ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة وهي كتابة دعاء لشخص ما في مكان فاضلٍ كالمسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى وتصويره وإرساله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فما رأيكم في هذا التصرف؟
ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة وهي كتابة دعاء لشخص ما في مكان فاضلٍ كالمسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى وتصويره وإرساله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فما رأيكم في هذا التصرف؟
في ما يبدو لي أن هذا العمل يشتمل على محاذير ثلاثة أو يزيد:
أولًا: ينافي حقيقة الدعاء للغير، إذ الأصل في الدعاء للغير الإخفاء وعدم الظهور؛ لذا سمي بالدعاء بظهر الغيب، وكذا هو الأصل في الدعاء عمومًا؛ قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}. [الأعراف: 55].
نقل ابن كثير عند تفسير هذه الآية، عن الحسن البصري: (ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همسًا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} وذلك أن الله ذكر عبدًا صالحًا رَضِي فعله فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم:3]. [تفسير ابن كثير: (3/ 428)].
ثانيًا: باب للرياء والسمعة،؛ والرياء يدب في قلوب العباد كديبب النمل، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: ربما قدح في الإخلاص؛ إذ الأصل هو إخفاء الأعمال الصالحة من التطوعات والنوافل ما لم يكن في إظهارها مصلحة راجحة من اقتداء الناس وتأسيهم، أو دفع التهمة عن النفس أو نحو ذلك.
قال ابن حجر عند شرحه حديث: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ، وَمَنْ يُرائِي يُرائي اللهُ بِهِ)، متفق عَلَيْهِ: (وفي الحديث استحباب إخفاء العمل الصالح لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة ...). [فتح الباري: (11/ 337)].
لذا ننصح إخواننا بالانشغال بما ينفعهم من قراءة القرآن، والطواف، والذكر، والدعاء، ونحو ذلك، ولا تجعل الشيطان يَؤُزُكَ أزًا لهدم أعمالك وأحباطها بحب الظهور والشهرة والإعلان عنها، والله أعلم.