أن يرد في الحديث ما لم يرد في الحديث الآخر ليس معناها هكذا على الإطلاق، إنما يقصدون بزيادة الثقة: هي الزيادة التي تقع في حديثٍ واحدٍ يكون صحابيه واحداً أو مخرجه واحداً؛ فإذا وقعت فيه زيادة صار هذا من باب زيادة الثقة.
    أما إذا كان هناك حديثان، كل واحدٍ منهما يرويه صحابي؛ فلا يسمى هذا زيادة ثقة، مثل: حديث ابن عمر: ((الحمَّى من فيح جهنم فأبردوها بالماء)).
    وجاء حديث ابن عباس: ((الحمَّى من فيح جهنم فأبردوها بماء زمزم)).
    فالأول:ابن عمر ((بالماء)) عموم المياه؛ ماء زمزم أو غير زمزم، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: ((ماء زمزم)) خص الماء بأنه: ماء زمزم.
    إذن لا يقال: ((الماء)) في حديث: ابن عباسمن زيادة الثقة؛ لأن ابن عباس هذا حديث منفصل عن حديث ابن عمر رضي الله عنه، فهنا يتعامل معها على أن هذا خاص وهذا عام.
    كذلك:حديث:((وجعلت تربتها طهوراً)) في حديث جابر وغيره.
    جاء في رواية: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)).,في حديث حذيفه
    ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)).حديث حذيفة يقتضي: أن التراب هو الذي يتطهر به. وحديث جابر - وغيره- يقتضي: أن التيمم يكون بالتراب أو يكون بالأرض، سواء كان ترابا، أو غير تراب من الحصى، والرمل، وغيره.
    هنا لا يقال: هذا من باب زيادة الثقة، مثل: حديث حذيفة؛ لأن هذا حديث وهذا حديث.
    إذاً: فشرط زيادة الثقة أن تقع في حديثٍ واحدٍ،
    أما إذا جاءت في أحاديث، يعني: اختلف الصحابة فيها، فهذا لا يدخل في: زيادة الثقة، وإنما يكون هذا من باب: تخصيص العام أو تقييد المطلق أو نحوه؛
    فشرط الحديث الذي يقضي بأنه زيادة ثقة: أن يكون حديثاً واحداً.
    فإذا كانا حديثين: فإن كان الصحابيان مختلفين؛
    فهذا لا يدخل في مبحث زيادة الثقة بإجماع العلماء.
    ***

    والثاني:أن يكون الزائد ثقة.
    والثالث:أن يكون المزيد عليه ثقة.
    والرابع:أن تكون الزيادة لها أثر في الإسناد أو في المعنى،
    فهذا يسمى زيادة الثقة.
    زيادة الثقة:تارةً تكون في المتن، وتارةً تكون في الإسناد.
    الزيادة التي في المتن:
    هذا كما جاء حديث: زكاة الفطر: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو شعير، على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والكبير والصغير من المسلمين)).
    كلمة: (من المسلمين) هذه زيادة، هذه الزيادة يترتب عليها حكم، إذا تركنا هذه الزيادة صار الذي يزكي هو المسلم، سواءً كان حراً أو عبداً، ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، فإذا رفعنا هذه الزيادة وحذفنا: (من المسلمين) ترتب عليها: أن العبد الكافر يزكي عنه مولاه.والمسألة اختلف العلماء فيها من أجل هذه الزيادة.
    هذه الزيادة قال العلماء:
    هذه زيادة صحيحة من زيادة الثقات، رواها الإمام مالك، عن نافع، عن ابن عمر، إذا نظرنا في هذا الحديث وجدنا أن مالكاً قد خالفه غيره؛ كأيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، يرويانه بدون هذه اللفظة، ليس عندهما: (من المسلمين).
    إذاً: صار عندنا أيوب، وعبيد الله يرويان هذا الحديث عن نافع، عن ابن عمر.
    إذاً: الشرط الأول، تحقق، لأن هذه الزيادة في حديثٍ واحدٍ.
    الثاني: الزائد، مالك وهو ثقة.
    الشرط الثالث:المزيد عليه، وهو عن أيوب، وعبيد الله بن عمر، وهما ثقتان.
    والرابع: هذه الزيادة وقعت في اللفظ، وهي زيادة لها أثر في المعنى، فصار عندنا هذا الحديث ينطبق عليه زيادة الثقة.
    إذاً: رواية مالك لهذا الحديث من باب زيادة الثقات، وهذه ذكرها الترمذي في (العلل) في آخر (الجامع) ، ومثل بزيادة الثقة بهذا، وصحح زيادة مالك.الزيادة في الإسناد:
    مثل: قوله صلى الله عليه وسلم:
    ((لن يدخل الجنة أحد بعمله)).قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا)).
    قوله:((لن يدخل منكم الجنة أحد بعمله)) أو ((لن يدخل أحدا عمله الجنة)) هذا فيه زيادةٌ في الإسناد؛ ذلك أننا إذا رأينا هذا الحديث وجدنا أنه يرويه إسماعيل ابن عُلَيَّة - وهو ثقة - عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، من كلام أبي هريرة، يعني: أن أبا هريرة قال: (لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة) من كلام أبي هريرة.
    جاء الإسناد الآخر: حماد بن زيد - وهو ثقة - عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لن يدخل أحداً منكم الجنة عمله)).
    هذا الحديث فيه زيادة، وهي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كما تقدم في (البيقونية) أن هناك فرقاً بين المرفوع والموقوف:
    المرفوع:مضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
    والموقوف: على الصحابي.إذاً:ففي ه زيادة، هذه الزيادة زادها ثقة، وهو حماد بن زيد، والمزيد عليه ثقة، وهو ابن علية؛ فهذان شرطان.
    والثالث: أن هذه الزيادة لها أثر؛ لأن الموقوف ليس كالمرفوع كما تقدم.
    المرفوع: حجة؛لأنه كلام النبي عليه الصلاة والسلام.
    الموقوف: فيه تفصيل،إذن لها أثر.
    والرابع:أن الحديث واحدٌ، كله حديث أبي هريرة، مخرجه واحدٌ: أيوب السختياني، فانطبقت شروط زيادة الثقة؛ فلهذا قبل حديث حديث حماد بن زيد هنا.
    المؤلف يقول: (وزيادة راويهما مقبولةٌ) هذا الإطلاق المؤلف- رحمه الله - في شرحه قيده بما عليه أهل الحديث وأئمته، وهو أن زيادة الثقة: لا تقبل مطلقاً، ولا ترد مطلقاً، وإنما القرائن هي التي تدل على هذا، فأحيانا نقبل وأحيانا نرد؛ لوجود القرائن، والقرائن كثيرةٌ.
    فمما مر معنا قبل العلماء حديث مالك، كما نص عليه الترمذي؛ لأنه ممن يعتمد على حفظه، لأن الثقات درجات؛ فيه ثقة، وفيه حافظ، ولهذا كان العلماء يجعلون الثقات مرتبتين:
    - مرتبة الحفاظ.
    - ومرتبة الشيوخ.
    الشيوخ هم الثقات، والطبقة التي أعلى منهم طبقة الحفاظ: طبقة الحفاظ مثل الإمام
    مالك، ممن يعتمد على حفظه.
    والشيوخ هم الثقات،
    لكن أغلاطهم أكثر من الحفاظ.
    فإذا كان الراوي ممن يعتمد على حفظه، كالإمام مالك، هذا يقبلون زيادته في كثير من الأحيان، أيضاً تقبل زيادة الثقة فيما مر معنا، قبلوا زيادة حماد بن زيد، قبلناها لأن أيوب السختياني كان من عادته - كما أخبر عن نفسه - أنه يقف الأحاديث المرفوعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ خشية أن يضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس من قوله، فيحتاط.
    هذا الاحتياط جعلنا نقول: إذا روى عن أيوب ثقتان كبيران؛مثل:ابن علية، وحماد بن زيد، ورفع أحدهما ووقف [الآخر]؛ فالقول للرافع؛ لأن من روى وقف أجراه على احتياط أيوب.
    كذلك:إذا كان الراوي له عناية ومزيد اختصاص بمن روى عنه، كأن يكون ملازما له، فهذا يقدم (تقبل زيادته).
    وهذا يمثلون له بحديث: ((لا نكاح إلا بولي))، حديث أبي موسى الأشعري، رواه إسرائيل، عن جده، أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، هذا موصولٌ بسندٍ صحيحٍ صححه الأئمة؛ كالبخاري وغيره.
    نجد أن هذا داخل في مبحث: زيادة الثقة، وقبله العلماء؛ لأنه رواه شعبة، وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يذكرون أبا موسى.
    إذاً:هنا ذكر إسرائيل لأبي موسى زيادة في الإسناد، فهو من زيادة الثقات، لماذا قبلوا رواية إسرائيل؟ لأن إسرائيل من أحفظ الناس في جده، وكان ملازماً لجده عشر سنوات، وهو الذي يذهب بجده ويجيء به، حتى قال الذهبي في السير: (كان عكاز جده)، يعني: مثل العصا لجده، فمثل هذا إنسان حافظٌ، وملازمٌ لجده يسمع منه كثيراً.
    هذا يدل على أنه سمع هذا الحديث من جده موصولاً، فقبل العلماء زيادته. الزيادة لا تقبل على إطلاق ولا ترد على إطلاق. [شرح نخبة الفكر لعبد العزيز السعيد]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •