يُروىأنّ أبا حيّان النّحويّ الأندلسيّ اجتَمَع بابنِ تيميّةَ، ودار كلام بينهما، فجرىذكر سيبويه فذكَرَ ابن تيمية أنّ سيبويْه أخطأ في ثمانينَ موضِعاً من مواضع كتابه،فنفر عن ذلك أبو حيان ولم يلتمس له العذر، ثم عاد أبو حيّانَ ذامّاً ابنَ تيميّةَفي مجالسه وفي كتبه.
والرّوايَةُالوا رِدَة لهذا الخَبَر هي أنّ ابنَ تيميّةَ، رحمهم الله جميعاً قال لأبي حيّان: «ما كان سيبويه نبيَّ النحو ولا كان معصوماً بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعاً ماتفهمها أنت. فكان ذلك سببَ مقاطعته إياه وذكره في تفسيره البحر بكل سوء».
والخَبرُذَكَرَه ابنُ حجرٍ العسقلانيّ في “الدّررِ الكامنة في أعيانِ المائة الثّامنة”[باب ذِكْرِ مَن اسمه أحمد]، بَل ذَكَر ابنُ حجر في الدّرر أيضا ، في باب ذكْر مَناسمُه محمّد: أنّ محمدَ بن إدريس القضاعي أبا بكر القلَلَوْسيَّ، الإمامَ فيالعربية والعروض أنّه كان شديدَ التعصب لسيبويه مع خفة فيه ، وأنّه وردَ علىالقاضي أبي عمرو وكان شديد المهابة فتكلم في مسألة في العربية نقلها عن سيبويه،فقال له القاضي: أخطأ سيبويه فكاد القلَلَوْسيّ يُجَنّ ولم يقدر على جوابه لمكانمنصبه. فجعل يدور في المسجد ودموعُه تنحدر وهو يقول: أخطأ من خطَّأه ولا يزيدعليها.
وأماهذه الأخطاءُ المَزعومَة فَلَم يَردْ لها ذكْرٌ في المَصادر التي نَقَلَت الخبَر،والظّاهر ُ أنّ ابنَ تيميةَ رحمه الله إنّما أرادَ بذلك أنّه يُخالفُ سيبَويْه فيمذهبه النّحويّ في مسائلَ كثيرةٍ، ولا يقصدُ أنّه أخطأ بالمَعْنى المألوف، وأمّادلالة الثمانينَ فليسَت على الحقيقَة وإنّما جاءَت كنايةً عن الكثرة فقط، وهذامَعهودٌ من شيخ الإسلام رحمه الله الذي عُرِفَت عنه حدّةٌ في المزاج وسرعةٌ فيالجوابِ، ولكنّ ذلك كلّه لا ينفي ولا ينقص من مشيخته في علوم العربية والشريعة، بلالعلوم العقلية والمنطقية نفسها، ومؤلفاته الكثيرة وما فيها من علم واسع ومناقشاتوتحليل وتعليل تشهدُ له بالإمامَة والمشيخة في العلم.
ــــــــــــــ
الدررالكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني ضبطه وصححه الشيخ عبد الوارثمحمد علي دار الكتب العلمية-بيروت، 1998م.
وجاءَتالقصةُ أيضاً كتاب:البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن عليالشوكاني .
وكتاب: الرد الوافر، لمحمد بن أبي بكر بن ناصرالدين الدمشقي، تحقيق: زهير الشاويش، نشر المكتب الإسلامي، بيروت، ط.1، 1393 هـ
منقول