" ندرة العلماء الذين أجازوا القراءة في الماء "
تفنيدا لمن يقول أن الجمهور من متقدمي السلف أجازوا القراءة في الماء !.
ومع أن قول العالم ليس دليلا شرعيا ولا حجة فيه فإن القراءة في الماء وعلى مر التأريخ الإسلامي وإلى زماننا هذا ( زمن العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى ) لم يجزها إلا ثلاثة علماء فقط .
ثلاثة مقابل عشرات الآلاف من الصحابة رضي الله عنهم وعشرات الآلاف من الأئمة والعلماء على مر تأريخ الإسلام !!! .
فهي ليست من دين الإسلام .
ثلاثة علماء فقط :
وهم :
1 : وهب بن منه ( تابعي ) .
2 : أحمد بن حنبل .
3 : ابن القيم على ماء زمزم .
ولم يستندوا إلى أي دليل صحيح .
ففي جامع معمر بن راشد 95 )هـ153 - هـ( :
" باب النشر وما جاء فيه :
وفي كتب وهب : " أن تؤخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه في الماء ، ويقرأ فيه آية الكرسي ، وذوات قل ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ، ويغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله ، وهو جيد للرجل ، إذا حبس من أهله "
وابن وهب رحمه الله تعالى جل علمه من الإسرائيليات .
فقد قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان - (ج 7 / ص 428) :
" وهب بن منبه بن كامل اليماني أبو عبد الله الأبناوي الصنعاني الأخباري "
وجاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي - (ج 4 / ص 544):
" وهب بن منبه ابن كامل بن سيج بن ذي كبار، وهو الاسوار الإمام، العلامة الإخباري القصصي .
وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب."
وقال الزركلي في الأعلام - (ج 8 / ص 125) :
" وهب بن منبه (34 - 114 ه = 654 - 732 م) وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري، أبو عبد الله: مؤرخ، كثير الأخبار عن الكتب القديمة، عالم بأساطير الأولين ولا سيما الإسرائيليات.
يعد في التابعين. "
وذكر نحو ذلك كل من ترجم للتابعي وهب بن منبه رحمه الله تعالى .
وما أجمل ما فند به الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى فعل وهب بن منبه وابن القيم رحمهما الله تعالى حيث قال : " مثل هذا لا يعمل فه برأي ليث بن أبي سليم، ولا برأي ابن القيم ولا غيرهما ; وإنما يعمل بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولم يجئ عنه صلى الله عليه وسلم شيء مما يقول ابن أبي سليم ولا ابن القيم. وما ينقل عن وهب بن منبه فعلى سنة الإسرائيليين لا على هدى خير المرسلين.
ومن باب هذا التساهل دخلت البدع ثم الشرك الأكبر.
وعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يعض بالنواجذ على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، ويتجنب المحدثات وإن كانت عمن يكون، فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ."
قلت : وأما الخبر عن الليث بن أبي سليم فلا يصح . لضعف وسوء حفظ أبي جعفر الرازي وضعف واختلاط الليث نفسه .
وكما يلي :
قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، ثنا عبد الرحمن الدشتكي ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن ليث قال : " بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله ، تقرأ في إناء فيه ماء ، ثم يصب على رأس المسحور الآية التي في سورة يونس : فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون والآية الأخرى : فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون إلى انتهاء أربع آيات ، وقوله : إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " *
قال العجلي في الثقات - (ج 2 / ص 391) :
" أبو جعفر الرازي التيمى ضعيف الحديث "
وابن حجر تقريب التهذيب ـ م م - (ج 1 / ص 1126):
"صدوق سيء الحفظ "
وقال النسائي : ليس بالقوي
ووثقه أبو حاتم
وقال أحمد : ليس بقوي في الحديث وقال مرة : مضطرب الحديث.
وقال الفلاس : سيء الحفظ
وقال أبو زرعة : يهم كثيرا
وقال ابن حبان : يتفرد بالمناكير عن المشاهير
وأحمد بن شعيب : ليس بالقوي
وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش : سيء الحفظ صدوق .
يحيى بن معين: يكتب حديثه ولكنه يخطئ
علي بن المديني : ثقة كان يخلط. وقال مرة: يكتب حديثه، إلا أنه يخطئ.
وقال عمرو بن علي: فيه ضعف وهو من أهل الصدق سيىء الحفظ
وقال أبو حاتم: ثقة صدوق صالح الحديث
وقال زكريا بن يحيى الساجي : صدوق ليس بمتقن
الجوزقاني : كان أبو جعفر ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير .
وقال ابن حبان المجروحين - (ج 2 / ص 120) :
" كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا فيما وافق الثقات، ولا يجوز الاعتبار بروايته إلا فيما لم يخالف الأثبات "
وقال الألباني في إرواء الغليل - (ج 1 / ص 310) :
" أبو جعفر الرازي وهو ضعيف لسوء حفظه "
وأما الليث بن أبي سليم .
فقد قال الجوزجاني في أحوال الرجال - (ج 1 / ص 91) :
" ليث بن أبي سليم يضعف حديثه ليس بثبت "
وابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين - (ج 3 / ص 29) :
" ليث بن أبي سليم بن زنيم الليثي الكوفي واسم أبي سليم أنس روى عن مجاهد وطاوس وابن سيرين ضعفه ابن عيينة والنسائي
وقال أحمد : مضطرب الحديث ولكن قد حدث عنه الناس
وقال السعدي : يضعف حديثه .
وقال أبو حاتم الرازي وأبو زرعة : لا يشتغل به وهو مضطرب الحديث
وقال ابن حبان : اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم تركه يحيى القطان ويحيى بن معين وابن مهدي وأحمد "
فالرواية عن الليث لها طريق واحد عن أبي جعفر الرازي الضعيف فلا تصح .
ثم في عصرنا هذا أول من أجازها العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى من مشايخ الحجاز الحنابلة تقليدا للإمام أحمد رحمه الله تعالى .
وتبعه على ذلك بعض علماء الحجاز كالإمام ابن باز رحمه الله تعالى
تقليدا لوهب بن منبه ومستندا إلى حديث ثابت بن قيس الضعيف وليس فيه القراءة في الماء .
والإمام العثيمين رحمه الله تعالى تقليدا للعلماء الثلاثة المذكورين .
وكل من أجازها من العلماء المعاصرين فقد أجازها إما مستندا للأحاديث الضعيفة أو تقليدا لمن أجازها من العلماء الثلاثة المذكورين .
وممن أجازها بذلك :
ابن باز . العثيمين . اللجنة الدائمة . الفوزان .
رحم الله ميّتهم وحفظ حيهم ونفعنا الله بعلمهم .
نحبهم ولكن السنة أحب إلينا منهم .
وكتبه المعيصفي .
15شوال 1436