وحمل المجمل على المفصل، نقل الشوكاني - رحمه الله - إجماع المسلمين على أن ذلك لا يكون إلا في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأظن مراده كذلك جميع النصوص ، وقد شاعت هذه الأيام تَوسِعَةٌ لهذه المسألة ، فأدخلوا فيها ما ليس منها وهذا يصلُ أحيانًا إلى تلطيف البدع والمحدثات، فمثلًا من أتى ببدعة يُقال يُحمل مجمله على مفصله وهذا ليس بصحيح فالخطأ خطأ وإن حدث من صاحب سنة فإن أهل السنة والجماعة وهم السلفيون وهم أهل الأثر وهم أهل الحديث يَزِنُونَ ما يردُ عليهم من أقوال الناس وأعمالهم بميزانين ، وذَانِكم الميزنان هما النصُ والإجماع، فما وافق نصًا أو إجماعًا رُد على من صدر منه وإن كان إمامًا من الأئمة عند أهل السنة، وزيادةً في البسط أقول باستقراء أقوال الأئمة والعلماء تبين أنها لا تخرج عن هذه الأحوال:إحداها: أن يكون هذا الخطأ من ذلكم العالم السُني فالموقف حياله أن يُرد هذا الخطأ ولا يُتابعُ العالم على هذه الذلة، وتُحفظ كرامته، ويُصان عرضه، ونعني بالرد العلمي النزيه المبني على الأدلة من الكتاب والسنة وعلى وفق فهم السلف الصالح.الثاني: أن يكون للعالم عدة أقوال في المسألة ففي هذه الحال ينظر في أسعدها بالدليل فهو الراجح والباقي يُترك.ثالثًا: أن يكون للعالم قولان أو ثلاثَة بَعضُهَا صَحِيحٌ عنهُ وبَعضُهَا ضَعِيفٌ، لم تَصِّح رِوايَته عنهُ فيُقبَلُ الصَّحِيحُ من أقوالِهِ في المَسأَلَة ويُترَكُ ما عَاداهُ وهذا كَثير، فوُجِد أنَّ بعض الأئمَّة يُخطئُ أصحابهم في النَّقلِ عَنهُم.الرَّابع: أن يَختَصَّر العالم في مسألَةٍ ويبسِطُ القَولَ فيهَا في مَوضِعٍ آخر، فهنا يُحمَل هَذا عَلى هَذا فيُقَالُ اختَصَرهُ هُنا وبَيّنَهُ هُناكَ ، وقَد وَجَدتّ عِن شيخِ الإسلاَمِ ابنِ تيمِيَّةَ - رحِمَهُ الله -كِثيرًا مِن هَذا، يقول: "وقد بَسطنَا القَولَ في هذهِ المَسأَلَة في غَيرِ هَذا المَوضِعِ" وكَذلِكَ كَثير مِن أَهلِ العِلمِ وَجدنَا عنهم هذا، هذا مَا استَحضِرُهُ الآنَ في هذه المَسألَة، وبِهذا التّقرِير يَتَبَيَّن أنَّ حَملَ المُجمَل عَلى المُفَصَّلِ في النّصُوصِ من الكِتابِ والسُنَّةِ أمّا كلاَمُ البَشَر فالإطلاَقُ فيهِ خَطَأ. اه انظر ميراث الأنبياء