كان ابتداء تحريف عقيدة النصارى من دخول بولس ( شاؤول اليهودي ) هذه الديانة أي بعد خمسة قرون من رفع المسيح عليه السلام حيث أصبحت تقوم على ثلاث أسس :
1- التثليث .
2- الصلب و الفداء .
3- محاسبة المسيح للناس .
مراد النصارى بالتثليث هو ( إله واحد الأب و الابن و الروح القدس ) ويفسرون هذه العقيدة بقولهم أن تعليم الثالوث يتضمن :
1- وحدانية الله .
2- لاهوت الأب و الابن و الروح القدس .
3- أن الأب و الابن و الروح القدس أقانيم يمتاز كل منهم عن الآخر.
4- أنهم واحد في الجوهر متساوون في القدرة و المجد .
5- أن بينهم تمييزا في الوظائف و العمل.
6- أن بعض أعمال اللاهوت تنسب في الكتاب المقدس إلى الأب و الابن و الروح القدس معاً، و بعضها تنسب على الخصوص إلى كل واحد منهم.
و عقيدة التثليث يتضح منها: أنهم يقولون إن الله واحد حقيقي وهو في الوقت نفسه ثلاثة حقيقية ، وهذا شيء محير جداً !! ويصدق عليهم أنهم يعبدون ثلاثة آلهة ويعتقدون أنهم موحدون.
ولقد صرّح كثير منهم بعدم معقولية التثليث وأنها قضية لا يقبلها العقل، ومع ذلك يؤمنون به.
والتثليث -بهذا الاسم- لم يرد في العهدين ولا مرة واحدة، وإنما أول من نطق به هو أسقف أنطاكية السادس (ثيوفيليوس)، مما يدل على أن النصارى ابتدعوا عقيدة التثليث في وقت متأخر و الواقع أنهم استوردوها من الأديان الوثنية.
استدلالات النصارى على التثليث و إبطالها و نقضها :
1- ان الله تعالى ورد اسمه بالعبرية " ألوهيم " الذي يدل على الجمع، و الرد عليه انه دليل باطل بنص التوراة التي نصت على ان الله واحد.
قالوا: وأنه تعالى استخدم صيغه الجمع في التحدث عن نفسه كما جاء في سفر التكوين " و قال الله نعمل الإنسان " ، و إبطال هذا الدليل أن لفظة "نعمل "وردت على صيغة تعظيم، ثم إن هناك مئات الأقوال الواردة في العهد القديم على لفظ الإفراد فكيف تترك تلك المئات و يؤخذ بهذه اللفظة الواحدة و شبهها .
2- ألفاظ الصورة الموضوعة للمعمودية وهي :" عمدوا باسم الأب والابن والروح القدس " والرد عليهم هو ان هذه اللفظة لا تعني أكثر من طلب الإيمان بهؤلاء الثلاثة الذين هم الله تعالى و رسوله المسيح و الملك جبريل إذا صدق راوي هذه العبارة.
3- الأحوال التي واكبت تعميد المسيح وفيها أن يسوع رأى روح الله نازلا وأنه سمع صوت يقول: هذا هو ابني الحبيب..، والرد عليه أنه ليس فيها ما يدل على أن هؤلاء الثلاثة واحد.
أدلة إثبات الوحدانية و إبطال التثليث من العهد القديم و الأناجيل :
- ورد في "سفر التثنية ": " اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " ، ومنها ما ورد في إنجيل يوحنا (وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك..).
الاقانيم الثلاثة تعريفها و أدلتهم عليها و بيان بطلان تلك الأدلة :
- النصارى يزعمون ان الله ذو ثلاثة أقانيم : الأب و الابن و الروح القدس .
- الاقنوم الأول " الأب ":
أ*- ويراد بالأب عندهم : الذات الإلهية مجردة عن الابن و الروح القدس.
ب*- أدلتهم على أبوة الله للمسيح الله عن قولهم : ما ورد في إنجيل متى :"و إما ذلك اليوم و تلك الساعة فلا يعلم بها احد من ملائكة السموات إلا أبي وحده "
ت*- الرد عليهم و بيان بطلان أدلتهم :
1- أن الأناجيل التي اعتمد النصارى عليها في إثبات ذلك لا تصلح أن تكون مستندا إذ هي كتب غير موثوقة، كما أن بينها اختلافات في هذه الألفاظ نفسها في كتبهم .
2- ان النصارى لا يعتقدون ان الله أب للمسيح أبوة حقيقية ويعتقدون ان الله تعالى أب للمسيح و هو في نفس هو هو ليس هو غيره، وهذا يجعل كلمة الأب الواردة في الأناجيل لديهم ليس لها مفهوم حقيقي.
3- على فرض صحة الروايات الواردة لديهم في الأناجيل في كلمة " الأب " فيجب ان تفسر على معنى غير الأبوة الحقيقية لأمرين :
أ*- أنهم أوردوا على لسان المسيح كلاما كثيرا لا يمكن ان يحمل على المعنى الظاهري بل لابد من حمله على المجاز، فكذلك أبوة الله للمسيح.
ب*- ان نسبة الأبوة الى الله ليست خاصة في المسيح لديهم بل وردت في العهد القديم و في الأناجيل منسوبة الى غير المسيح كالتلاميذ و غيرهم و المراد بها عند النصارى أبوة النعمة.
- الاقنوم الثاني " الابن " :
أ*- المراد بالابن عندهم : هي كلمة الله المتجسدة و هو المسيح عليه السلام و يزعمون ان الابن مساو للأب في الوجود و ان الأب خلق العالم بواسطة الابن.
ب*- أدلتهم على ان المسيح ابن الله :استدلوا على ذلك بما ورد في أناجيلهم من النصوص التي تنسب المسيح ابنا لله كما هو في إنجيل متى:" أنت هو ابن الله الحي "
ت*- الرد عليهم :
1- ان كتبهم التي يستندون إليها في هذا هي كتب غير موثقة و غير سليمة من التحريف.
2- ان البنوة التي يزعمها النصارى لا تتفق مع البنوة الحقيقية فالابن في الأصل جزء من الأب و يكون الأب سابقا للابن في الوجود .
3- ان هذا الوصف و هو " ابن الله " أطلق على غير المسيح في مواطن كثيرة من أناجيلهم، و يريدون به البنوة المجازية التي تعني اللطف و الحفظ من قبل الله لهم فكذلك إذا ما ورد من بنوة المسيح لله لا تعني غير ذلك.
4- ان المسيح عليه السلام قد دلت الأدلة الكثيرة على بشريته و انه ابن الإنسان.
- الاقنوم الثالث " الروح القدس " :
أ*- المراد بالروح القدس عند النصارى : هو في كلامهم روح الله الذي يتولى تأييد اتباع المسيح و تطهيرهم.
و استدلوا على ألوهيته بأن الكتاب المقدس لديهم وصف الروح القدس بصفات لا يوصف بها إلا الله فدل هذا عندهم على ألوهيته .
ب*- الرد عليهم : ليس في الأناجيل أي عبارة تدل على المعنى الذي يدعونه في الروح القدس و هو الألوهية ، بل الروح القدس المراد به جبريل عليه السلام في كل موطن ورد ذكره فيه.
فمن هذا كله يتضح لنا أن عقيدة التثليث عند النصارى ليس لها أدلة تثبت صحتها.
أ*- المراد به : هو ان الله اتخذ جسد المسيح له صورة و حل بين الناس بصورة إنسان هو المسيح
ب*- أدلتهم : قولهم (..والكلمة صار جسداً.. وحلّ بيننا).
ت*- الرد عليهم :
1- هذه العقيدة من المستحيل عقلا قبولها لأنها تعني ان الله تقمص هيئة النطفة ثم الجنين ثم مر بأطوار الطفولة -تعالى الله عن ذلك-، فمن كان يدير العالم حينها؟
2- ان دعوى التجسد لديهم هي مبررات للصلب ثم الفداء في زعمهم.
3- ما يستندون إليه مما ورد في إنجيل يوحنا وقد ثبت أنه (إنجيل مزور) عند النصارى.
4- ما ذكروه من إنجيل متى واستشهادهم بالنبوءة السابقة قد سبق بيان غلطها.
5- ما أوردوه من كلام بولس هو كلام مردود عليه و غير مقبول إذ يجب عليه ان يبين مستنده لما يقول من كلام المسيح نفسه و إلا يعتبر مدع كاذب.
6- ما أوردوه من الرسالة إلى العبرانيين إن صحة نسبته فالقول فيها ما سبق، وإلا فكيف يأخذ النصارى عقيدة خطيرة كهذه من كتاب لا يعرف كاتبه ؟
7- و ان هذه عقيدة مناقضة للعقل ويعترف النصارى بذلك و يجعلونها من الأسرار.
- الصلب : هو التعليق على خشبة الصليب ، و اليهود و النصارى يعتقدون ان المسيح عليه السلام مات مصلوبا، والنصارى يعللون ذلك بأنه صلب فداء للبشر لتخليصهم من خطيئة أبيهم آدم و هي أكله من الشجرة التي نهي عنها فانتقلت الخطيئة الى أبنائه.
- قصة الصلب إجمالا كما وردت في الأناجيل :
ان المسيح عليه السلام طلبه اليهود ليقتلوه لانه في زعمهم كفر بالله فدلهم على مكانه (يهوذا الاسخريوطي) وقبضوا عليه ليلة الجمعة ثم حملوه إلى دار الوالي و حكم عليه بالصلب وصلب ثم انزل من الصليب و ادخل القبر ثم قام من قبره ثم ظهر لهم في الجليل و كلمهم و بقي معهم أربعين يوما ثم ارتفع الى السماء و هم ينظرون إليه .
- اختلاف المعلومات الواردة في الأناجيل عن الصلب :
1- ذكر لوقا : ان ملكا من الملائكة تراءى للمسيح يقوي عزيمته في آخر صلاة صلاها و لم يذكر ذلك آخرون.
2- ذكر لوقا : ان المسيح صلى مرة واحده و لم يوقظ تلاميذه إلا مرة واحدة ، إما متى و مرقص ذكرا ان ذلك تكرر ثلاث مرات و يوحنا لم يذكر شيئا من ذلك.
4- ان متى و مرقص ذكرا ان اللصين الذين صلبا مع المسيح كانا يعيرانه مع الناس إما لوقا ذكر ان احدهما عيره و الآخر دافع عنه و لم يذكر يوحنا ذلك.
فهذا قليل من الاختلافات العديدة بينهم في رواية أعظم حادث في حياة المسيح حسب معتقد النصارى وهو الصلب، مما يدل على أنه ليس لديهم علم مؤكد في هذا الأمر.
- حقيقة نهاية المسيح على الأرض و مجيئه مرة أخرى :
و الحق بالنسبة للمسيح ان الله أنجاه من أعدائه اليهود وهذا الذي يتناسب مع سؤال المسيح الله فقد استجاب الله له، قال تعالى (..بل رفعه الله إليه...).
والنصارى يعتقدون رجعه المسيح قبل يوم القيامة و انه سيحاسب الناس و يضم أتباعه إليه و اليهود يؤمنون بان مسيحا سيأتي آخر الزمان و ينتصر به اليهود على أعدائهم وهو المسيح الدجال اليهودي، والذي يبدو أن النصارى أيضا سيكونون من أتباعه.
- الفداء : هو اعتقاد النصارى ان موت المسيح كان كفارة لخطيئة آدم التي انتقلت الى أبنائه بالوراثة.
- أدلة النصارى على الفداء : ما جاء في إنجيل مرقص:" ان ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين .
- بيان بطلان أدلتهم و كلامهم في الفداء :
1- أنهم استدلوا على ذلك بما ورد في الأناجيل و هي كتب غير موثوقة و غير سليمة من التحريف.
2- لا يوجد نص واحد يعين خطيئة آدم عليه السلام التي انتقلت الى أبنائه بالوراثة كما يزعم النصارى.
3- أن كلام النصارى في الخطيئة مضطرب، بل لا ينصون عليها في كل مقام.
4- ان المراد من كون المسيح كفارة للخطايا احد أمرين :
أ*- تكفير خطايا الناس التي اقترفوها في الماضي أو سيقترفونها في المستقبل و هذا باطل.
ب*- ما ذكره كثير من النصارى و هو تكفير خطيئة آدم عليه السلام التي انتقلت الى أبنائه و هو ادعاء باطل.
و الحقيقة أنهم اخترعوا فرية الفداء بدون دليل شرعي أو عقلي ليبرروا قضية الصلب التي اعتقدوها.
بيان بطلان دعوى الصلب والفداء إضافة لما سبق
5- ان آدم عليه السلام تاب من خطيئته و قبل الله توبته و عوقب بإخراجه من الجنة و تأثر أبناؤه بالعقوبة.
6- أن ذنب آدم لم يكن يلزم للتكفير عنه ان ينزل الرب و يصلب بل كان يكفي التوبة.
7- ان ما وقع من آدم يعتبر يسيرا بالنسبة لما فعله كثير من أبنائه من سب الله و عبادة غير و الإفساد في الأرض فعلى كلام النصارى ان الله لابد ان ينزل كل وقت ليصلب حتى يجمع بين عدله و رحمته في زعمهم
وينبغي الإشارة إلى أن الديانة النصرانية كلها تقوم على مسألة الصلب إذ ليس فيها ما يمكن أن يجذب الناس إليه سوى هذه القضية.
دعوى محاسبة المسيح للناس :
- يزعم النصارى ان المسيح سوف يتولى يوم القيامة محاسبة الناس وثبوت هذه العقيدة فرع عن ثبوت أصلها وهي الأناجيل و الرسائل التي سبق الحديث عنها.
قول النصارى في الجنة و النار و البعث :
- يعتقد النصارى بالبعث الجسدي و يؤمنون بالنعيم الأبدي في الجنة و العذاب الأبدي في النار إلا أنهم يزعمون ان الجنة ليس فيها أكل و لا شرب و لا نكاح و لا شيء من المتع الحسية و يعتقدون ان المتعة تكون برؤية الله فقط، لأنهم يرون أن الأجساد يوم القيامة أجساد روحانية.