.


(أفضل طبعات أُمّات متون التجويد والقراءات)
للشيخ المقرئ/ علي بن سعد الغامدي المكي




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.


أما بعد: فقد سُئِلتُ مرارًا عن أفضل طبعات أُمّات متون التجويد والقراءات.
فأقول -على وجه الاختصار، وعلى سبيل الاقتصار، لعلّ في ذلك نفعًا للسائلين، وغيرهم من القارئين-:


أفضلها: أقربها إلى مِنْهَاج التحقيق العلمي.
وهي -بناءً على ذلك- درجات في جودتها.


فاتَّخِذوا -أيها السائلون- هذا الأصل كشّافًا تكشفون به مقدار جودة تلك الطبعات، واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
وقد صُنّف في منهاج التحقيق العلمي مصنفات كثيرة، فلا تعجزوا عن قراءة بعضها.


وفي عامة تحقيقات هذه المتون عدة كبوات، أبرزها ثلاث كبوات، لو نَجَتْ منها لبلغت -على الأقل- الدرجة الدنيا من القبول.
أولاها: الإعراض عن النسخ العالية؛ كنسخة المصنف، أو تلاميذه، أو نحو ذلك، وإيثار النسخ المتأخرة -بل المعاصرة- عليها!


والثانية: إغفال وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق! مع عدم إثبات فروقها المعتبرة! أو إثباتها منسوبة إلى نسخ مبهمة، فلا يُدْرى -مع هذا- ما قيمة هذه النسخ، وما الأصل الذي اعتُمد منها، وما مقدار الالتزام بهذا الأصل، وهل نُقِل من نسخ التحقيق مباشرةً أم نُقِل عنها بواسطة -وقد وُجِد- وهل ...، وهل ...، أسئلة كثيرة، وعثرات وفيرة.


وأما أكبر الكبوات الثلاث: فهي إثبات مجرّد الاستحسان في أصل المتن، من غير اعتماد على نسخة قط، ولا غيرها! إلّا مجرّد الاستحسان.


ويبقى بعد هذه الكبوات كبوات دون ذلك.


مِثْل: خَلْط النسخ والروايات بعضها ببعض مع إمكان اتخاذ إحداهنّ أصلًا في التحقيق، كالذي يخلط بين روايات تلاميذ الشاطبي في تحقيق الشاطبية، وروايات تلاميذ ابن الجزري في تحقيق الطيبة، فيصير أصل المتن ملفّقًا من عدة روايات ونسخ من غير ضرورة.


والذي يقتضيه التحقيق العلمي في مثل هذا: هو اعتماد أصح النسخ في أصل المتن، وعدم خَلْطها بغيرها إلا عند الضرورة؛ كأن يكون بها طمس، أو أُغْفِل شَكْل بعض ألفاظها، أو تبيّن خطؤها -ولم يكن من قبيل خلاف الأولى- أو نحو ذلك.


ومِثْل: تكثير نسخ التحقيق بنسخ لا ينبغي إدخالها في المقابلة أصلًا، فتكثر بذلك فروق النسخ، ولو اتّبع هذا المحقق منهاج التحقيق العلمي لَاطَّرَحَ أكثر هذه النسخ؛ فسقط بذلك أكثر هذه الفروق.


وأوصي مشايخي وإخواني محققي هذه المتون -أجزل الله لهم أَجْرهم، ورفع في العالَمِين ذِكْرهم-:
- بأن يُراعوا منهاج التحقيق العلمي في تحقيقاتهم، وأن يعلموا أنه ليس لهم مخالفته؛ وإن لم يتغيّر معنى النص المرادِ تحقيقه.
- وأن يسألوا أهل الذكر عما أَشْكل عليهم.
- وأن يَعرضوا تحقيقاتهم قبل نشرها على العارفين بفنّ التحقيق، فكم في ذلك من مغنم، وكم في تركه من مغرم.
- وأن يتعاهدوا تحقيقاتهم بالتنقيح؛ ليُحسّنوا جودتها طبعةً بعد طبعة.


والحمد لله الذي إليه المنتهى


وكتب: علي بن سعد الغامدي المكي
ليلة الأربعاء: 13 / 4 / 1438هـ
بمكة أم القرى


.