قال شيخُ الإسلامِ مُحمَّد بنُ عبدِ الوهَّاب -رحمَهُ اللهُ-:
فهذا كتاب الله الصريح للعامي البليد، وهذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إجماع العلماء الذي ذكرت لك، فمن بعدهم تريد؟ فما بعد هذا إلا الضلال البعيد، أو تسويل كل شيطان مريد. والذي يعرفك هذا: معرفة ضده، وهو أن العلماء في زماننا، يقولون: من قال: لا إله إلا الله فهو المسلم، حرام المال والدم، لا يكفر، ولا يقاتل، حتى إنهم يصرحون بذلك في البدو، الذين يكذبون بالبعث، وينكرون الشرائع كلها، ويزعمون أن شرعهم الباطل هو حق الله ; ولو يطلب أحد منهم خصمه أن يخاصمه عند شرع الله، لعدوه من أكبر المنكرات.
ومن حيث الجملة: إنهم يكفرون بالقرآن من أوله إلى آخره، ويكفرون بدين الرسول كله، مع إقرارهم بذلك، وإقرارهم أن شرعهم أحدثه آباؤهم لهم، كفر بشرع الله؛ وعلماء الوقت يعترفون بهذا كله، ويقولون: ما فيهم من الإسلام شعرة، لكن من قال: لا إله إلا الله، فهو المسلم، حرام المال والدم، ولو كان ما معه من الإسلام شعرة.
وهذا القول، تلقته العامة عن علمائهم، وأنكروا ما بينه الله ورسوله، بل كفروا من صدق الله ورسوله في هذه المسألة،وقالوا: من كفر مسلما فقد كفر; والمسلم عندهم: الذي ليس معه من الإسلام شعرة، إلا أنه يقول لا إله إلا الله.
فاعلم رحمك الله: أن هذه المسألة أهم الأشياء عليك، لأنها هي الكفر والإسلام؛ فإن صدقتهم فقد كفرت بما أنزل الله على رسوله، كما ذكرنا لك من القرآن والسنة والإجماع، وإن صدقت الله ورسوله، عادوك وكفروك؛ وهذا الكفر الصريح بالقرآن والرسول.
فهذه المسألة، قد انتشرت في الأرض، مشرقها ومغربها، ولم يسلم منهم إلا القليل؛ فإن رجوت الجنة، وخفت النار، فاطلب هذه المسألة وحررها، ولا تقصر في طلبها، لأجل شدة الحاجة إليها، لأنها الإسلام والكفر، وقل: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني شر نفسي، وفهمني عنك، وعلمني منك، وأعذني من مضلات الفتن ما أحييتني.
وأكثر الدعاء بالذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يدعو به في الصلاة، وهو ” اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم “.[مختصر سيرة الرسول]