الخلاف في الأفضل في مكان قيام رمضان
من معه شيء من القرآن ويتمكن من المحافظة على قيام رمضان في بيته هل الأفضل له الصلاة في بيته أو الصلاة في المسجد؟
تحرير محل الخلاف:
أجمع أهل العلم على مسألتين:
الأولى: مشروعية صلاة قيام رمضان:فأهل العلم مجمعون من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى زماننا على مشروعية قيام رمضان ولا عبرة بخلاف الشيعة[1].
الثانية: عدم تعطيل المساجد من قيام رمضان:قال الطحاوي: كل من اختار التفرد، فينبغي أن يكون ذلك على ألا يقطع معه القيام في المساجد، فأمَّا التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا، أجمعوا أنَّه لا يجوز للناس تعطيل المساجد عن قيام رمضان، وكان هذا القيام واجبًا على الكفاية[2]، ونقله ابن عبد البر مقرًّا له[3].
فأصل مشروعية صلاة التراويح وصلاتها في المساجد محل اتفاق، وإنَّما الخلاف في المفاضلة بين الصلاة في المسجد أو الصلاة في البيت، فأهل العلم لهم في المسألة أربعة أقوال.
القول الأول: الأفضل الصلاة جماعة في المسجد:
وهو رأي عبد الله بن مسعود وجمهور الصحابة رضي الله عنهم، واختاره محمد بن سيرين[4] وعبد الله بن المبارك[5] وهو مذهب الأحناف[6] وقول قديم لمالك[7]، ومذهب الشافعية[8] والحنابلة[9] واختاره إسحاق بن راهويه[10] وابن خزيمة[11] وابن حزم[12] وشيخ الإسلام ابن تيمية[13] والشوكاني[14] وابن باز[15] وشيخنا محمد العثيمين[16].
الدليل الأول: عن عائشة رضي الله عنها «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثُر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: « «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» »[17].
الدليل الثاني: عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: «قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا ألا ندرك الفلاح، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح»[18].
وجه الاستدلال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم في المسجد القيام عدة ليالي في رمضان وترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم، فدل على فضيلة القيام في المسجد[19].
الرد: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم مصلحة راجحة وتركه لمصلحة أرجح، والله أعلم.
الدليل الثالث:عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنــا مع رسول الـلَّـه صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال: فقال: « «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» »، قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بقية الشهر»[20].
وجه الاستدلال: من صلى مع الإمام في المسجد كتب له قيام الليلة كلها.
الرد: ليس في حديث أبي ذر رضي الله عنه ترجيح النافلة في المسجد على فعلها في البيت إنَّما فيه فضيلة لمن قام مع الإمام حتى يفرغ من صلاته كتب له قيام ليلة وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ قيام رمضان في البيت أفضل منه في غيره فلا تعارض بين الحديثين[21] كما أنَّهما لا يعارضان حديث: « «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» »[22].
فهذه فضائل مختلفة.
الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» »[23].
وجه الاستدلال: ما صُلِّي من التطوع جماعة في المسجد أفضل مما صلي في البيت[24].
الرد: الحديث عند أكثر أهل العلم خاص في جماعة الفريضة جمعًا بينه وبين حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه[25].
الدليل الخامس: عن زيد بن وهب قال: «كان عبد الله رضي الله عنه يصلي بنا في شهر رمضان، فينصرف بليل»[26].
وجه الاستدلال: يصلي ابن مسعود رضي الله عنه قيام رمضان في المسجد.
الرد من وجهين:
الأول: يصلي ابن مسعود رضي الله عنه إمامًا، فالأفضل في حق الأقرأ أن يصلي بالناس إمامًا في المسجد، فالعمل المفضول قد يكون فاضلًا لأمر آخر.
الثاني: خالفه غيره من الصحابة ممن يصلون في بيوتهم ومنهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم.
الدليل السادس: قال أبو بكر الأثرم كان أحمد بن حنبل يصلي مع الناس التراويح، قال كان جابر وعلي وعبد الله رضي الله عنهم يصلونها في جماعة[27].
الرد من وجهين:
الأول: تقدم أنَّ الآثار التي فيها إمامة علي رضي الله عنه في قيام رمضان في المسجد لا تصح، أمَّا أثر جابر رضي الله عنه فلم أقف عليه.
الثاني: كالذي قبله.
القول الثاني: الأفضل الصلاة منفردًا في المسجد:
مذهب بعض تابعي مكة[28] وبعضتابعي الكوفة[29]، ومنهم سعيد بن جبير[30] وشَبَث بن ربعي التميمي[31] وبعض تابعي البصرة[32]، ونسب لبعض تابعي المدينة[33]، ورُوي عن طاوس بن كيسان[34]، ونسب لسفيان الثوري[35] وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري[36].
الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له، فكشف الستور، وقال: « «أَلَا كُلُّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ في الْقِرَاءَةِ» »، أو قال: « «في الصَّلَاةِ» »[37].
وجه الاستدلال: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه، وبعض خلافة عمر رضي الله عنه، كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون جماعات وأفرادًا في المسجد، وأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وإنَّما نهاهم عن رفع الصوت حتى لا تختلط على بعضهم القراءة[38].
الرد: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم دليل على الجواز، وأفضل من ذلك الصلاة جماعة في المسجد، فهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم العملية، وأفضل منهما الصلاة في البيت لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.
الجواب: يأتي تقديم الفضيلة المتعلقة بذات العبادة على الفضيلة المتعلقة بمكانها، فليست الصلاة في البيت أفضل مطلقًا، ويحمل عليه اختلاف الصحابة رضي الله عنهم.
بقية الأدلة: بعض أدلة القول الثالث الآتية.
القول الثالث: الأفضل الصلاة في البيت:
وهومذهب الخلفاء الراشدين وابن عمر وابن عباس وأبي بن كعب رضي الله عنهم، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ونافع مولى ابن عمر[39] وإبراهيم بن يزيد النخعي[40]، وروي عن عروة بن الزبير[41] وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد النخعيان[42]، ونسب لمجاهد بن جبر[43] ويحيى بن سعيد الأنصاري[44] وربيعة الرأي[45]، وهو مذهب مالك[46] واختاره من الأحناف أبو يوسف[47] والطحاوي[48]، واختاره الليث بن سعد[49]، وهو وجه للشافعية[50]، ورواية في مذهب الحنابلة[51]، واختاره ابن عبد البر[52].
الدليل الأول: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة قال: حسبت أنَّه قال من حصير في رمضان، فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم فقال: « «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ في بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ» »[53].
وجه الاستدلال: الحديث نص في أنَّ قيام رمضان في البيت أفضل منه جماعة في المسجد[54].
الرد: عموم الحديث مخصوص بأحاديث أخرى كتحية المسجد وركعتي الطواف وكذلك قيام رمضان لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد[55].
الجواب من وجهين:
الأول: أغلب قيام النبي صلى الله عليه وسلم في بيته إلا إذا كان معتكفًا ورغب في صلاة النفل في البيت، ونَصَّ على تفضيل قيام رمضان في البيت.
الثاني: الأصل تفضيل النفل في البيت، لكن قد يكون في المسجد فاضلًا إذا ترتب عليه مصلحة شرعية.
الدليل الثاني: يأتي: «أنَّ أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي بهم في عهد عمر رضي الله عنه، فإذا دخلت العشر تركهم»[56].
الدليل الثالث: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه «أنَّه كان لا يقوم مع الناس في شهر رمضان»[57].
وجه الاستدلال: آثر أبي بن كعب وابن عمر رضي الله عنهم قيام رمضان في البيت على الصلاة في المسجد، ومعهما ظاهر سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرد من وجهين:
الأول: خالفهما جمهور الصحابة رضي الله عنهم؛ حيث صلوا جماعة في المسجد ومنهم ابن مسعود رضي الله عنه.
الجواب: ليس كل الصحابة رضي الله عنهم قراءً، وابن مسعود رضي الله عنه كان إمامًا.
الثاني: يأتي الاستدلال بالأثرين لمن يري التفضيل حسب المصلحة الشرعية سواء كانت الصلاة في البيت أو المسجد.
الدليل الرابع: تقدم قول عمر رضي الله عنه: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون» يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله[58].
الدليل الخامس: يأتي قول ابن عباس رضي الله عنه: فسمع [عمر رضي الله عنه ] هيعة الناس[59] حين خرجوا من المسجد، قال: «ما هي؟» قال: هيعة الناس حيث خرجوا من المسجد، قال: «ما بقي من الليل خير مما ذهب منه»[60].
الدليل السادس: يأتي قول ابن عباس رضي الله عنه في قيام رمضان: «ما يتركون منه أفضل مما يقومون فيه»[61].
وجه الاستدلال: آثر عمر وابن عباس رضي الله عنهم قيام رمضان في البيت على القيام في المسجد جماعة[62].
الرد من وجهين:
الأول: ليس فيه تفضيل الصلاة في البيت مطلقًا، إنَّما تفضيل صلاة آخر الليل منفردًا على صلاة أول الليل جماعة في المسجد.
الثاني: صلى عمر رضي الله عنه قيام رمضان جماعة في المسجد، فتقدم قول عبدالله بن السائب: «إنِّي لأقوم بالناس في شهر رمضان إذ دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه معتمرًا، فسمعت تكبيره، وأنا أَؤُمُّ الناس، فدخل فصلى بصلاتي»[63].
الجواب: صلاة عمر رضي الله عنه في المسجد عارضة.
الدليل السابع: لم يكن الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم يصلون قيام رمضان في المسجد، قال الليث بن سعد: «ما بلغنا أنَّ عمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه كانا يقومان في رمضان مع الناس في المسجد «[64].
وقال ابن عبد البر: جاء عن عمر وعلي رضي الله عنه أنَّهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد، ولم يجئ عنهما أنَّهما كانا يقومان معهم[65].
الرد: من تخلف من الصحابة رضي الله عنهم إما لعذرٍ، أو لأنَّ الصلاة في البيت أفضل في اجتهاده، وهو معارض بما هو أَولى منه، وهو اتفاق الجم الغفير من الصحابة رضي الله عنهم على خلافه[66].
الجواب من وجهين:
الأول: الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم أعلم الناس وأحرصهم على الخير، فلو كان القيام جماعة في المسجد أفضل مطلقًا، لفعلوه كما كانوا يحافظون على الإمامة في الفريضة في المسجد.
الثاني: تقدم أنَّ الصحابــة رضي الله عنهم كانوا يصلون في المسجد متفرقين، وجمعهم عمر رضي الله عنه، ولا شك أنَّ صلاتهم جماعة أفضل من صلاتهم جماعات.
الدليل الثامن: القيام في رمضــان تطوع، والتطوع في البيوت أفضل[67]، لكنَّ تقدم أنَّ إحياء المساجد بقيام رمضان على الكفاية، فإذا حصلت السنة رجعنا إلى الأصل، وهو تفضيل الصلاة في البيت، لما في ذلك من المصالح الشرعية[68].
الرد: يأتي قريبًا أن الفضيلة التي تتعلق بالعبادة مقدمة على ما يتعلق بمكانها، فإذا وجدت مصلحة شرعية في الصلاة في المسجد، فضلت على صلاة البيت.
الدليل التاسع: في القيام في البيت مصلحة مراجعة المصلي لما يحفظه من القرآن حتى لا ينساه.
الرد: كالذي قبله.
الدليل العاشر: الصلاة في البيت مظنة تدبر القراءة وحصول الخشوع الذي هو لب الصلاة وعليه مدار الثواب[69].
الرد: كالذي قبله.
القول الرابع: الأفضل ما رجحت مصلحته في البيت أو المسجد:
قال به الأوزاعي[70] وروي عن الحسن البصري[71] وهو في ما ظهر لي وجه للشافعية[72]، ويمكن أن ينسب هذا القول لابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر رضي الله عنهم، وكذلك يمكن أن ينسب لمن كان يصلي وحده في المسجد من تابعي الكوفة؛ كسعيد بن جبير وشَبَث بن ربعي وغيرهما، وبعض تابعي مكة، وكذلك ما نسب لمجاهد بن جبر وبعض تابعي البصرة، وما رُوي عن طاوس بن كيسان، وما نسب لبعض تابعي المدينة وسفيان الثوريوأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، فتحمل صلاتهم في المسجد منفردين، ومن أمر منهم من معه شيء من القرآن بالصلاة منفردًا تحصيلًا للمصلحة الشرعية الخاص بالمصلي.
وكذلك ما تقدم عن إبراهيم النخعي في تركه الإمامة في قيام رمضان، وما رُوي عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد، والله أعلم.
الدليل الأول: في حديث عائشة رضي الله عنها « «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ».
وجه الاستدلال: في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم من المصلحة الشرعية ما ليس بخافٍ وتركها لمصلحة أعلا منها، والله أعلم، فتحصيل الأكثر مصلحة مقدم على مكان الصلاة، والله أعلم.
الدليل الثاني: عن مجاهد قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه قال: «أصلي خلف الإمام في رمضان؟ قال: «أتقرأ القرآن؟» قال: نعم قال: «أفتنصت كأنَّك حمار؟ صلِّ في بيتك»[73].
وجه الاستدلال: رجح ابن عمر رضي الله عنه صلاة القارئ في بيته وفعله رضي الله عنه، لما في ذلك من المصالح الشرعية المتعلقة بالمصلي، والله أعلم.
الدليل الثالث: عن زيد بن وهب قال: «كان عبد الله رضي الله عنه يصلي بنا في شهر رمضان، فينصرف بليل»[74].
وجه الاستدلال: ابن مسعود رضي الله عنه أقرؤهم لكتاب الـلَّـه، ومن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فصلاته إمامًا راجحة على صلاته منفردًا في بيته، والله أعلم.
الدليل الرابع: يأتي: «أنَّ أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي بهم في عهد عمر رضي الله عنه، فإذا دخلت العشر تركهم»[75].
وجه الاستدلال: أبي بن كعب رضي الله عنه يصلي العشر الأواخر منفردًا تقديمًا لمصلحته الخاصة، والله أعلم.
الدليل الخامس: من القواعد الفقهية: الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أولى من المتعلقة بمكانها[76]، فإذا كان يترتب على الصلاة في المسجد مصالح شرعية تتعلق بالصلاة، فيقدمها المصلي على الصلاة في البيت، والله أعلم، فالمفضول يكون فاضلًا لأمر آخر.
يتبع