تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 34 من 34

الموضوع: هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    لإثراء الموضوعقال الذهبي فى "سير أعلام النبلاء":

    : قد فسر علماء السلف المهم من الالفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى، استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لاتماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها، والرسول صلى الله عليه وسلم بلغ، وما تعرض لتأويل، مع كون الباري قال: (لتبين للناس ما نزل إليهم) ، فعلينا الايمان والتسليم للنصوص، --وللاخوة الكرام
    قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/294-295):

    (وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم فالكلام على هذا من وجهين: الأول: من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: "تمر كما جاءت"، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" (1/204): (وأما على قول أكابرهم: إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمها إلا الله، وأن معناها الذي أراده الله بها فهو ما يوجب صرفها عن ظواهرها، فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ولا الملائكة ولا السابقون الأولون، وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلاما لا يعقلون معناه).

    إلى أن قال: (ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء، إذا كان الله أنزل القرآن، وأخبر أنه جعله هدى وبيانا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم، وأمر بتدبر القرآن وعقله، ومع هذا فأشرف ما فيه - وهو ما أخبر به الرب عن صفاته، أو عن كونه خالقا لكل شيء، وهو بكل شيء عليم، أو عن كونه أمرا ونهيا ووعدا وتوعدا، أو عما أخبر به عن اليوم الآخر- لا يعلم أحد معناه، فلا يعقل ولا يتدبر، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين)-------------------- قال الشيخ العلامة عبد الرزاق عفيفي في "مجموع فتاواه" ، وظاهر عبارات ابن قدامة تؤيد ما ذهبوا إليه، ودافع بعضهم عن ابن قدامة وأجابوا عن المواضع المشكلة في رسائله والله أعلم.
    جزاك الله خيرًا
    أجدت وأفدت
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #22

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فعلم قطعا أن قراءتها وإمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك، فنؤمن بذلك، ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى، استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين
    هل هذا من تفويض الكيف أو من تفويض المعنى؟

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    هل هذا من تفويض الكيف أو من تفويض المعنى؟
    قال الذهبي : (وكما قال سفيان وغيره "قراءتها تفسيرها"، يعني أنها بينة واضحة في اللغة، لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف. وهذا هو مذهب السلف مع إتفاقهم أيضا أنها لا تُشْبِه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته.)


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى"(5/39):
    (فقولهم رضي الله عنهم: "أمروها كما جاءت" رد على المعطلة وقولهم: "بلا كيف" رد على الممثلة) أ.هـ
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (5/42): (فقولهم: "أمروها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظا دالة على معان فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد).-
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " قوله من غير تفسير : أراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة و التابعون من الإثبات " [ الحموية / مجموع الفتاوى (5/50) ] .---------------يقول الشيخ عثيميين-امروها كما جاءت------أمروها كما جاءت" . فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني ، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى ، ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا : "أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها" . ونحو ذلك .------ويقول رحمه الله---هذا القول منسوب إلى عموم السلف، يقولون في آيات الصفات وأحاديثها: أمروها كما جاءت بلا كيف، فقولهم: أمروها كما جاءت يعني: لا تتعرضوا لها بتحريف، أي بتأويل يخرجها عن ظاهرها، ويتضمن هذا القول أيضاً إثبات معانيها، وأنه ليس المراد مجرد إثبات اللفظ؛ لأن نصوص الصفات في كتاب الله وسنة رسوله ألفاظ جاءت لإثبات معناها، لا أن نمرها على ألسنتنا دون أن نفهم المعنى، فكأنهم يقولون: أمروها على معناها المراد بها لا تغيروها. وقولهم: بلا كيف، أي: لا تكيفوها، وليس المعنى بلا اعتقاد كيفية لها؛ لأن لها كيفية ضرورة إثباتها، إذ لا يمكن إثبات شيء لا كيفية له، فيكون المعنى: بلا كيف، أي: بلا تكييف لها، لا تكيفوها، لا تقولوا: كيفية وجه الله كذا وكذا، ولا كيفية يديه كذا وكذا، ولا كيفية عينيه كذا وكذا، لأن الله تعالى أجل وأعظم من أن يدرك العباد كيفية صفاته. وفي هذا القول المشهور عن السلف رد على طائفتين منحرفتين: إحداهما: طائفة التعطيل، التي سلبت عن الله تعالى جميع معاني صفاته، وجعلتها ألفاظاً لا معنى لها، أو جعلت لها معاني مخالفة لظاهر اللفظ؛ لأن الذين لم يمروها على ما جاءت انقسموا إلى قسمين: قسم قالوا: لا معنى لها إطلاقاً، وليس علينا إلا إمرار لفظها دون التعرض لمعناها. وقسم آخر قالوا: نتعرض للمعنى، لكن حملوا المعنى على خلاف ظاهرها، وأثبتوا لها معاني من عند أنفسهم لا دليل عليها من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا من أقوال الخلفاء والصحابة. فالأولى طائفة المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم من معطلي الصفات، والثانية طريقة الأشاعرة ومن سلك سبيلهم ممن حرفوا نصوص الصفات إلى معانٍ ابتكروها من عقولهم، ولم ينزل الله بها سلطاناً، ولم يثبتوا إلا ما زعموا أن العقل يدل عليه، كالصفات السبع التي أثبتتها طائفة الأشعرية، وأنكروا من الصفات ما العقل أدل عليه من دلالة العقل على هذه الصفات التي أثبتوها. على كل حال الجملة الأولى فيها رد على طائفتين: الأولى من عطلت المعاني مطلقاً، والثانية من أثبتت معاني لا دليل عليها، وربما تكون الطائفة الثانية أشد مخالفة من الطائفة الأولى؛ لأن الطائفة الأولى أمسكت وقالت: لا نثبت معنى، فنفت المعنى، وهذا نفي بلا علم بلا شك. والثانية نفت المعنى المراد وأثبتت معنى آخر لا يدل عليه اللفظ، فصار في ذلك جنايتان: الجناية الأولى: نفي المعنى الذي هو ظاهر اللفظ، والثانية: إثبات معنى لا يدل عليه اللفظ، نسأل الله الهداية للجميع. أما قولهم: بلا كيف، فهو رد على طائفة منحرفة على ضد الطائفتين المعطلتين، وهي طائفة الممثلة الذين قالوا: نثبت لله الصفات، ولكنها على مثل ما كان من صفات المخلوقين: فوجه الله تعالى- على زعمهم، تعالى الله عن قولهم- يكون على مثل أجمل وجه بشري، وهكذا بقية صفاته عز وجل. وهؤلاء أيضاً خالفوا قول الله تعالى خبراً: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ . وعصوا أمر الله تعالى نهياً في قوله: ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾. وخلاصة الجواب أن معنى قول السلف: أمروها كما جاءت: أثبتوا هذه الألفاظ مع معانيها التي دلت عليها، وهو ما يفهم من ظاهرها، على الوجه اللائق بالله عز وجل. وقولهم: بلا كيف، رد على الممثلة، أي: لا تكيفوها، وليس المعنى لا تعتقدوا لها كيفية؛ لأن لها كيفية، مجرد القول بإثباتها يستلزم أن يكون لها كيفية، لكنها غير معلومة، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله في استواء الله على عرشه: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة).

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    هل هذا من تفويض الكيف أو من تفويض المعنى؟
    ( هناك كلام للسَّلف يدلُّ على أنَّهم يفهمون معاني ما أنزل الله على رسولِه من الصِّفات؛ كما نُقل عن الأوزاعي -وغيرِه-؛ نُقل عنهم أنَّهم قالوا في آيات الصِّفات وأحاديثِها: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيفٍ".
    وهذا يدلُّ على أنهم يُثبِتون لها معنًى؛ من وجهَين:
    أوَّلًا: أنهم قالوا: "أمِرُّوها كما جاءت"، ومعلومٌ أنها ألفاظٌ جاءت لمعانٍ، ولم تأتِ عبثًا.
    فإذا أمررناها كما جاءت؛ لزِمَ من ذلك أن نُثبتَ لها معنًى.
    ثانيًا: قولُهم: "بلا كيفٍ"؛ لأن نفيَ الكيفيَّة يدل على وجودِ أصل المعنى، لأنَّ نفي الكيفيَّة عن الشَّيء لا يوجدُ؛ لغوٌ وعبث.
    إذن: فهذا الكلامُ المشهورُ عند السَّلف يدلُّ على أنهم يُثبِتونَ لهذه النُّصوص معنى ).
    "شرح (العقيدة الواسطية) لابن عثيمين---------------------(أمروها كما جاءت بلا كيف) وإمرارها كما جاءت ليس تعطيلا لها عن المعنى كما يقول المفوضة... السلف حين قالوا أمروها كما جاءت بلا كيف أرادوا صفات الرب جل وعلا،

    و فيه إثبات المعنى، وقولهم (بلا كيف) دليل آخر على أنهم يثبتون المعنى؛ لأن من لا يثبت المعنى لا يحتاج أن يقول (بلا كيف)، وإنما الذي يحتاج إلى أن ينفي الكيفية لم يثبت المعنى، فلما نفي السلف الكيفية في إثبات الصفات دلّ ذلك على أنهم يثبتون المعنى، ولكن ينفون العلم بالكيفية، وهذا ظاهر أيضا في قول ربيعة ومالك (الاستواء غير مجهول) يعني علمه، فإن الاستواء في لغة العرب يدل على العلو، يقول العربي إذا كان مرتفعا استوي إلي يعني ارتفع، إلي استوى على الدابة يعني أُعْلُ عليها، استوي على الكرسي يعني أُعْلُ عليه، وعلى هذا قول الله جل وعلا ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ[المؤمنون:28]، يعني علوتم على الفلك واستقررتم عليها[ شرح الحموية -صالح ال الشيخ]-------------------------------- ويقول الشيخ صالح آل الشيخ - [ في شرحه على لمعة الاعتقاد
    "
    أهل العلم يقولون : إن الإمام أحمد أراد بقوله : (بلا كيف ولا معنى) الرد على طائفتين:
    1. الطائفة الأولى المشبهة المجسمة رد عليهم بقوله : (بلا كيف) يعني الكيفية التي تتوهمها العقول، أو وَصَفَ اللهَ جل وعلا بها المجسمة أو الممثلة.
    2. وقوله : (ولا معنى) ردّ بها رحمه الله على المعطلة، الذين جعلوا معاني النصوص على خلاف الظاهر المتبادر منها، فقالوا : إن معنى النزول الرحمة، وقالوا إن معنى الاستواء الاستيلاء، وقالوا إن معنى الرحمة الإرادة؛ إرادة الإحسان أو إرادة الخير، وإن الغضب معناه إرادة الانتقام ونحو ذلك فهذا تأويل منه.
    فالإمام أحمد يقول (بلا كيف) الكيف الذي جعله المجسمة، (ولا معنى) الذي جعله المعطلة، يعني المعنى الباطل الذي صرف الألفاظ إليه المبتدعة المؤولة.
    فإذن قوله (بلا كيف ولا معنى) يريد بقوله (ولا معنى) المعنى الباطل الذي تأول به وإليه المبتدعة نصوص الصفات والنصوص الغيبية.
    وهذا نأخذ منه
    قاعدة مهمة: وهي أن طالب العلم الذي يعتني بأمر الاعتقاد يجب عليه أن يفهم اعتقاد أهل السنة والجماعة تماما، فإذا فهمه وورد بعد ذلك ألفاظ مشكلة عن الأئمة, عن التابعين, من تبع التابعين، عن بعض الأئمة فإنه بفهمه للاعتقاد الصحيح سيوجّه معناها إلى معنىً مستقيم، لأنه لا يُظن بالإمام أحمد وهو إمام أهل السنة والجماعة الذي حكم بالبدعة على المفوضة أنه يقول (ولا معنى) يعني ليس للآيات والأحاديث معنى يفهم بتاتا .
    فإذن فهمُك لأصول الاعتقادوأصول ما كان عليه أهل السنة والجماعة، وضبطُك لذلك، به يمكنك أن تجيب على كثير من الإشكالات.
    ونحن في هذا الزمان ربما كتب بعض الناس كتابات في أن السلف يقرّون التأويل، وأنه وُجد التأويل للصفات في زمن الصحابة، أو وجد في زمن الصحابة من ينكر بعض الصفات، أو وجد في التابعين من يؤول، والإمام أحمد أوَّلَ، ونحو ذلك، وهذا من جرّاء عدم فهمهم لأصول أهل السنة والجماعة، وابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل الذي وصف الله جل وعلا به الزائغين.
    وإذا فهمت الصواب وفهمت المنهج الحق والاعتقاد الحق فإنه يمكن بذلك أن تجيب عن ما ورد عن بعض أئمة أهل السنة من ألفاظ ربما خالف ظاهرُها المعتقد، أو ظُن أن فيها شيء من التأويل، يمكن أن تجيب عليها بأجوبة محققة واضحة
    " ا.هـ

  5. #25

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    ليتك تتم الفائدة بنقل نصوص الحنابلة المتقدمين

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا ليتك تتم الفائدة بنقل نصوص الحنابلة المتقدمين
    الامام أحمد بن حنبل (241 هـ) : قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات، والرؤية، والإسراء، وقصة العرش، فصححها أبو عبد الله، وقال : « قد تلقتها العلماء بالقبول، نسلم الأخبار كما جاءت، قال : فقلت له : إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت، فقال : «يجفى»، وقال: «ما اعتراضه في هذا الموضع، يسلم الأخبار كما جاءت.»--------------صنف الإمام أحمد " أصول السنة " وقد رواها كاملة اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة " و ابن أبي يعلى في " الطبقات " . وصنّف عبدالله بن أحمد كتاب " السنة " ونقل عن والده كثيراً . ولما ختم ابن أبي داود قصيدته الحائية في العقيدة قال : هذا قولي وقول أبي وقول أحمد بن حنبل .. . وهي برئية من التعطيل والتفويض والتأويل والتجسيم .-------------------- قال عبد الله بن أحمد: إن أحمد قال: من زعم أن الله لا يتكلم فهو كافر، إلاَّ أننا نروي هذه الأحاديث كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص56]------------------------عن حنبل أنه سأل الإمام أحمد عن الرؤية فقال: أحاديث صحاح، نؤمن بها، ونقر، وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج2 ص507، السنة ص71]----------- عن عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن قوم يقولون: لما كلم اللهُ موسى، لم يتكلم بصوت فقال أبي: تكلم اللهُ بصوت، وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص185]----------------- قال أبو يعلى : " وقال – يعني الإمام أحمد - في رواية حنبل في الأحاديث التي تروى: " إن الله، تبارك وتعالى، ينزل إلى سماء الدنيا " والله يرى " وأنه يضع قدمه " وما أشبه بذلك، نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها، ونعلم أن ما قاله الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق إذا كانت بأسانيد صحاح .

    قال أبو يعلى : " وقال – يعني الإمام أحمد - في رواية حنبل في الأحاديث التي تروى: " إن الله، تبارك وتعالى، ينزل إلى سماء الدنيا " والله يرى " وأنه يضع قدمه " وما أشبه بذلك، نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها، ونعلم أن ما قاله الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق إذا كانت بأسانيد صحاح . وقال في رواية حنبل: يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول وقال: المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه الله بخلقه فقد نص أحمد على القول بظاهر الأخبار من غير تشبيه ولا تأويل " [ إبطال التأويلات (صفحة :45) ] ----------------------------------------قاله القاضي أبو يعلى : " قال يوسف بن موسى قيل لأبي عبد الله إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء من غير وصف ؟ قال نعم " [ إبطال التأويلات (1/260) ]
    و روى اللالكائي : أن الإمام أحمد قال في أحاديث الرؤية : " نؤمن بها ، ونقر ، وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر " [1/322] و روى الآجرِّي أن الإمام أحمد سئل عمن قال: إن الله عز وجل لم يكلم موسى ؟ فقال : " يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه " [ الشريعة ( برقم :723) ] و روى الخلال عن الإمام أحمد قوله : " أسماء الله في القرآن و صفاته في القرآن من علم الله وصفاته منه ... لم يزل الله عالماً متكلماً نعبد الله بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه سميع عليم غفور رحيم عالم الغيب و الشهادة علام الغيوب ، فهذه صفات الله تبارك وصف بها نفسه ، لا تُدفع ولا تُرد ، وهو على العرش بلا حدَّ ، كما قال استوى على العرش كيف شاء و المشيئة إليه و الاستطاعة له ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لا يبلغ وصفه الواصفون وهو كما وصف به نفسه " [ في السنة ( برقم 1858) ]
    وعند الخلال أيضاً عن الإمام أحمد أنه قال : " من قال إن أسماء الله مخلوقة و أن علم الله مخلوق فهو كافر " [برقم:1864]
    و قال عبد الله ابن الإمام أحمد : " سمعت أبي يقول : حدثنا يحيى بن سعيد بحديث سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله يمسك السماوات على أصبع ...} ، قال أبي : وجعل يحيى يشير بأصابعه ، و أراني أبي كيف جعل يشير بأصبُعه ، يضع أصبعاً ، حتى أتى على آخرها " [ السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد ، برقم 484 ] .
    وقال : " سألت أبي رحمه الله عن قوم يقولون لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت ؟ فقال أبي : بلى ، إن ربك عز وجل تكلم بصوت ، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت " [ المصدر السابق ، برقم 527 ] .
    و قال : " رأيت أبي يصحح الأحاديث التي تُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤية ويذهب إليها ، وجمعها أبي رحمه الله في كتاب وحدثنا بها " [ المصدر السابق (1/165) ] .
    و قال الإمام أحمد : " يضحك الله ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول " [ رواه أبو يعلى في إبطال التأويلات ، 45 ، وذكره الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/473) وقال عقبه : قد نص أحمد على القول بظاهر الأخبار من غير تشبيه ولا تأويل ]
    و قال الإمام أحمد : " إن الله يحب ويكره ويبغض ويرضى ويغضب ويسخط ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع " [ الحجة في بيان المحجة (1/463) ]
    وروى اللالكائي عن يوسف بن موسى البغدادي " قيل لأبي عبد الله : الله عز وجل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه ، وقدرته وعلمه في كل مكان ؟ ، قال : نعم على العرش ، وعلمه لا يخلو منه مكان "------------------- قال حرب الكرماني – وهو من تلاميذ الإمام أحمد – في عقيدته المشهورة : " هذا مذهب أئمة العلم و أصحاب الأثر و أهل السنة ... وهو مذهب أحمد ... " و كان مما قاله في هذا المعتقد الذي نسبه للإمام أحمد : " وهو على العرش فوق السماء السابعة ... يسمع ويبصر وينظر و يقبض ويبسط ويضحك و يفرح ويحب و يكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع . وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }--------------تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي (600 هـ) قال: (فلا نقول: يد كيد، ولا نكيف، ولا نشبه، ولا نتأول اليدين على القدرتين، كما يقول أهل التعطيل والتأويل، بل نؤمن بذلك، ونثبت الصفة من غير تحديد ولا تشبيه) إلى أن قال: (وكل ما قال الله عز وجل في كتابه، وصح عن رسول الله r بنقل العدل عن العدل – أي لا نشبه ولا نكيف ولا نتأول -، مثل : المحبة، والمشيئة، والإرادة، والضحك، والفرح، والعجب، والبغض، والسخط، والكره، والرضى، وسائر ما صح من الله ورسوله، وإن نبت عنها أسماع بعض الجاهلين، واستوحشت منها نفوس المعطلين) اهـ.-----------------------ثم قال في كلام جامع: (واعلم رحمك الله: أن الإسلام وأهله أتوا من طرائق ثلاث: فطائفة: روت أحاديث الصفات وكذبوا رواتها، فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار. وأخرى: قالوا بصحتها وقبلوها ثم تأولوها، فهؤلاء أعظم ضرراً من الطائفة الأخرى. والثالثة: جانبوا القولين، وأخذوا بزعمهم ينزهون، وهم يكذبون، فأداهم ذلك إلى القولين الأولين، وكانوا أعظم ضرراً من الطائفتين الأولتين) اهـ.----------------الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (748 هـ) قال معقباً على الأثر المشهور عن الإمام مالك "الاستواء معلوم، والكيف مجهول": (هذا ثابت عن مالك وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة: أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا) اهـ.وقال في ترجمة إسحاق بن راهويه: (وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء. قلت: هذه الصفات من الاستواء، والإتيان، والنزول، قد صحت بها النصوص، ونقلها الخلف عن السلف، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل، بل أنكروا على من تأولها، مع إصفاقهم على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين، وأن الله ليس كمثله شيء، ولا تنبغي المناظرة ولا التنازع فيها، فإن في ذلك مخولة للرد على الله ورسوله، أو حوماً على التكييف أو التعطيل) اهـ. ----------------الحافظ عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (795 هـ) قال: (والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها ولا تكييف ولا تمثيل، ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة خصوصاً الإمام أحمد، ولا خوض في معانيها، ولا ضرب مثل من الأمثال لها، وإن كان بعض من كان قريباً من زمن الإمام أحمد فيهم من فعل شيئاً من ذلك اتباعاً لطريقة مقاتل، فلا يقتدى به في ذلك، إنما الاقتداء بأئمة الإسلام كابن المبارك، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحق، وأبي عبيد، ونحوهم، وكل هؤلاء لا يوجد في كلامهم شيء من جنس كلام المتكلمين فضلاً عن كلام الفلاسفة) اهـ-قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " قوله من غير تفسير : أراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة و التابعون من الإثبات " [ الحموية / مجموع الفتاوى (5/50) ]-----------------------------.وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : "المفوضة قال أحمد فيهم : إنهم شر من الجهمية ، والتفويض أن يقول القائل : الله أعلم بمعناها فقط ، وهذا لا يجوز ; لأن معانيها معلومة عند العلماء . قال مالك رحمه الله : الاستواء معلوم والكيف مجهول ، وهكذا جاء عن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعن غيره من أهل العلم ، فمعاني الصفات معلومة ، يعلمها أهل السنة والجماعة ; كالرضا والغضب والمحبة والاستواء والضحك وغيرها ، وأنها معاني غير المعاني الأخرى ، فالضحك غير الرضا ، والرضا غير الغضب ، والغضب غير المحبة ، والسمع غير البصر ، كلها معلومة لله سبحانه ، لكنها لا تشابه صفات المخلوقين" انتهى .-وقال أيضا : "أنكر الإمام أحمد رحمه الله وغيره من أئمة السلف على أهل التفويض , وبدّعوهم لأن مقتضى مذهبهم أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمون معناه ولا يعقلون مراده منه , والله سبحانه وتعالى يتقدس عن ذلك , وأهل السنة والجماعة يعرفون مراده سبحانه بكلامه ، ويصفونه بمقتضى أسمائه وصفاته وينزهونه عن كل ما لا يليق به عز وجل . وقد علموا من كلامه سبحانه ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه موصوف بالكمال المطلق في جميع ما أخبر به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم" انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (3/55) . ه ----------قال شيخ الإسلام في القاعدة المراكشية : (( فقد اخبر -رضي الله عنه- بأن نفس الاستواء معلوم وأن كيفية الاستواء مجهولة وهذا بعينه قول أهل الإثبات وأما النفاة فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته بل عند هذا القائل الشاك وأمثاله إن الاستواء مجهول غير معلوم وإذا كان الاستواء مجهولا لم يحتج أن يقال الكيف مجهول لا سيما إذا كان الاستواء منتفيا فالمنتفي المعدوم لا كيفية له حتى يقال هي مجهولة أو معلومة وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء وأنه معلوم وان له كيفية لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن ولهذا بدع السائل الذي سأله عن هذه الكيفية فان السؤال إنما يكون عن أمر معلوم لنا ونحن لا نعلم كيفية استوائه وليس كل ما كان معلوما وله كيفية تكون تلك الكيفية معلومة لنا )) (( القاعدة المراكشية ) ضمن مجموع الفتاوى ( 5/181)--------------------ويقول شيخ الاسلام-القول بالتفويض يفضي إلى (القدح في الرب جلا وعلا وفي القرآن الكريم، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بأن يكن الله تعالى أنزل كلاماً لا يفهم, وأمر بتدبر ما لا يتدبر, وبعقل ما لا يعقل, وأن يكون القرآن الذي هو النور المبين والذكر الحكيم سبب لأنواع الاختلافات، والضلالات، بل يكون بينهم، وكأنه بغير لغتهم، وأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ البلاغ المبين، ولا بين للناس ما نزل إليهم، وبهذا يكون قد فسدت الرسالة، وبطلت الحجة، وهو الذي لم يتجرأ عليه صناديد الكفر) [درء التعارض]
    يقول الشيخ صالح ال الشيخ -
    قاعدة مهمة: وهي أن طالب العلم الذي يعتني بأمر الاعتقاد يجب عليه أن يفهم اعتقاد أهل السنة والجماعة تماما، فإذا فهمه وورد بعد ذلك ألفاظ مشكلة عن الأئمة, عن التابعين, من تبع التابعين، عن بعض الأئمة فإنه بفهمه للاعتقاد الصحيح سيوجّه معناها إلى معنىً مستقيم، لأنه لا يُظن بالإمام أحمد وهو إمام أهل السنة والجماعة الذي حكم بالبدعة على المفوضة أنه يقول (ولا معنى) يعني ليس للآيات والأحاديث معنى يفهم بتاتا .
    فإذن فهمُك لأصول الاعتقاد وأصول ما كان عليه أهل السنة والجماعة،وضبطُك لذلك، به يمكنك أن تجيب على كثير من الإشكالات

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    س2/ معلوم أنَّ الإمام أحمد / قال في مذهب المفوضة إنه من شر المذاهب، ومع ذلك وُجِدَ في كتب أصحاب مذهبه بعض التفويض كما في كتاب المرداوي في شرح لامية شيخ الإسلام وفي لمعة الاعتقاد، فهل هناك فرق بين ما يقصد الإمام أحمد وما وقع فيه بعض أتباعه أم لا ؟ نرجو بسط القول في ذلك.

    ج/ مذهب المفوضة مذهبٌ كبير، والذين قالوا بالتفويض كثرة جداً وليسوا بالقليل سواء من المتقدمين يعني في عهد الإمام أحمد وما قبل إلى زماننا هذا.
    ثَمَّ رسالة طُبِعَتْ مؤخرا بعنوان التفويض فيها تفصيل الكلام على المذهب بما لا يمكن أن يقال في هذا الموضع ما يستحقه المقام وتستحقه المسألة.
    لكن الذي ينبغي أن تعلمه
    أن التفويض قسمان:
    - تفويض للكيفية. - وتفويض للمعنى.
    والذي ورد عن السلف فيمن قال منهم إنهم يفوضون، أو نفوض هذا، أو نَكِلُ علمه إلى قائله، أو نحو ذلك مما يفهم منه التفويض، فيراد به تفويض الكيفية؛ لأنَّ الكيفية من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ﴾[الأعراف:53]، إلى آخر الآية في الأعراف، وكذلك قوله ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾[آل عمران:7]، عند الوقف على لفظ الجلالة يدخل في التأويل ما تؤول إليه حقائق الأخبار، ومنها العلم بالكيفيات.
    فلا شك أنَّ أحداً لا يعلم كيفية اتصاف الرب بصفاته، ولا كيفية الغيبيات على حقيقتها التي خَلَقَهَا الله عليها
    ؛ لأنَّ هذا من علم الغيب الذي اختَصَّ الله به نفسه العلية وتقدست أسماؤه.
    فهذا النوع الأول تفويض الكيفية وهذا نؤمن به، فنُفَوِّضْ كيفية الأمور الغيبية ومن ذلك صفات الرب ونعوت جلاله ومعاني أسمائه، وما يتصل بذلك من أمور الغيب نفوض كيفيتها إلى ربنا .
    والقسم الثاني من التفويض تفويض المعنى؛ يعني يقول أنا أُفَوِّضْ العلم بالمعنى، أفوض المعنى، لا أدري ما معنى (الرحمن الرحيم)، لا أدري ما معنى الرحمن، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشْ﴾ لا أعلم معنى استوى، أُفَوِّضْ معناها إلى الله، فالاستواء ربما يكون معناه القهر، ربما يكون معناه العلو، ربما يكون معناه الرحمة، ربما يكون معناه أي معنى، فيُفَوِّضُونَ المعنى.
    فيقولون: لا نعلم معاني الغيبيات ولا أحد يعلمها.

    ولهذا ذَهَبَ إلى هذا المذهب قلة -يعني تفويض المعنى- قلة من المتقدمين يعني في القرن الثاني والثالث، وشاع عند طائفة من المتأخرين بسبب أنه قول للأشاعرة، وقد نَظَمُوهُ في عقائدهم بقول القائل في جوهرة التوحيد:
    وكلُّ نصٍ أَوْهَمَ التشبيها أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ و رُمْ تنزيها
    فمذهب الأشاعرة له في الصفات قولان:
    الأول: وهو الراجح عندهم والأقوى أن تُؤَوَلْ الصفات التي تتعارض مع الصفات السبع التي أثبتوها وتتعارض مع العقل.
    والثاني وهو صحيح عندهم؛ لكنه ليس بقول أهل العلم والحكمة هو تفويض المعنى.
    وهذا التفويض -تفويض المعنى- حيث يقول لا نعلم معنى الصفات، هذا موجود عند الأشاعرة من بعد أبي الحسن الأشعري
    إلى وقتنا الحاضر، وهو أيضا الذي راج على جملة من الحنابلة في كتبهم.
    حيث ظنّوا أنّ ذمَّ الإمام أحمد لمن فوّض أنه تفويض الإثبات في أصله.
    يعني يقول لا ندري نثبت أو لا، لا ندري الصفة موجودة أو ليست بموجودة أو نفي الصفة من أصلها،
    وفهموا أيضاً من قول الإمام أحمد وقول الشافعي ونحو ذلك (لا كيف ولا معنى) –يعني في الصفات- مثل ما ساقها صاحب لمعة الإعتقاد، فهموا منه أنَّهُ التفويض، وفهموا أيضاً من قول الشافعي (نؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، ونؤمن بما جاء عن رسول الله ﷺ) أنه التفويض.
    هذا التفويض في الحقيقة تفويض المعنى هو الذي قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال فيه غيره أيضا (إن التفويض هو شر المذاهب) وذلك لأنّ تفويض المعنى يرجع إلى عدم العلم به، ولهذا صنفهم ابن تيمية في أول درء التعارض: إلى أنَّ من فوّض فهو من أهل التجهيل، يعني الذين يقولون إنه لا يوجد أحد يعلم معنى الصفات، ما يوجد أحد، الصحابة يعلمون؟
    لا، هذه المعاني مجهولة حتى إن بعضهم يقول حتى النبي ﷺ لا يعلم هذه المعاني، إنما هو إثبات ألفاظ دون معاني لها، فنفوض المعنى لأنه لا معنى معقول من هذه الصفات.

    ولاشك أنَّ مذهب المفوضة هو شر المذاهب؛ لأنه يقتضي تجهيل الصحابة رَضِيَ اللهُ عنْهُم بل يقتضي أنَّ في القرآن كلاماً وآيات كثيرة لا أحد يعلم معناها، ومعلوم أنَّ أكثر القرآن في الغيبيات ولذلك جاء أول آية في القرآن في امتداح الذين يؤمنون بالغيب يعني في سورة البقرة ﴿الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾[البقرة:1-2]، والإيمان بالغيب يقتضي الإيمان بالكيفيات والله أعلم بها، والإيمان بمعاني ما دلنا ربنا به على الغيب، نؤمن بها على ظاهرها؛ يعني على ما دلت عليه لغة العرب.
    نعم معلوم أنَّ المعاني في الشيء الواحد تتفاوت، فمثلاً إذا أخذت السمع، إذا أخذت البصر، إذا أخذت القوة، خذ القوة مثلا والقدرة، الكائن الضعيف، النملة لها قوة ولها قدرة ولها نطق ولها سمع ولها بصر، فأصل القوة موجود فيها؛ يعني معنى القوة موجود فيها، ما هو أعلى منها في الخِلْقة من جهة مثلاً الهرة موجود عندها قوة، لاشك موجود عندها، بصر موجود عندها سمع، موجود عندها قدرة على أشياء، خذ الأعلى منها الأعلى إلى أن تصل إلى الإنسان إلى أن تصل من الحيونات إلى ما هو من جهة القوة والقدرة أقوى من الإنسان يعني بذاته يعني من جهة الحوانات المفترسة كالأسد ونحو ذلك.
    إذاً القوة قدر مشترك، القدرة قدر مشترك؛ لكن نقول إنه مادام أنها في النملة مختلفة عن الإنسان، نقول: لا فالإنسان ماله قوة لأنَّ قوة النملة هذه، هذا تحديد للصفة ببعض أفردها، ببعض من يتصف بها وهذا جناية على المعنى الكلي؛ لأنَّ اللغة العربية كليات، فيها كليات المعاني،أما الذي يوجد في الخارج فيه الذوات نعم نقول جدار جبل يد أشياء هذه تتصورها؛ لكن من جهة المعاني، المعاني تتصور هذا المعنى بالإضافة إلى من اتصف به.

    ولهذا شيخ الإسلام انتبه لقوة هذا المعنى في الرد في المبتدعة الصفاتية والجهمية وغيرهم، فقرَّرَهُ في كتابه التدمرية كما تعلمون.
    إذاً فتفويض المعنى، المعنى أصلاً متفاوت فإذا فوضنا المعنى معناه أننا لا نعلم أي قدر من المعنى، وهذا لاشك أنه نفي وجهالة بجميع دلالات النصوص على الأمور الغيبية، وهذا باطل؛ لأنَّ القرآن حجة، وجعله الله دالاً على ما يجب له وما يتّصف به ربنا من نعوت الجلال والجمال والكمال.
    التفويض يحتاج إلى مزيد بسط؛ لكن يمكن أن ترجعوا إليه في مظانه، وكثير من العلماء فهم وظنْ أنَّ مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف هو التفويض، حتى إنهم ينقلون كلام شيخ الإسلام ويحملونه على التفويض مثل السَفَّارِيني ومثل مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات، وجماعة من المتأخرين ينقلون كلام شيخ الإسلام وفهموا أنَّ مذهب الإمام أحمد ومذهب شيخ الإسلام ومذهب السلف الذي هو أسلم أنه التفويض، وهذا ليس بصحيح، إذا كان المقصود تفويض المعنى بحيث إنه لا نعلم معنى استوى، لا نعلم معنى ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[البقرة:255]، إيش معنى العلي؟
    نقول لا نعلم معناها ؟؟
    لا نعرف العلو، ما نعرف هنا العلي، قد يكون بمعنى الرحيم، قد يكون بمعنى القدير،
    فهذا تجهيل وجهالة؛ بل ربما آل إلى الطعن في القرآن..

    شرح الطحاوية (الشيخ صالح آل شيخ)----------------------
    قال العلامة الشيخ صالح الفوزان - [ في شرحه على لمعة الاعتقاد ( صفحة :49) ] :

    " ولا معنى : المراد بهذه اللفظة ، أي المعنى الذي يفسره به المبتدعة وهو التأويل ، ليس المراد نفي المعنى الحقيقي ، فإن معناها معروف ، - كما يقول الإمام مالك : ( الاستواء معلوم ، و الكيف مجهول ، و الإيمان به واجب ، و السؤال عنه - أي عن الكيفية - بدعة - فمعنى قوله : ( ولا معنى ) أي : المعنى الذي يريده أهل الضلال وهو التأويل ، مثل تأويل اليد بالقدرة ، و المجيء بمجيء أمره ، و النزول بنزول أمره ، و ما أشبه ذلك .

    هذه معان جاؤوا بها هم ، ونحن ننفيها ، وليست هي المعاني التي أرادها الله سبحانه و تعالى . فهو لا يريد نفي المعنى الذي هو معنى الكلام في اللغة العربية و إنما يريد نفي المعنى المحدث ؛ لأنه يرد على المبتدعة فهو يريد المعنى الذي قصدوه و أحدثوه .

    فلا يتعلق بهذه العبارة من يريد التلبيس [مهم جدا حتى لا يتعلق متعلق-كتبه محمد عبد اللطيف]، و يقول : إن الإمام أحمد مفوض يقول : لا معنى . هذه طريقة المفوضة ، و الإمام أحمد ليس من المفوضة . هو من المفوضة في الكيفية ، لأن الكيفية يجب تفويضها أما المعنى اللغوي فهذا واضح لا يفوض ، بل يفسر و يبين " ا.هـ-[شرح لمعة الاعتقاد صالح الفوزان]

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    أني أقول فأنصتوا لمقالتي ... يا معشر الخلطاء والأخوان

    أمرر أحاديث الصفات كما أتت ... من غير تأويل ولا هذيان

    لله وجه لا يحد بصورة ... ولربنا عينان ناظرتان

    وله يدان كما يقول إلهنا ... ويمينه جلت عن الايمان

    كلتا يدي ربي يمين وصفها ... وهما على الثقلين منفقتان

    كرسيه وسع السموات العلا ... والأرض وهو يعمه القدمان

    والله يضحك لا كضحك عبيده ... والكيف ممتنع على الرحمن

    والله ينزل كل آخر ليلة ... لسمائه الدنيا بلا كتمان

    فيقول هل من سائل فأجيبه ... فأنا القريب أجيب من ناداني

    حاشا الإله بأن تكيف ذاته ... فالكيف والتمثيل منتفيان

    والأصل أن الله ليس كمثله ... شيء تعالى الرب ذو الإحسان

    الله ربي ما تكيف ذاته ... بخواطر الأوهام والأذهان

    لسنا نشبه ربنا بعباده ... رب وعبد كيف يشتبهان


    والآن أهجو الاشعري وحزبه ... وأذيع ما كتموا من البهتان

    يا معشر المتكلمين عدوتم ... عدوان أهل السبت في الحيتان

    كفرتم أهل الشريعة والهدى ... وطعنتم بالبغي والعدوان

    فلأنصرن الحق حتى أنني ... آسطو على ساداتكم بطعاني

    الله صيرني عصا موسى لكم ... حتى تلقف افككم ثعباني

    بأدلة القرآن ابطل سحركم ... وبه ازلزل كل من لاقاني

    هو ملجئي هو مدرئي وهو منجني ... من كيد كل منافق خوان

    إن حل مذهبكم بأرض أجدبت ... أو أصبحت قفرا بلا عمران

    والله صيرني عليكم نقمة ... ولهتك ستر جميعكم أبقاني

    أنا في حلوق جميعهم عود الحشا ... اعيى أطبتكم غموض مكاني

    أنا حية الوادي أنا أسد الشرى ... أنا مرهف ماضي الغرار يماني

    بين ابن حنبل وابن إسماعيلكم ... سخط يذيقكم الحميم الآن

    داريتم علم الكلام تشزرا ... والفقه ليس لكم عليه يدان

    الفقه مفتقر لخمس دعائم ... لم يجتمع منها لكم ثنتان

    حلم وإتباع لسنة أحمد ... وتقى وكف أذى وفهم معان


    يا اشعرية هل شعرتم أنني ... رمد العيون وحكة الأجفان

    أنا في كبود الأشعرية قرحة ... أربو فأقتل كل من يشناني

    وقلبت ارض حجاجهم ونثرتها ... فوجدتها قولا بلا برهان

    والله أيدني وثبت حجتي ... والله من شبهاتهم نجاني

    والحمد لله المهيمن دائما ... حمدا يلقح فطنتي وجناني

    أحسبتم يا أشعرية إنني ... ممن يقعقع خلفه بشنان

    أفتستر الشمس المضيئة بالسها ... أم هل يقاس البحر بالخلجان

    عمري لقد فتشتكم فوجدتكم ... حمرا بلا عن ولا أرسان

    أحضرتكم وحشرتكم وقصدتكم ... وكسرتكم كسرا بلا جبران


    عطلتم السبع السموات العلا ... والعرش اخليتم من الرحمن

    وزعمتم أن البلاغ لأحمد ... في آية من جملة القرآن

    هذي الشقاسق والمخارف والهوى ... والمذهب المستحدث الشيطاني

    سميتم علم الأصول ضلالة ... كاسم النبيذ لخمرة الأدنان

    أني اعتصمت بجبل شرع محمد ... وعضضته بنواجذ الأسنان

    اشعرتم يا اشعرية أنني ... طوفان بحر أيما طوفان

    أنا همكم أنا غمكم أنا سقمكم ... أنا سمكم في السر والإعلان

    أذهبتم نور القرآن وحسنه ... من كل قلب واله لهفان

    فوحق جبار على العرش استوى ... من غير تمثيل كقول الجاني

    ووحق من ختم الرسالة والهدى ... بمحمد فزها به الحرمان

    لأقطعن بمعولي إعراضكم ... ما دام يصحب مهجتي جثماني

    ولأهجونكم واثلب حزبكم ... حتى تغيب جثتي أكفاني

    ولأهتكن بمنطقي أستاركم ... حتى أبلغ قاصيا أو داني

    ولأهجون صغيركم وكبيركم ... غيظا لمن قد سبني وهجاني

    ولأنزلن إليكم بصواعقي ... ولتحرقن كبودكم نيراني

    ولأقطعن بسيف حقي زوركم ... وليخمدن شواظكم طوفاني

    ولأقصدن الله في خذلانكم ... وليمنعن جميعكم خذلاني

    ولأحملن على عتاة طغاتكم ... حمل الأسود على قطيع الضان

    ولأرمينكم بصخر مجانقي ... حتى يهد عتوكم سلطاني

    ولأدحضن بحجتي شبهاتكم ... حتى يغطي جهلكم عرفاني

    ولأغضبن لقول ربي فيكم ... غضب النمور وجملة العقبان

    ولأضربنكم بصارم مقولي ... ضربا يزعزع أنفس الشجعان

    ولأسعطن من الفضول أنوفكم ... سعطا يعطس منه كل جبان

    إني بحمد الله عند قتالكم ... لمحكم في الحرب ثبت جنان

    وإذا ضربت فلا تخيب مضاربي ... وإذا طعنت فلا يروغ طعاني

    وإذا حملت على الكتيبة منكم ... مزقتها بلوامع البرهان

    الشرع والقرآن أكبر عدتي ... فهما لقطع حجاجكم سيفان

    ثقلا على أبدانكم ورؤوسكم ... فهما لكسر رؤوسكم حجران

    إن أنتم سالمتم سولمتم ... وسلمتم من حيرة الخذلان

    ولئن ابيتم واعتديتم في الهوى ... فنضالكم في ذمتي وضماني

    يا اشعرية يا اسافلة الورى ... يا عمي يا صم بلا آذان

    أني لأبغضنكم وأبغض حزبكم ... بغضا أقل قليله أضغاني

    لو كنت أعمى المقتلتين لسرني ... كيلا يرى إنسانكم إنساني

    تغلي قلوبكم علي بحرها ... حنقا وغيظا أيما غليان

    موتوا بغيضكم وموتوا حسرة ... وأسا علي وعضوا كل بنان

    أنا تمرة الأحباب حنظلة العدا ... أنا غصة في حلق من عاداني ----ونصرت أهل الحق مبلغ طاقتي ... وصفعت كل مخالف صفعان

    يا أشعرية يا جميع من أدعى ... بدعا وأهواء بلا برهان

    جاءتكم سنية مأمونة ... من شاعر ذرب اللسان معان

    أنا المحب لأهل سنة أحمد ... وأنا الأديب الشاعر القحطاني صلى الإله على النبي محمد ... ما ناح قمري على الأغصان

    وعلى جميع بناته ونسائه ... وعلى جميع الصحب والإخوان[ مجموع بتصرف من نونية القحطانى]

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    براءة كتاب (قلائد العقيان) من التفويض
    كتاب قلائد العقيان، هو اختصار لكتاب: نهاية المبتدئين لابن حمدان رحمه الله (ت695هـ)، والقلائد لابن بلبان رحمه الله (ت1083هـ).
    مقدمات:
    أولا:
    ينبغي أن يُعلم أن التفويض المردود هو تفويض معاني الصفات بأن يقال: إن معانيها غير معلومة لنا. والمفوضة يقصرون ذلك على الصفات التي يدعون أنها توهم التشبيه.
    وسبق أن نبهت على أن التفويض الكلامي الذي يعدونه تأويلا إجماليا، يقوم على أركان، وهي: اعتقاد أن الظاهر محال، وأنه يجب نفيه، ثم الإمساك عن تعيين معنى صحيح.
    وأشرت إلى أن من فوض من الحنابلة تناقض فقال: تُجرى على ظاهرها، ولا يعلم معناها إلا الله. وقد بين شيخ الإسلام رحمه الله هذا التناقض، وأن إجراءها على ظاهرها، يعني أن ظاهرها مراد، والظاهر هو المعنى الذي يدل عليه اللفظ، فكيف يقال: تجرى على الظاهر ثم يقال: لا يعلم معناها!

    ثانيا:
    مفوضة الحنابلة يثبتون العلو الذاتي، والحرف والصوت، وهذا تشبيه وتجسيم وكفر عند أصحاب التفويض الكلامي، ولهذا نستشهد بمن أثبت العلو والحرف والصوت في الرد على مفوضة الأشاعرة، ونبرئ الحنبلي المثبت لذلك من التفويض جملة، إذا لم نقف له على نص صريح بالتفويض.

    ثالثا:
    الأصل حمل النصوص على الحقيقة، وفهم معانيها على مقتضى اللغة، والتفويض على خلاف الأصل، فلا ينسب لأحد إلا ببينة، لا سيما مع اعتقادنا أنه بدعة وضلالة.

    وهذا أوان الشروع في المقصود، فأقول: ليس في كتاب "قلائد العقيان" ما يفيد تفويض الصفات الخبرية.
    وهذا نصه:

    "[فكل ما صح] نقله عن الله، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو جميع علماء أمته، وجب قبوله، والأخذ به، وإمراره كما جاء وإن لم يُعقل معناه.
    فيحرم تأويل ما يتعلق به تعالى، وتفسيره، كآية الاستواء، وحديث النزول، وغير ذلك، إلا بصادر عن النبي صلى الله عليه، أو بعض الصحابة.
    وهذا مذهب السلف قاطبة، وهو أسلم المذهبين وأَولاهما، لموافقته لسلف الأمة وخيار الأئمة، رضوان الله عليهم أجمعين.
    فلا نقول في التنزيه كقول المعطلة، ولا نميل في الإثبات إلى إلحاد الممثلة، بل نثبت ولا نحرف، ونصف ولا نكيف، فالإيمان بذلك واجب من غير ردٍّ ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تجسيم ولا تأويل، على مقتضى اللغة.
    والكلام في [الصفات] فرع على الكلام في الذات، فكما أنه لا شبيه له في ذاته، لا شبيه له في صفاته، [فصفاته] معلوم وجودها، [ولا يَعلم حقائقها] إلا هو سبحانه وتعالى، ونحن نضرب عن [كيفيتها]، فمذهبنا حق بين باطلين، وهدى بين ضلالتين، وهو إثبات الأسماء والصفات مع نفي التشبيه والأدوات" انتهى.
    وبيان براءته من التفويض من وجوه:
    الأول:
    أن قوله: " [فكل ما صح] نقله عن الله، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو جميع علماء أمته، وجب قبوله، والأخذ به، وإمراره كما جاء وإن لم يُعقل معناه":
    يشمل جميع نصوص الصفات، دون تخصيص بالصفات الخبرية، وقد بين أن الواجب القبول، وأن تمر كما جاءت، وقد جاءت ألفاظا دالة على معاني، فإمراها كما جاءت لا يعني عدم العلم بمعناها، بل يعني التسليم لها، وعدم التصرف فيها بتأويل أو تكييف.

    وقوله: "وإن لم يعقل معناه" أي يجب التسليم لجميع النصوص حتى لو فرض أنه لم يعقل معناها، وهذا أمر نسبي، يحصل للبعض، وليس قاعدة عامة. وقد جعل رحمه الله الإمرار للجميع وليس خاصا بما لم يعقل معناه، فلا يقال: إنه أراد الصفات الخبرية أو غيرها، بل تمر جميعا كما جاءت حتى الذي لا يعقل معناه. وعُلم من هذا أن "الإمرار" ليس معنا خاصا بما لا يعقل معناه، بل هو أمر يُتبع في جميع نصوص الصفات.
    الوجه الثاني:
    أن قوله: " فيحرم تأويل ما يتعلق به تعالى، وتفسيره، كآية الاستواء، وحديث النزول، وغير ذلك، إلا بصادر عن النبي صلى الله عليه، أو بعض الصحابة".
    فيه أمران:
    1-أن التأويل والتفسير ممنوعان في كل (ما يتعلق به تعالى) فليس خاصا بالصفات الخبرية، وهذا يعني أن التفسير لا يراد به (معرفة المعنى) ، لأنه لو أراد ذلك لكان محرما أن نعرف معنى القدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام والحياة؛ إذ قد منع التفسير لما يتعلق به تعالى.
    وعليه فالتفسير هو التأويل، وهذا شائع عند السلف، وقد يطلقونه على التكييف، كما بينته مفصلا في "مقالة التفويض".
    2-وفيه أن التفسير جائز إذا كان صادرا عن النبي صلى الله عليه، أو بعض الصحابة، وهذا لا يقوله المفوضة-بأنواعهم-؛ لأنهم يرون أن المتشابه لا يعلمه إلا الله، فلا يعلمه الصحابة جزما.
    الوجه الثالث:
    قوله: " والكلام في [الصفات] فرع على الكلام في الذات، فكما أنه لا شبيه له في ذاته، لا شبيه له في صفاته، [فصفاته] معلوم وجودها، [ولا يَعلم حقائقها] إلا هو سبحانه وتعالى، ونحن نضرب عن [كيفيتها]، فمذهبنا حق بين باطلين، وهدى بين ضلالتين، وهو إثبات [الأسماء والصفات] مع نفي التشبيه والأدوات":
    فيه أمور:
    1-التسوية بين "الصفات" فلم يخص منها الخبرية أو غيرها.
    2-أن الصفات لا يُعلم حقائقها، ولا كيفياتها، وهذا حق، ولم يقل: "لا يعلم معناها"، ولم يخص صفة دون صفة.
    3-وفيه أن هذا المنهج يعم "الأسماء والصفات" جميعا دون تفريق أيضا.
    4-وفيه نفي التشبيه والأدوات، وهذا حق أيضا، فهو سبحانه منزه عن ذلك، وتشبيهه بخلقه كفر، وليست صفاته بجوارح ولا أدوات، تعالى الله عن ذلك.
    تنبيهان:
    الأول:
    قوله: " فالإيمان بذلك واجب من غير رد ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تجسيم ولا تأويل، على مقتضى اللغة".
    إذا كان قوله: "على مقتضى اللغة" متعلقا بقوله: "ولا تأويل" فهو غير ظاهر، فإنه يوهم بأن اللغة تقتضي التأويل، ومعلوم أن التأويل على خلاف الأصل.
    وإذا كان متعلقا بقوله: "واجب" أي أن الإيمان بالصفات واجب على مقتضى اللغة، ففي ذلك إثبات لمعاني الصفات على أتم وجه.
    ويؤيد هذا الاحتمال:
    أمران:
    1-استقامة المعنى به.
    2-أن هذا الموضع نقله ابن حمدان عن أبي الحسن، والظاهر أنه ابن الزاغوني (ت527هـ)
    ولم أجده في كتابه الإيضاح على هذا النسق، لكنه يكرر هذا المعنى، وهو الإثبات على مقتضى اللغة، ومن ذلك قوله في إثبات صفة الوجه: " (الظاهر ما كان متلقى من اللفظ على طريق المقتضي، وذلك مما يتداوله أهل الخطاب بينهم. حتى ينصرف مطلقه عند الخطاب إلى ذلك، عند من له أدنى ذوق ومعرفة بالخطاب العربي واللغة العربية" انتهى من الإيضاح، ص281
    ولعلي أعود لهذه النقطة.
    التنبيه الثاني:
    أن الشارح لقلائد العقيان وهو "عبد الله بن محمد العبد الله" أساء إلى ابن بلبان وإلى الحنابلة، في كثير من تعليقاته، بنقل كلام المتكلمين من خصوم الحنابلة! لا سيما في أعظم مسألتين وهما العلو والكلام، حتى جعل مذهب الحنابلة موافقا للنفاة في المسألتين، إضافة إلى عدم الدقة في ما يعزوه إلى أئمة المذهب، كالمرداوي وابن النجار، بل في عزوه خلل يصل إلى التحريف.
    وهذا له موضع آخر.
    ***
    والحاصل أنه ليس في هذا الكتاب "قلائد العقيان" ما يمكن أن يُعتمد عليه لإثبات دعوى تبنيه للتفويض.
    وبهذا يكون قد سلم لنا متنان من متون العقيدة الحنبلية، من التفويض:
    العين والأثر، لعبد الباقي، وقلائد العقيان، لابن بلبان.

    ويأتي النظر في "لمعة ابن قدامة"، ونهاية ابن حمدان، إن شاء الله.

    والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    https://www.facebook.com/permalink.p...00001398417858
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    براءة عبد الباقي الحنبلي من التفويض
    قلت في مقالة النفويض ص 430:
    "قال رحمه الله عن تفسير الاستواء بالاستيلاء: (إن هذا تفسير لم يقل به أحد من السلف من سائر المسلمين من الصحابة والتابعين، بل أول من قال ذلك الجهمية والمعتزلة كما قاله أبو الحسن الأشعري في كتاب المقالات، وكتاب الإبانة، فإنه كان [معلوماً للسلف علماً ظاهراً]، فيكون التفسير المحدث باطلاً، ولهذا قال مالك: الاستواء معلوم.
    وأما قوله: (والكيف مجهول) فالجهل بالكيف لا ينفي علم ما [قد عُلم أصله]، كما نقر بالله ونؤمن به، ولا نعلم كيف هو، أشار إلى ذلك الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض رسائله والله أعلم) [العين والأثر ص 111].
    وفيه إثبات أصل المعنى، وأن التفسير الباطل هو التفسير المحدث المخالف للظاهر، كتفسير الاستواء بالاستيلاء" انتهى كلامي.

    والشاهد منه: أن الاستواء كان معلوما للسلف علما ظاهرا، وأنه قد علم أصله، وأن المجهول هو الكيف. فجاء من يعترض ويهول ويقول: هذا بتر، وتدليس وكذب وعدم فهم. قال محمد عبد الواحد الحنبلي: " شوف التهريج عبد الباقي المواهبي الحنبلي. عبد الباقي رأس المفوضة تقول عليه مثبت !
    انت جايب كلامه في [صفة الاستواء] وعايز تعممه على بقية الصفات. أليس هذا هو التدليس يا جماعة . انت جايب كلامه في صفة الاستواء، واحنا اصلا لا ننازع في صفة الاستواء، وقلت مائة مرة وكتبت في المقال : ان الكلام في [الصفات الخبرية] فأنت جايب كلامه في الاستواء وتقول: أثبت أصل المعنى في الاستواء فهو مثبت لبقية الصفات. انت عايز تقول كده يعني؟ ده كذب وتدليس.
    ده اسمه كذب وتدليس. هي دي طريقتهم. عايز يحشد وخلاص" انتهى كلامه.
    وساق من كلام عبد الباقي ما يدل على التفويض- بزعمه- وسيأتي.
    والجواب عليه من وجوه – مختصرة-:

    الأول: سلمنا أن مفوضة الحنابلة لا يثبتون الصفات الخبرية، [أي لا يثبتون معناها]. لكن الاستواء صفة خبرية!!
    والمعترض لم يفرق بين العلو والاستواء، وبينهما فرق يعلمه صغار الطلبة.
    وقد نبه شيخ الإسلام على أن مفوضة الحنابلة يثبتون العلو لأنه من الصفات العقلية عندهم، ويفوضون الاستواء.

    وكونك تكرر دعواك هذه مائة مرة، دليل على أنك لا تدرك هذه المسائل ولست من أهلها.
    قال شيخ الإسلام: "ومن أثبت [العلو] بالعقل وجعله من [الصفات العقلية]: كأبي محمد بن كلاب وأبي الحسن بن الزاغوني ومن وافقه وكالقاضي أبي يعلى في آخر قوليه وأبي محمد: أثبتوا العلو، وجعلوا [الاستواء] من [الصفات الخبرية التي يقولون لا يعلم معناها إلا الله]" انتهى.
    مع أن العلو محل خلاف، فهناك من يثبته صفة عقلية خبرية. وليس هذا محل النزاع هنا.

    ولذلك أقول: من أثبت معنى الاستواء من الحنابلة كان دليلا على خروجه من التفويض، ما لم يكن له كلام صريح في بقية الصفات الخبرية.
    ولهذا فقد أتبعتُ هذا النقل بكلام لعبد الباقي في صفة النزول والإتيان والمجيء وفيه أن الذي يفوض هو الكيفية.
    قال رحمه الله: "المقصد الثاني في مسائل وقع فيها الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة: منها أننا نؤمن بأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه من غير تأويل... ومنها نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبت الحنابلة ما أثبته رسول الله، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، [ويكلون علمه إلى الله تعالى]، وكذلك ما أنزل الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله تعالى: (وجاء ربك والملك) الآية، وفي قوله: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) الآية، ونؤمن بذلك بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن [يبين لنا كيفية ذلك فعل]، فانتهينا إلى ما أحكمهن [وكففنا عن الذي يتشابه]"
    قلت : وفي قوله: (فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمهن وكففنا عن الذي يتشابه) دليل على أن الذي يفوّض هو الكيفية، وهي المتشابه، وقد عبر عنه في النزول بقوله: (ويكلون علمه) أي علم كيفيته وحقيقته" انتهى من مقالة التفويض.

    فعبد الباقي جمع هنا بين الاستواء، والبينونة، والنزول، والمجيء، والإتيان، وقال: (ويكلون علمه إلى الله) ولم يقل: [يكلون علم معناه]، أو لا يعلمون معناه. ثم ذكر أن الله لم يبين لنا الكيفية، فانتهينا إلى ذلك، وكففنا عن الذي يتشابه، أي عن هذا الذي يبينه الله. وهذا واضح في أنه يجعل الكيفية هي المتشابه، ويفوضها. فيكون قوله: (ويكلون علمه) أي علم كيفيته وحقيقته.
    الوجه الثاني:
    أن المعترض لم يسق شيئا يدل على تفويض عبد الباقي، وجعل يقول: " عبد الباقي رأس المفوضة تقول عليه مثبت!" وهذا الاستعظام لا قيمة له.
    وهو يرمي غيره بالاعتماد على الاستعظام والاستبعاد، والأمر ليس كما يقول، بل لا تهتز شعرة عندي لو كان عبد الباقي وابن قدامة وغيرهما مفوضة، والمسألة ليست "بلطجة" كما يقول هو أيضا.

    وقد استشهد بموضعين على تفويضه:
    الموضع الأول:
    قوله: "فيحرم تأويل ما يتعلق به تعالى، وتفسيره، كآية الاستواء، وحديث النزول، وغير ذلك من آيات الصفات، إلا بصادر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعض الصحابة، وهذا مذهب السلف قاطبة"انتهى.

    قلت: يجاب عنه من وجوه:
    1-أن التفسير المنفي هنا التفسير المحدث الباطل، كما قال في الاستواء، لا سيما وقد ذكر هنا الاستواء أيضا.

    2-أنه لم ينف التفسير مطلقا، بل قال: " إلا بصادر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعض الصحابة" وهذا لا يقوله المفوضة.

    3-أنه أدخل في ذلك كل الصفات، فلم يخصها بالخبرية ولا غيرها، بل قال: " ما يتعلق به تعالى" وقال: "وغير ذلك من آيات الصفات"، فيلزم على -فهم المفوض- أن جميع الصفات تفوض!! ويدخل في ذلك العلو والحرف والصوت والقدرة والإرادة الخ.
    وهذا يجعل المراد بالتفسير: التفسير الباطل، أمرا متعينا.

    الموضع الثاني:
    قول عبد الباقي: " وسيأتي في التتمة الخامسة, ذكر كلام الشيخ الأشعري، وأنه موافق للإمام أحمد في الاعتقاد، وأنه يجري المتشابهات على ما قاله الله من غير تصرف ولا تأويل، كما هو مذهب السلف" انتهى.
    قلت: جوابه من وجهين:
    1-أنه ليس فيه إلا نفي التصرف والتأويل، ولم يتعرض لنفي العلم المعنى.
    ونحن نقول: إن السلف لا يفسرون ولا يكيفون، ولا يتعمقون، مع إثباتهم المعنى. وهذا يقرره شيخ الإسلام في مواضع، وقد بينته مفصلا في الكتاب.
    2-أن الأشعري يثبت "الصفات الخبرية" على الحقيقة، ويصرح بذلك، وقد نقلته كلامه بتمامه، والمعترض يهوّل ويقول: الأشعري؟!
    يتعجب من جعلي إياه من المثبتة.
    قال شيخ الإسلام: " فإن الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية" انتهى.
    وقد أحال عبد الباقي إلى التتمة الخامسة، وفيها النقل عن الأشعري أنه على اعتقاد الإمام أحمد، والإشارة إلى كلامه في المقالات والإبانة.
    قلت: وقد صرح في الإبانة بإثبات يدين لله على الحقيقة، لا على المجاز، وأن الخطاب يفهم بلغة العرب، وأن القرآن على ظاهره لا يزول عنه إلا بحجة. وكلامه صريح في نفي التفويض، انظر: مقالة التفويض، ص309- 313
    وأقول: الأصل حمل كلام الأئمة على ظاهره، وألا ينسب التفويض لواحد منهم إلا ببينة.
    وقد بان للمنصف أن عبد الباقي الحنبلي، لا يقول بتفويض المعنى، والحمد لله.
    *** وهنا تنبيهات:
    1-قدم المعترض [محمد عبد الواحد] لنقده هذا بأني " بتكلم عن الحنابلة وعايز يبرأهم من التفويض".
    وهذا لم يكن. وقد نبهته من قبل أني لم أتعرض للحنابلة إلا بأسطر في هامش! فتفويض الحنابلة تفويض خاص، متناقض، يحتاج إلى كتابة مستقلة.
    ولكني ذكرت كثيرا من أعلام الحنابلة، لا لخصوصية أنهم حنابلة، بل لأنهم مثبتة غيرمفوضة، فسقت كلامهم بحسب السياق التاريخي الذي اعتمدته في الكتاب.
    2-قد صرح ولمح بأني أتكثر بالنقول دون فهم، وأنقل من آخر الكتاب دون قراءته.
    وأقول: هذا تخرص وسوء ظن، وهو خلاف الواقع، فإني أقرأ الكتاب كاملا، وأقرؤه عدة مرات غالبا، إلا أن يكون مثل تفسير الطبري مثلا، فأتتبع المظان، وكم من عالم تركت نقل كلامه، مع جماله! لأني وجدت له ما يعكر عليه في مؤلف آخر مثلا.

    3-أكثر المعترض من التحقير والرمي بالكذب والتدليس والجهل وعدم الفهم، وهذا جوابه: أن الموعد غدا، ولا أظنه يجهل حديث (المفلس)، والسب يحسنه من هو أهله، ولا عجب فقد خرج منه في حقه شيخه الدكتور محمد يسري، وفي حق مقربين منه كالشيخ خالد بهاء، والأخ أحمد سالم، ما يندى له الجبين، ويستحيي منه الرعاع من بني آدم.

    وهنا أوجه نصيحة لطالب العلم:
    إذا أخذت العلم عن بذيء مستهتر بالأعراض، فإنك ستأخذ عنه البذاءة، والاستهانة بأقدار الناس، وسيظلم قلب. وجرّب!
    ونصيحة أخرى لمن يصاحب هذا النوع من الناس:
    احذر أن تأمنه على سر، فإنه عند أول انقلاب عليك، سيفشيه، وإن كان أمرا معيبا عيّرك به، ولك فيما ذكرت من الأسماء عبرة.

    4-الخلاف الأعظم مع هذا المعترض الآن هو في أصل التوحيد، ومعرفة الشرك، وقد تبين من كلامه وتوضيحه أنه لا يرى دعاء الميت شركا إلا إذا اعتقد فيه الاستقلال بالتأثير، أو الاشتراك مع الله فيه، أو مع توكل القلب عليه وتذلله له، وأنه لا يكون بدون ذلك شركا، وهذا موافق لاعتقاد القبورية، وموافق لمذهب غلاة المرجئة في ربط الكفر بالاعتقاد. وقد بينت ذلك في مقال مستقل، إضافة إلى تجويزه الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، التي لم يتراجع عنها.
    5-الصراخ على قدر الألم، وقد كنت معرضا عن أكثر مشاركاته، فلما نظرت فيها في الشهر الماضي، رددت عليه في جملة مسائل تبين فيها خطؤه، منها أن "البردة" ليس فيها استغاثة، ومنها الرد على مقولة لابن قدامة استشهد بها على التفويض، ومنها ما يتعلق بأهل التجهيل وأن شيخ الإسلام لم يدخل فيهم الحنابلة، وقد أتيت بثلاث نقول واضحة تدل على خلاف قوله، ومنها ما يتعلق بدراسة المذهب الحنبلي في المملكة، ورد شهادته التي لم يبنها على شيء.
    5-قد دعوت إلى هجر هذا المعترض وعدم الأخذ عنه؛ لأنه ضال يبث الشبهات، ولهذا لا أقبل أن يذهب إليه أحد ثم يأتي يطلب الجواب عن شبهة، فهذا مخالف لمقصود الهجر. ومن خالف النصيحة فدخلت عليه الشبهات، فلا يلوم إلا نفسه.
    والعقيدة إنما تؤخذ عن أهل العلم الثقات، لا ممن يردد شبهات القبورية ومقالاتهم، أو يروج للتفويض المبتدع.

    أسال الله أن يهدينا، ويثبتنا على الحق، ويجعلنا من أنصاره.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    https://www.facebook.com/permalink.p...00001398417858
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال يوسف سمرين
    لماذا تفوض؟
    لأن القاضي أبا يعلى ... والمذهب والتمذهب..
    طيب ألا تقلد القاضي وغيره في قولهم:

    (قال القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب والحلواني: مسائل الأصول المتعلقة بالاعتقاد بالله، وما يجوز عليه وما لا يجوز، وما يجب له، ويستحيل عليه، لا يجوز التقليد فيها).
    (المسودة في أصول الفقه، آل تيمية، جمعها وبيضها: شهاب الدين، أبو العباس، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني، حققه: محمد محيى الدين عبد الحميد، مطبعة المدني - القاهرة، 1384هـ - 1964م، ص 457.)
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

    براءةُ الإمامِ أحمدَ مِن التّفويض وكشــف دعـــوى الحنابلة الجدد

    من نفيس كلام الإمام مالك رحمه الله قوله: “ليس في الناس شيء أقل من الإنصاف”([1])، ويقول الذهبي: “الإنصاف عزيز”([2]).
    وهو امتثال لما أرشدنا الله تعالى إليه في كتابه العزيز، حيث قال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
    وفي هذه الورقة العلمية نناقش واحدة من الدعاوى التي ادعاها بعض من ينتسب إلى الحنابلة المفوضة([3])؛ حيث ادعى أن “التفويض المروي عن الإمام أحمد يختلف عن التفويض المحدَث عند السلفية المعاصرة([4])، فتفويض الإمام أحمد لبعض النصوص هو إثبات صحتها، ثم تسليمها من غير التحدث في معانيها”([5]). وهذا هو مذهب المفوضة بعينه، الذين يعتبرون بعض نصوص صفات الله تعالى مجهولة غير معقولة، لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن ثم يجب تفويض معناها إلى الله تعالى([6]).

    وفيما يلي رد على تلك الدعاوي من وجهين:
    الرد الإجمالي: وذلك بتقرير مذهب السلف في تفويض المعنى لصفات لله تعالى، والإمام أحمد واحد من أئمة السلف.
    الرد التفصيلي: عن طريق مناقشة ما ادعاه صاحب كتاب “السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة” على الإمام أحمد في التفويض، وأنه قائل بتفويض معاني الصفات.

    تقرير مذهب السلف في تفويض معاني الصفات:
    قد ثبت بالتواتر اتفاق السلف الكرام – رضي الله عنهم جميعًا – على الإقرار والإيمان بصفات الله تعالى على حقيقتها وظاهرها، مع إثبات معانيها اللائقة بالله تعالى، وتفويض كيفيتها إلى الله تعالى، وأنه لا تلازم بين إثبات ظواهر النصوص والوقوع في وحل تشبيه الله تعالى بخلقه([7])، وإليك بعض أقوالهم في هذا المعنى:

    يقول ابن قتيبة (ت 276 هـ): “الواجب علينا أن ننتهي في صفات الله حيث انتهى في صفته، أو حيث انتهى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا نزيل اللفظ عمَّا تعرفه العرب وتضعه عليه، ونمسك عمَّا سوى ذلك”([8]).
    ويقول أبو منصور الأزهري الهروي (ت 370 هـ): وأخبرني محمد بن إسحاق السعدي عن العباس الدُّورِي أنه سأل أبا عبيدٍ عن تفسيره [يعني: حديث “إن جهنم تمتلئ حتى يضع الله فيها قدمه”] وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال: “هذه أحاديث رواها لنا الثقاتُ عن الثقات حتى رفعوها إلى النبي عليه السلام؛ وما رأينا أحدًا يفسرها، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسرها”. أراد: أنها تترك على ظاهرها كما جاءت”([9]).
    ويقول أبو سليمان الخطابي (ت 388 هـ) في كتاب “الغنية عن الكلام وأهله”: “فأما ما سألت عنه من الكلام في الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسنن الصحيحة، فإن مذهب السلف إثباتها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها”([10]). قال الذهبي (ت 748 هـ) -عقبه -: “وكذا نقل الاتفاق عن السلف في هذا الحافظ أبو بكر الخطيب، ثم الحافظ أبو القاسم التيمي الأصبهاني، وغيرهم”([11]).
    ويقول ابن عبد البر (ت 463 هـ): “أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة…”([12]).
    ويقول أبو طاهر الكرجي (ت 489 هـ): “وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقية لا مجازية“([13]) .
    ويقول الإمام أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي (ت 535 هـ) –
    وقد سئل عن صفات الرب تعالى – فقال: “مذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه: أن صفات الله التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، من السمع، والبصر، والوجه، واليدين، وسائر أوصافه، إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يتوهم فيه، ولا تشبيه ولا تأويل، قال سفيان بن عيينة: “كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره”، أي: على ظاهره، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل”([14]).
    وهذا محل اتفاق من علماء السلف الكرام؛ يقول ابن تيمية (ت 728 هـ): “فهذا اتفاق من الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه([15])، وأنه لا يسكت عن بيانه وتفسيره، بل يبين ويفسر باتفاق الأئمة من غير تحريف له عن مواضعه، أو إلحاد في أسماء الله وآياته”([16]).
    فتأمل في هذه الأقوال؛ ليتضح لك جليًّا ما كان عليه السلف في باب صفات الله تعالى، وأنهم يثبتون لها المعنى اللائق بالله تعالى، ويقطعون العلائق عن إدراك كيفيتها، ويفوضون كيفية صفات الباري سبحانه إلى الله تعالى، وهذا بعينه هو قول السلفية المعاصرة، ولا فرق البتة.

    وليعلم أنهم لا يتحاكمون في اعتقادهم هذا إلى مصطلحات الفلاسفة والمتكلمين الحادثة – كالجسم والحيز ونحو ذلك – التي بنوها على أقوال مشتبهة مجملة تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه لفظًا ومعنًى يوجب تناولها الحق والباطل، فبما فيها من الحق يقبل ما فيها من الباطل؛ لأجل الاشتباه والالتباس.
    وهذا الذي قدمناه هو قول علماء السلف قاطبة قبل مجيء شيخ الإسلام ابن تيمية، وبه يرد على قول صاحب الدعوى أنه “لم يقل به أحد قبل ابن تيمية”، وإن كان شيخ الإسلام له باع طويل وفضل كبير في تأصيل هذا المعنى وتقعيده.
    وعلى العكس تمامًا؛ فإن مذهب المفوضة هو القول المحدث بعد المائة الرابعة من الهجرة، ولله در الإمام الذهبي – في بيان إحداث قول المفوضة – حيث قال: “قلت: المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة، ما علمت أحدًا سبقهم بها؛ قالوا: هذه الصفات تمر كما جاءت، ولا تأوَّل، مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد.

    فتفرع من هذا أن الظاهر يُعنى به أمران:
    أحدهما: أنه لا تأويل لها غير دلالة الخطاب، كما قال السلف: الاستواء معلوم،
    وكما قال سفيان وغيره: قراءتها تفسيرها.
    يعني: أنها بينة واضحة في اللغة، لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف، مع اتفاقهم أيضًا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه؛ إذ الباري لا مثل له، لا في ذاته، ولا في صفاته.
    الثاني: أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة، كما يتشكل في الذهن من وصف البشر.
    فهذا غير مراد؛ فإن الله تعالى فرد صمد ليس له نظير، وإن تعددت صفاته، فإنها حق، ولكن ما لها مثل ولا نظير، فمن ذا الذي عاينه ونعته لنا؟! ومن ذا الذي يستطيع أن ينعت لنا كيف يسمع كلامه؟!…”([17]) .
    ولنشرع الآن في مناقشة ما ادعي على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

    دعوى تفويض الإمام أحمد بن حنبل لمعاني الصفات:
    بنى صاحب كتاب “السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة” ادعاءه بأن تفويض الإمام أحمد لبعض النصوص هو إثبات صحتها، ثم تسليمها من غير التحدث في معانيها، على عدة أمور، نناقشها في النقاط الآتية:

    النقطة الأولى: الرواية عن الإمام أحمد: “ولا كيف ولا معنى”:
    أورد فيها رواية عن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – أنه قال: “نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئًا ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح…”([18]).

    الجواب عن رواية “ولا كيف ولا معنى”:
    حتى نتمكن من فهم كلام الإمام أحمد على وجهه الصحيح، فلا مفر من جمع أطراف كلامه رحمه الله فيها، ثم يحمل المتشابه من كلامه على صريحه ومحكمه، فيقال:

    أولًا: إن هذه الرواية المذكورة غلط:
    والسبب في غلطها: أنها من تفردات حنبل بن إسحاق عن الإمام أحمد، ومعلوم أن حنبلًا ينفرد – أحيانًا – عن الإمام أحمد ببعض الروايات، وهذه الرواية منها:

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “حنبل له مفاريد ينفرد بها من الروايات في الفقه، والجماهير يروون خلافه، وقد اختلف الأصحاب في مفاريد حنبل التي خالفه فيها الجمهور هل تثبت روايته؟ على طريقين: فالخلال وصاحبه قد ينكرانها، ويثبتها غيرهما كابن حامد”([19]). فعلى طريق الخلال وصاحبه فإن هذه الرواية مردودة غير مقبولة، وعلى طريق ابن حامد يتعامل معها بما سيأتي في النقطة ثالثًا.
    ويقول الذهبي: “له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب“([20]) .
    ويقول ابن القيم (ت 751 هـ) –في أثناء كلامه عن رواية لحنبل -: “إنها غلط عليه [يعني: على الإمام أحمد]؛ فإن حنبلًا تفرد به عنه، وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، وإذا تفرد بما خالف المشهور عنه، فالخلال وصاحبه عبد العزيز لا يثبتون ذلك رواية، وأبو عبد الله بن حامد وغيره يثبتون ذلك رواية، والتحقيق أنها رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه، هذا إذا كان ذلك من مسائل الفروع، فكيف في هذه المسألة؟!”([21]).
    ثانيًا: اختلفت ألفاظ هذه الرواية عند الناقلين لها:
    والسؤال: إذا اختلفت الألفاظ فما هو المعيار الذي يجعلنا نرجح لفظًا منها على لفظ آخر؟! ففي حين اقتصر الإمام ابن بطة في “الإبانة الكبرى” على قوله: “بلا كيف”([22])، فإننا نجد في “شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة” للالكائي قوله: “بلا كيف ولا حد”([23])، وعند أبي يعلى في “إبطال التأويلات” قوله: “ما لك ولهذا؟ امض الحديث على ما روي”([24])، فالواجب علينا في مثل هذه الحال هو رد المتشابه من ألفاظ الإمام أحمد إلى المحكم من كلامه، أو الترجيح بين الروايات، وهو ما سنعرض له في الفقرات التالية.
    ثالثًا: سلمنا جدلًا بصحة تلك الرواية بألفاظها المختلفة:
    في هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وقد اختلف الأصحاب في مفاريد حنبل التي خالفه فيها الجمهور هل تثبت روايته؟ على طريقين: فالخلال وصاحبه قد ينكرانها [وقد مر ذلك في النقطة أولًا]، ويثبتها غيرهما كابن حامد”([25]).
    فإما أن يقال: إن هذه الرواية من المتشابه الذي يختلف الناس في فهم معناه، والواجب علينا هو الرجوع إلى كلام الإمام الصريح المحكم في هذه المسألة.
    وإما أن نتعامل معها بطريق ابن حامد، بأن تُعدُّ الروايات عن الإمام أحمد متعارضة؛ وحينئذٍ يلجأ علماء المذهب إلى الترجيح، وفيه يقول المرداوي (ت 885 هـ): “وإن جهل التاريخ [يعني: في الروايتين المتعارضتين ولم يعلم التاريخ] فمذهبه [يعني: الإمام أحمد]: أقربهما من كتاب أو سنة، أو إجماع، أو أثر، أو قواعده، أو عوائده، أو مقاصده، أو أدلته”([26]).
    وقد صرَّح الإمام أحمد بأنه يعلم تفسير صفات الله تعالى ومعناها، دون كيفيتها؛ وإليك بعض نقولات علماء المذهب الحنبلي عن الإمام أحمد في هذا:
    يقول أبو بكر الخلال (ت 311 هـ): “ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- أن لله عز وجل وجهًا، لا كالصور المصورة والأعيان المخططة، بل وجهة وصفه بقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، ومن غيَّر معناه فقد ألحد عنه، وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز، ووجه الله باقٍ لا يبلى، وصفة له لا تفنى، ومن ادعى أن وجهه نفسه فقد ألحد، ومن غيَّر معناه فقد كفر، وليس معنى وجه معنى جسد عنده، ولا صورة، ولا تخطيط، ومن قال ذلك فقد ابتدع”([27]).
    ويقول أبو يعلى (ت 458 هـ): “فقد روي عن أحمد وغيره ما يدل على التفسير، فقال أحمد في رواية عبدوس بن مالك العطار: “ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ولم يؤمن بها، لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك، وأحكم له فعليه الإيمان والتسليم”.
    قالوا: فقول أحمد: “ومن لم يعرف تفسير الحديث، ويبلغه عقله، فقد كفي ذلك وأحكم له”، معناه: قد كفاه ذلك أهل العلم، وأحكموا له علمه، فدلَّ على التفسير“([28]).
    ويقول ابن القيم: قال ابن الماجشون والإمام أحمد وغيرهما من السلف: “إنا لا نعلم كيفية ما أخبر الله به عن نفسه، وإن علمنا تفسيره ومعناه“([29]).
    ويقول ابن تيمية: “واحتج [يعني: الإمام أحمد في كتابه “الرد على الزنادقة والجهمية”] على أن الله يرى، وأن القرآن غير مخلوق، وأن الله فوق العرش؛ بالحجج العقلية والسمعية، وردَّ ما احتج به النفاة من الحجج العقلية والسمعية، وبيَّن معاني الآيات التي سماها هو متشابهة، وفسرها آية آية”([30]) .
    النقطة الثانية: رواية “أحاديث الصفات تمر كما جاءت”:
    النقطة التالية التي اعتمد عليها في دعواه هي ما قاله المرُّوذِي في روايته عن الإمام أحمد: “أحاديث الصفات تمر كما جاءت”.

    الجواب عن هذه النقطة:
    هذه الرواية ثابتة عن الإمام أحمد من وجوه متعددة؛ فقد رواها عنه المرُّوذِي([31]) والخلال([32])، وإنما يناقش صاحب الدعوى فيما فهمه منها، وبيان ذلك:
    أن مقتضى هذه العبارة هو إبقاء ما دلت عليه الصفات كما هو، من غير تحريف ولا تعطيل،
    يقول ابن تيمية: “فقولهم: “أمروها كما جاءت” يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه؛ فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معاني”([33]).
    أنها لو كانت دلالة الصفات غير مقصود، أو أن الواجب اعتقاد خلاف ظاهرها؛ لقال: أمروا ألفاظها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عما دلت عليه، وفي هذا يقول ابن تيمية: “فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمِرُّوا ألفاظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمِرُّوا ألفاظها مع اعتقاد أن الله لا يُوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذٍ فلا تكون قد أُمِرّت كما جاءت”([34]).
    لو دلت هذه العبارة على تفويض المعنى لما كان لقول الإمام أحمد: “امض الحديث كما روي بلا كيف”([35]) معنًى؛ يقول ابن تيمية: “ولا يقال حينئذٍ: “بلا كيف”؛ إذ نفي الكيفية عمَّا ليس بثابت لغوٌ من القول”([36]).
    ومما يؤيد أن هذه العبارة تفيد إثبات معاني الصفات: ما قاله سفيان بن عيينة (ت 198 هـ): “كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن، فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل”([37]).
    والمعنى: أنها تترك على ظاهرها، وهذا العموم يتوافق مع قاعدة: “القول في الصفات كالقول في بعض”([38])، فلا فرق بين إثبات صفة العلم واليد والضحك ونحو ذلك، فجميع الصفات تنتظم في نظم واحد.
    النقطة الثالثة: ادعاؤه بأن الإمام أحمد لم ينقل عنه إثبات بعض الصفات لله تعالى:
    يقول صاحب الدعوى: “فكان الإمام أحمد يثبت النصوص كما هي، فلم يقل: لله صفة الوجه، وصفة الإصبع، وصفة الساق، وصفة الهرولة، وصفة الظل، فهذا كلام مبتدع لا دليل عليه مطلقًا، ولا يوجد رواية صحيحة عن الإمام أحمد تثبت هذه الصفات بهذا الكلام، بل هذا كلام محدث في أصول الدين”([39]).

    الجواب عن هذه النقطة من وجوه:
    هذه الفقرة مليئة بالمغالطات، وسأكتفي بتصحيح ذلك باختصار، والمقام لا يتسع للاستقصاء.

    إثبات الإمام أحمد لصفة الوجه لله تعالى:
    قال الخلال: “ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل – رضي الله عنه – أن لله عز وجل وجهًا، لا كالصور المصورة والأعيان المخططة، بل وجهة وصفه بقوله: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، ومن غيَّر معناه([40]) فقد ألحد عنه، وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز، ووجه الله باقٍ لا يبلى، وصفة له لا تفنى، ومن ادَّعى أن وجهه نفسه فقد ألحد، ومن غير معناه فقد كفر، وليس معنى وجه معنى جسد عنده، ولا صورة، ولا تخطيط، ومن قال ذلك فقد ابتدع”([41]).

    أما القول بأن إثبات صفة الوجه كلام محدث في أصول الدين، فحسبنا في رده أن نذكر قول إمام المتكلمين في زمانه أبي بكر الباقلاني.

    يقول القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (ت 403 ه): “فإن قيل فما الدليل على أن لله وجهًا؟ قيل: قوله: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ [الرحمن: 27]، وقوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، فأثبت لنفسه وجهًا ويدًا.
    فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحة؟
    قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب في كل شيء كان قديمًا بذاته أن يكون جوهرًا؛ لأنا وإياكم لم نجد قديمًا بنفسه في شاهدنا إلا كذلك.
    وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضًا، واعتلوا بالوجود”([42]).

    إثبات الإمام أحمد لصفة الأصابع لله تعالى:
    يقول أبو يعلى: “نص عليه أحمد في رواية أبي طالب: سئل أبو عبد الله عن حديث الحبر: “يضع السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع”([43]) ، يقول: إلا شار بيده هكذا، أي: يشير.
    فقال أبو عبد الله: “رأيت يحيى يحدث بهذا الحديث ويضع إصبعًا إصبعًا، ووضع أبو عبدالله الإبهام على إصبعه الرابعة من أسفل إلى فوق على رأس كل إصبع”، فقد نص على ذلك”([44]).
    ثم علَّق عليه أبو يعلى بقوله: “وهو أن إثبات الأصابع كإثبات اليدين والوجه”([45]).

    إثبات صفة الساق لله تعالى:
    تنازع الصحابة رضي الله عنهم في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42]، فعن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة أنها من آيات الصفات، وفي هذا يقول ابن تيمية: “وتمام هذا أني لم أجدهم [يعني: الصحابة] تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، فروي عن ابن عباس وطائفة: أن المراد به الشدة، أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة: أنهم عدوها في الصفات؛ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين [يعني مرفوعًا، وفيه: “فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَلاَ يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاءُ، فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِن”]([46]).
    ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر”([47]). يعني: أن هذه الصفة ثابتة لله تعالى بالحديث الشريف، وليس بالآية الكريمة.

    الكلام على حديث: “ومن أتاني يمشي أتيته هرولة”:
    يشير بقوله: “صفة الهرولة” إلى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”([48]).
    والهرولة صفة لله تعالى ثابتة بالخبر، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، كما هو حال السلف في التعامل مع صفات الله تعالى؛ فإن القول في الصفات كالقول في بعض.
    يقول ابن تيمية: “وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده؛ فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر”([49]). ويسعنا ما وسعهم في هذا الباب.
    ويقول أيضًا: “وقربه من العباد بتقربهم إليه مما يقر به جميع من يقول: إنه فوق العرش، سواء قالوا مع ذلك: إنه تقوم به الأفعال الاختيارية، أو لم يقولوا”([50]).

    الكلام على حديث: “يوم لا ظل إلا ظله”:
    يشير بقوله: “صفة الظل” إلى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ…”([51]).
    فظن أن إضافة الظل إلى الله، تعني: أنه صفة لله تعالى، وهو خطأ؛ فإنه ليس كل ما يضاف إلى الله تعالى يصلح أن يكون صفة للباري سبحانه، والمضاف إلى الله تعالى على قسمين:
    إما أن يكون صفة له سبحانه لم تقم بمخلوق؛ كالعلم والقدرة والكلام والحياة ونحو ذلك.
    وإما أن يكون عينًا قائمة بنفسها أو صفة لغيره؛ كالبيت والناقة ونحوها([52]).
    ولذا يقول ابن عبد البر – بعد أن أورد هذا الحديث -: “والظل في هذا الحديث يراد به الرحمة، والله أعلم، ومن رحمة الله الجنة، قال الله عَزَّ وجلَّ: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]، وقال: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30]، وقال: {فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} [المرسلات: 41]”([53]).
    وقال الحافظ ابن حجر (ت 852 هـ): “وقيل المراد: ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور – بإسناد حسن -: “سبعة يظلهم الله في ظل عرشه” فذكر الحديث”([54]) .
    وبهذا تبطل هذه الدعاوى التي ادعاها صاحب كتاب “السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة” على الإمام أحمد، وثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن مذهب السلف والإمام أحمد بعيد كل البعد عن تفويض المعنى لصفات الله تعالى، وإنما تفويضهم للكيفية، لقطع أطماع العقول عن إدراك كيفية صفات الباري سبحانه.
    وهذا بعينه هو ما عليه السلفية المعاصرة، فلا اختلاف البتة بينهم وبين الإمام أحمد رحمه الله.
    والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
    (المراجع)
    ([1]) الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني (ص: 171).
    ([2]) سير أعلام النبلاء (13/ 120، 20/ 203).
    ([3]) ينظر: السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة (ص: 246) وما بعدها، والقول التمام بإثبات التفويض مذهبا للسلف الكرام (ص: 175).
    ([4]) كتب صاحب كتاب “السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة (ص: 246)” على هذا الموضع هامشًا، فقال فيه: “والذي لم يقل به أحد قبل ابن تيمية، كما ستعرف”. وسيأتي في البحث تخطئة هذا القول.
    ([5]) السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة (ص: 246).
    ([6]) في مركز سلف عدة مقالات حول موضوع التفويض وبيان بطلانه، ومنها:
    حقيقة التفويض وموقف السلف منه، ورابطه في الموقع:
    https://salafcenter.org/210/
    من لوازم القول بالتفويض في معاني صفات الله عز وجل، ورابطه:
    https://salafcenter.org/287/
    من أدلة القائلين بالتفويض وشيء من المناقشة، ورابطه:
    https://salafcenter.org/293/
    ([7]) نشر في مركز سلف مقال بعنوان: “دفع توهم التلازم بين ظواهر نصوص الصفات والتشبيه”، وهذا رابطه:
    https://salafcenter.org/2485/
    ([8]) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة (ص: 44).
    ([9]) تهذيب اللغة (9/ 56).
    ([10]) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص: 236).
    ([11]) المرجع السابق.
    ([12]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (7/ 145).
    ([13]) الاعتقاد القادري (ص: 247).
    ([14]) ينظر: العرش للذهبي (2/ 459- 460)، والعلو له (ص: 192).
    ([15]) يعني: الذي يسمونه متشابه، وليس هو من المتشابه على الحقيقة.
    ([16]) مجموع الفتاوى (13/ 295).
    ([17]) العلو للعلي الغفار (ص: 251).
    ([18]) ينظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 58)، وإبطال التأويلات لأبي يعلى (1/ 45)، وذم التأويل لابن قدامة (1/ 22)، بألفاظ مختلفة، واللفظ لابن قدامة.
    ([19]) الاستقامة (1/ 75).
    ([20]) سير أعلام النبلاء (13/ 52).
    ([21]) ينظر: مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للبعلي (ص: 474).
    ([22]) الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 242- 243).
    ([23]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 502).
    ([24]) إبطال التأويلات (ص: 260).
    ([25]) الاستقامة (1/ 75).
    ([26]) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (12/ 242).
    ([27]) العقيدة للإمام أحمد رواية أبي بكر الخلال (ص: 103- 104).
    ([28]) إبطال التأويلات (ص: 55).
    ([29]) درء تعارض العقل والنقل (1/ 207)، والصواعق المرسلة لابن القيم (ص: 745).
    ([30]) مجموع الفتاوى (17/ 414).
    ([31]) ينظر: إبطال التأويلات لأبي يعلى (ص: 44).
    ([32]) العقيدة للإمام أحمد رواية أبي بكر الخلال (ص: 127).
    ([33]) الفتوى الحموية الكبرى (ص: 307).
    ([34]) الفتوى الحموية الكبرى (ص: 307).
    ([35]) ينظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 242).
    ([36]) الفتوى الحموية الكبرى (ص: 307).
    ([37]) ينظر: الصفات للدارقطني (ص: 70)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (3/ 431).
    ([38]) في مركز سلف ورقة علمية بعنوان: “قاعدة القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في بعضها الآخر- شرح وتحليل”، وهذا رابطها:
    https://salafcenter.org/2492/
    ([39]) السادة الحنابلة واختلافهم مع السلفية المعاصرة (ص: 247).
    ([40]) ومما يستفاد أيضا: إثبات الإمام أحمد للمعنى.
    ([41]) العقيدة للإمام أحمد رواية أبي بكر الخلال (ص: 103).
    ([42]) ينظر: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني (ص: 298)، والعلو للذهبي (ص: 237- 238).
    ([43]) أخرجه البخاري (7414)، ومسلم (2786)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
    ([44]) إبطال التأويلات (ص: 322).
    ([45]) المرجع السابق (ص: 323).
    ([46]) أخرجه البخاري (7439)، ومسلم (183).
    ([47]) مجموع الفتاوى (6/ 394- 395).
    ([48]) أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675).
    ([49]) شرح حديث النزول (ص: 105).
    ([50]) مجموع الفتاوى (5/ 465).
    ([51]) أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031).
    ([52]) ينظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (3/ 249).
    ([53]) التمهيد (2/282- 283).
    ([54]) فتح الباري (2/ 144).
    <span style="font-family: traditional arabic"><font size="5"><font size="4"><font color="#ff0000">https://salafcenter.org/2715/


  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

    بارك الله فيكم على الموضوع. الموصومون بالحنابلة الجدد أسأل الله أن يكفي شرهم ويكشف عوارهم. أخذوا زلات العلماء الحنابلة وقالوا هي معتمد المذهب وأن الخلاف مع الأشاعرة هو خلاف لفظي فقط. ثم أخذوا ينقرون في مسائل القبور والتوسل حتى يروجوها للناس بدعوى أن الكثير من العلماء أفتى بذلك. وماقيمة كلام هؤلاء العلماء إن كان مخالفا لهدي السلف ؟ بل وقبل ذلك مخالفا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل أزعجهم صفاء التوحيد ونقاؤه؟ ما الذي يزعجهم؟
    يقولون دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين في قبورهم صحيح بدعوى الاستحضار وليس استغاثتهم. كم هو مقيت هذا التلاعب. ولماذا لا تدعون الله وحده وبدون واسطة؟ العلماء هم أبناء عصرهم ولن يخرجوا من ذلك فتأثروا بمن تأثر لكن الحق أحق أن يتبع. والذي يقول أن هذا الفعل ليس وسيلة للشرك فهو غير أمين.
    ثم نسألهم من قال أن الأشاعرة على حق ولماذا تدعون إليه وتحرصون على القول أن الخلاف معهم لفظي لأن بعض العلماء الحنابلة تأثر بهم؟ أليس الحق أحق أن يتبع؟ والله إني أبغضتهم في الله لما رأيتهم يدعون لإحياء القبور والأضرحة بدعوى أن “الكثير” من العلماء أفتى بذلك! هل الله هددنا بخلاف هؤلاء المتاخرين أم هددنا إن خالفنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ مالكم كيف تحكمون؟
    ✽✽✽من عامة المسلمين أسأل الله الحي القيوم التوفيق السداد
    وأن يعلمني ، وأن يستر علي ذنوبي ويغفرها
    ✽✽✽

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: هل المعتمد عند الحنابلة التفويض؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دحية الكلبي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم على الموضوع. الموصومون بالحنابلة الجدد أسأل الله أن يكفي شرهم ويكشف عوارهم. أخذوا زلات العلماء الحنابلة وقالوا هي معتمد المذهب وأن الخلاف مع الأشاعرة هو خلاف لفظي فقط. ثم أخذوا ينقرون في مسائل القبور والتوسل حتى يروجوها للناس بدعوى أن الكثير من العلماء أفتى بذلك. وماقيمة كلام هؤلاء العلماء إن كان مخالفا لهدي السلف ؟ بل وقبل ذلك مخالفا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل أزعجهم صفاء التوحيد ونقاؤه؟ ما الذي يزعجهم؟
    يقولون دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين في قبورهم صحيح بدعوى الاستحضار وليس استغاثتهم. كم هو مقيت هذا التلاعب. ولماذا لا تدعون الله وحده وبدون واسطة؟ العلماء هم أبناء عصرهم ولن يخرجوا من ذلك فتأثروا بمن تأثر لكن الحق أحق أن يتبع. والذي يقول أن هذا الفعل ليس وسيلة للشرك فهو غير أمين.
    ثم نسألهم من قال أن الأشاعرة على حق ولماذا تدعون إليه وتحرصون على القول أن الخلاف معهم لفظي لأن بعض العلماء الحنابلة تأثر بهم؟ أليس الحق أحق أن يتبع؟ والله إني أبغضتهم في الله لما رأيتهم يدعون لإحياء القبور والأضرحة بدعوى أن “الكثير” من العلماء أفتى بذلك! هل الله هددنا بخلاف هؤلاء المتاخرين أم هددنا إن خالفنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ مالكم كيف تحكمون؟
    وفيك بارك الله، فقد ظهر تدليسهم وتلبيسهم، والحمد لله.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •