المثل الأعلى


د. أمير الحداد




- أظن أنني لا أعرف معنى «المثل الأعلى».. في قوله عز وجل: {ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} (النحل: 60) أحياناً أقول: هل هو صفة من صفات الله أم اسم من أسماء الله؟ فأتوقف خشية أن أقع في الخطأ.


كنت وصاحبي في طريقنا لقضاء بعض الحاجات من سوق الإلكترونيات.


- وردت هذه الصيغة في سورة الروم أيضاً: {وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} (الروم:27).

والمعنى.. ذكره العلماء بطرائق متنوعة: فعن ابن عباس أنه قال: «المثل الأعلى».. الصفة العليا.. كما في قوله عز وجل: {مثل الجنة التي وعد المتقون} (الرعد: 35) أي: صفة الجنة... وكذلك في قوله عز وجل: {ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل}.. أي صفتهم في التوارة وفي الإنجيل.. فالله له الصفة العليا.. بل الصفات العلا جميعاً.. فلا مثيل له... فهو سبحانه المتفرد بصفات الكمال من كل وجه.

- وهل هذا يتفق مع قوله تعالى: {فلا تضربوا لله الأمثال} وقوله عز وجل: {ليس كمثله شيء}؟!

نعم هذا أحد المعاني الصحيحة.. وقال بعض العلماء: «المثل الأعلى» التوحيد.. وقال آخرون: «المثل الأعلى»: «لا إله إلا الله».. وكلها تدور حول ذات المعنى... تفرد الله عز وجل بكل صفات الكمال.. فلا ينبغي لأحد أن يعطي لله مثلاً ولو باللفظ.. فضلاً عن أن يعتقد أن شيئاً يشبه الله عز وجل.. فهو منزه عن كل نقص.. ومتصف بكل كمال.. سواء في ذاته أم في أفعاله.

- الكمال في الذات معلوم، كيف الكمال في الأفعال؟!

- كما قال عز وجل: {الذي أحسن كل شيء خلقه} (السجدة: 7) .

وكذلك قوله عز وجل: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} (النمل: 88).


وكذلك قوله عز وجل: {فتبارك الله أحسن الخالقين}.. فما من صانع.. ولا «خالق».. يصنع شيئاً.. على الكمال كما هو خلق الله.. وصنع الله.. فهذه السموات خلقت على أكمل وجه.. وكذلك الأجرام.. والأرض.. والنبات.. والبحار.. والإنسان.. {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} (التين:4).. فكلها كاملة في ذاتها متجانسة مع بعضها البعض.. يكمل بعضها بعضاً.. فنحن نؤمن بإنه لا شيء في الكون إلا وله سبب للوجود، وإذا انتهى دوره انعدم بأفضل سبيل.. من أصغر مخلوق في أعمق نقطة تحت البحر.. إلى أكبر مخلوق في السموات... والكل بأمر الله وتدبيره سبحانه وتعالى.. هذا الكمال في الأفعال.

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.. سبحانه عز وجل - خلق كل شيء... ولا يشغله شيء عن شيء.. أحاط بكل شيء علماً.. القائم بذاته المقيم لجميع مخلوقاته: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} (الأنعام: 59).