الاستدلال بسد الذرائع الضوابط وإشكالات التطبيق
أ.د. عياض السلمي*
تمهيد :
القرآن والسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هما الأصلان الرئيسان اللذان يثبت بهما أحكام الشرع كافه , وكل حكم لا يستند إلى كتاب أو سنه بأي وجه من أوجه الاستناد القريب والبعيد , الظاهر والخفي فليس حكماً شرعياً وقد قرر القرآن هذه الحقيقة ، قال تعالى{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}وأمر الرسول ونهيه يعرف بما تكلم به أو فعله أو أقره .
وما تكلم به وظهر على لسانه قسمان :
الأول : ما هو قرآن متعبد بلفظه ومعناه , وهذا له مزيّة خاصة ومنزلة رفيعة لكونه كلام الله جل وعلا لفظاً ومعنى .
الثاني :ما جاء على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - من السنة القولية وهو في المرتبة الثانية إذا صح أنه قاله .
وفي العهد الأول عهد الخلفاء الراشدين لم يرد ذكر لغير الكتاب والسنة في معرض الاستدلال إلا ما جاء من التزام عثمان رضي الله عنه بأن يحكم بما في كتاب الله وسنة رسوله وما قضى به أبو بكر وعمر . ولا يخفى أن التزامه نسيرة أبي بكر وعمر إنما كان في السياسة وإدارة الحكم وتصريف شؤونهم . يدل على ذلك أن علياً عندما شاوره الستة الذين عينهم عمر لم يلتزم بذلك ، ليقينه بأن اختلاف الناس بعد مرور الزمن سيحتم عليه أن يسوسهم بما يراه مناسباً مما لا يتعارض مع الكتاب والسنة وإن كان قد يتعارض مع سياسة أبي بكر وعمر.
وحين نقول لم يرد ذكر لما سوى الكتاب والسنة لا يعني عدم دليلية الإجماع والقياس , وعدم مشروعية العمل بقول الصحابي الذي لا مخالف له، والعمل بقواعد الشريعة التي أصبحت فيما بعد تذكر على أنها أدلة مستقلة كالاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع ونحوها .
بل المراد أنهم لم يكونوا يصرحون بالالتزام باتباع ما سوى الكتاب والسنة . وما ذكر من الإجماع والقياس وما ذكر معهما مستندة في حجيتها إلى الكتاب والسنة . وبهذا يتضح لنا عدم التناقض في منهج الإمام الشافعي الذي لم يعد من ضمن الأدلة الاستصحاب ،مع كونه يأخذ به حتماًُ في بعض المواطن , ولكن لم ير أنه يصلح أن يسمى دليلاً يقرن بالكتاب والسنة والإجماع وكذلك رده للاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع هو بهذا المعنى أي بمعنى أنها ليست أدلة مستقلة .
وقد تفنن العلماء بالنص على أدلة كثيرة غير أن بينها تداخلا وعموما وخصوصا وهي كلها راجعة للكتاب والسنة فالاستصلاح والاستحسان وسد الذرائع والنظر إلى مآلات الأفعال ومراعاة الخلاف وإن أفرد كل منها بالبحث والاستدلال والتمثيل لكنها تتداخل فمن لا يقول ببعضها ربما قال بما يغني عنه أو يشمله .
وحديثي الليلة إليكم سأقصره على قاعدة سد الذرائع كما هي في اصطلاح الأصوليين بعد استقرار الاصطلاحات .
وعلى وجه الخصوص سأركز على الجانبين المذكورين في عنوان اللقاء وهما : ضوابط القاعدة – وإشكالية التطبيق .
فليس الوقت المتاح كافياً لتناول كل ما قيل في سد الذرائع , ولا الحضور بحاجة لسماع كل لك ولذلك سأقتصر على ما جاء في عنوان المحاضرة وأكتفي بخلاصة قراءتي لقاعدة سد الذرائع في ضوابطها وحدودها وأهم ما يستدل به عليها وما يرد على تطبيقها من إشكال.
أما عن ضوابط القاعدة فسأتناول فيه :
· تعريفها – والفرق بينها وبين ما يشبهها .
· دليل العمل بها والشروط التي لابد منها لصحة العمل بها .
· منزلتها من الأدلة .
وأما إشكالية التطبيق فسأتناول فيه :
1. صورا من تطبيقات الأئمة السابقين والفقهاء المعاصرين.
2. صورا من الإشكالات الواردة على التطبيق :
*أ. من جهة التوسع في تطبيق القاعدة والخروج بها عن حدودها وأسباب ذلك .
*ب. من جهة استبعاد العمل بها أو اختزالها وقصرها على الوسائل المفضية إلى الحرام قطعاً .
وسأحاول الوقوف عند بعض الجوانب الغامضة من القاعدة , مما لا نجد له ذكراً في شيئ من كتب أصول الفقه .
تعريف سد الذرائع :
تحديد المصطلح من الأمور المهمة التي تجب العناية بها لأن الحكم على الشيئ فرع عن تصوره، ومصطلح سد الذرائع مكون من مضاف ومضاف إليه فأما السد فهو في اللغة : يعني الإغلاق والمنع ويطلق اسماً على المانع كما في قوله تعالى {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}"الكهف".والمقص د به هنا في مصطلح سد الذرائع المصدر وفعله سد , يسدُّ . والمعنى المراد هوالمعنى المجازي للسد ،لأنه المنع الشرعي وهو التحريم ، والتحريم لا يلزم منه منع وجود الفعل المحرم حتماً ، بل قد يقع مع تحريمه ، وهذه الدقيقة لم أجد من نبه عليها وهي ذات دلالة مهمة ستتم الإشارة إليها لاحقا بإذن الله تعالى .
والذرائع : جمع ذريعة وهي الوسيلة والسترة التي ينقى بها وأصلها الناقة التي يستتر بها الصياد ليقترب من الصيد فيرميه بسهمه فهو يتذرع بها أي يستتر بها ( ابن بيّه ) .
وفي اصطلاح : علماء الشرع تطلق الذرائع على الوسائل ويقسمونها إلى ذرائع يجب سدها وذرائع يجب فتحها وذرائع مختلف في سدها وغالبهم يقصرها على الوسائل المفضية إلى الحرام دون المفضية للمكروه لأن المكروه عند الجمهور فيه نوع تخيير لن المكلف لا يعاقب بفعله .
ولذا فهم يقسمون الذرائع من حيث إفضائها إلى الحرام قطعاً أو ظناً إلى :
1. ذريعة توصل إلى الحرام قطعاً .
2. ذريعة توصل إلى الحرام غالباً .
3. ذريعة توصل إلى الحرام كثيراً أوتستوي حالات إفضائها إلى الحرام وعدمه أو تتقارب .
4. وسيلة توصل إلى الحرام نادراً .
وأما مصطلح سد الذرائع فإنه لا يتناول ما كان وسيلة إلى مصلحة راجحة أو خالصة وإنما يقتصر على ما يكون وسيلة إلى مفسدة خالصة أو راجحة .
فهذه الذريعة هي التي تكلم العلماء في وجوب سدها .
وأما من قسم الذرائع بشكل عام فهو يعني المعنى اللغوي لها ، ولم يقسنها بشرط إضافة السد إليها ، ولذا فقد جعل منها ما يجب سدها ، ومنها ما يجب فتحها ، ومنها ما يختلف في وجوب سدها . كما فعل ابن القيم في إعلام الموقعين ، وكما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن استدرك في مواضع من كلامه وقال " الذريعة ما كان وسيلة وطريقاً إلى شيئ لكنها صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى محرم " ) الفتاوى الكبرى ).
وهذا عندما تقرن بلفظ " السد " ويقال : سد الذرائع . وإذا قيل " فتح الذرائع " انصرفت إلى ما يوصل إلى مصلحة راجحة .
وإذا اطلقت عن الإضافة شملت القسمين .
ألفاظ بعض العلماء في تحديد معنى الذرائع :
قال الباجي : الذريعة " المسألة التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل المحظور " إحكام الفصول 765 .
وقال ابن رشد الجد : هي الأشياء التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل المحظور " المقدمات والممهدات 2 / 39 .
وقال ابن العربي : هي كل عمل ظاهره الجواز يتوصل به إلى محظور " أحكام القرآن 2/798
وقال ابن تيمية : الذريعة: الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل المحرم "الفتاوى الكبرى 3/256
وقال الشاطبي : هي التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة "الموافقات 4/199
ومما سبق يمكن أن نخلص إلى تعريف قاعدة سد الذرائع بأن المراد بها :
المنع مما ليس في ذاته محرما لكنه يفضي إلى المحرم .
فقولنا : ليس بمحرم في ذاته أي ليس منصوصاً على تحريمه، ولم يثبت تحريمه بإجماع ولا قياس صحيح ،بل هو من المباحات أو المستحبات أو الواجبات المأمور بها في حال عدم الإفضاء إلى المحرم أو من المكروهات .
وقد قصر بعضهم سد الذرائع على المنع من المباح خاصة في تعريفه ولكن في التطبيق عمم .
وذلك أن الشارع يمكن أن يمنع الواجب في بعض الأحيان لكونه يفضي إلى مفسدة أعظم بسبب المكان والزمان والحال كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الواجبات ولكن إذا كان سيفضي إلى منكر أعظم مفسدة فالواجب على المكلف الإمساك عنه في تلك الحال .
ومثاله في المستحبات : بناء المساجد مستحب ولكن بناء مسجد بجوار مسجد آخر ممنوع لكونه يفضي إلى مفسدة تفريق جماعة المسلمين .
ومثاله في المباحات: أن بيع السلاح جائز وكذلك صنعه . ولكن إذا قامت الفتنة بين المسلمين وتقاتلوا يحرم بيع السلاح على من يغلب على الظن أنه سيقتل به المسلمين .
فهذه ثلاثة أمثلة حرمها العلماء أو جمهورهم مع أنها لم يرد نهي عنها بذاتها وإنما استفيد تحريمها من كونها مفضية إلى الحرام .
أما ما نص الشرع على تحريمه سداً للذريعة فله أمثلة ويجمعها أنها : أفعال ورد عن الشرع النهي عنها لا لكونها مفسدة في ذاتها بل لكونها تفضي إلى مفسدة .
فهي محرمة بنص الشرع ولكن العلة في تحريمها ليس كونها مفسدة في ذاتها بل لكونها تفضي إلى مفسدة أكثر من المصلحة الموجودة فيها , فهي لا تخلو من المصلحة ولكن عند مقارنة ما فيها من المصلحة بما يترتب عليها من المفاسد يترجح جانب المفسدة ولذلك نص الشرع على تحريمها .
والمراد بقولنا " المنع " في التعريف هو المنع الشرعي الذي يفهم من الحكم بالتحريم . وليس المقصود المنع الحسي فإن التحريم مظنة امتناع المسلمين عن الشيئ لكن لا يلزم من تحريمه امتناعهم حساً وحقيقة وهذا يؤكد ما ذكرته سابقا في المعنى اللغوي.
كما أننا لا نعني المنع السلطاني الذي يفعله الإمام سياسة فإن ذلك بابه أوسع مع أنه قد يكون سببه سد الذرائع لكنه لا يقتصر على ما أفضى إلى الحرام غالبا .
الفرق بين قاعدة سد الذرائع وما يلتبس بها من القواعد :
أولا : الفرق بينها وبين قاعدة " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " أو ما يعرف " بمقدمة الواجب" وما يستنبط منها من قواعد :
1. أن قاعدة سد الذرائع تخص ما يوصّل إلى الحرام ،وقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به أصلها فيما يتوصل به إلى الواجب ولكن العلماء اشتقوا منها ما يوصل إلى الحرام فقالوا إنه حرام أو قالوا : إن تركه واجب " وهما بمعنى واحد .
2. أن قاعدة سد الذرائع تخص الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى الحرام وإلى غيره ، أما قاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به " وما اشتق منها فهي فيما إذا لم توجد إلا وسيلة واحدة للواجب فإنها تجب , أو لم توجد للحرام إلا وسيلة واحدة فتحرم .
أي أن الوسيلة متمحضة لغرض واحد في هذه القاعدة بخلاف قاعدة سد الذرائع .
3. أن قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به ليست خاصة بالوسائل بل يدخل فيها جزء الواجب , وجزء الحرام ولذا سميت بمقدمة الواجب , كما يدخل فيها شرط صحة الواجب وهو الشرط العقلي والعادي كالمشي للمسجد لمن لا وسيلة له إلى المسجد إلى بذلك
ثانيا : الفرق بين قاعدة سد الذرائع وقاعدة : الوسائل لها أحكام المقاصد " :
لا شك أنه قد يرد في كلام بعض العلماء ما يقتضي التسوية بين القاعدتين باعتبار أن الذرائع تعنى الوسائل ولكن الذي يظهر التفريق بين القاعدتين بما يلي :
1. أن قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد تقتصر على ما إذا قصد المكلف بفعل الشيئ الوصول إلى شيئ أخر .
أما قاعدة سد الذرائع فهي فيما لم يظهر فيه مقصد المكلف، ولكنه محتمل الوجود احتمالاً غالباً .
2. أن قاعدة الوسائل أعم من جهة أنها تشمل تحريم ما قصد به الوصول إلى الحرام وإيجاب ما قصد به الوصول إلى الواجب بمعنى أن فاعله يثاب ثواب الواجب وكذا في وسيلة المكروه ووسيلة المندوب ، وقاعدة سد الذرائع إنما هي خاصة بالمحرم على الصحيح وألحق به بعضهم المكروه ولا يظهر لي صحة ذلك لأن المباح لا يمكن تحريمه لأجل أنه يفضي لمكروه لا يستحق فاعله العقاب وأما المكروه كراهة تحريم باصطلاح الحنفية فهو من المحرمات كما هو معروف .
ومما يدل على الفرق بين القاعدتين أن بعض علماء الشافعية أنكروا أن يكون الشافعي قال بقاعدة سد الذرائع وتأولوا ما نقل عنه بأنه من باب إعطاء الوسائل أحكام المقاصد .
كما قال السبكي " لقد تأملت كلام الشافعي رحمه الله فلم أجد متعلقاً قوياً لإثبات قول سد الذرائع , بل الذريعة تعطى حكم الشيئ المتوصل بها إليه وذلك الكلام حرام ووسيلة الحرام حرام , والذريعة تنفي الوسيلة . فهذا القسم وهو ماكان من الوسائل مستلزماً لا نزاع فيه ... " المجموع 10 / 148 .
ثالثا : الفرق بين قاعدة سد الذرائع وقاعدة الحيل :
سوّى بعض العلماء بين القاعدتين والظاهر أن بينهما فرقاً يتلخص في أن سد الذرائع أعم من قاعدة تحريم الحيل فإن الحيل ذرائع قصد المكلف من فعلها الوصول إلى المحّرم عليه بالنص , فالقصد في الحيل منظور إليه , وأما سد الذرائع فلا يشترط فيها القصد بل المنع مما لم يرد بتحريمه نص لكونه مفضياً في الغالب إلى المحرم أو كثيرا ما يفضي إلى المحرم في عادة الناس أو بمقتضى طبيعة الفعل.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد أبو زهره إن أصل سد الذرائع لا تعتبر النية فيه ( أي لا تشترط ) على أنها الأمر الجوهري في الإذن أو المنع , وإنما النظر فيه إلى النتائج والثمرات ( مالك حياته وعصره آراؤه وفقهه ص 343 ) .
تحرير محل الوفاق ومحل النزاع في سد الذرائع :
1. لا خلاف بين العلماء في أن الوسيلة التي تقضي إلى الحرم قطعاً محرمة وإن لم يرد فيها نص بذاتها . غير أن بعضهم لا يسمى تحريم هذه الوسيلة من باب سد الذرائع مثاله : إغلاق الباب على حيوان يعلم أنه سيؤدي إلى موته , إغلاق الباب على الهارب من الأسد ليأكله .القرافي ( الفروق)
2. ولا خلاف بين العلماء في أن ما يمكن أن يؤدي إلى الحرام نادراً لا يحرم شرعاً لأن النادر لا حكم له مثل منع بيع العنب أو التمر مطلقاً لئلا يصنع منه الخمر .
أو يقال بتحريم تلاصق الدور لكونه يؤدي إلى الزنا والسرقة .( القرافي وأبو زهرة وابن بيه)
وكون هذا النوع من الذرائع لا يحرم ليس معناه أن السلطان لا يمكن أن يفرضه على الناس إذا رأى فيه مصلحة بل يمكن أن يفرضه على الناس فيجب سلطنة فيستحق من فعله العقوبة الجزائية التي قررها السلطان . ويؤثم المخطئ لمخالفته أوامر السلطان الواجب الطاعة .
3. كذلك يخرج من محل النزاع على الصحيح ما يقصد به فاعله الوصول إلى الحرام فإنه يكون حراماً عليه وإن كان إفضاؤه إلى الحرام قليلاً أو نادراً . وهذا مقتضى قاعدة " الوسائل لها أحكام المقاصد " لأن المراد الوسائل التي يقدم المكلف عليها متوسلاً بها إلى الحرام كما سبق.
4. يقتصر الخلاف على الفعل الذي لم يرد بتحريمه نص ولكنه يفضي إلى الحرام غالباً أو كثيراً .
فهذا القسم هو الذي وقع الخلاف فيه فأثبته المالكية والحنابلة وأنكره الشافعية والحنفية في المشهور عنهم وأخرج بعض العلماء ما عدا هذا من مسمى الذرائع التي يجب سدها وأدخله بعضهم في مسمى الذرائع وجعله من المتفق عليه وحصر الخلاف فيما يفضي إلى الحرام غالباً أو كثيراً .
فمنهم من عد الذرائع وقسمها إلى أربعة أقسام :
1. ذريعة مفضية إلى الحرام قطعاً .
2. ذريعة مفضية إلى الحرام ظناً غالباً .
3. ذريعة مفضية إلى الحرام كثيراً .
4. ذريعة مفضية إلى الحرام نادراً .
وجعل محل الخلاف القسمين الثاني والثالث .
ومنهم من جعل القسمة ثلاثية كالقرافي حيث جعل الذرائع منها :
1. ما اتفق على منعه كحفر الآبار في طريق المسلمين .
2. ما اتفق على عدم منعه كزراعة العنب مع احتمال اتخاذه خمر .
3. ما اختلف فيه كبيوع الآجال التي تكون ذريعة إلى الربا ومنها بيع العينة .
وهذا التقسيم وإن كان واقعاً وصحيحاً ولكنه لا يفيد الدارس سوى معرفة مواقف العلماء من سد الذرائع إجمالاً , لأنه لم يذكر حداً دقيقاً لما اتفق على منعه . وكذلك لم يذكر حداً لما اتفق على إباحته، ولا لما اختلف فيه وإنما اكتفى بالمثال . والأمثلة مما تختلف أراء الناس حولها , فمثلاً حفر الآبار في الطريق قد يقال إنها من الذرائع المفضية إلى الحرام قطعاً أو غالباً وهكذا ما ذكره بعده .
ففي جانب التطبيق يصعب تطبيق هذا الضابط .
يتبع