ذكر البيهقي في سننه وبن أبي شيبة في مصنفه
(أن ابن عمر كان يغتسل للجنا بة، والجمعة، غسلا واحدا )
ممكن تخريخ لهذا الاثر
ذكر البيهقي في سننه وبن أبي شيبة في مصنفه
(أن ابن عمر كان يغتسل للجنا بة، والجمعة، غسلا واحدا )
ممكن تخريخ لهذا الاثر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فهذا تخريج الأثر المذكور آنفا : " عن ابن عمر ، أنه " كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (439/1)، وعنه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 446/2) قالا: حدثنا جرير، عن ليث ، عن نافع عنه به.
قلت: وهذا أثر ضعيف لضعف سنده؛ فيه ليث بن أبي سليم ، قال عنه الذهبي في " السير " (181/6) : " وقد استشهد به البخاري في صحيحه، وروى له مسلم مقرونا بأبي إسحاق الشيباني، والباقون من الستة ... ( إلى أن قال ) :
قلت: بعض الأئمة يحسن الليث، ولا يبلغ حديثه مرتبة الحسن، بل عداده في مرتبة الضعيف المقارب، فيروى في الشواهد والاعتبار، وفي الرغائب، والفضائل ، أما الواجبات فلا " انتهى.
وقد بين العلماء سبب ضعفه وهو الإختلاط، ولهذا قال ابن حجر في " التقريب " ( ص 818) : " صدوق اختلط [ جدا ] ، ولم يتميز حديثه فترك ".
قلت : ( أبو آدم ) قهو ضعيف لاختلاطه، لكن حديثه يكتب، وهو مما يحسن به الأحاديث في الشواهد والاعتبار.
وأما جرير ؛ فهو جرير بن عبد الحميد بن قرظ، أبو عبد الله الرازي الكوفي، قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( ص 196) : " ثقة ، صحيح الكتاب، وقيل : كان في آخر عمره يهم من حفظه " .
وباقي رجاله عدول ثقات.
وقد رواه عبد الرزاق في " المصنف " (200/3) وابن المنذر في " الأوسط " ( 44/4) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (153/14) من طرق أخرى عن ليث به .
بنفس اللفظ وتفرد ابن عبد البر بلفظ آخر فقال : " إنه كان يغتسل للجمعة والجنابة غسلا واحدا " .
ولا يصح شيء منها لمدارها عن ليث بن أبي سليم، فهو ضعيف لاختلاطه وعدم تمييز ما اختلط فيه مما ضبطه من الأحاديث، كما علمت آنفا،
ولم يتابعه عليه أحد من الرواة الثقات فيما أعلم.
وإن كان بعض الأئمة قد أجاز هذا النوع من الغسل، لكن مستندهم لا يصح، فالأولى التفريق بين الغسل الواجب والمستحب في النية والعمل، فيجعل لكل واحد منهما غسله الخاص، والله تعالى أعلم.
كتبه أخوكم : أبو آدم البيضاوي.
قلتُ: له شاهد ثابت فيما خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [5590]، فقال:
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
" كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ كَاغْتِسَالِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَلْبَسُ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى ". اهـ.
وله طريق ءاخر عن ابن إسحاق فيما خرجه البخاري في التاريخ الكبير [1295]، فقال: قَالَ لِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ أَبَاهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قُلْتُ لَهُ: " كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَغْتَسِلُ لِلْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: كَغُسْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ ". اهـ.
وكلاهما محفوظ، وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق.
والله أعلم.
جزاكم الله خيرا أخي الكريم عبد الرحمن بيومي ونفع بكم ، الظاهر من الحديث الذي تفضلتم به أنه يبين كيفية غسل يوم الجمعة، وأنه مثل غسل الجنابة، وليس فيه شاهد لحديث الباب، لأنه لا دلالة فيه على الجمع بينهما في غسل واحد.
وإنما الغاية منه بيان أن الغسلين متشابهين في الكيفية فقط ، ومفترقين في النية.
وشاهد الحديث : هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظا ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي.
فليس ما تفضلتم به ما يشهد للفظ حديث الباب ولا لمعناه ( أي جواز الجمع بين الغسلين في غسل واحد )
وانظر غير مأمور " نزهة النظر" لابن حجر ، و" تيسير مصطلح الحديث " للطحان رحمهما الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
وجزاكم الله خيرا أخي الكريم أبا آدم.
قلتُ: ولعل هذا ما أرادته رواية الليث بن أبي سليم أنه يغتسل للجنابة كما يغتسل للجمعة كأنهما غسل واحد.
ثم إن رواية ابن إسحاق تصلح شاهدا، إذ لو فرقت بينهما لاستثنت، وقال مثلا عبيد الله أو نافع:
كغسله من الجنابة إلا أن يكون قد أجنب فيغتسل غسلين غسلا للجمعة وغسلا للجنابة.
في ذلك نظر، فالحافظ يستشهد بالحديث المرسل فمرسله تابعي وليس صحابي، وكذلك يستشهد للمرفوع بالموقوف.
ثم إن الحكاية هنا عن ابن عمر وليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فينبغي أن ينزل الاختلاف إلى التابعي، فهو المعاين والمشاهد للصحابي.
كما تقول للمدعي ائت بشاهد؛ فإن الشاهد قد عاين ما ادعى.
والله أعلم.
انظر صنيع الحافظ البيهقي في سننه روى من طريق:
همام صاحب البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان " إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " . اهـ.
ثم روى من طريق: يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، به.
ثم قال أبو بكر البيهقي: "وهذا شاهد ضعيف والله أعلم". اهـ.
فسماه شاهدا رغم أنه متابع.
والله أعلم.