التنجيم بين الحقيقة والتضليل



محمد بن عبدالوهاب: من صدق الكهان والعرافين في ادعائهم علم الغيب فقد كذب الله وكفر بما نزل على محمد عليه الصلاة والسلام
ابن تيمية: صناعة التنجيم صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية
ابن باز: إن ما يسمى بعلم النجوم والحظ والطالع من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبين أنها من الشرك لما فيها من التعلق بغير الله تعالى واعتقاد الضر والنفع في غيره
ابن عثيمين: التنجيم نوع من السحر والكهانة وهو محرم لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها فلا علاقة لما يحدث في الأرض بما يحدث في السماء
التنجيم قائم على ادعاء معرفة الغيب وقد أكد القرآن الكريم أن الغيب من اختصاص الله سبحانه وتعالى تفرد بعلمه واستأثر به
الشثري: لا يجوز للإنسان قراءة الأبراج إلا على سبيل بيان حقيقتها وتحذير الناس منها لأن هذا يدخل في حكم من أتى عرافًا لم تقبل منه صلاة أربعين يومًا
النجدي: العَرّاف هو الذي يستدلّ على الأمُور بأسبابٍ ومقدّمات يدّعي معرفتها وهذا يسمى كهانة وقد كذبهم الشّرْع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم
الإيمان بالغيب من أركان الإيمان في الإسلام ولا يختص به إلا الله سبحانه وتعالى-، وليس لأي أحد أيا كان ادعاء معرفته بالغيب
لابد من التفريق بين الرؤى والكرامات والفأل الحسن والفراسة التي يهبها الله لبعض خلقه وبين الكهانة والتنجيم
إذا أشكل على العبد أمر من أمور دنياه في زواج أو تجارة أو دراسة فعليه أن يستـخير الله تعــالى
إن وقوع بعض ما يخبر به العرافون والمنجمون لا يعني أنهم صادقون فإن المنجم قد يصدق أحيانا وذلك فتنة للناس ليميز الله ضعيف الإيمان من القوي
وقوع بعض ما يخبر به العرافون والمنجمون لا يعني أنهم صادقون فإن المنجم قد يصدق أحيانا وذلك فتنة للناس ليميز الله قوي الإيمان من ضعيفه
إعداد:
وائــل سلامــة
ذياب عبدالكريم
سعت الشريعة الإسلامية -منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم - إلى تحرير العقول من ضلالات الوهم والخرافة، وأبطلت مسالك الجاهلية ووقفت منها موقفا حازمًا، بيانا وتحذيرًا، ونصحًا وتنبيهًا؛ لتبقى بيضة الإسلام على صورتها الأصلية بيضاء نقية من غوائل الشرك ومظاهر الوثنية، ومن القضايا التي وقف الإسلام منها موقف الرفض الكامل قضية التنجيم وتصديق الأبراج والطوالع، والإيمان بما تأتى به من توقعات وأحداث؛ حيث جاء التحريم واضحًا وصريحًا لها في نصوص الكتاب والسنة؛ فالغيب لا يعلمه إلا الله -تعالى، ولقد افتتن بعض الناس مؤخرًا بمن يتنبأ ببعض الأحداث وقد صادف أن وقع بعضها، لذلك كان لابد أن نعرض لشيء من القول حول تلك القضية والرؤية الشرعية لها حتى نقف على حقيقتها وأبعادها.
علم التنجيم
التنجيم (Astrology) هو عبارة عن مجموعة من المعتقدات حول الأوضاع النسبية للأجرام السماوية وارتباطها بالصفات الشخصية، والشؤون الإنسانية، وغيرها من العديد من الأمور الدنيوية، فمثلًا تؤثر مواقع النجوم والكواكب والشمس والقمر وتحركاتهم على شخصية الإنسان وعلاقاته وأحداثه اليومية، ويعد علم التنجيم من العلوم الزائفة التي تحتوي على العديد من الخرافات التي لا ترتبط لا بالواقع ولا بالدين ولا بالعلم.
التنجيم في اصطلاح الشريعة
التنجيم في اصطلاح علماء الشريعة هو علم الخرافات، ويقسم في الشريعة إلى قسمين، ولكل قسم حكم كما يلي:
أولا: التنجيم الحسابي
تعريفه: التنجيم الحسابي هو الذي يقوم على تحديد أوائل الشهور، وذلك عن طريق حساب سير النجوم، وعلى أساس هذا الحساب يحدد العلماء الأوقات والأزمنة والفصول واتجاه القبلة، وهذا النوع من التنجيم هو فرع من فروع علم الفلك.
حكمه: التنجيم الحسابي أجازه علماء الشريعة؛ ذلك لأنه يقوم على حقائق علمية ولا يقوم على التنبؤات والخرافات، ويُعتمد عليه في تحديد دخول الأشهر العربية، وكم مضى وكم بقي؟ وجهة القبلة وهكذا.
ثانيا: تنجيم التنبؤ
تعريفه: تنجيم التنبؤ هو الذي يقوم فيه المنجمون بالاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، وليس عن طريق الحسابات العلمية واستخدام الأجهزة المتخصصة في ذلك؛ حيث يقوم المنجمون بربط الحوادث التي تقع للناس على الأرض بحركات الكواكب ومسارات النجوم.
حكمه: أجمع العلماء على تحريم هذا القسم؛ لأنه قائم على ادعاء معرفة الغيب، وقد جاءت الكثير من الآيات لتدحض هذا الادعاء وتؤكد أن الغيب من اختصاص الله -سبحانه وتعالى- استأثر به وتفرد بعلمه.

ثالثا: علم الغيب وتفرد الله به
حجب الله -تعالى- أسرار الغيب عن الخلائق كافة، وهذا ما تقرره الكثير من الآيات كمثل قوله -تعالى-: {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الكهف:26) في صيغة تفيد الحصر، ومثلها قوله -تعالى-: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ...}(هود: 23)، وقوله -تعالى-: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}(النمل: 65)، والغيب باب مفاتحه بيد الله -عز وجل- وحده: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}(الأنعام:59).
الأنبياء لا يعلمون الغيب
وتؤكد الآيات القرآنية انتفاء علم الخلائق للغيب بطريقة حاسمة لا مجال فيها للتأويل، حتى على الأنبياء -عليهم السلام- فهم لا يعلمون الغيب وينفون ذلك عن أنفسهم بصريح العبارة: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (المائدة:109)، وتقرير هذه العقيدة جاء على ألسنة الأنبياء والمرسلين ومنهم نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث جاء على لسانه: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (الأنعام: 50)، فإذا كان هذا حال أفضل البشر فكيف بمن هم دونه؟!
الملائكة لا يعلمون الغيب
وبالمثل: فإن الملائكة لا يعلمون الغيب؛ ولذلك قالوا: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (البقرة:32)، والجن الذين ينسب إليهم السحرة والكهنة علم الغيب ليسوا باستثناء من هذه القاعدة، الأمر الذي جعلهم يعملون تحت إمرة سليمان -عليه السلام بعد موته- زمنا طويلا وهم لا يعلمون بموته، قال -تعالى-: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} (سبأ:14).
رابعًا: اتفاق العلماء على التحريم
اتفق علماء الإسلام قديمًا وحديثًا على تحريم التنجيم وادعاء علم الغيب على النحو الآتي:
شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل».
الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم -، وهذا يفيد الحذر من إتيان الكهان والعرافين والمنجمين وسؤالهم، وتصديقهم وأن سؤالهم لا يجوز، وتصديقهم في دعوى علم الغيب كُفْر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله هو الذي يعلم الغيب يقول -سبحانه-: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65)؛ فالواجب الحذر منهم والنهي عن إتيانهم وعن سؤالهم، هذا هو الواجب على المسلمين، والواجب على ولاة الأمور معاقبتهم والقضاء عليهم إذا وجدوا.
الشيخ: ابن عثيمين -رحمه الله
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: والتنجيم نوع من السحر والكهانة وهو محرم؛ لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها، فلا علاقة لما يحدث في الأرض بما يحدث في السماء؛ ولهذا كان من عقيدة أهل الجاهلية، أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم؛ فكسفت الشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم - عليه السلام -؛ فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم فخطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس حين صلى الكسوف، وقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته»؛ فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم - ارتباط الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية.
الشيخ ابن باز -رحمه الله
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إن ما يسمى بعلم النجوم والحظ والطالع من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان أنها من الشرك؛ لما فيها من التعلق بغير الله -تعالى- واعتقاد الضر والنفع في غيره، وتصديق العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب زورا وبهتانا، ويعبثون بعقول السذج والأغرار من الناس ليبتزوا أموالهم ويغيروا عقائدهم، قال -صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما».

الشيخ سعد الشثري
وقال الشيخ سعد الشثري: لا يجوز للإنسان قراءة الأبراج إلا على سبيل بيان حقيقتها وتحذير الناس منها؛ لأن هذا يدخل الإنسان في حكم من أتى عرافاً لم تقبل منه صلاة أربعين يومًا، مبينًا أن من أنواع الإتيان لهم أن يقوم بمشاهدة قنواتهم التلفزيونية، وكذلك قراءة ما كتبوه في الصحف، وأن يضع لها اهتمامًا بقراءتها وتأمل ما فيها، فقراءة هذه الأبراج إن كان على اعتقاد صحتها فهذا أمر عظيم وكبيرة من الكبائر، كما أن نشرها في وسائل الإعلام من نشر الباطل وما يخالف الشرع.
سؤال العرَّافين من كبائر الذنوب
قال رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الشيخ د. محمد الحمود النجدي: الكهانة في العرب ثلاثة أضراب: أحدها: أن يكون للإنسان وليٌ مِنَ الجنّ، يُخْبره بما يسترقه مِنَ السّمْع من السماء، وهذا القسمُ بطل من حيثُ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم .
الثاني: أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض، وما خَفِي عنه ممّا قَرُب أو بعُدَ، وهذا لا يبعد وجوده، لكنّهم يَصْدُقون ويكذبون، والنّهي عن تصديقهم والسماع منْهم عام.
الثالث: المُنجّمون، وهذا الضّرْب يخلق الله -تعالى- فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيهم أغلب، ومنْ هذا الفن العَرَافة، وصاحبها عَرّاف، وهو الذي يستدلّ على الأمُور بأسبابٍ ومقدّمات يدّعي معرفتها، وهذه الأضراب كلها تسمّى كهانة، وقد كذبهم كلهم الشّرْع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. اهـ.
من هنا فإنه لا يجوز الذهاب إلى الكهّان والعرّافين، ولا سؤالهم، فالذهاب إليهم وسؤالهم كبيرة من كبائر الذنوب، أما تصديقهم فكفرٌ والعياذ بالله؛ لأنّ الغيب لا يعلمه إلا الله -تعالى-، قال -تعالى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} (الجن: 26).
الفرق يبن السحر والكهانة والتنجيم
سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عن الفرق بين السحر والكهانة والتنجيم؛ فقال -حفظه الله: السِّحرُ: عبارة عن عزائم ورُقى وعُقد يعملُها السَّحرةُ بقصد التأثيرِ على الناس بالقتل أو الأمراض أو التفريق بين الزوجين، وهو كفرٌ وعمل خبيثٌ، ومرض اجتماعي شنيع، يجب استئصاله وإزالته وإراحة المسلمين من شَرِّهِ.
والكِهَانة: ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجنِّ، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في (فتح المجيد): «وأكثرُ ما يقع في هذا ما يخبر به الجنُّ أولياءَهم من الإنس عن الأشياء الغائبة بما يقع في الأرض من الأخبار؛ فيظنُّه الجاهل كشفًا وكرامة، وقد اغترَّ بذلك كثير من الناس يظنُّونَ المخبرَ بذلك عن الجنِّ وليًّا لله، وهو من أولياء الشيطان، ولا يجوز الذهاب إلى الكُهَّان؛ روى مسلم في (صحيحه) عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ ليلةً»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَومًا»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»، قال البغويُّ: «والعرَّاف هو الذي يدَّعِي معرفة الأمور بمقدِّمات يستدلُّ بها على المسروق ومكان الضالة، وقيل: هو الكاهن»، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «العراف اسمٌ للكاهن والمنجِّمِ والرمَّال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق».
أما التَّنْجيمُ: فهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، وهو من أعمال الجاهلية، وهو شركٌ أكبر إذا اعتقد أنَّ النُّجومَ تتصرَّف في الكونِ.

الخلاصة والتوصيات
الإيمان بالغيب من أركان الإيمان في الإسلام، ولا يختص به إلا الله -سبحانه وتعالى-، وليس لأي أحد -أيا كان- ادعاء معرفته بالغيب، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا سبيل لمعرفته أو الاطلاع عليه إلا بالقدر الذي يريده الله -سبحانه وتعالى- لمن شاء من خلقه، قال -سبحانه-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} (الجن: 26-27).
الكهانة والتنجيم المقصود بها ادعاء معرفة الغيب من خلال تحليل حركة النجوم والكواكب، وهي محرمة في الإسلام، وتعد من كبائر الذنوب، ومن أعظم أبواب الشيطان.
لابد من التفريق بين الرؤى والكرامات والفأل الحسن والفراسة التي يهبها الله لبعض خلقه، وبين الكهانة والتنجيم وقراءة الطالع وغيرها من الشركيات.
لابد للمسلم من التفريق بين الحقيقة والوهم، من خلال القدرة على التفريق بين الأشياء التي تتعلق بالأمور المستقبلة، وبين الأحداث الحقيقية والتجارب الخيالية؛ ما يساعد على فهم الواقع فهما صحيحا، وتجنب الانغماس في الخرافات والأوهام.
إذا أشكل على العبد أمر من أمور دنياه في زواج أو تجارة أو دراسة، فعليه أن يستخير الله -تعالى- كما ندب إلى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما ينشرح له صدره بعد الاستخارة فهو الخير، وليفعله.
التنبؤ بالأحداث المستقبلة في حياة الناس إن كان مبنيًا على قراءة للواقع وتحليل الأحداث بناء على مؤشرات ومعطيات، كتوقع انخفاض سلعة ما مثلًا؛ نتيجة لحدث ما فلا بأس، ولا يعد ذلك من ادعاء الغيب، ولا يحرم متابعته، ولا الاطلاع عليه.
يجب أن نفرق بين العلم وبين الدجل، فالله -عزوجل- رتب على النجوم علمًا، ومن هذه النجوم يعرف العرب المواقيت؛ فهو علم له أدواته فلا نستطيع أن ننكر هذا العلم، ولكن هذا العلم قد اندثر ولم يعد هناك من يقوم على الاهتمام به ولا سيما مع اختلاف الأجواء وظهور التكنولوجيا الحديثة.
إن وقوع بعض ما يخبر به العرافون والمنجمون لا يعني أنهم صادقون؛ فإن المنجم قد يصدق أحيانا، وذلك فتنة للناس ليميز الله ضعيف الإيمان من القوي، وقد بين بعض أهل العلم أن ما يقع من صدق بعض العرافين يعود ببساطة إلى أن الشيطان «القرين » لا يفارقه في أكثر أحيانه، ويرى منه ويعلم عنه أكثر مما يعلم بقية أقاربه عنه، فعندما يذهب الإنسي إلى الكاهن أو العراف يلتقي قريب الإنسي بشيطان الكاهن فيخبره بما فعل صاحبه، ثم يقوم شيطان الكاهن بإخبار صاحبه، وهذا كله ابتلاء واختبار من الله -تعالى- لعباده، ليزداد إيمانهم بقوله -تعالى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدا}.