قال إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره (14/ 216-217):
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
يقول تعالى ذكره: {ولقد بعثنا} أيها الناس {في كلّ أمة} سلفت قبلكم {رسولًا} كما بعثنا فيكم، بـ: {أن اعبدوا الله} وحده لا شريك له، وأفردوا له الطاعة، وأخلصوا له العبادة، {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} يقول: وابعدوا من الشيطان، واحذروا أن يغويكم، ويصدَّكم عن سبيل الله، فتضلوا، {فمنهم من هدى الله} يقول: فممن بعثنا فيهم رسلنا مَنْ هدى الله، فوفَّقه لتصديق رسله، والقبول منها، والإيمان بالله، والعمل بطاعته، ففاز وأفلح، ونجا من عذاب الله، {وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} يقول: وممن بعثنا رسلنا إليه مِن الأمم آخرون حقَّت عليهم الضلالة، فجاروا عن قصد السبيل، فكفروا بالله وكذّبوا رسله، واتبعوا الطاغوت، فأهلكهم الله بعقابه، وأنزل عليهم بأسه الذي لا يردُّ عن القوم المجرمين.