السؤال

ما أكثر مرويات البخاري من ناحية عدد الرجال في الإسناد الثلاثيات أو الخماسيات أو التساعيات ؟

الجواب

المحتويات


أولا: كلما كان الإسناد أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله ثقات كان أعظم وأجل وأقرب إلى الصحة
ثانيا: الإمام البخاري من الطبقة الحادية عشرة
ثالثا: أعلى أسانيد البخاري في صحيحه ما كان بينه وبين النبي ﷺ ثلاثة من الرواة فقط
رابعا: أنزل حديث رواه البخاري في صحيحه بينه وبين النبي تسعة من الرواة
خامسا : أكثر أسانيد البخاري في صحيحه الخماسي


الحمد لله.
أولا: كلما كان الإسناد أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله ثقات كان أعظم وأجل وأقرب إلى الصحة

الإسناد من خصائص هذه الأمة ، وكلما كان الإسناد أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله ثقات كان أعظم وأجل وأقرب إلى الصحة بلا شك .
قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" (ص150) :" أصل الإسناد أولا : خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة ، روينا من غير وجه عن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه أنه قال : الإسناد من الدين ، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء
وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره .
قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه : طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف ، وقد روينا : أن يحيى بن معين رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه : ما تشتهي ؟ قال : بيت خالي وإسناد عالي .
قال ابن الصلاح : العلو يبعد الإسناد من الخلل ، لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل وهذا جلي واضح "انتهى.

ثانيا: الإمام البخاري من الطبقة الحادية عشرة

وأما الإمام الجليل، عظيم القدر، طيب الذكر، أمير المؤمنين في الحديث : محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله فقد ولد سنة 194هـ ، وتوفي سنة 256هـ ، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص75) من الطبقة الحادية عشرة ، وقد كان الحافظ ابن حجر قسم طبقات الرواة إلى اثنتي عشرة طبقة ، وهم كما يلي:
قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص75) :" وأما الطبقات : فالأولى : الصحابة ، على اختلاف مراتبهم ، وتمييز من ليس له منهم إلا مجرد الرؤية من غيره . الثانية : طبقة كبار التابعين ، كابن المسيب ، فإن كان مخضرما صرحت بذلك . الثالثة : الطبقة الوسطى من التابعين ، كالحسن وابن سيرين . الرابعة : طبقة تليها ، جل روايتهم عن كبار التابعين ، كالزهري وقتادة . الخامسة : الطبقة الصغرى منهم ، الذين رأوا الواحد والاثنين ، ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة ، كالأعمش . السادسة : طبقة عاصروا الخامسة ، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة ، كابن جريج . السابعة : كبار أتباع التابعين ، كمالك والثوري . الثامنة : الطبقة الوسطى منهم ، كابن عيينة وابن علية . التاسعة : الطبقة الصغرى من أتباع التابعين : كيزيد بن هارون ، والشافعي ، وأبي داود الطيالسي ، وعبد الرزاق . العاشرة : كبار الآخذين عن تبع الأتباع ، ممن لم يلق التابعين ، كأحمد بن حنبل . الحادية عشرة : الطبقة الوسطى من ذلك ، كالذهلي والبخاري . الطبقة الثانية عشرة : صغار الآخذين عن تبع الأتباع ، كالترمذي ، وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة ، الذين تأخرت وفاتهم قليلا ، كبعض شيوخ النسائي ". انتهى
ويتلخص من ذلك :
الطبقة الأولى : طبقة الصحابة .
الطبقة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة : طبقة التابعين .
الطبقة السادسة : لم يثبت لأحدهم لقاء أحد من الصحابة ، وإن كانت تُعد في التابعين .
الطبقة السابعة والثامنة والتاسعة : طبقة أتباع التابعين .
الطبقة العاشرة والحادية عشرة ومنهم الإمام البخاري والثانية عشرة : من الآخذين عن تبع الأتباع.
وإذا تأملنا ذلك ، مع معرفة أن أعمار الرواة تختلف فمنهم من تطول حياته ، ومنهم من هو دون ذلك ، فربما يدرك الراوي شيخا كبيرا يختصر عليه بعض الطبقات من الرواة ، وربما لم يستطع المحدث أن يأخذ الحديث إلا نازلا .

ثالثا: أعلى أسانيد البخاري في صحيحه ما كان بينه وبين النبي ﷺ ثلاثة من الرواة فقط

عند استقراء صحيح الإمام البخاري نجد ما يلي :
أولا : أن أعلى أسانيد البخاري في صحيحه هو الثلاثيات ، وهو ما كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الرواة فقط ، وعدد الثلاثيات في صحيح البخاري ( 22 ) حديثا .
وقد عدها اثنين وعشرين حديثا أكثر أهل العلم ، ومن هؤلاء :
أبو الخير الصفار في "ثلاثيات البخاري من رواية الكشميهني" ، والشيخ ملا علي القاري في "شرح ثلاثيات البخاري" ، والبيومي في "هدايات الباري في ثلاثيات البخاري" ، والبرماوي في "شرح ثلاثيات البخاري".
وذكر الشبيهي في "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" (1/25) أنها ثلاثة وعشرون ، فقال :" وعدد أحاديثه الثلاثية ثلاثة وعشرون ". اهـ ، وعنه نقله ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (1/95) ، فقال :" ونجد أنزل سند فيه ، سند إسماعيل بن إدريس ، وهو تساعي . وأعلى سند فيه الثلاثيات ، وقد بلغت ثلاثة وعشرين ، على ما ذهب إليه الشبيهي في شرحه للجامع الصحيح ". انتهى ، وكذلك قال العيني في "عمدة القاري" (24/114) فقال :" وَهَذَا هُوَ الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ من ثلاثيات البُخَارِيّ وَهُوَ آخر الثلاثيات ". انتهى
وغالب الظن أنه سبق قلم منه ، فإنه ذكر في شرح الحديث رقم (7208) وهو حديث :( يَا سَلَمَةُ أَلا تُبايعِ؟ ) أنه الحديث الحادي والعشرون من الثلاثيات ، فقال :" وَهَذَا هُوَ الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من ثلاثيات البُخَارِيّ " انتهى .
ثم ذكر في شرح الحديث رقم : (7421) أنه الحديث الثالث والعشرون من الثلاثيات ، ولم يذكر بينهما حديثا من الثلاثيات ، فغالب الظن أنه سبق قلم ، والله أعلم .
وأما الشبيهي فإنه نص على أنها ثلاثة وعشرون في أول شرحه ، ثم لم يعدها عدا في أثناء شرحه .
وأول حديث ثلاثي فيه ، أخرجه البخاري في "صحيحه" (109) ، فقال : حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:( مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) .
قال ابن حجر في "فتح الباري" (1/201) :" وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوَّلُ ثُلَاثِيٍّ وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ ، وَلَيْسَ فِيهِ أَعْلَى مِنَ الثُّلَاثِيَّات ِ ، وَقَدْ أُفْرِدَتْ فَبَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ حَدِيثًا " انتهى .

رابعا: أنزل حديث رواه البخاري في صحيحه بينه وبين النبي تسعة من الرواة

وأما أنزل حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه ، فهو تُساعي ، أي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم تسعة من الرواة .
وهو حديث واحد في صحيح البخاري ، أخرجه في "صحيحه" (7135) ، فقال حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنِي أَخِي ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ، حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ:( لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعَيْهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا . قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخُبْثُ) ".
قال ابن حجر في "فتح الباري" (13/107) في شرحه لهذا الحديث :" وَهَذَا السَّنَدُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ ، وَهُوَ أَنْزَلُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ بِدَرَجَتَيْنِ ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَطْوَلُ سَنَدٍ فِي الْبُخَارِيِّ؛ فَإِنَّهُ تُسَاعِيٌّ ". انتهى
وقال ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (1/95) :" ونجد أنزل سند فيه ، سند إسماعيل بن إدريس، وهو تساعي. وأعلى سند فيه الثلاثيات ، وقد بلغت ثلاثة وعشرين على ما ذهب إليه الشبيهي في شرحه للجامع الصحيح "انتهى .

خامسا : أكثر أسانيد البخاري في صحيحه الخماسي

باستقراء صحيح الإمام البخاري نجد فيه الثلاثي وهو أعلى سند فيه ، والرباعي ، والخماسي ، والسداسي ، والسباعي ، والثماني ، والتساعي وهو أنزل سند فيه .
ونجد فيه كذلك أكثر أسانيد البخاري في صحيحه الخماسي ، وهو ما بين البخاري والنبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الرواة ، ويليه السداسي ، ثم الرباعي ، وهذا معلوم لمن أكثر النظر في صحيح البخاري .
ومن أراد الاستزادة يمكنه مراجعة جواب السؤال رقم : (89915 ) .
والله أعلم .


https://islamqa.info/ar/answers/3103...B3%D9%84%D9%85