الرؤوف الرحيم




كان حج هذا العام أيسر من الأعمال الفائتة، ورغم ذلك أصر بعض القادرين على أداء المناسك وفق السنة على الترخيص في عدم المبيت بمزدلفة وإقامة جزء من الليل في منى أيام التشريق.
في اجتماعنا بعد العيد دار الحوار في مزرعة صاحبي.
- هل تعلم أن من أسماء الله الحسنى (الرؤوف)؟
- نعم، وقد ورد في كتاب الله عشر مرات، واقترن باسم الله (الرحيم) في ثماني آيات من كتاب الله، ولم يقترن بغيره من الأسماء الحسنى.
كان صاحبي يحمل حاسوبه معه استأذن في أن يبحث عن الآيات التي اقترن فيها الاسمان، وفي أقل من دقيقة ظهرت النتائج.
{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِي نَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿}(التوبة: 117)، ووَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(النور: 20)، و{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(الحشر: 10)، و{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ}(البقرة: 143)، ووَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(النحل: 7)، و{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ}(النحل: 45 - 47)، و{أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}(الحج: 65)، و{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }(الحديد: 9).
ما كاد ينتهي صاحبي من قراءة الآيات حتى بادره أحدهم:
- وما الفرق بين (الرأفة) و(الرحمة)؟
- (الرأفة) أشد من الرحمة، وقيل: هي الرحمة مع العطف والحب، ولا تكاد تقع الرأفة مع الكراهية، وقد تقع الرحمة مع الكراهية للمصلحة.
تابع صاحبي قراءته من صفحة جديدة في الحاسوب.
- (الرؤوف) المتساهل على عباده؛ فلم يحملهم من العبادات ما لا يطيقون، وفي تفسير(المنار) والتحقيق أن معنى (الرأفة) أو متعلقها: الرفق بالضعيف كالطفل واليتيم والمبتلى والعناية بهم، وأما متعلق الرحمة أعم، فيشمل الإحسان العام والخاص.
- ولو تدبرنا الآيات من سورة التوبة، والنور، والحشر، والبقرة، والحديد، كلها تتعلق بالمؤمنين، والآيات من سورة الحج تبين رأفة الله بعباده في مواضع ضعفهم عموماً وحال ركوبهم البحر خصوصاً.
- ألم ترد آية في وصف النبي بالرأفة؟
- بلى الآية (128) من سورة التوبة؛ حيث يقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(التوبة: 128)، ولاشك أن رأفة الله ورحمته تليق بجلاله سبحانه، ولا مقارنة بينها وبين رأفة أي مخلوق ولا حتى النبي[ رغم اتحاد الألفاظ، فالله أرأف بعباده من الأم بولدها في مواضع الخطر، ومن الآيات التي ورد فيها اسم (الرؤوف) لله مضافاً للعباد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}(ال بقرة: 207)، وقوله عز وجل: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}(آل عمران: 30).



اعداد: د. أمير الحداد