الميتافيرس



الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:


يتشدق العالم الغربي بمقدار الحرية التي يعطيها لشعوبه، وخاصة في المجال الإعلامي، وإذ يتابع الخبراء التطورات الإعلامية الكبيرة التي جعلت من كل إنسان وسيلة إعلامية مستقلة ينقل ويخبر ويحلل ويصدِّر الآراء؛ إلا أن الحقيقة تشي بعكس ما يتم تداوله!

وأصبحت الشركات التكنولوجية العملاقة تقوم بدورٍ استبدادي مفضوح؛ فكل رأي يخالفها هو عرضة للمصادرة والمنع لمدد متباينة أو الحذف الكامل، في إجراء لتأديب من يخرج عن المسار أو يشذ عن القطيع هو أشبه بمقص الرقيب.

إنها ديكتاتورية التكنولوجيا الحديثة إذ يسير العالم إلى أداة جديدة أكثر توحشاً واستبداداً من مقص الرقيب أو حذف الصفحات والمواقع.

والذي يحاول أن يفهم ما تبشر به تكنولوجيا الميتافيرس يعي أن ثمة مستوىً أكثر توحشاً في السيطرة على العقول في طور التشكل.

ما معنى أن تتوسع التكنولوجيا فتشمل مزيداً من أنماط حياة الفرد: عمله واجتماعاته ولقاءاته؟ والإجابة الصريحة: أن كل تلك القِطاعات ستكون تحت رحمة الأخ الكبير الذي يستطيع بضغطة زر أن يمنعك من ممارسة كل ذلك.

في البداية كانت الجيوش أداة الغزو العسكري لاحتلال الأرض والتحكم بالشعوب، ثم تطور الأمر ليصير غزو الأفكار بديلاً عن طلقات الرصاص والمدافع. والآن صارت التكنولوجيا وأدواتها أكثر فتكاً من مراحل الاحتلال والغزو القديم.

والسؤال هنا: هل تتوفر لدينا بدائل للفكاك من أذرع الأخطبوط هذه؟


الإجابة حتى الآن: لا! لكن من يدري ربما من هم خارج حضارة الغرب اليوم هم أداة النجاة في المستقبل؟ فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه مَن علمه وجهله مَن جهله.
منقول