تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: الله سبحانه وتعالى هو الرزاق الذي يرزق خلقه ولا يشرك أحدا في صفاته رغم أنف المتصوفة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb الله سبحانه وتعالى هو الرزاق الذي يرزق خلقه ولا يشرك أحدا في صفاته رغم أنف المتصوفة

    الله سبحانه وتعالى هو الرزاق الذي يرزق خلقه ولا يشرك أحدا في صفاته رغم أنف المتصوفة
    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على رسول الله المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
    أما بعد ، لقد حملني على الكتابة في هذا الموضوع ما يعتقده المتصوفة وعلى الخصوص أصحاب الطريقة التيجانية في قضية الرزق ويطلبونه من مشايخهم وكأني بهم لا يقرأون القرآن المبين ولا ما ورد في السنة النبوية المطهرة.
    أما في القرآن فيجد الباحث كثيرا من الآيات الواضحة الدلالة على أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق وحده لا شريك له... لقد وردت لفظة رزق في القرآن المبين بثلاثة وثلاثين صيغة وكل صيغة بها آية أو أكثر في الذكر الحكيم... ويأبى المتصوفة إلا أن يختاروا طريق الشرك بالله فما أحمقهم اتبعوا الشيطان فأغواهم ...
    قبل أن أستعرض بعض الآيات من كتاب الله المبين في هذا الشأن الخطير يبدو لي من المفيد أن أذكر بما ورد بالخصوص من كلام منسوب لشيخ الطريقة التيجانية في كتابهم المقدس "جواهر المعاني" - وسبق أن نشرته بالتفصيل في مبحث سابق - ولقد جاء فيه أن شيخهم قطب الأقطاب وخاتمهم يمد الكائنات والمخلوقات وكل ذرة في الوجود من روحه ويشمل ذلك النبات والحيوان والجماد والبشر وأعطي التصرف في الكون والكائنات ويمسك الكون بعطاء من الله - سبحانه وتعالى عما تصف ألسنتهم من افتراء عظيم - ؛ ولذلك تجد أتباع الطريقة التيجانية يطلبون من شيخهم أن يوزع عليهم الأرزاق ويمنحهم حقهم... ولا أجني على أحد ... لقد كنت أنتمي عن جهل وضلالة لهذه الطريقة الشركية الكفرية وبمنة من الله العزيز الكريم أخرجني من الظلمات إلى النور ... القرآن نور يخرج بفضل الله من اتبع هديه إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم الرحمن الرحيم ملك يوم الدين... طرق أذني ما كان يلقنه لنا أحد المربين على الطريقة التيجانية وكان له أكبر تأثير على عائلتي... فأضل كل من خالطه واتخذه خليلاً...
    دونك كلام شيخهم الوارد في كتاب "جواهر المعاني" أقتبسه هنا بالحرف:
    (وسألته رضي الله عنه عن حقيقة القطبانيّة . فأجاب رضي الله عنه بقوله : إعلم أنّ حقيقة القطبانيّة هي الخلافة العظمى عن الحقّ مطلقا في جميع الوجود جملة وتفصيلا، حيثما كان الربّ إلهاً كان هو خليفة في تصريف الحكم و تنفيذه في كلّ مَنْ عليه ألوهيّة الله تعالى، ثمّ قيامه بالبرزخيّة العظمى بين الحقّ والخلق، فلا يصل إلى الخلق شيء، كائنا ما كان، من الحقّ إلاّ بحكم القطب وتولّيه ونيابته عن الحقّ في ذلك وتوصيله كلّ قسمة إلى محلّها، ثمّ قيامه في الوجود بروحانيّته في كلّ ذرّة من ذرّات الوجود جملة وتفصيلا، فترى الكون كلّه أشباحا لا حركة لها، وإنّما هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلا وقيامه فيها في أرواحها وأشباحها، ثمّ تصرّفه في مراتب الأولياء، فيذوق مختلفات أذواقهم، فلا تكون مرتبة في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرّف في جميعها والمُمِدّ لأربابها، وله الإختصاص بالسرّ المكتوم، الذي لا مطمع لأحد في دركه، والسلام .ومعنى البرزخيّة العظمى، قيامه بين الحقّ والخلق بالنيابة عن الحقيقة المحمّديّة، واختصاصه أيضا بالتحقّق بأمر الله في كلّ مرتبة من مراتب الوجود، وإعطائه لكلّ مرتبة من المراتب، حقيّة أو خلقيّة، حقّها بما تستحقّه من الآداب، وليس هذا لغيره من العارفين ولا لمفاتيح الكنوز، فهو في جميع هذه الأمور خليفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دون جميع الأولياء. وجملة ما فيه، أنّه في جميع مراتبه في حضرة الحقّ نسبته عند الله إلى جميع الوجود من العارفين ومن ورائهم بمنزلة إنسان العين، به يرحم الوجود، وبه يفيض الإفادة على جميع الوجود، وبه يبقى الوجود في حجاب الرحمة واللطف، وبه يبقى الوجود في بقاء الوجود رحمة لكلّ العباد وسحابة ماطرة في سائر البلاد، وجوده في الوجود حياة لروحه الكلّيّة، وتنفّس نفسه يمدّ الله به العلويّة والسفليّة، ذاته مرآة مجرّدة، يشهد كلّ قاصد فيها مقصد حضرته صباغة تصبغ كلّ من أمّ له فيما توجّه إليه وأمله ما شهدته الأولياء الصادقون كلّ واحد منهم في قوّته قوّة مائة رجل الخ فيه خلعة عليك، وما نسبته إليه صيّره إليك. وإيّاك أن تُحرم احترام أصحاب الوقت فتستوجب الطرد والمقت. من أنكر على أهل زمانه حرم بركة أوانه، المتسوّف من بضاعة الزمان ممتدّ بمدد رزق الأوان، ومَن أنكر وأكثر المراء فقد منع نفسه الشراء. ورضي الله عن هذا الإمام، وحشرنا في زمرة هذا الهمام، بجاه خير الأنام عليه من الله في كلّ لمحة أفضل الصلاة وأزكى السلام. انتهى من إملائه علينا رضي الله عنه . ثمّ قال رضي الله عنه : إعلم أنّ الأولياء الصادقين كلّ واحد منهم في قوّته قوّة مائة رجل، والعارفون بالله أهل عالم الملك كلّ واحد منهم في قوّته قوّة ثلاثمائة رجل، وأهل عالم الملكوت لكلّ واحد منهم قوّة خمسمائة رجل، وأهل عالم الجبروت لكلّ واحد منهم قوّة سبعمائة رجل، وقوّة كلّ واحد منهم، أيّ من أهل عالم الأمر، قوّة ألف رجل، وقوّة قطب الأقطاب ألف وخمسمائة رجل، وقوّة الأفراد الأربعة سبعمائة رجل، وقوّة مفاتيح الكنوز قوّة كلّ واحد منهم قوّة ألفي رجل. انتهى. ومعنى عالم الملك والملكوت والجبروت وعالما الأمر. أمّا عالم الملك هو من السماء إلى الأرض، وعالم الملكوت هو من السماء الأولى إلى السماء السابعة، وعالم الجبروت هو من السماء السابعة إلى الكرسيّ، وعالم الأمر هو من الكرسيّ إلى العرش إلى ما وراءه، فمعنى الملك هو عالم الناسوت، وهي شدّة الكثافة، وهو التجلّي بالأجسام الكثيفة، والملكوت عالم الأنوار، وهو التجلّي بصور الأجسام اللطيفة، والجبروت عالم الأسرار، وهو التجلّي بصور الأجسام القدسيّة من الكروبيين ومن ضاهاهم، وعالم الأمر هو التجلّي بصور الروحانيّة القدسيّة المنزّهة عن المادّة والطبيعة. فكلّ عالم تجلّى فيه بنسبة من نسب الحضرة الإلهيّة. انتهى ما أملاه علينا رضي الله عنه وأدام علاه، آمين. ثمّ قال رضي الله عنه : الأصل في كلّ ذرّة في الكون هي مرتبة للحقّ سبحانه وتعالى يتجلّى فيها بما شاء من أفعاله وأحكامه، والخلق كلّهم مظاهر أحكامه وكمالات ألوهيّته، فلا ترى ذرّة في الكون خارجة عن هذا الأمر، فما ثَمَّ إلاّ كمالات ألوهيّته، ويستوي في هذا الميدان الحيوان والجمادات والآدمي وغيره، ولا فرق في الآدميّ بين المؤمن والكافر، فإنّهما مستويان في هذا البساط، ويكون، على هذا الأصل، في الكافر التعظيم لأنّه مرتبة من مراتب الحقّ. والإذلال والإهانة والصولة عليه للمؤمن من أحكام طارئة عليه لا تهدم قواعد الأصل لأنّ الأصل لا ينهدم، والأحكام الطارئة عوارض، والمرجع في ذلك للأصل لا للعوارض، وكمال العلم فيه أن يعظّم لأنّه مرتبة للحقّ تجلّى فيه بأحكامه، ولكن يعظّم باطنا ويهان ويذلّ ويقاتل ظاهرا لأنّ ذلك حكم الشرع والحكمة. وهذا الأمر في نظر العارفين فقط لا في بساط الشريعة. وإلى هذا الإشارة بقوله صلّى الله عليه وسلّم: « لا تعلو على الله في بلاده وعباده فإنّ من علا على العباد علا على الله وتكبّر عليه.». وتحقيق ما في هذا الحديث هو ما قلناه أوّلا، وهو أنّ جميع المخلقات مراتب للحقّ يجب التسليم له في حكمه في كلّ ما أقام فيه خلقه لا يعارض في شيء، ثمّ حكم الشرع من وراء هذا يتصرّف فيه ظاهرا لا باطنا، ولا يكون هذا إلاّ لمن عرف وحدة الوجود، فيشاهد فيها الفصل والوصل، فإنّ الوجود عين واحدة لا تجزّأ فيها على كثرة أجناسها و أنواعها، ووحدتها لا تخرجها عن افتراق أشخاصها بالأحكام والخواصّ، وهي المعبّر عنها عند العارفين : " بأنّ الكثرة عين الوحدة والوحدة عين الكثرة " ، فمن نظر إلى كثرة الوجود وافتراق أجزائه نظره عينا واحدة على كثرته، ومن نظر إلى عين الوحدة نظر متكثّر بما لا غاية له من الكثرة، وهذا النظر للعارف فقط لا غيره من أصحاب الحجاب، وهذا لمن عاين الوحدة ذوقا لا رسما، وهذا خارج عن القال. ومعنى الوصل والفصل، فالوحدة هي الوصل والكثرة وهي الفصل. انتهى. ثمّ من وراء هذه الحقيقة تجلّى لهم فيهم بظهور حجاب كثيف غطّى عليهم في ذواتهم رؤية فعله وتحريكه وتسكينه، ورؤية قيامه لهم فيما أرادوا، أعطاهم بحسب هذا التجلّي والحجاب رؤية استبدادهم بالفعل، ورؤية استبدادهم بالاختيار والحركة والسكون، ورؤية استبدادهم بالتغلّب والتصرّف حيث شاءوا كيف شاءوا بلا واسطة مانع ولا حجر عن الجولان في هذا الميدان، يرون أنْ لا فاعل فيهم غيرهم، ولا محرّك لهم سواهم، ولا دافع لهم في اختيارهم في نفوسهم. وعلى هذا التجلّي والحجاب وقعت الشرائع وبعثت الرسل مبشّرين ومنذرين، وثبتت الأحكام والحدود، وطوّق في أعناقهم ربقة التكليف بالأمر الإلهيّ، أمرا ونهيا وفعلا وتركا وطاعة ومعصية ووجوبا وتحريما، ورتّب على ذلك ثبوت الجزاء في المآل نعيما وعذابا وتوبيخا وعتابا وحمدا وثناء. وهذا التجلّي والحجاب هو الذي بسط عليه الحكمة والشريعة. انتهى ما أملاه علينا رضي الله عنه من حفظه ولفظه.). اهـ (كل النصوص المنقولة كانت من أهم مصدر للطريقة التيجانية "جواهر المعاني" وهو كتابهم المقدس).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    افتراضي

    مع الآية 58 من سورة الذاريات :
    قال سبحانه وتعالى : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
    في تفسير ابن كثير :
    وقوله : ( ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) قال الإمام أحمد :
    حدثنا يحيى بن آدم وأبو سعيد قالا حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأنا الرزاق ذو القوة المتين " .
    ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث إسرائيل ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
    ومعنى الآية : أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له ، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء ، ومن عصاه عذبه أشد العذاب ، وأخبر أنه غير محتاج إليهم ، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم ، فهو خالقهم ورازقهم .
    قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عمران - يعني ابن زائدة بن نشيط - عن أبيه ، عن أبي خالد - هو الوالبي - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله : " يابن آدم ، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك " .
    ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عمران بن زائدة ، وقال الترمذي : حسن غريب .
    وقد روى الإمام أحمد عن وكيع وأبي معاوية ، عن الأعمش ، عن سلام أبي شرحبيل ، سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان : أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يعمل عملا أو يبني بناء - وقال أبو معاوية : يصلح شيئا - فأعناه عليه ، فلما فرغ دعا لنا وقال : " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يعطيه الله ويرزقه " . و [ قد ورد ] في بعض الكتب الإلهية : " يقول الله تعالى : ابن آدم ، خلقتك لعبادتي فلا تلعب ، وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني ; فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآية 41 وما يليها من سورة العنكبوت :
    مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
    يقول ابن كثير في تفسير الآية وما يليها
    : (هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، يرجون نصرهم ورزقهم ، ويتمسكون بهم في الشدائد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت ، فإنه لا يجدي عنه شيئا ، فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء ، وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه لله ، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع الشرع فإنه مستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، لقوتها وثباتها .

    إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
    ثم قال تعالى متوعدا لمن عبد غيره وأشرك به : إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال ، ويعلم ما يشركون به من الأنداد ، وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم .

    وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ
    ثم قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) أي : وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه .
    قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثني ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عمرو بن العاص ، رضي الله عنه ، قال : عقلت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل .
    وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص - رضي الله عنه - حيث يقول [ الله ] تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن سنان ، عن عمرو بن مرة قال : ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني ، لأني سمعت الله تعالى يقول : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) .

    خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِين َ
    يقول تعالى [ مخبرا ] عن قدرته العظيمة : أنه خلق السموات والأرض بالحق ، يعني : لا على وجه العبث واللعب ، ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) [ طه : 15 ] ، ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] .
    وقوله : ( إن في ذلك لآية للمؤمنين ) أي : لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآيات 31 - 33 من سورة يونس :
    قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ

    في تفسير ابن كثير :
    يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله فقال : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض ) أي : من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر ، فيشق الأرض شقا بقدرته ومشيئته ، فيخرج منها ( حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا ) [ عبس : 27 - 31 ] ، أإله مع الله ؟ فسيقولون : الله ، ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) [ الملك : 21 ] ؟ ، وكذلك قوله : ( أمن يملك السمع والأبصار ) [ يونس : 31 ] ؟ ؟ أي : الذي وهبكم هذه القوة السامعة ، والقوة الباصرة ، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها ، كما قال تعالى : ( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) [ الملك : 23 ] ، وقال ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ) [ الأنعام : 46 ] .

    وقوله : ( ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ) أي : بقدرته العظيمة ، ومنته العميمة ، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك ، وأن الآية عامة في ذلك كله .
    وقوله : ( ومن يدبر الأمر ) أي : من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) [ الرحمن : 29 ] ، فالملك كله العلوي والسفلي ، وما فيهما من ملائكة وإنس وجان ، فقيرون إليه ، عبيد له ، خاضعون لديه ، ( فسيقولون الله ) أي : هم يعلمون ذلك ويعترفون به ، ( فقل أفلا تتقون ) أي : أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم ؟ .

    فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ

    وقوله : ( فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي : فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة ، ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) أي : فكل معبود سواه باطل ، لا إله إلا هو ، واحد لا شريك له .
    ( فأنى تصرفون ) أي : فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه ، وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء ، والمتصرف في كل شيء ؟

    كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

    وقوله : ( كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ) أي : كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع الله غيره ، مع أنهم يعترفون بأنه الخالق الرازق المتصرف في الملك وحده ، الذي بعث رسله بتوحيده ؛ فلهذا حقت عليهم كلمة الله أنهم أشقياء من ساكني النار ، كقوله : ( قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) [ الزمر : 71 ] .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآيات 34-36 من سورة يونس وتفسيرها عند ابن كثير رحمه الله :
    قال سبحانه وتعالى:قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ

    وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا بالله غيره ، وعبدوا من الأصنام والأنداد ، ( قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ) أي : من بدأ خلق هذه السماوات والأرض ثم ينشئ ما فيهما من الخلائق ، ويفرق أجرام السماوات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ، ثم يعيد الخلق خلقا جديدا ؟ ( قل الله ) هو الذي يفعل هذا ويستقل به ، وحده لا شريك له ، ( فأنى تؤفكون ) أي : فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل ؟ !

    قال سبحانه وتعالى : قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

    ( قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق ) أي : أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال ، وإنما يهدي الحيارى والضلال ، ويقلب القلوب من الغي إلى الرشد الله ، الذي لا إله إلا هو .
    ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى ) أي : أفيتبع [ العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعد العمى ، أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا ] أن يهدى ، لعماه وبكمه ؟ كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم أنه قال : ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ) [ مريم : 42 ] ، وقال لقومه : ( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون ) [ الصافات : 95 ، 96 ] إلى غير ذلك من الآيات .
    وقوله : ( فما لكم كيف تحكمون ) أي : فما بالكم يذهب بعقولكم ، كيف سويتم بين الله وبين خلقه ، وعدلتم هذا بهذا ، وعبدتم هذا وهذا ؟ وهلا أفردتم الرب جل جلاله المالك الحاكم الهادي من الضلالة بالعبادة وحده ، وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة .

    قال سبحانه وتعالى : وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ

    ثم بين تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلا ولا برهانا ، وإنما هو ظن منهم ، أي : توهم وتخيل ، وذلك لا يغني عنهم شيئا ، ( إن الله عليم بما يفعلون ) تهديد لهم ، ووعيد شديد ؛ لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآيات 59-66 من سورة النمل وتفسيرها عند ابن كثير رحمه الله :
    قال الله سبحانه وتعالى : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ

    يقول تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول : ( الحمد لله ) أي : على نعمه على عباده ، من النعم التي لا تعد ولا تحصى ، وعلى ما اتصف به من الصفات العلى والأسماء الحسنى ، وأن يسلم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم ، وهم رسله وأنبياؤه الكرام ، عليهم من الله الصلاة والسلام ، هكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغيره : إن المراد بعباده الذين اصطفى : هم الأنبياء ، قال : وهو كقوله تعالى : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) [ الصافات : 180 - 182 ] .

    وقال الثوري ، والسدي : هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - رضي [ الله ] عنهم أجمعين ، وروي نحوه عن ابن عباس .
    ولا منافاة ، فإنهم إذا كانوا من عباد الله الذين اصطفى ، فالأنبياء بطريق الأولى والأحرى ، والقصد أن الله تعالى أمر رسوله ومن اتبعه بعدما ذكر لهم ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد ، وما أحل بأعدائه من الخزي والنكال والقهر ، أن يحمدوه على جميع أفعاله ، وأن يسلموا على عباده المصطفين الأخيار .
    وقد قال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح ، حدثنا طلق بن غنام ، حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي - إن شاء الله - عن أبي مالك ، عن ابن عباس : ( وسلام على عباده الذين اصطفى ) قال : هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - اصطفاهم الله لنبيه ، رضي الله عنهم .
    وقوله : ( آلله خير أم ما يشركون ) : استفهام إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة أخرى .

    قال الله سبحانه وتعالى : أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ

    ثم شرع تعالى يبين أنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير دون غيره ، فقال : ( أمن خلق السموات والأرض ) أي : تلك السموات بارتفاعها وصفائها ، وما جعل فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة والأفلاك الدائرة ، والأرض باستفالها وكثافتها ، وما جعل فيها من الجبال والأوعار والسهول ، والفيافي والقفار ، والأشجار والزروع ، والثمار والبحور والحيوان على اختلاف الأصناف والأشكال والألوان وغير ذلك .

    وقوله : ( وأنزل لكم من السماء ماء ) أي : جعله رزقا للعباد ، ( فأنبتنا به حدائق ) أي : بساتين ( ذات بهجة ) أي : منظر حسن وشكل بهي ، ( ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ) أي : لم تكونوا تقدرون على إنبات شجرها ، وإنما يقدر على ذلك الخالق الرازق ، المستقل بذلك المتفرد به ، دون ما سواه من الأصنام والأنداد ، كما يعترف به هؤلاء المشركون ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) [ الزخرف : 87 ] ، ( ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله ) [ العنكبوت : 63 ] أي : هم معترفون بأنه الفاعل لجميع ذلك وحده لا شريك له ، ثم هم يعبدون معه غيره مما يعترفون أنه لا يخلق ولا يرزق ، وإنما يستحق أن يفرد بالعبادة من هو المتفرد بالخلق والرزق ; ولهذا قال : ( أإله مع الله ) أي : أإله مع الله يعبد . وقد تبين لكم ، ولكل ذي لب مما يعرفون به أيضا أنه الخالق الرازق .
    ومن المفسرين من يقول : معنى قوله : ( أإله مع الله ) [ أي : أإله مع الله ] فعل هذا . وهو يرجع إلى معنى الأول ; لأن تقدير الجواب أنهم يقولون : ليس ثم أحد فعل هذا معه ، بل هو المتفرد به . فيقال : فكيف تعبدون معه غيره وهو المستقل المتفرد بالخلق والتدبير ؟ كما قال : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ) [ النحل : 17 ] .
    وقوله هاهنا : ( أمن خلق السموات والأرض ) : ( أمن ) في هذه الآيات [ كلها ] تقديره : أمن يفعل هذه الأشياء كمن لا يقدر على شيء منها ؟ هذا معنى السياق وإن لم يذكر الآخر ; لأن في قوة الكلام ما يرشد إلى ذلك ، وقد قال : ( آلله خير أما يشركون ) .
    ثم قال في آخر الآية : ( بل هم قوم يعدلون ) أي : يجعلون لله عدلا ونظيرا . وهكذا قال تعالى : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [ الزمر : 9 ] أي : أمن هو هكذا كمن ليس كذلك ؟ ولهذا قال : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ) [ الزمر : 9 ] ، ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ) [ الزمر : 22 ] وقال ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) [ الرعد : 33 ] أي : أمن هو شهيد على أفعال الخلق ، حركاتهم وسكناتهم ، يعلم الغيب جليله وحقيره ، كمن هو لا يعلم ولا يسمع ولا يبصر من هذه الأصنام التي عبدوها ؟ ولهذا قال : ( وجعلوا لله شركاء قل سموهم ) [ الرعد : 33 ] ، وهكذا هذه الآيات الكريمات كلها .
    قال الله سبحانه وتعالى : أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

    يقول : ( أمن جعل الأرض قرارا ) أي : قارة ساكنة ثابتة ، لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم ، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة ، بل جعلها من فضله ورحمته مهادا بساطا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك ، كما قال في الآية الأخرى : ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء ) [ غافر : 64 ] .
    ( وجعل خلالها أنهارا ) أي : جعل فيها الأنهار العذبة الطيبة تشقها في خلالها ، وصرفها فيها ما بين أنهار كبار وصغار وبين ذلك ، وسيرها شرقا وغربا وجنوبا وشمالا بحسب مصالح عباده في أقاليمهم وأقطارهم حيث ذرأهم في أرجاء الأرض ، سير لهم أرزاقهم بحسب ما يحتاجون إليه ، ( وجعل لها رواسي ) أي : جبالا شامخة ترسي الأرض وتثبتها ; لئلا تميد بكم ( وجعل بين البحرين حاجزا ) أي : جعل بين المياه العذبة والمالحة حاجزا ، أي : مانعا يمنعها من الاختلاط ، لئلا يفسد هذا بهذا وهذا بهذا ، فإن الحكمة الإلهية تقتضي بقاء كل منهما على صفته المقصودة منه ، فإن البحر الحلو هو هذه الأنهار السارحة الجارية بين الناس . والمقصود منها : أن تكون عذبة زلالا يسقى الحيوان والنبات والثمار منها . والبحار المالحة هي المحيطة بالأرجاء والأقطار من كل جانب ، والمقصود منها : أن يكون ماؤها ملحا أجاجا ، لئلا يفسد الهواء بريحها ، كما قال تعالى : ( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) [ الفرقان : 53 ] ; ولهذا قال : ( أإله مع الله ) أي : فعل هذا ؟ أو يعبد على القول الأول والآخر ؟ وكلاهما متلازم صحيح ، ( بل أكثرهم لا يعلمون ) أي : في عبادتهم غيره .

    قال الله سبحانه وتعالى : أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ

    ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد ، المرجو عند النوازل ، كما قال : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) [ الإسراء : 67 ] ، وقال تعالى : ( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ) [ النحل : 53 ] . وهكذا قال هاهنا : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ) أي : من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه ، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه .

    قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن رجل من بلهجيم قال : قلت : يا رسول الله ، إلام تدعو ؟ قال : " أدعو إلى الله وحده ، الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك ، والذي إن أضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك ، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك " . قال : قلت : أوصني . قال : " لا تسبن أحدا ، ولا تزهدن في المعروف ، ولو أن تلقى أخاك وأنت منبسط إليه وجهك ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، واتزر إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين . وإياك وإسبال الإزار ، فإن إسبال الإزار من المخيلة ، [ وإن الله - تبارك تعالى - لا يحب المخيلة ] .

    وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر ، فذكر اسم الصحابي فقال : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا يونس - هو ابن عبيد - حدثنا عبيدة الهجيمي عن أبي تميمة الهجيمي ، عن جابر بن سليم الهجيمي قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محتب بشملة ، وقد وقع هدبها على قدميه ، فقلت : أيكم محمد - أو : رسول الله ؟ - فأومأ بيده إلى نفسه ، فقلت : يا رسول الله ، أنا من أهل البادية ، وفي جفاؤهم ، فأوصني . فقال : " لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه ، فإنه يكون لك أجره وعليه وزره . وإياك وإسبال الإزار ، فإن إسبال الإزار من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة ، ولا تسبن أحدا " . قال : فما سببت بعده أحدا ، ولا شاة ولا بعيرا .
    وقد روى أبو داود والنسائي لهذا الحديث طرقا ، وعندهما طرف صالح منه .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن هاشم حدثنا عبدة بن نوح ، عن عمر بن الحجاج ، عن عبيد الله بن أبي صالح قال : دخل علي طاوس يعودني ، فقلت له : ادع الله لي يا أبا عبد الرحمن ، فقال : ادع لنفسك ، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه .

    وقال وهب بن منبه : قرأت في الكتاب الأول : إن الله يقول : بعزتي إنه من اعتصم بي فإن كادته السموات ومن فيهن ، والأرض بمن فيها ، فإني أجعل له من بين ذلك مخرجا . ومن لم يعتصم بي فإني أخسف به من تحت قدميه الأرض ، فأجعله في الهواء ، فأكله إلى نفسه .
    وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل - حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي - قال هذا الرجل : كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني ، فركب معي ذات مرة رجل ، فمررنا على بعض الطريق ، على طريق غير مسلوكة ، فقال لي : خذ في هذه ، فإنها أقرب . فقلت : لا خبرة لي فيها ، فقال : بل هي أقرب . فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق ، وفيه قتلى كثير ، فقال لي : أمسك رأس البغل حتى أنزل . فنزل وتشمر ، وجمع عليه ثيابه ، وسل سكينا معه وقصدني ، ففررت من بين يديه وتبعني ، فناشدته الله وقلت : خذ البغل بما عليه . فقال : هو لي ، وإنما أريد قتلك . فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل ، فاستسلمت بين يديه وقلت : إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين ؟ فقال : [ صل ] وعجل . فقمت أصلي فأرتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد ، فبقيت واقفا متحيرا وهو يقول : هيه . افرغ . فأجرى الله على لساني قوله تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ، فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي ، وبيده حربة ، فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده ، فخر صريعا ، فتعلقت بالفارس وقلت : بالله من أنت ؟ فقال : أنا رسول [ الله ] الذي يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء . قال : فأخذت البغل والحمل ورجعت سالما .

    وذكر في ترجمة " فاطمة بنت الحسن أم أحمد العجلية " قالت : هزم الكفار يوما المسلمين في غزاة ، فوقف جواد جيد بصاحبه ، وكان من ذوي اليسار ومن الصلحاء ، فقال للجواد : ما لك ؟ ويلك . إنما كنت أعدك لمثل هذا اليوم . فقال له الجواد : وما لي لا أقصر وأنت تكل علوفتي إلى السواس فيظلمونني ولا يطعمونني إلا القليل ؟ فقال : لك علي عهد الله أني لا أعلفك بعد هذا اليوم إلا في حجري . فجرى الجواد عند ذلك ، ونجى صاحبه ، وكان لا يعلفه بعد ذلك إلا في حجره ، واشتهر أمره بين الناس ، وجعلوا يقصدونه ليسمعوا منه ذلك ، وبلغ ملك الروم أمره ، فقال : ما تضام بلدة يكون هذا الرجل فيها . واحتال ليحصله في بلده ، فبعث إليه رجلا من المرتدين عنده ، فلما انتهى إليه أظهر له أنه قد حسنت نيته في الإسلام وقومه ، حتى استوثق ، ثم خرجا يوما يمشيان على جنب الساحل ، وقد واعد شخصا آخر من جهة ملك الروم ليتساعدا على أسره ، فلما اكتنفاه ليأخذاه رفع طرفه إلى السماء وقال : اللهم ، إنه إنما خدعني بك فاكفنيهما بما شئت ، قال : فخرج سبعان إليهما فأخذاهما ، ورجع الرجل سالما .

    وقوله تعالى : ( ويجعلكم خلفاء الأرض ) أي : يخلف قرنا لقرن قبلهم وخلفا لسلف ، كما قال تعالى : ( إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) [ الأنعام : 133 ] ، وقال تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) [ الأنعام : 165 ] ، وقال تعالى : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) [ البقرة : 30 ] ، أي : قوما يخلف بعضهم بعضا كما قدمنا تقريره . وهكذا هذه الآية : ( ويجعلكم خلفاء الأرض ) أي : أمة بعد أمة ، وجيلا بعد جيل ، وقوما بعد قوم . ولو شاء لأوجدهم كلهم في وقت واحد ، ولم يجعل بعضهم من ذرية بعض ، بل لو شاء لخلقهم كلهم أجمعين ، كما خلق آدم من تراب . ولو شاء أن يجعلهم بعضهم من ذرية بعض ولكن لا يميت أحدا حتى تكون وفاة الجميع في وقت واحد ، فكانت تضيق عليهم الأرض وتضيق عليهم معايشهم وأكسابهم ، ويتضرر بعضهم ببعض . ولكن اقتضت حكمته وقدرته أن يخلقهم من نفس واحدة ، ثم يكثرهم غاية الكثرة ، ويذرأهم في الأرض ، ويجعلهم قرونا بعد قرون ، وأمما بعد أمم ، حتى ينقضي الأجل وتفرغ البرية ، كما قدر ذلك تبارك وتعالى ، وكما أحصاهم وعدهم عدا ، ثم يقيم القيامة ، ويوفي كل عامل عمله إذا بلغ الكتاب أجله ; ولهذا قال تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ) أي : يقدر على ذلك ، أو إله مع الله يعبد ، وقد علم أن الله هو المتفرد بفعل ذلك ( قليلا ما تذكرون ) أي : ما أقل تذكرهم فيما يرشدهم إلى الحق ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم .
    قال الله سبحانه وتعالى :أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

    يقول : ( أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ) أي : بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية ، كما قال : ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) [ النحل : 16 ] ، وقال تعالى : ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) الآية [ الأنعام : 97 ] .
    ( ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) أي : بين يدي السحاب الذي فيه مطر ، يغيث به عباده المجدبين الأزلين القنطين ، ( أإله مع الله تعالى الله عما يشركون ) .

    قال الله سبحانه وتعالى : (أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)

    أي : هو الذي بقدرته وسلطانه يبدأ الخلق ثم يعيده ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد ) [ البروج : 12 ، 13 ] ، وقال ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .
    ( ومن يرزقكم من السماء والأرض ) أي : بما ينزل من مطر السماء ، وينبت من بركات الأرض ، كما قال : ( والسماء ذات الرجع . والأرض ذات الصدع ) [ الطارق : 11 ، 12 ] ، وقال ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ) [ الحديد : 4 ] ، فهو ، تبارك وتعالى ، ينزل من السماء ماء مباركا فيسكنه في الأرض ، ثم يخرج به [ منها ] أنواع الزروع والثمار والأزاهير ، وغير ذلك من ألوان شتى ، ( كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) [ طه : 54 ] ; ولهذا قال : ( أإله مع الله ) أي : فعل هذا . وعلى القول الآخر : يعبد ؟ ( قل هاتوا برهانكم ) على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى ، ( إن كنتم صادقين ) في ذلك ، وقد علم أنه لا حجة لهم ولا برهان ، كما قال [ الله ] : ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) [ المؤمنون : 117 ] .

    قال الله سبحانه وتعالى : (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)

    قول تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول معلما لجميع الخلق : أنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب . وقوله : ( إلا الله ) استثناء منقطع ، أي : لا يعلم أحد ذلك إلا الله عز وجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده ، لا شريك له ، كما قال : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) الآية [ الأنعام : 59 ] ، وقال : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) [ لقمان : 34 ] ، والآيات في هذا كثيرة .
    وقوله : ( وما يشعرون أيان يبعثون ) أي : وما يشعر الخلائق الساكنون في السموات والأرض بوقت الساعة ، كما قال : ( ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ) [ الأعراف : 187 ] ، أي : ثقل علمها على أهل السموات والأرض .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : من زعم أنه يعلم - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ; لأن الله تعالى يقول : ( لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) .
    وقال قتادة : إنما جعل الله هذه النجوم لثلاث خصلات : جعلها زينة للسماء ، وجعلها يهتدى بها ، وجعلها رجوما [ للشياطين ] ، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به . وإن ناسا جهلة بأمر الله ، قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة : من أعرس بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ومن سافر بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ومن ولد بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود ، والقصير والطويل ، والحسن والدميم ، وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب! وقضى الله : أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ، وما يشعرون أيان يبعثون .
    رواه ابن أبي حاتم عنه بحروفه ، وهو كلام جليل متين صحيح .

    قال الله سبحانه وتعالى : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ)

    وقوله : ( بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها ) أي : انتهى علمهم وعجز عن معرفة وقتها .
    وقرأ آخرون : " بل أدرك علمهم " ، أي : تساوى علمهم في ذلك ، كما في الصحيح لمسلم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل - وقد سأله عن وقت الساعة - ما المسؤول عنها بأعلم من السائل أي : تساوى في العجز عن درك ذلك علم المسؤول والسائل .
    قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( بل ادارك علمهم في الآخرة ) أي : غاب .
    وقال قتادة : ( بل ادارك علمهم في الآخرة ) يعني : يجهلهم ربهم ، يقول : لم ينفذ لهم إلى الآخرة علم ، هذا قول .
    وقال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : " بل أدرك علمهم في الآخرة " حين لم ينفع العلم ، وبه قال عطاء الخراساني ، والسدي : أن علمهم إنما يدرك ويكمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك ، كما قال تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ) [ مريم : 38 ] .

    وقال سفيان ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقرأ : " بل أدرك علمهم " قال : اضمحل علمهم في الدنيا ، حين عاينوا الآخرة .
    وقوله : ( بل هم في شك منها ) عائد على الجنس ، والمراد الكافرون ، كما قال تعالى : ( وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ) [ الكهف : 48 ] أي : الكافرون منكم . وهكذا قال هاهنا : ( بل هم في شك منها ) أي : شاكون في وجودها ووقوعها ، ( بل هم منها عمون ) أي : في عماية وجهل كبير في أمرها وشأنها .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآيات 20-28 من سورة سبأ وتفسيرها عند ابن كثير رحمه الله :
    قال الله سبحانه وتعالى : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ

    لما ذكر [ الله ] تعالى قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباعهم الهوى والشيطان ، أخبر عنهم وعن أمثالهم ممن اتبع إبليس والهوى ، وخالف الرشاد والهدى ، فقال : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) .
    قال ابن عباس وغيره : هذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن إبليس حين امتنع من السجود لآدم ، ثم قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] ، ثم قال : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [ الأعراف : 17 ] والآيات في هذا كثيرة .
    وقال الحسن البصري : لما أهبط الله آدم من الجنة ومعه حواء ، هبط إبليس فرحا بما أصاب منهما ، وقال : إذا أصبت من الأبوين ما أصبت ، فالذرية أضعف وأضعف . وكان ذلك ظنا من إبليس ، فأنزل الله عز وجل : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) فقال عند ذلك إبليس : " لا أفارق ابن آدم ما دام فيه الروح ، أعده وأمنيه وأخدعه " . فقال الله : " وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ، ولا يدعوني إلا أجبته ، ولا يسألني إلا أعطيته ، ولا يستغفرني إلا غفرت له " . رواه ابن أبي حاتم .
    قال الله سبحانه وتعالى : وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ

    وقوله : ( وما كان له عليهم من سلطان ) قال ابن عباس : أي من حجة .
    وقال الحسن البصري : والله ما ضربهم بعصا ، ولا أكرههم على شيء ، وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه .
    وقوله : ( إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ) أي : إنما سلطناه عليهم ليظهر أمر من هو مؤمن بالآخرة وقيامها والحساب فيها والجزاء ، فيحسن عبادة ربه عز وجل في الدنيا ، ممن هو منها في شك .
    وقوله : ( وربك على كل شيء حفيظ ) أي : ومع حفظه ضل من ضل من اتباع إبليس ، وبحفظه وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين أتباع الرسل .
    قال الله سبحانه وتعالى : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ

    بين تعالى أنه الإله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لا نظير له ولا شريك له ، بل هو المستقل بالأمر وحده ، من غير مشارك ولا منازع ولا معارض ، فقال : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله ) أي : من الآلهة التي عبدت من دونه ( لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ) ، كما قال تبارك وتعالى : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ) [ فاطر : 13 ] .
    وقوله : ( وما لهم فيهما من شرك ) أي : لا يملكون شيئا استقلالا ولا على سبيل الشركة ، ( وما له منهم من ظهير ) أي : وليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور ، بل الخلق كلهم فقراء إليه ، عبيد لديه .
    قال قتادة في قوله : ( وما له منهم من ظهير ) ، من عون يعينه بشيء .

    قال الله سبحانه وتعالى : وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ

    وقال : ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) أي : لعظمته [ وجلاله ] وكبريائه لا يجترئ أحد أن يشفع عنده تعالى في شيء إلا بعد إذنه له في الشفاعة ، كما قال تعالى : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [ البقرة : 255 ] ، وقال : ( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء [ ويرضى ] ) [ النجم : 26 ] ، وقال : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) [ الأنبياء : 28 ] .

    ولهذا ثبت في الصحيحين ، من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو سيد ولد آدم ، وأكبر شفيع عند الله - : أنه حين يقوم المقام المحمود ليشفع في الخلق كلهم أن يأتي ربهم لفصل القضاء ، قال : " فأسجد لله فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ويفتح علي بمحامد لا أحصيها الآن ، ثم يقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع ، وسل تعطه واشفع تشفع " الحديث بتمامه .
    وقوله : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق ) . وهذا أيضا مقام رفيع في العظمة . وهو أنه تعالى إذا تكلم بالوحي ، سمع أهل السماوات كلامه ، أرعدوا من الهيبة حتى يلحقهم مثل الغشي . قاله ابن مسعود ومسروق ، وغيرهما .
    ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) أي : زال الفزع عنها . قال ابن عباس ، وابن عمر وأبو عبد الرحمن السلمي والشعبي ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك والحسن ، وقتادة في قوله تعالى : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) يقول : جلي عن قلوبهم ، وقرأ بعض السلف - وجاء مرفوعا - : " [ حتى ] إذا فرغ " بالغين المعجمة ، ويرجع إلى الأول .

    فإذا كان كذلك يسأل بعضهم بعضا : ماذا قال ربكم ؟ فيخبر بذلك حملة العرش للذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم لمن تحتهم ، حتى ينتهي الخبر إلى أهل السماء الدنيا; ولهذا قال : ( قالوا الحق ) أي : أخبروا بما قال من غير زيادة ولا نقصان ، ( وهو العلي الكبير ) .
    وقال آخرون : بل معنى قوله : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) يعني : المشركين عند الاحتضار ، ويوم القيامة إذا استيقظوا مما كانوا فيه من الغفلة في الدنيا ، ورجعت إليهم عقولهم يوم القيامة ، قالوا : ماذا قال ربكم ؟ فقيل لهم : الحق وأخبروا به مما كانوا عنه لاهين في الدنيا .
    قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) : كشف عنها الغطاء يوم القيامة .
    وقال الحسن : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) يعني : ما فيها من الشك والتكذيب . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) يعني : ما فيها من الشك ، قال : فزع الشيطان عن قلوبهم وفارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم ، ( قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) قال : وهذا في بني آدم ، هذا عند الموت ، أقروا حين لا ينفعهم الإقرار .
    وقد اختار ابن جرير القول الأول : أن الضمير عائد على الملائكة . هذا هو الحق الذي لا مرية فيه ، لصحة الأحاديث فيه والآثار ، ولنذكر منها طرفا يدل على غيره :
    قال البخاري عند تفسير هذه الآية الكريمة في صحيحه : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو ، سمعت عكرمة ، سمعت أبا هريرة يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال : الحق ، وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ، ومسترق السمع - هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بيده - فحرفها وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة ، فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته ، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة ، فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا : كذا وكذا ؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء .

    انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم من هذا الوجه . وقد رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث سفيان بن عيينة ، به .

    حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرزاق : أخبرنا معمر ، أخبرنا الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ جالسا ] في نفر من أصحابه - قال عبد الرزاق : " من الأنصار " - فرمي بنجم فاستنار ، [ قال ] : " ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية ؟ " قالوا : كنا نقول يولد عظيم ، أو يموت عظيم - قلت للزهري : أكان يرمى بها في الجاهلية ؟ قال : نعم ، ولكن غلظت حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم - قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا ، تبارك وتعالى ، إذا قضى أمرا سبح حملة العرش [ ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ، حتى يبلغ التسبيح هذه الدنيا ، ثم يستخبر أهل السماء الذين يلون حملة العرش ، فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ] : ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ، ويخبر أهل كل سماء سماء; حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء ، وتخطف الجن السمع فيرمون ، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ، ولكنهم يفرقون فيه ويزيدون .

    هكذا رواه الإمام أحمد . وقد أخرجه مسلم في صحيحه ، من حديث صالح بن كيسان ، والأوزاعي ، ويونس ومعقل بن عبيد الله ، أربعتهم عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن ابن عباس عن رجل من الأنصار ، به . ورواه وقال يونس : عن رجال من الأنصار ، وكذا رواه النسائي في " التفسير " من حديث الزبيدي ، عن الزهري ، به . ورواه الترمذي فيه عن الحسين بن حريث; عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن رجل من الأنصار ، رضي الله عنه ، والله أعلم .

    حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف وأحمد بن منصور بن سيار الرمادي - والسياق لمحمد بن عوف - قالا حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا الوليد - هو ابن مسلم - عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عبد الله بن أبي زكرياء ، عن رجاء بن حيوة ، عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله أن يوحي بأمره تكلم بالوحي ، فإذا تكلم أخذت السماوات منه رجفة - أو قال : رعدة - شديدة; من خوف الله ، فإذا سمع بذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، فيمضي به جبريل على الملائكة ، كلما مر بسماء سماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول : قال : الحق ، وهو العلي الكبير . فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمره الله من السماء والأرض " .

    وكذا رواه ابن جرير وابن خزيمة ، عن زكريا بن أبان المصري ، عن نعيم بن حماد ، به .
    قال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : ليس هذا الحديث بالشام عن الوليد بن مسلم ، رحمه الله .
    وقد روى ابن أبي حاتم من حديث العوفي ، عن ابن عباس - وعن قتادة : أنهما فسرا هذه الآية بابتداء إيحاء الله سبحانه إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد الفترة التي كانت بينه وبين عيسى ، ولا شك أن هذا أولى ما دخل في هذه الآية .
    قال الله سبحانه وتعالى :۞ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

    يقول تعالى مقررا تفرده بالخلق والرزق ، وانفراده بالإلهية أيضا ، فكما كانوا يعترفون بأنه لا يرزقهم من السماء والأرض - أي : بما ينزل من المطر وينبت من الزرع - إلا الله ، فكذلك فليعلموا أنه لا إله غيره .
    وقوله : ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) : هذا من باب اللف والنشر ، أي : واحد من الفريقين مبطل ، والآخر محق ، لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال ، بل واحد منا مصيب ، ونحن قد أقمنا البرهان على التوحيد ، فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك بالله; ولهذا قال : ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) .
    قال قتادة : قد قال ذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم للمشركين : والله ما نحن وإياكم على أمر واحد ، إن أحد الفريقين لمهتد .
    وقال عكرمة وزياد بن أبي مريم : معناه : إنا نحن لعلى هدى ، وإنكم لفي ضلال مبين .
    قال الله سبحانه وتعالى : (قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

    وقوله : ( قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون ) : معناه التبري منهم ، أي : لستم منا ولا نحن منكم ، بل ندعوكم إلى الله وإلى توحيده وإفراد العبادة له ، فإن أجبتم فأنتم منا ونحن منكم ، وإن كذبتم فنحن برآء منكم وأنتم برآء منا ، كما قال تعالى : ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) [ يونس : 41 ] ، وقال : ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين ) [ سورة الكافرون ] .

    قال الله سبحانه وتعالى : (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)

    وقوله : ( قل يجمع بيننا ربنا ) أي : يوم القيامة ، يجمع [ بين ] الخلائق في صعيد واحد ، ثم يفتح بيننا بالحق ، أي : يحكم بيننا بالعدل ، فيجزي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصرة والسعادة الأبدية ، كما قال تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ) [ الروم : 14 - 16 ] ; ولهذا قال تعالى : ( وهو الفتاح العليم ) أي : الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور .
    قال الله سبحانه وتعالى : (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاءَ ۖ كَلَّا ۚ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

    وقوله : ( قل أروني الذين ألحقتم به شركاء ) أي : أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أندادا وصيرتموها له عدلا . ) كلا ) أي : ليس له نظير ولا نديد ، ولا شريك ولا عديل ، ولهذا قال : ( بل هو الله ) : أي : الواحد الأحد الذي لا شريك له ) العزيز الحكيم ) أي : ذو العزة التي قد قهر بها كل شيء ، وغلبت كل شيء ، الحكيم في أفعاله وأقواله ، وشرعه وقدره ، تعالى وتقدس .
    قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

    يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) : أي : إلا إلى جميع الخلق من المكلفين ، كقوله تعالى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ] ، ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) [ الفرقان : 1 ] . ( بشيرا ونذيرا ) أي تبشر من أطاعك بالجنة ، وتنذر من عصاك بالنار .

    ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ، كقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] ، ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] .
    قال محمد بن كعب في قوله : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) يعني : إلى الناس عامة .
    وقال قتادة في هذه الآية : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم ، فأكرمهم على الله أطوعهم لله عز وجل .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، حدثنا الحكم - يعني : ابن أبان - عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يقول : إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء . قالوا : يا ابن عباس ، فيم فضله الله على الأنبياء ؟ قال : إن الله قال : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) ، فأرسله الله إلى الجن والإنس .

    وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين رفعه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي . وأعطيت الشفاعة . وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " .
    وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأسود والأحمر " : قال مجاهد . يعني : الجن والإنس . وقال غيره : يعني : العرب والعجم . والكل صحيح .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآية 3 من سورة فاطر وتفسيرها عند ابن كثير رحمه الله :
    قال الله سبحانه وتعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ

    ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له ، كما أنه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فليفرد بالعبادة ، ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان; ولهذا قال : ( لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) ، أي : فكيف تؤفكون بعد هذا البيان ، ووضوح هذا البرهان ، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان ؟

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    مع الآيات 15-24 من سورة الملك وتفسيرها عند ابن كثير رحمه الله :
    قال الله سبحانه وتعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ

    ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض ، وتذليله إياها لهم ، بأن جعلها قارة ساكنة لا تمتد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال ، وأنبع فيها من العيون ، وسلك فيها من السبل ، وهيأها فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار ، فقال : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها ) أي : فسافروا حيث شئتم من أقطارها ، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات ، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا ، إلا أن ييسره الله لكم ; ولهذا قال : ( وكلوا من رزقه ) فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد :

    حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول : إنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول : إنه سمع عمر بن الخطاب يقول : إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا " .

    رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث ابن هبيرة وقال الترمذي : حسن صحيح . فأثبت لها رواحا وغدوا لطلب الرزق ، مع توكلها على الله ، عز وجل ، وهو المسخر المسير المسبب . ) وإليه النشور ) أي : المرجع يوم القيامة .

    قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي : ( مناكبها ) أطرافها ، وفجاجها ، ونواحيها . وقال ابن عباس ، وقتادة : ( مناكبها ) الجبال .
    وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن حكام الأزدي ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن بشير بن كعب : أنه قرأ هذه الآية : ( فامشوا في مناكبها ) فقال لأم ولد له : إن علمت ) مناكبها ) فأنت عتيقة . فقالت : هي الجبال . فسأل أبا الدرداء فقال : هي الجبال .
    قال الله سبحانه وتعالى : أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ

    وهذا أيضا من لطفه ورحمته بخلقه أنه قادر على تعذيبهم ، بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معه غيره وهو مع هذا يحلم ويصفح ، ويؤجل ولا يعجل ، كما قال : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ) [ فاطر : 45 ] .

    وقال ها هنا : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ) أي : تذهب وتجيء وتضطرب
    قال الله سبحانه وتعالى : أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ

    أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) أي : ريحا فيها حصباء تدمغكم ، كما قال : ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا ) [ الإسراء : 68 ] . وهكذا توعدهم ها هنا بقوله : ( فستعلمون كيف نذير ) أي : كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلف عنه وكذب به .
    قال الله سبحانه وتعالى : وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

    ثم قال : ( ولقد كذب الذين من قبلهم ) أي : من الأمم السالفة والقرون الخالية ، ( فكيف كان نكير ) أي : فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم ؟ أي : عظيما شديدا أليما .
    قال الله سبحانه وتعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

    ثم قال تعالى : ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ) أي : تارة يصففن أجنحتهن في الهواء ، وتارة تجمع جناحا وتنشر جناحا ) ما يمسكهن ) أي : في الجو ) إلا الرحمن ) أي : بما سخر لهن من الهواء ، من رحمته ولطفه ، ( إنه بكل شيء بصير ) أي : بما يصلح كل شيء من مخلوقاته . وهذه كقوله : ( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) [ النحل : 79 ] .
    قال الله سبحانه وتعالى : (أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)

    يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا غيره ، يبتغون عندهم نصرا ورزقا ، منكرا عليهم فيما اعتقدوه ، ومخبرا لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه ، فقال : ( أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ) أي : ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ، ولا ناصر لكم غيره ; ولهذا قال : ( إن الكافرون إلا في غرور )
    قال الله سبحانه وتعالى : (أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ)

    ثم قال : ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) ؟ ! أي : من هذا الذي إذا قطع الله رزقه عنكم يرزقكم بعده ؟ ! أي : لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق ، وينصر إلا الله ، عز وجل ، وحده لا شريك له ، أي : وهم يعلمون ذلك ، ومع هذا يعبدون غيره ; ولهذا قال : ( بل لجوا ) أي : استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم ) في عتو ونفور ) أي : معاندة ، واستكبارا ، ونفورا على أدبارهم عن الحق ، أي لا يسمعون له ولا يتبعونه .
    قال الله سبحانه وتعالى : (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

    ثم قال : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) ؟ : وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي : يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ، أي : لا يدري أين يسلك ، ولا كيف يذهب ؟ بل تائه حائر ضال ، أهذا أهدى ( أمن يمشي سويا ) أي : منتصب القامة ) على صراط مستقيم ) أي : على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة . هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة . فالمؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم ، مفضى به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم ، ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون )

    قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل ، عن نفيع ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم " .

    وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق يونس بن محمد ، عن شيبان ، عن قتادة عن أنس به نحوه .
    قال الله سبحانه وتعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)

    وقوله : ( قل هو الذي أنشأكم ) أي : ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) أي : العقول والإدراك ، ( قليلا ما تشكرون ) أي : ما أقل تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم ، في طاعته ، وامتثال أوامره ، وترك زواجره .
    قال الله سبحانه وتعالى : (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

    ( قل هو الذي ذرأكم في الأرض ) أي : بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها ، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم ، وحلاكم وأشكالكم وصوركم ، ( وإليه تحشرون ) أي : تجمعون بعد هذا التفرق والشتات ، يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    وبعد
    في هذا المبحث المتعلق بالرزق كما ورد في القرآن الكريم تعرضت لبعض الآيات فقط مع شرحها عند ابن كثير رحمه الله وهي على الخصوص في صيغتين : لفظة الرزاق ولفظة يرزقكم من بين 33 صيغة لكلمة رزق.
    أما عدد الآيات التي تطرقت للرزق في القرآن الكريم فهو 125 آية... فما بال شيخ الطريقة التجانية يدعي الألوهية والربوبية ورزق الكائنات وتصريف أرزاقها وتدبير شؤون الكون والكائنات... وهذا شأن شيوخ الطرق الصوفية عموما...
    (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) (الكهف 5)... (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) (الصفات 180-182)...

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    فتوى
    حكم من طلب من غير الله أن يهبه الأولاد أو يزيد في رزقه ولا ينقصه ؟
    ما حكم من اعتقد في الولي أو المرشد أنه أعطاه الولد ، أو أنه يزيد في الرزق وينقص ؟.
    الحمد لله
    من اعتقد أن الولد من عطاء غير الله ، أو أن أحدا سوى الله يزيد في الرزق وينقص منه ، فهو مشرك شركا أشد من شرك العرب وغيرهم في الجاهلية , فإن العرب ونحوهم كانوا في جاهليتهم إذا سئلوا عمن يرزقهم من السماء والأرض ، وعمن يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي , قالوا : الله , وإنما عبدوا آلهتهم الباطلة لزعمهم أنها تقربهم إلى الله زلفى , قال الله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ) يونس/31 ، وقال : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) الزمر/3 وقال : ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) الملك/21
    وثبت في السنة أن العطاء والمنع إلى الله وحده , فمن ذلك ما رواه البخاري ( 844) ، ومسلم ( 593) عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد , وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد "
    لكن قد يعطي الله عبده ذرية ويوسع له في رزقه بدعائه إياه ولجئه إليه وحده كما هو واضح في سورة إبراهيم من دعاء إبراهيم الخليل ربه وإجابة الله دعاءه , وفي سورة مريم والأنبياء وغيرهما من دعاء زكريا ربه وإجابته دعاءه , وكما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله , فليصل رحمه " رواه البخاري( 2067 ) ومسلم ( 2557)
    والله أعلم .
    وبالله التوفيق .
    نقلا عن الإسلام سؤال وجواب :

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb

    راجع : الرزق في القرآن الكريم على الرابط أسفله:

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •