في كتب الرجال والتاريخ كثيرا ما نجد :
شهد الجماجم ...
طلب العلم قبل الجماجم...
سمعت فلانا أيام الجماجم...
قتل يوم الجماجم ...
ولد بعد الجماجم...
فما القصة؟!
قال في (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه) لابن حجر العسقلاني:
( الوليد بن نُخَيت، شهد الجمَاجِم. انتهى)
(المقرئ علي بن مسعود بن هياب الواسطي الجماجمي. مات سنة 616 هـ - .)
(الحسن بن يحيى الجماجمي من سكة الجماجم بجرجان، سمع العباس بن عيسى العقيلي....)
(وبلال الرماح بن محرز صاحب دير الجماجم.)
وفي (الإكمال) لابن ماكولا:
(...الوليد بن نخيت، هو الذي قتل جبلة بن زحر الجعفي يوم الجماجم...)
وفي(الإستيعاب في معرفة الأصحاب) لابن عبد البر:
(...لأنه مات بدير الجماجم وكانت وقعة الجماجم في شعبان سنة ثلاث وثمانين.
قال أبو عبيدة: إنما قيل له دير الجماجم لأنه كان يعمل به أقداح من خشب.)
وفي (العبر في خبر من غبر) للذهبي :
(سنة ثلاث وثمانين
فيها في قول الفلاس وغيره: وقعة دير الجماجم. وكان شعار الناس: يا ثارات الصلاة. لأن الحجاج، قاتله الله، كان يميت الصلاة ويؤخرها حتى يخرج وقتها. فقتل مع ابن الأشعث أبو البخترى الطائي مولاهم، واسمه سعيد بن فيروز، وكان من كبار فقهاء الكوفة.)
وفي (غاية النهاية في طبقات القراء) لابن الجزري في ترجمة ( زر بن حبيش بن خباشة أبو مريم ويقال أبو مطرف الأسدي الكوفي) قال:
(قال خليفة مات في الجماجم سنة اثنتين وثمانين.)
وجاء في نفس المرجع السابق في ترجمة:( شقيق بن سلمة أبو وائل الكوفي الأسدي) :
(...وتوفي زمن الحجاج بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين)
وجاء في(الإصابة) لابن حجر في ترجمة (عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي):
(... اتفقوا على أنه فقد في وقعة الجماجم قال العجلي اقتحم فرسه وفرس عبد الرحمن بن أبي ليلى نهر دجيل فذهبا بهما وكذا جزم ابن حبان بأنه غرق بدجيل وذلك سنة إحدى أو اثنتين وثمانين.)
وجاء في (الوافي) بالوفيات للصفدي في ترجمة (أوس بن خالد الربعي البصري أبي الجوزاء):
(...وقال ابن سعد: خرج أبو الجوزاء مع ابن الأشعث فقتل أيام الجماجم سنة ثلاث وثمانين للهجرة.)
وفي المرجع السابق في ترجمة ابن الأشعث:
(عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أمير سجستان. ظفر به الحجاج وقتله وطيف برأسه سنة أربع وثمانين للهجرة. وكان قد خلع عبد الملك بن مروان ودعا لنفسه في شعبان سنة اثنتين وثمانين، وبايع الناس فدوفع بدير الجماجم وقتل.)
وفي (التاريخ الكبير):
(قال مسلم بن يسار: شهدت الجماجم فما رميت ولا طعنت برمح فقال أبو قلابة: ابا عبد الله ! لعل فئاما من الناس رأوك واقفا فقالوا: هذا مسلم بن يسار، فقتلوا في سببك، فانتحب فبكى.)
وفيه أيضا:
(قال أبو قدامة حدثنا الفزارى عن اسماعيل بن ابى خالد عن اخيه:
(كان حمزة بن مغيرة بن شعبة يمر بنا ليالى الجماجم ليالى ابن الاشعث فيقول: ليكن شعاركم " حم لا ينصرون "، دعوى نبيكم صلى الله عليه وسلم.)
ومن الطرائف ذات الصلة ما جاء في "الأعلام " للزركلي:
ابن القرية (000 - 84 هـ ) أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة الهلالي: أحد بلغاء الدهر.خطيب يضرب به المثل. يقال (أبلغ من ابن القرية) والقرية أمه. كان أعرابيا أميا، يتردد إلى عين التمر (غربي الكوفة) فاتصل بالحجاج، فأعجب بحسن منطقه، فأوفده على عبد الملك بن مروان. ولما خلع ابن الاشعث الطاعة بسجستان بعثه الحجاج إليه رسولا، فالتحق به وشهد معه وقعة دير الجماجم (بظاهر الكوفة) وكان شجاعا فلما انهزم ابن الاشعث سيق أيوب إلى الحجاج أسيرا، فقال له الحجاج: والله لازيرنك جهنم ! قال: فأرحني فاني أجد حرها !، فأمر به فضربت عنقه. ولما رآه قتيلا قال: لو تركناه حتى نسمع من كلامه !)
سبب تسمية دير الجماجم بهذا الاسم:
ورد في كتاب: (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام):
(...ولدينا رواية أخرى في أسباب تسمية موضع دير الجماجم بهذا الاسم، تشير إلى حدوث، معركة بين الفرس و إياد، وقتل إياد لقوم من الفرس، ولكنها حادثة أخرى غير الحادثة المتقدمة على ما يظهر، يرويها ابن الكلبي، خلاصتها: إن رجلاً من إياد أسكنه بلاد الرماح أو بلال الرماح، وهو أنبت بن محرز الإيادي، قتل قوماً من الفرس، ونصب رؤوسهم عند الدير، فسمي دير الجماجم. ولم تذكر هذه الرواية زمن حدوث هذا القتل، وهل كان قبل إجلاء إياد عن العراق أو بعده كما جاء في الروايات السابقة? وهل كان هذا انتقاماً من الفرس بعد ما فعلوه بإياد? غير أن هناك رواية أخرى يرويها ابن الكلبي أيضاً تشير بوضوح إلى أن فتك إياد بالفرس في موضع دير الجماجم إنما كان بعد نفي كسرى إياهم إلى الشام وفتكه بهم، أي إن هذا الفتك كان عملا انتقامياً من الفرس، لما فعلوه بإياد. يقول ابن الكلبي: "كان كسرى قد قتل إياداً، ونفاهم إلى الشام، فأقبلت ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربع مئة فارس ليقتلوهم، فقال لهم ذلك الرجل الواشي: انزلوا قريباً حتى أعلم لكم علمهم. فرجع إلى قومه وأخبرهم، فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة، فقتلوهم عن آخرهم، وجعلوا جماجمهم قبة. وبلغ كسرى خبرهم، فخرج في اهليهم يبكون. فلما رآهم، إغتم لهم، وأمر أن يبني عليهم دير سمي دير الجماجم". وهذه الرواية عن فتك إياد بالفرس، هي أقرب إلى المنطق من الرواية الأولى التي ذكرتها عن النزاع بين كسرى و إياد.
على أن هناك أخباراً أخرى ذكرها الأخباريون في تعليل اسم موضع "دير الجماجم" لا تشير إشارة ما إلى هذا الاصطدام بين الفرس وإياد، إنما أشار بعضها إلى حرب وقعت بين إياد وبين بني نهد في هذا المكان، قتل فيها خلق من إياد وقضاعة، ودفنوا هناك، فسمي الموضع بهذا الاسم، كما نسبت الحرب إلى قبائل أخرى لم يرد بينها اسم إياد.)
ولتمام الفائدة نورد المعنى اللغوي للجماجم:
قال في القاموس المحيط:
(...والجُمَّى، كرُبَّى: الباقِلاءُ. والجَمْجَمَةُ: أن لا يُبَيِّنَ كلامَهُ، كالتَّجَمْجُمِ، وإخفاءُ الشيءِ في الصَّدْرِ، والإِهْلاكُ، وبالضم: القِحْفُ، أو العَظْمُ فيه الدِّماغُ ج: جُمْجُمٌ، وضَرْبٌ من المَكاييلِ، والبِئْرُ تُحْفَرُ في السَّبَخَةِ، والقَدَحُمن خَشَبٍ. والجَمَاجِمُ: الساداتُ، والقبائلُ التي تُنْسَبُ إليها البُطونُ، كالجِمامِ، بالكسرِ، وسِكَّةٌ بِجُرْجانَ. ودَيْرُ الجَمَاجِمِ: عين قُرْبَ الكُوفَةِ، والتَّجْمِيمُ: مُتْعَةُ المُطَلَّقَةِ...)
جاء في "الأماكن" للحازمي :
بَابُ جَماجِمَ، وجُمَاجِمَ
(أما اْلأَوَّلُ: - بِفَتْحِ الجيم - : ديرُ الجماجم في سواد العراق، حيث كانت الوقعة العظيمة بين الحجاج وابن الأشعث، وقُتل فيها خلقٌ من التابعين، وقيل لذلك سُمي المَوْضِعٌ الجماجم، وقيل: بل سُمي به لأنه كانت تُعمل فيه الأقداح، والجمجمة القدح...)
وفي لسان العرب :
(قال القُتَيْبيُّ الجُمْجُمَة قَدَح من خَشَب والجمع الجَماجِمُ ودَيْرُ الجَماجِمِ موضع قال أَبو عبيدة سمي دَيْر الجَماجم منه لأَنه يعمل فيها الأَقداح من خشب قال أَبو منصور تُسَوَّى من الزُّجاج فيقال قِحْفٌ وجُمْجمة وبَديْرِ الجَماجم كانت وَقْعَةُ ابن الأَشعث مع الحَجاج بالعراق وقيل سمي دَيْرَ الجَماجم لأَنه بُني من جَماجم القَتْلى لكثرة من قتل به وفي حديث طلحة بن مُصَرِّف رأَى رجلاً يضحك فقال إِن هذا لم يشهد الجَماجِمَ يريد وقعة دَير الجَماجم أَي أَنه لو رأَى كثرة من قتل به من قُرَّاء المسلمين وساداتهم لم يضحك ويقال للسادات جَماجم وفي حديث عمر إِيتِ الكوفة فإِن بها جُمْجُمةَ العرب أَي ساداتها لأَن الجُمْجُمة الرأْس وهو أَشرف الأعَضاء والجَماجم موضع بين الدَّهْناء ومُتالِع في ديار تميم ويوم الجَماجمِ يوم من وقائع العرب في الإسلام معروف وفي حديث يحيى ابن محمد أَنه لم يَزَلْ يرى الناسَ يجعلون الجَماجم في الحَرْث هي الخشبة التي تكون في رأْسها سِكَّةُ الحرث والجُمْجُمَة البئر تُحْفَر في السَّبَخَة والجَمْجَمَة الإِهْلاك عن كراع وجَمْجَمه أَهلكه قال رؤبة كم من عِدىً جَمْجَمَهم وجَحْجَبا...)
إعداد:
أبي معاذ زياد محمد الجابري