3482 ـ ( إنّه سينْهاهُ ما يقولُ) .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة :

أخرجه أحمد (2/447) : ثنا وكيع : ثنا الأعمش قال : أنا (كذا) أبو صالح
عن أبي هريرة قال :
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن فلاناً يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق ؟!
قال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد متصل ظاهر الصحة ، رجاله ثقات رجال الشيخين .
لكن له علة ، وهي أن قوله : «أنا» تحرف على الناسخ والطابع ، والصواب :«أرى أبا صالح ذكره عن أبي هريرة» . هكذا رواه إبراهيم بن عبد الله العَبْسي في«حديث وكيع بن الجراح» (ق 134/1 ـ مخطوطة الظاهرية) ، ومن طريقه : البيهقي
في«شعب الإيمان» (3/174/ 3261) .ويؤيده : أن الحافظ ابن كثير ذكره في «تفسيره» (3/415) من رواية أحمدبسنده المذكور عن الأعمش قال : أرى أبا صالح عن أبي هريرة ... إلخ .
ولعله سقط من الناسخ كلمة : «ذكره» .
وزيادةً في التحقيق : رجعت إلى «أطراف المسند» للحافظ العسقلاني ؛ فرأيته
ساق الحديث (7/193/447) عقب حديث آخر بإسناد آخر عن أبي صالح ـ يعني
عن أبي هريرة ـ . ثم ساق إسناد هذا إلى الأعمش قائلاً : «عنه به» ، فلم يسقهبتمامه لنتبين كيف وقع الإسناد في نسخته من «المسند»؟!
ونحوه قول الهيثمي في «المجمع» (2/258) :
«رواه أحمد ، و البزار ، ورجاله رجال (الصحيح)» !
إلا أنه في مكان آخر أفاد مثل ما تقدم عن ابن كثير ، فقال (7/89) :
«رواه أحمد ، ورجاله رجال «الصحيح» ؛ إلا أن الأعمش قال : أرى أبا صالحعن أبي هريرة» .
وبالجملة ؛ فهذا وما قبله يبين أن ما في «المسند» أن الأعمش قال : «أنا»
تحريف من بعض النساخ ، والله أعلم .
وقد تابع وكيعاً : جماعةٌ من الثقات ، ولكنهم قالوا : عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة ... فذكروه على الجادة .
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (2/430) ، وابن حبان في«صحيحه»
(4/116/ 2551) عن عيسى بن يونس ، و البزار في «مسنده» ( 1/346/720) عن
محاضر بن المُوَرِّعِ ، كلاهما عن الأعمش به .
وخالفهم جرير بن عبد الحميد فقال : عن الأعمش عن أبي صالح ـ قال : أراه ـ
عن جابر ...
وتابعه زياد بن عبيد الله عن الأعمش به ؛ لكنه لم يقل : قال : أراه ...
أخرجهما البزار (رقم 721 و722) .
وزياد بن عبد الله : هو البكائي العامري من رجال مسلم ، وجرير بن عبد الحميد
من رجال الشيخين ، وفيهما كلام يسير من جهة الحفظ .
قلت : فالظاهر من مجموع ما تقدم : أن الأعمش كان يتردد في إسناده بين
أبي هريرة وجابر ، وذلك مما لا يضر إن شاء الله تعالى ؛ لأن كلاً منهما صحابي
جليل ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
(تنبيه على أوهام ) :
أولاً : غفل المعلق الداراني على «موارد الظمآن» (2/ 378) عن أن هذا
الاختلاف مداره على الأعمش ، فقال في تخريجه لحديث أبي هريرة :
«ويشهد له حديث جابر عند البزار ...» !
فجعل المشهود شاهداً ، وهذا مما يدل على الحداثة في هذا العلم !
ثانياً : جاء في «مختصر تفسير ابن كثير» للشيخ نسيب الرفاعي رحمه الله
تعالى ما نصه (3/421) :
«روى الحافظ أبو بكر البزار عن جابر أو عن رجل قال للنبي ...» !
وهذا خلط عجيب لا يخفى فساده ، ولا حاجة إلى بيانه .
ثالثاً : قول ابن بلده الشيخ الصابوني في «مختصره» (3/38) :
«وروى الحافظ أبو بكر البزار قال : قال رجل ...» !
فهو ـ لجهله بهذا العلم الشريف ـ لما رأى الاختلاف المذكور في الأصل ـ أعني :
«تفسير ابن كثير» ـ ؛ لم يستطع أن يختصره بمثل قوله : « .. عن أبي هريرة أو جابر»!
ولو أنه كان عن واحد منهما ؛ لاختصره منه وطبعه في التعليق موهماً القراء أنه
من تخريجه ، متشبعاً بما لم يعط ؛ (شنشنة نعرفها من أخزم ) ! والله المستعان .