تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ، فراى وضحا ، فلا يلومن إلا نفسه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    12,138

    افتراضي من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ، فراى وضحا ، فلا يلومن إلا نفسه

    1524 - " من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ، فراى وضحا ، فلا يلومن إلا نفسه " .
    ضعيف .
    أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 154 / 1 ) والحاكم ( 4 / 409 - 410 ) والبيهقي ( 9 / 340 ) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، سكت عنه الحاكم ، وتعقبه الذهبي بقوله : " سليمان متروك " . وقال البيهقي : " سليمان بن أرقم ضعيف " . قلت : وتابعه ابن سمعان عن الزهري به . أخرجه ابن عدي ( 208 / 2 ) وقال : " هذا الحديث غير محفوظ ، وابن سمعان عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان القرشي ، الضعف على حديثه بين " . وعلقه البيهقي ، وقال : " وهو أيضا ضعيف " .
    قلت : وتابعه الحسن بن الصلت عن سعيد بن المسيب به . أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " ( ج 2 رقم 147 - نسختي ) قال : حدثنا بكر بن سهل الدمياطي أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني أخبرنا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت . قلت : وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل :
    الأولى : ابن الصلت هذا لم أجد له ترجمة ، وهو شامي كما صرح الطبراني في حديث آخر مضى ( 758 ) .
    الثانية : العسقلاني ، صدوق له أوهام كثيرة .
    الثالثة : بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي . وعلقه البيهقي أيضا من هذا الوجه ، وقال : " وهو أيضا ضعيف ، والمحفوظ عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعا . والله أعلم " .
    قلت : ولعله من رواية معمر عن الزهري ، فقد قال المنذري في " الترغيب " ( 4 / 161 ) : وعن معمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ، وقال : " رواه أبو داود هكذا وقال : قد أسند ولا يصح " . قلت : وليس هذا في " كتاب السنن " ، فالظاهر أنه في " المراسيل ".
    ثم تأكدت من هذا الذي كنت استظهرته من سنين حين رجعت إلى نسخة مصورة لدي من كتاب
    " المراسيل " ، منحني إياها مع غيرها من المصورات القيمة أحد إخواننا الطلاب في الجامعة الإسلامية - جزاه الله خيرا - ، فوجدت الحديث في " الطب " منه ( ق 23 / 1 ) من طريق عبد الرزاق ، وهذا أخرجه في " المصنف " ( 11 / 29 / 19816 ) قال : أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ .
    فتبين أنه من رواية معمر عن الزهري كما كنت ظننت من قبل ، وأن في " الترغيب " سقطا وتحريفا لا يخفى على القارىء اللبيب ، وأن الحديث مرسل أومعضل . وقال المناوي في " الفيض " : " وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " .
    وذكره في " اللسان " من حديث ابن عمرو ، وقال : قال ابن حبان : ليس هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وقد تعقب السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 408 - 410 ) ابن الجوزي ، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 358 ) بهذه الطرق وغيرها ، وهي إن ساعدت على رفع الحكم على الحديث بالوضع ، فلا تجدي في تقويته شيئا ، لشدة ضعف أكثرها ، وقد مضى له شاهد ضعيف جدا من حديث أنس رقم ( 1408 ) . وإن من عجائب المناوي التي لا أعرف لها وجها ، أنه في كثير من الأحيان يناقض نفسه ، فقد قال في " التيسير " : " وإسناده صحيح " ! فهذا خلاف ما في " الفيض " . وسيأتي الحديث عن الزهري مرسلا بزيادة في المتن برقم ( 1672 ) .

    الكتاب : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة
    المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    12,138

    افتراضي رد: من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ، فراى وضحا ، فلا يلومن إلا نفسه

    قال الشيخ أسامة عطايا في كتابه الأحاديث الموضوعة التي تنافي توحيد العبادة جمعا ودراسة :
    الحديث الثامن
    (165)/ حديث: ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) .


    تخريجه :
    روي من حديث أبي هريرة وعن سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو هريرة وأنس وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم مرفوعاً وعن علي رضي الله عنه موقوفاً ومن مرسل الزهري ومكحول وسليمان التيمي رحمهم الله.
    1/ أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
    أ/ فرواه البزار في مسنده(3/388رقم3022-كشف الأستار) ومسلم الكجي في سننه-كما في اللآلئ(2/341) وابن عدي في الكامل (3/251) والحاكم في المستدرك(4/409-410) والبيهقي في السنن الكبرى(9/340) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
    وقد توبع سليمان بن أرقم :
    تابعه: عبد الله بن سمعان والحسن بن الصلت وابن أبي ذئب وسليمان الرقاشي
    ب/ أما متابعة عبد الله بن سمعان:
    فرواه ابن وهب – كما في التمهيد(24/351) - وابن عدي في الكامل (3/251،4/126) وابن الجوزي في الموضوعات(3/502رقم1726) وعلقه البيهقي في السنن الكبرى (9/340) والدارقطني في العلل(9/381-382) من طريق عبد الله بن سمعان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
    جـ/ وأما متابعة الحسن بن الصلت:
    فرواه أبو العباس الأصم في حديثه(ج2رقم 147-نسخة الشيخ الألباني)-كما في “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة”(4/33)- والديلمي في مسند الفردوس-كما في اللآلئ (2/341) - وعلقه البيهقي في السنن الكبرى(9/340) من طريق بكر بن سهل الدمياطي عن محمد بن أبي السري عن شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
    د/ وأما متابعة ابن أبي ذئب:
    فعلقه الدارقطني في العلل(9/381-382)من طريق داود بن عطاء عن ابن أبي ذئب وابن سمعان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
    هـ/ وأما متابعة سليمان بن يزيد الرقاشي.
    فرواه أبو نعيم في الطب –كما في اللآلئ(2/341)- من طريق إبراهيم بن محمد بن ميمون عن داود بن الزبرقان عن سليمان الرقاشي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً.
    و/ وله طريق أخرى عن أبي هريرة :
    فرواه ابن عدي في “الكامل في الضعفاء”(4/126) وابن الجوزي في الموضوعات(3/501-502رقم1725) من طريق ضمرة عن عباد بن كثير عن الحسن قال حدثني سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وسمرة بن جندب وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نهى عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء وقال من فعل ذلك فأصابه بياض فلا يلومن الا نفسه)) .
    2/ وأما حديث أنس رضي الله عنه :
    فرواه ابن عدي في “الكامل في الضعفاء”(2/371) وابن الجوزي في الموضوعات(3/502-503رقم1727) من طريق قاسم بن يزيد أبو صفوان الكلابي ثنا حسان بن سياه مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه ثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم السبت والأربعاء فرأى وضحاً فلا يلومن إلا نفسه))
    3/ وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما :
    فرواه ابن حبان في المجروحين(2/33) وابن الجوزي في الموضوعات (3/503رقم172 من طريق الحكم بن موسى عن عبد الله بن زياد الفلسطيني عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتجم يوم السبت ويوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)).
    4/ وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيأتي في الحديث بعده إن شاء الله.
    5/ وأما أثر علي رضي الله عنه موقوفاً
    قال ابن أبي حاتم في العلل(2/303رقم2421) سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق قال أخبرني أبو أميه قال حدثنى حسين بن عبدالله عن ابيه عن جده عن على قال: ((من احتجم يوم الأربعاء ، واطلى يوم السبت فلا يلومن إلا نفسه)). قال أبي: أبو أمية لا أعرفه ، وحسين : هو ابن ضميرة وابن خضيرة متروك الحديث .
    6/ وأما مرسل الزهري رحمه الله :
    فرواه معمر في جامعه(11/29رقم19816) وأبو داود في المراسيل (ص/369رقم451) من طريق معمر عن الزهري به مرسلاً.
    ورواه علي بن الجعد في مسنده(2/1041رقم301 ومسلم الكجي في سننه – كما في اللآلئ(2/341)- والدارقطني في العلل(9/381) وعلقه البغوي في شرح السنة (3/364) من طريق عون مولى أم حكيم عن الزهري رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من احتجم أو اطلا يوم السبت أو الأربعاء فلا يلومن إلا نفسه من الوضح)) .
    7/ وأما مرسل مكحول رحمه الله :
    روى ابن أبي شيبة في المصنف(5/58رقم23675) من طريق ليث بن أبي سليم عن مكحول رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت ؛ فأصابه وضح ، فلا يلومن إلا نفسه)) .
    8/ وأما مرسل سليمان التيمي رحمه الله :
    فرواه ابن وهب –كما في التمهيد(24/351)- من طريق السري بن يحيى عن سليمان التيمي رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) .
    الحكم عليه:
    الحديث موضوع من جميع طرقه:
    1/ أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
    أ/ ففي الطريق الأولى: سليمان بن أرقم: متروك منكر الحديث( ) .
    وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار ويروي عن الثقات الموضوعات.( )
    قال البزار: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه وإنما أتى هذا من سليمان بن أرقم فإنه لين الحديث( ).
    قال الهيثمي: رواه البزار وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك( ).

    وصححه الحاكم( ) فرده الذهبي بقوله: سليمان بن أرقم متروك( ).
    وقال ابن الجوزي: إسماعيل بن عياش ضعيف وسليمان بن أرقم وعبد الله بن زياد بن سمعان كذابان ( ).
    وإعلال ابن الجوزي الحديث بإسماعيل بن عياش غير وارد لأنه متابع من حماد بن سلمة وغيره.
    ب/ وأما متابعة عبد الله بن سمعان: فتالفة:
    عبد الله بن سمعان : كذاب يضع الحديث.( )
    وانظر النقل السابق عن ابن الجوزي.
    جـ/ وأما متابعة الحسن بن الصلت : فهي ساقطة فيها آفات عديدة:
    الآفة الأولى: بكر بن سهل الدمياطي: ضعفه النسائي.( )
    الآفة الثانية: محمد بن أبي السري العسقلاني: كان حافظاً إلا أنه كان كثير الغلط.
    [قال ابن عدي: كثير الغلط.
    وقال مسلمة بن القاسم: كثير الوهم.
    وقال ابن وضاح: كان كثير الحفظ كثير الغلط.
    وقال الذهبي: أحاديثه تستنكر]( ) .
    الآفة الثالثة: الحسن بن الصلت: لم أقف له على ترجمة .
    وبعد البحث والتتبع لم أجد لهذا الرجل إلا روايتين والعجيب أن كلا الحديثين هما من حديث سليمان بن أرقم.
    فهذا الحديث من رواية سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعاً
    والحديث الآخر رواه الطبراني في المعجم الأوسط(3/326رقم3300) فقال: حدثنا بكر بن سهل قال نا محمد بن أبي السري العسقلاني قال نا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((من وطئ امرأته وهي حائض فقضي بينهما ولد فأصابه جذام فلا يلومن إلا نفسه)) .
    وهذا إنما هو حديث سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه ( ).
    فراوٍ بهذه المثابة : مقل جداً وأحاديثه أحاديث المتروكين حري بأن يكون في عداد الهلكى والمتروكين والله أعلم.
    د/ وأما متابعة ابن أبي ذئب : فتالفة جداً إذ إنها من طريق داود بن عطاء :
    وهو تالف.
    [قال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث.
    وقال الدارقطني: متروك].( )
    هـ/ وأما متابعة سليمان بن يزيد الرقاشي فساقطة فيها آفات:
    الآفة الأولى: إبراهيم بن محمد بن ميمون : منكر الحديث ليس بثقة.( )
    الآفة الثانية: داود بن الزبرقان الرقاشي : متروك وكذبه الأزدي ( ).
    الآفة الثالثة: سليمان بن يزيد الرقاشي: لم أقف له على ترجمة ولعل ثمة تصحيف في الاسم أو زيادة من الطابع فأظنه سليمان بن أرقم ذاك المتروك .
    و/ وأما الطريق الأخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه فتالفة جداً.
    آفتها: عباد بن كثير: متروك قال أحمد: روى أحاديث كذب.( )
    قال ابن عدي: وهذا حديث منكر وقد اضطرب في إسناده عباد بن كثير فقال مرة عن عثمان الأعرج عن الحسن وقال الحسن نفسه وروى عنه عن عباد عن حوشب عن الحسن وجاء بهذا الحديث بطوله( ).
    2/ وأما حديث أنس رضي الله عنه فموضوع آفته حسان بن سياه :
    قال ابن عدي: وعامتها-يعني أحاديثه- لا يتابع عليها والضعف بين على حديثه( ).
    وقال أبو نعيم: روى عن ثابت مناكير( ).
    وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات( ) .
    3/ وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه :
    فموضوع فيه آفتان :
    الآفة الأولى: عبد الله بن زياد الفلسطيني: قال فيه ابن حبان بعد ذكره حديث الحجامة هذا: ومن روى مثل هذا الحديث وجب مجانبة ما يروي من الأحاديث وإن وافق الثقات في بعض الروايات( ).
    وقال أبو نعيم – بعد ذكره حديثاً منكراً من رواية عبد الله بن زياد الفلسطيني: والحمل فيه على عبد الله بن زياد( ).
    الآفة الثانية: زرعة بن إبراهيم الدمشقي الزبيدي: قال أبو نعيم: زرعة : روى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه روى عنه عبد الله بن زياد الفلسطيني ليس بثقة ولا مأمون ( ).
    قال ابن حبان: لا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار لأنه موضوع ليس هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم( ).
    ونقل ابن الجوزي كلام ابن حبان وأقره.( )
    4/وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فسيأتي في الحديث بعده إن شاء الله.
    5/ وأما أثر علي رضي الله عنه فموضوع عليه فيه ثلاث آفات:
    الآفة الأولى: أبو أمية: مجهول لا يعرف.
    قال أبو حاتم: لا أعرفه( ).
    وأقره الذهبي( ) وابن حجر( ).
    الآفة الثانية: حسين بن عبد الله بن ضميرة: متروك الحديث كذاب( ).
    الآفة الثالثة : عبد الله بن ضميرة الحميري لم أقف له على ترجمة.
    6/ وأما مرسل الزهري فالطريق الأول طريق معمر صحيح إلى الزهري وآفته الإرسال فلعل الزهري أخذه من متروك .
    ومرسلات الزهري لا شيء كما سبق بيانه في حديث: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه( ).
    ولعل الزهري أخذه من سليمان بن أرقم فإنه من شيوخه .
    وأما الطريق الثاني عن الزهري فضعيف آفته عون مولى أم حكيم :
    ذكره ابن حبان في الثقات( ) وقال الإمام أحمد معروف( ) وترجمه البخاري( ) وابن أبي حاتم( ) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
    فهو معروف العين مجهول الحال وقد روى عنه جمع من الثقات وهم ابنه محمد وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون ومثله يوثق إذا لم يأت بما لا ينكر عليه ولم أتتبع رواياته حتى أستطيع الحكم عليه.
    وهو في هذا المرسل قد توبع من معمر فروايته عن الزهري صحيحة بهذه المتابعة ويبقى النظر في الإرسال.
    وقد قال أبو داود: وقد أسند ولا يصح( ).
    والله أعلم.
    7/ وأما مرسل مكحول: فتالف جداً.
    آفته – سوى الإرسال- ليث بن أبي سليم ضعيف مضطرب الحديث( ).
    8/ وأما مرسل سليمان التيمي فسنده صحيح إليه.
    لكن مراسيل سليمان التيمي من أوهى المراسيل
    قال يحيى بن معين: مرسلات أبي إسحق يعني الهمداني عندي شبه لا شيء والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير يعني مثله.( )
    ويغلب على ظني أنه أخذ هذا الحديث عن الزهري أو عن أحد الرواة عن الزهري.
    قال الخليلي: لقي الزهري ولكنه يروي كثير حديثه عن قدماء أصحابه ( ).
    فتبين مما سبق أن الحديث موضوع وأن طرقه كلها واهية.
    فإن قال قائل: إن هذا الحديث قد تعددت طرقه ومخارجه ولا سيما أنه جاء مرسلاً من طريقين صحيحين إلى المرسِل فيعتضدان إضافة إلى باقي الطرق لا سيما وأن الحاكم والمناوي قد صححاه.
    فالجواب: إن الحديث الذي يروى من طريق الضعفاء يشترط لتحسينه بهذه الطرق شرطان:
    الشرط الأول : أن يكون ضعفه منجبراً بحيث لا يكون في سنده كذاب أو متروك أو متهم أو فاحش الغلط أو من لا يكتب حديثه.
    الشرط الثاني: أن لا يكون متنه مخالفاً للشرع .
    فإذا نظرنا في هذا الحديث وجدنا أن الشرطين غير متوفرين.
    أما الشرط الأول: فقد بينت وهاء طرقه ، وأنها إنما جاءت من طريق الكذابين والمتروكين ،وشديدي الضعف والنكرات.

    وأما المراسيل الثلاثة :
    فأقواها مرسل الزهري ، ومع ذلك فإنه واه لأن الزهري روى عن سليمان بن أرقم وهذا الحديث مشهور عن سليمان بن أرقم ذاك المتروك فيغلب على الظن أن الزهري تلقاه عن هذا المتروك ، ولذلك لم يسنده الزهري والله أعلم.
    وأما مرسل سليمان التيمي فواهٍ –أيضاً- لأن التيمي روى عن الزهري وأكثر روايته عن أصحاب الزهري عن الزهري ويغلب على ظني أنه أخذ هذا المرسل عن الزهري أو عمن روى عن الزهري. والله أعلم.
    وأما مرسل مكحول فواهٍ جداً لأن في الطريق إليه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف مضطرب الحديث فقد يكون تلقاه عن الزهري أو غيره فألصقه – وهماً وخطئاً – بمكحول الشامي. والله أعلم.
    وكون الحاكم صححه فهذا مردود بأمرين:
    الأمر الأول: أن الذهبي قد رد على الحاكم ذلك كما سبق بيانه .
    الأمر الثاني: أن الحاكم متساهل جداً في التصحيح ، وقد سبق بيان ذلك في الباب الأول؛ باب الغلو .
    وتصحيحه لهذا الحديث من أكبر الأدلة على تساهله –رحمه الله- .
    وأما تصحيح المناوي( ) فمن أوهامه -رحمه الله- فقد ضعفه في كتابه فيض القدير( ) والمناوي –أيضاً- مشهور بالتساهل خاصة في كتابه التيسير الذي هو تلخيص لفيض القدير.
    وأما الشرط الثاني: فغير متحقق في هذا الحديث فهو مخالف للشرع ، والذي جاء النص فيه بالنهي عن الطيرة والتشاؤم ولم أجد له مثالاً صحيحاً في الشرع .
    والله أعلم.
    فإن قال قائل: إن هذه الطرق المتكاثرة ترفع الحديث من درجة الوضع إلى الضعف لا سيما أن جمعاً من العلماء حكموا بضعفه فقط كالبيهقي( ) والألباني( ) .
    فالجواب: أني قد بينت سابقاً أن مدار هذا الحديث على الكذابين ، والمتروكين ، وشديدي الضعف ، والنكرات ؛ فلا تصلح هذه الطرق لرفع الحديث إلى درجة الضعف .
    وكون الإمامين البيهقي والألباني وغيرهما ضعفوه ولم يحكموا عليه بالوضع مردود بثلاثة أمور:
    الأمر الأول: أن العبرة بالأدلة التي يستدل بها من يحكم على الحديث بالصحة أو الضعف أو الوضع ، وليست العبرة بقول فلان من العلماء الذي هو عرضة للخطأ والصواب ، وما أبرئ نفسي فقد أكون أنا المخطئ في حكمي ، ولكن هذا ما تبين لي . والله أعلم.
    الأمر الثاني: أن من العلماء من حكم عليه بالوضع وهما الإمامان ابن الجوزي والذهبي كما سبق بيانه.
    الأمر الثالث: أن هناك من العلماء من تعمد مخالفة هذا الحديث لوهائه وبطلانه عنده.
    قال ابن سعد في الطبقات الكبرى(1/443): عن مطرف بن عبد الله قال: ما رأيت مالك بن أنس يحتجم إلا يوم الأربعاء أو يوم السبت ينكر الحديث الذي روي في ذلك.
    والله أعلم.
    وقال ابن عبد البر : [ والحجامة على ظاهر هذا الحديث غير ممنوع منها في كل يوم وقد جاء عن الزهري ومكحول جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت أو اطلى فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه)) وجاء عن الحجاج بن أرطاة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان محتجما فليحتجم يوم السبت)) .
    وهذان حديثان ليس في واحد منهما حجة ومرسل الزهري ومكحول أشبه من مرسل الحجاج لأن مسند الحجاج بن أرطأة مما ينفرد به ليس بالقوي فكيف مرسله.
    قال الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن الحجامة يوم السبت فقال يعجبني أن تتوقى لحديث الزهري وإن كان مرسلاً قال وكان حجاج بن أرطأة يروي فيه رخصة حديث ليس له إسناد]( ).
    وقد سبق فعل مالك وموافقتة لحجاج بن أرطاة.
    وهذا تعليق حول هذا الحديث وما سبق وما سيأتي مما فيه ذم للأيام أو التحذير من بعض الأعمال الدنيوية فيها.
    وزيادة على ما سبق وتأكيداً له:
    يظهر لي-والله أعلم- أنه موضوع لمنافاته للعقيدة الصحيحة لما يدعو إليه هذا الحديث للتشاؤم بهذه الأيام المنهي عن الحجامة فيها والأيام كلها خلق الله ولا مزية لبعضها إلا بما جاء عن الشرع كتفضيل يوم الجمعة .
    ويوم الأربعاء حصلت فيه فتوحات عظيمة للمسلمين وحصل فيه بلاء على الكافرين من هذه الأمة والأمم السالفة فلا يصح حديث في ذم يوم من الأيام ولا يصح النهي عن عمل دنيوي غير ديني في يوم من الأيام لذات اليوم .
    أما الأمور التعبدية فقد خصت بعض الأيام بالنهي عن الصوم فيها .
    ويظهر لي أن هذه الأحاديث المكذوبة في ذم الأيام تتعارض مع قوله تعالى في الحديث القدسي : (( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار))( ).
    والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •