حديث: التَمِسوها في تِسعٍ يَبقَيْنَ
الحديث:
«ذُكِرتْ لَيلةُ القَدْرِ [عندَه]، فقال: ما أنا مُلتَمِسُها لشَيءٍ سَمِعتُه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا في العَشْرِ الأواخِرِ، فإنِّي سَمِعتُه يقولُ: التَمِسوها في تِسعٍ يَبقَيْنَ أو سَبعٍ يَبقَيْنَ، أو في خَمسٍ يَبقَيْنَ أو في ثَلاثِ أواخِرِ لَيلَةٍ. »
[الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي ]
[الصفحة أو الرقم: 794 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ]
الشرح:
أَكْرَمَ اللهُ تعالى هذه الأُمَّةَ بليلةِ القَدْرِ، فجَعَلَها خيرًا مِنْ ألفِ شَهْرٍ، وبيَّن لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علاماتِ هذه الليلةِ والأوقاتَ التي تكونُ فيها؛ حتَّى يُدْرِكَها المسلِمُ، وينالَ هذا الخيرَ العَظيمَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ جَوْشَنَ الغَطَفانيُّ، "ذُكِرتْ ليلةُ القَدْرِ"، أي: تَكلَّمَ أحدٌ عن وَقْتِ ليلة القَدْرِ، عِنْدَهُ"، أي: عِنْدَ الصحابيِّ أَبِي بَكْرةَ نُفيعِ بنِ الحارثِ بنِ كِلْدَةَ الثَّقفِيِّ رضِيَ اللهُ عنه، "فقال" أبو بَكْرةَ: "ما أنا مُلْتَمِسُها"، أي: لا أَبْحثُ عن وَقْتِ ليلةِ القَدْرِ؛ وذلك "لشيءٍ"، أي: لأَجْلِ شيءٍ "سَمِعتُهُ مِنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إلَّا في العَشْرِ الأواخِرِ"، أي: لا أَلْتَمِسُها وأَبْحَثُ عنها إلَّا في العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمضانَ؛ "فإنِّي سَمِعتُهُ"، أي: وذلك لأنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يقولُ: "الْتَمِسوها"، أي: الْتَمِسوا ليلةَ القَدْرِ وابَحْثوا عنها، "في تِسْعٍ"، أي: تِسعِ ليالٍ، "يَبْقينَ" مِنْ رَمضانَ، يَعْني: ليلةَ التاسعِ والعشرينَ، وقيل: المُرادُ الليلةُ الثانيةُ والعِشرونَ، وذلك باعْتِبارِ تَمامِ الشَّهْرِ ونَقْصِ التِّسْعِ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ ثلاثونَ يومًا نَنْقُصُ منه تِسْعًا فتكونُ ليلةَ الثاني والعشرين، وقيل: ليلةُ إحْدى وعشرينَ وذلك باعْتِبارِ نُقْصانِ الشَّهْرِ ونَقْصِ التِّسْعِ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ تِسْعٌ وعشرون يومًا نَنْقُصُ منه تِسْعًا فتكونُ ليلةَ إحْدى وعِشرينَ.
"أو سَبْعٍ يَبْقينَ" مِنْ رَمضانَ، يعني الليلةَ السَّابِعةَ والعشرينَ، وقيل: المُرادُ الليلةُ الرَّابِعةُ والعشرون، وذلك باعْتِبارِ تَمامِ الشَّهْرِ ونَقْصِ سَبْعٍ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ ثلاثونَ يومًا نَنْقُصُ منه سَبْعًا فتكونُ ليلةَ الرَّابِعِ والعِشرين، وقيل: المُرادُ الليلةُ الثَّالثةُ والعِشْرونَ، وذلك باعْتِبارِ نُقْصانِ الشَّهْرِ، ونَقْصِ سَبْعةِ أيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ تِسْعٌ وعشرون يومًا نَنْقُصُ منه سَبْعًا فتكونُ ليلةَ الثالثِ والعشرينَ.
"أو في خَمْسٍ يَبْقينَ" من رمضانَ يعني ليلةَ الخامِسِ والعشرين، وقيل: المُرادُ الليلةُ السَّادِسَةُ والعِشرون، وذلك باعْتِبارِ تَمامِ الشَّهْرِ ونَقْصِ خَمْسةِ أيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ ثلاثون يومًا نَنْقُصُ منه خمسةَ أيَّامٍ فتكونُ ليلةَ السَّادسِ والعشرين.
"أو في ثَلاثٍ" يَبْقينَ مِنْ رمضانَ يعني ليلةَ الثَّالثِ والعِشرين، وقيل: المُرادُ ليلةُ الثَّامنِ والعشرين وذلك باعْتِبارِ تَمامِ الشَّهْرِ ونَقْصِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ ثلاثون يومًا نَنْقُصُ منه ثلاثةَ أيَّامٍ، فتكونُ ليلةَ الثَّامنِ والعشرين، وقيل: المرادُ ليلةُ السَّابِعِ والعشرين، وذلك باعْتِبارِ نُقْصانِ الشَّهْرِ ونَقْصِ ثلاثةِ أيامٍ مِنَ الشَّهْرِ؛ فالشَّهْرُ تِسْع وعِشرون يومًا نَنْقُصُ منه ثلاثةَ أيَّامٍ فتكونُ ليلةَ السَّابعِ والعشرين، "أواخِرِ ليلةٍ" مِنْ رَمضانَ، أي: آخِرِ الشَّهْرِ الكريمِ، سواءٌ كانتْ ليلةَ التاسعِ والعِشرينَ أو ليلةَ الثَّلاثين باعْتبارِ نُقْصانِ الشَّهْرِ أو تَمامِهِ.
وفي الحديثِ: الحِرْصُ على تحرِّي لَيلةِ القَدْرِ، والبحثُ عنها في جميعِ العَشْرِ الأواخِرِ سواءٌ الليالي الوِتْرِ أو الشَّفْعِ منها.
الدرر السنية
منقول