بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
ذلك الأثر الذي نقله الإمام ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل عن الأعمش كان سبباً كافياً للحرص على جمع روايات زيد بن وهب ما أمكنني ذلك . . . ولأن الأعمش قال ما قال عن "معاينة" وليس عن "استقراء أو نقل قول شيخ آخر" . . . ونعلم أن الخبر ليس كالمعاينة كما ورد في حديث ابن عباس وحتى دون هذا الحديث, فهو أمر يدرك بالضرورة . . لم احرص بعدها على البحث عما قاله يحيى بن معين أو أحمد الخ . . . خصوصا أن "الديباج الخسرواني" ممن يبخص الرجال وله عقل سديد ورأي رشيد . . وممن جمع شرف حفظ القرآن وشرف حفظ السنة . . .
.
قال ابن أبي حاتم بالسند الصحيح: حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني نا عمرو بن خالد - يعني الحراني - نا زهير نا الأعمش قال:كنت إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعت من الذي يحدثك عنه. . . . ورواه أبو الأحوص ايضاً عن عمرو بن خالد . .(راجع إرشاد الخليلي رحمه الله, أحد أنظف كتب أهل العلم) . .
.
وأيضا الفسوي رحمه الله في تاريخه: حَدَّثَنَا أَبُو بكر (بن أبي شيبة) حدثنا يحي بن آدم حدثنا زُهَيْرٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ حَدِيثَا لَمْ يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَسْمَعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ. . . .
وقال أيضاً: وَحَدَّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ داود الحزيبي عن عباد ابن مُوسَى الْحِمْصِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ فِي حَوَائِجِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ فَكَانَ الْأَعْمَشُ يلزمه.
.
ونحب أن ننبه هنا أنه رجل قديم أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . وبالتالي كن حذرا من رواية بعض أهل الكوفة عنه . . خصوصا أنه توسد فترة الخلفاء الراشدين ثم فترة معاوية ثم فترة المختار الكذاب . . . ثم فترة مروان وابنه عبد الملك حتى توفي زمن الحجاج . . .يعني فترة فيها الكثير من الأعاصير عندما التقاه الأعمش . . لذا عندما قال أحد المتقدمين(الفسوي) في حديثه خلل . . . لابد تفهم مصدر قوله . . . أي الحديث الذي يرويه بعض ضعفاء الكوفة عنه . . . واعتراض الذهبي وبعده ابن حجر رحمها الله على الفسوي لا أراه الا سوء فهم . . . ليس الا . . فأغلب أعلام الكوفة في تلك الفترة الحرجة وهم كثر . . . لابد تجد أن الضعفاء يزيدون وينقصون بل ويضعون عليهم . . . وهو أمر قد تلاحظه حتى في بعض مايروى عن أعلام الأمصار الأخرى . . ولكن في الكوفة أفرط . . رغم أن أحد الأحاديث التي اعترض عليها الفسوي اخطأ فيه ولكن بقيتها فالحق على الأرجح معه في بعضها, ويقينا الحق معه في بعضها الآخر . . وليتهما نقلا مارواه ابو يوسف الفسوي الذي أسنده عن ابي بكر عن يحيى بن ادم عن زهير عن الاعمش . . . وذكرناه أعلاه . . (كشاهد آخر لأثر الحراني)
.
قال ابن ابي حاتم: ٢٦٠٠ - زيد بن وهب أبو سليمان الهمداني ثم الجهني جاهلي قال: رحلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وأنا في الطريق. روى عن عمر وعلى وابن مسعود روى عنه حبيب بن أبي ثابت ومنصور والأعمش سمعت أبي يقول ذلك.
.
وأي بداية بحديث غير حديثـه "حدثني الصادق المصدوق" فهي بداية جذماء . . فهو من غُرر الحديث . . حتى قال علي ابن المديني: يدور حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أربعة أحاديث . . . فذكر حديث "حدثني الصادق المصدوق" منها . .
.
قال الخليلي رحمه الله: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ(صاحب المستدرك) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ الْأَنْصَارِيُّ ، بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، يَقُولُ: إِذَا حَدَّثَكَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ فَكَأَنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي حَدَّثَكَ عَنْهُ.
وقال: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظَ، بِنَيْسَابُورَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّمَا يَدُورُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ:
1 - حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ.
2 - وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ»
3- وَحَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ»
4 - وَحَدِيثُ (ابن عمر وأنس وأبي هريرة عن) النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»
.
.
وقال: (عن حديث وحدثني الصادق المصدوق) رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ عَنِ الْأَعْمَشِ: الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُمْ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةِ نَفْسٍ وَقَدْ رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِنَ الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِا.
ومن روائع ما نقله: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَتْحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ فَسَمِعْتُ شَيْخًا يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَإِذَا هُوَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ فَحَفِظْتُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَعَدَدْتُهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَوَجَدْتُهَا تَنْقُصُ حَدِيثًا فَعُدْتُ إِلَيْهِ إِلَى حِينِهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ ثُمَّ رَجَعْتُ.
.
.
وهناك أمر يحيك في نفسي . . . بعض تلك الأحاديث الرديئة التي تروى عن الأعمش عن زيد بن وهب . . . أخشى أنها الأعمش عن زيد بن يثيع . . .الذي لا أشك أنا انه من المختارية . . .
. .
.