ثمرة الابتلاء.. توبة وإنابة
محمد منذر سرميني


الابتلاء في الإسلام له دور كبير في تمحيص الأمة وتسديد خطوتها نحو الاتجاه الصحيح:
حيِّ النفوسَ التي في الشدَّةِ ابتسمتْ *** وبان في رُوعها طُهرٌ وإيمانُ
واستقبلت شدةَ الأهوال في أملٍ *** أنَّ الذي بعدها رَوحٌ وريحانُ
ما كان مرسلُها لولا بشائرُها *** يُلقي بقوَّتها فيمَن لهم شانُ
وكيف يرسلُها من غيرِ مَغنمةٍ *** على عبادٍ لهم في الخيرِ مَيدانُ؟
دوَّت بشدَّتها من بعد غَفلتهمْ *** عن دورهم في احتواءٍ ضَعفَ من هانوا
حتى يطهِّرَهم لرَفعِ رُتبتهمْ *** في جنةٍ زانها حورٌ وولدانُ
إن مسَّهم ضررٌ من بعدِ نازلةٍ *** صانوا سرائرَهم وازدانَ إيقانُ
أو جاءهم خَبرٌ يُنبي على فرحٍ *** ما هاجَهم بعدَهُ ذنب وعِصيانُ
إن الكمالَ إذا لاحَت معالمُهُ *** في مهجةٍ ساقها للمجدِ رحمنُ
أو ناء عَنها الكمالُ لن ترى أبداً *** راعٍ لها رادعاً إن شانها الرَّانُ
يا ويحها لم تَزل للذنبِ قارفةً *** لكِن على ضَعفها ما ضاع وُجدانُ
وجدانها يختشي الرحمنَ معصيةً *** ويلتَجي بابَهُ إن مسَّ شيطانُ
لا غَرْوَ إن سقطت في الغيِّ مُكرهةً *** يَنتابها خجلٌ مِن نُبلِ مَن صانُوا
وإذ بها في رياضِ الفضلِ مسعدةً *** من بعد توبتها والنورُ يزدانُ
يا صاحِ، لا تبتئس ما دُمتَ في شغفٍ *** للسيرِ في درَجٍ يزهو بمَن عانوا
عانَوا من النفس حيثُ كان مطلَبَها *** زيغٌ عن الحقِّ - لا تفتأ - وإدمانُ
لكنها صلُحت من بعدِ تزكيةٍ *** فاستجلبَت همةً والحبُّ إذعانُ
فإذ بها في رياضٍ عزَّ مطلَبُها *** من دونِ أصحابِ سوءٍ حيثُما كانوا
تسمُو بها طاعةٌ للهِ في ولَهٍ *** والحبُّ يُتقنهُ من عاشَ ولهانُ
في ظل طاعتِها، بل صدقِ توبتها *** لا بأسَ أن يجذب العاصينَ إحسانُ
لعل دعوتَهم لله في جلَدٍ *** يأتي لهم مِن سنا التوفيقِ تَحنانُ
فالصبرُ منفردٌ للنجحِ في عملٍ *** لكنه للهُدى - لا شكَّ - عنوانُ
فقمَّةُ الحب حبُّ الخيرِ أجمعهِ *** وأول الخير أن يحياهُ خلانُ
صبر الرسولِ مثالٌ للتأسِّي بهِ *** حيَّاهُ من جلَدٍ أسْداهُ ديَّانُ
صبرٌ لقد ضاقَ مِنهُ كل مختصمٍ *** حتى غدا فارغاً أخزاهُ كفرانُ
أي مُهجتي، أقبلي من قبل مرتَحَلٍ *** فالزاد إن قلَّ تُخزي العبدَ نيرانُ
وأنجزي عملاً تحتاجهُ أممٌ *** فقيمة العبد ما زكَّاهُ إنسانُ
رباهُ، لا أدَّعي عن مهجتي سلفاً *** في أنَّ قائدها للمَجدِ قُرآنُ