تنبيه على تصحيف وقع في شرح النووي على مسلم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله .
أما بعد.
فهذه تنبيه على تصحيف وقع في شرح النووي على مسلم وتتابع الناس عليه، فقد رأيته في طبعتين سأذكرهما الآن. ولم يشر إليه محققو شرح النووي!
أما التصحيف فهو في قوله رحمه الله تعالى:
" ...والثانى حملها على كراهة التنزيه والارشاد إلى إعارتها كما نهى عن بيع الغرر نهى تنزيه بل يتواهبونه

والصواب في العبارة:
" كما نهي عن بيع الهر بل يتواهبونه"

- ذلك أن بيع الغرر ليس منهيا عنه نهي تنزيه بل تحريم، وقد قال النووي في الكلام عن بيع الهر:
" وأما النهى عن ثمن السنور فهو محمول على أنه لا ينفع أو على أنه نهى تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته والسماحة به كما هو الغالب فإن كان مما ينفع وباعه صح البيع وكان ثمنه حلالا هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكي ....."
شرح النووي على مسلم - (10 / 233)


ولا بأس أن نسوق كلام النووي بتمامه في الموضع الذي وقع فيه التصحيف ليتضح المراد من كلامه ويظهر وقوع التصحيف في المخطوط:
قال رحمه الله في سياق كلامه عن النهي عن كراء الأرض:
" واختلف العلماء في كراء الأرض فقال طاوس والحسن البصرى لا يجوز بكل حال سواء أكراها بطعام أو ذهب أو فضة أو بجزء من زرعها لاطلاق حديث النهى عن كراء الأرض وقال الشافعى وأبو حنيفة وكثيرون تجوز إجارتها بالذهب والفضة وبالطعام والثياب وسائر الأشياء سواء كان من جنس ما يزرع فيها أم من غيره ولكن لا تجوز اجارتها بجزء ما يخرج منها كالثلث والربع وهي المخابرة ولا يجوز أيضا أن يشترط له زرع قطعة معينة وقال ربيعة يجوز بالذهب والفضة فقط وقال مالك يجوز بالذهب والفضة وغيرهما الا الطعام وقال أحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وجماعة من المالكية وآخرون تجوز اجارتها بالذهب والفضة وتجوز المزارعة بالثلث والربع وغيرهما وبهذا قال بن شريح وبن خزيمة والخطابى وغيرهم من محققى أصحابنا وهو الراجح المختار وسنوضحه في باب المساقاة ان شاء الله تعالى فأما طاوس والحسن فقد ذكرنا حجتهما وأما الشافعى وموافقوه فاعتمدوا بصريح رواية رافع بن خديج وثابت بن الضحاك السابقين في جواز الاجارة بالذهب والفضة ونحوهما
وتأولوا أحاديث النهى تأويلين أحدهما حملها على إجارتها بما على الماذيانات أو بزرع قطعة معينة أو بالثلث والربع ونحو ذلك كما فسره الرواة في هذه الأحاديث التى ذكرناها

والثانى حملها على كراهة التنزيه والارشاد إلى إعارتها كما نهى عن بيع الغرر نهى تنزيه بل يتواهبونه ونحو ذلك وهذان التأولان لابد منهما أو من أحدهما للجمع بين الاحاديث وقد أشار إلى هذا التأويل الثانى البخارى وغيره ومعناه عن ابن عباس والله أعلم "

وأرجو ان يكون بذلك قد اتضح المقصود، فالكلام لا يستقيم إذا كان على نحو ما هو موجود في المطبوع، أعني: كما نهي عن بيع الغرر نهي تنزيه.

أما الطبعتان اللتان وقفت على هذا التصحيف فيهما، فهما:

- طبعة دار إحياء التراث العربي.الطبعة الثانية 1392

- طبعة دار المعرفة. الطبعة التاسعة 1423.
تحقيق خليل مأمون شيحا


- ولا أدري هل هذا التصحيف موجود في غيرهما من الطبعات؟؟


وقد قام الأخ الفاضل /أبو الفرج المنصوري- بعد نشر هذا التنبيه بملتقى أهل الحديث- بالنظر فيما عنده من نسخ مخطوطة لشرح النووي ، فوجد العبارة على الوجه الصواب ،
والحمد لله رب العالمين.